التقت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة مع مارك باريتي سفير فرنسا بالقاهرة ورئيس غرفة التجارة الفرنسية وعدد من ممثلى الشركات الفرنسية، لمناقشة ملف البيئة فى مصر واستضافة مؤتمر المناخ القادم، وفرص التعاون المستقبلية مع مجتمع الأعمال الفرنسي.
وأكدت الدكتورة ياسمين فؤاد خلال اللقاء على عمق العلاقات الممتدة بين مصر وفرنسا، وتقارب الرؤى في مجال البيئة وخاصة ملف تغير المناخ الذي لم يعد تحديا بيئيا بل تحد تنموي، والحاجة الملحة للربط بين موضوعات تغير المناخ وصون التنوع البيولوجي والحد من التصحر لمواجهة التحديات البيئية العالمية التي تؤثر بشكل مباشر على الممارسات المالية ومجتمع الأعمال، مشيرة إلى أن مصر بدأت اهتمامها بهذا الأمر مع إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي لمبادرة الربط بين اتفاقيات ريو الثلاث خلال رئاسة مصر لمؤتمر التنوع البيولوجي في ٢٠١٨، ثم أطلقت فرنسا أيضا مبادرتها للربط بين الموضوعات الثلاث.
ومن جانبه، أكد السفير أن تغير المناخ أصبح تحديا يواجهه العالم أجمع، مما يتطلب تضافر جهود الجميع للتصدي لآثاره ومواجهته، وثمن دور مصر وجهودها في دعم ملف تغير المناخ وتطلعه لما ستقدمه خلال مؤتمر المناخ القادم للوصول لاجراءات فعلية لاتفاق باريس.
وأشارت ياسمين فؤاد إلى أن إعلان كتاب قواعد اتفاق باريس خلال مؤتمر المناخ بجلاسكو يعني بدء مرحلة تنفيذ خطط العمل، مما سيجعل مصر خلال احتضانها لمؤتمر المناخ القادم تركز على مفاوضات تمويل المناخ والتزامات الدول المتقدمة، لتيسير وصول الدول النامية للتمويل اللازم لتنفيذ خططها لمواجهة آثار تغير المناخ، وأيضا مفاوضات التكيف والتي تعني قدرة الدول المعرضة لمخاطر آثار تغير المناخ على المواجهة.
موضحة أن قطاع الأعمال يمكنه معاونة الحكومة على تنفيذ مشروعات التكيف في مجالات المياه والزراعة والأمن الغذائي والإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية والدلتا لخلق بنية تحتية قادرة على المواجهة.
كما لفتت الوزيرة إلى أن اللجنة العليا برئاسة رئيس مجلس الوزراء والمعنية بتنظيم مؤتمر المناخ القادم، سيكون بها مجموعة معنية بتسهيل مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني في عملية التنظيم لتصبح عملية تنظيمية شاملة تمنح فرصة كبيرة لقطاع الأعمال للشراكة والانخراط في العمل المناخي، خاصة أن النظرة للبيئة في مصر تغيرت خلال الفترة الماضية، فأصبح مراعاة اعتبارات البيئة وصون الموارد ضرورة في مجالات التنمية والأعمال، وذلك ضمن التوجه نحو البناء للأفضل، وتضافر جهود الجميع من حكومة وقطاع خاص ومجتمع مدني وشباب، وخلق مناخ داعم للشراكة والاستثمار البيئي في مصر، كأعلان معايير الاستدامة البيئية وتطبيقها في الخطة الاستثمارية للدولة، واعلان السندات الخضراء والتي تضمنت تنفيذ مشروعات للتكيف والتخفيف من آثار تغير المناخ، وأيضا إصدار تعريفة تحويل المخلفات لطاقة والتسهيلات والحوافز الاستثمارية في مشروعات البيئة.
ونوهت الوزيرة لبعض ملامح تجهيز مدينة شرم الشيخ لتنظيم مؤتمر المناخ، ومنها تطوير القاعات والأماكن المخصصة لإقامة المؤتمر، والعمل على تخضير أكبر قدر من الفنادق بها، وتحسين الممارسات البيئية لمراكز الغوص ونسعى لتحصل جميعها على علامة جرين فنز ( Green fins)، ورفع كفاءة منظومة المخلفات الصلبة بالمدينة.
كما أشارت الدكتورة ياسمين فؤاد إلى أن وزارتي البيئة والسياحة تعملان على دعم السياحة البيئية في مصر، ويتم إعداد استراتيجية الوطنية للسياحة المستدامة، كما تم إطلاق علامة خضراء يتم منحها للفنادق التي تراعي اعتبارات البيئة، ونسعى لتكون فنادق مصر خضراء، إلى جانب حصول عدد من مراكز الغوص على علامة جرين فنز ( Green fins) الخاصة بالمعايير البيئية.
وتقوم وزارة البيئة بتطوير المحميات الطبيعة ودمج المجتمع المحلي والقطاع الخاص فى إدارتها، مسترشدة بنموذج الشراكة مع القطاع الخاص فى محمية الغابة المتحجرة بالقاهرة الجديدة بتقديم أنشطة تعبر عن ثقافة جنوب سيناء، بالإضافة إلى التعاون مع الشركات السياحية ما يمكن أن يقدمه الحفاظ على البيئة وصون الموارد الطبيعية من قيمة مضافة لأعمالهم.
وفيما يخص تجربة مصر في إدارة المخلفات، أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد أن إدارة المخلفات الصلبة من الموضوعات الملحة على المستوى المحلي، وكانت تحتاج إلى حلول حقيقية وفعالة ومستدامة، وبدعم من القيادة السياسية لإيجاد حلول مبتكرة، تم تصميم واعداد منظومة جديدة لإدارة المخلفات في مصر تقوم على ٣ برامج مترابطة تهدف لفاعلية المنظومة واستدامتها، وفي مقدمتها برنامج إقامة البنية التحتية للمنظومة ونستهدف فيه إنشاء ١٢٠ محطة وسيطة و٦٥ مصنع تدوير ومعالجة في كافة المحافظات، والبرنامج الثاني مختص بعقود تشغيل المنظومة.
أما البرنامج الثالث فيتضمن التنظيم المؤسسي والمشاركة المجتمعية من خلال عدة مجالات منها اشراك القطاع الخاص، وإصدار أول قانون لتنظيم إدارة المخلفات في مصر، وتحويل المخلفات لطاقة والذي يعد من المجالات الجاذبة للاستثمار فتقدمت لنا ٢٣ شركة أجنبية للاستثمار في هذا المجال، إلى جانب إشراك القطاع غير الرسمي العامل بادارة المخلفات للعمل رسميا في المنظومة الجديدة بالتنسيق مع وزارة القوي العاملة لتوفير مسمى وظيفي واضح لهم، والتنسيق مع وزارة التضامن الإجتماعي لتوفير الحماية التأمينية، فأصبح لأول مرة لدينا ٣ وظائف رسمية وهي الجمع والتدوير والتخلص الآمن.
ولفتت الوزيرة إلى تجربة مصر في الحد من الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام، حيث يحتوي قانون إدارة وتنظيم المخلفات الجديد على مادة تنظم هذا الأمر، إضافة إلى الانتهاء من الاستراتيجية الوطنية للحد من استخدام البلاستيك، وتنفيذ مبادرات للحد من الاستخدام بعدد من المناطق كالغردقة ودهب وشرم الشيخ والزمالك، بالإضافة إلى التعاون مع مجتمع الأعمال والقطاع الخاص لتطوير تكنولوجيا انتاج الأكياس البلاستيكية، ورفع الوعي بين المواطنين وتوفير بدائل.
مشيرة إلى قصص نجاح الشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني في تدوير البلاستيك ، مثل الشراكة مع شركتي نستلة وبيبسي كولا جمع وإعادة تدوير زجاجات البلاستيك وأغطية الزجاجات، والشراكة مع الشباب ورواد الأعمال في مجال تدوير البلاستيك، ورحبت بالتعاون مع الشركات الفرنسية في هذا المجال بعد التعرف على الخطط الوطنية لتدوير المخلفات.
كما لفتت الوزيرة إلى اهتمام مصر بدور الوعي البيئي في مواجهة التحديات البيئية، فقمنا بالعمل مع جميع الأطراف والفئات في المجتمع، وشجعنا الشباب على طرح أفكارهم ودعمنا مبادراتهم البيئية، كما نسعى لغرس القيم والمفاهيم البيئية في الأطفال، فتم ادراج مفاهيم التغير المناخي والتنوع البيولوجي في المناهج التعليمية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، وتشجيعهم على الحفاظ على البيئة بتنفيذ أنشطة تفاعلية.
وأشاد ممثلو مجتمع الأعمال الفرنسي بجهود مصر في ملف البيئة بوجه عام، ودعم الشراكة مع القطاع الخاص في تنفيذ المشروعات البيئية، وجهودها الحثيثة في دفع ملف التغيرات المناخية خاصة فيما يتعلق بالتمويل، معربين عن تطلعهم لما ستقدمه مصر خلال مؤتمر المناخ القادم لملف تغير المناخ بشكل عام وتعظيم دور قطاع الأعمال فيه خاصة.