وفاة البابا فرنسيس.. حداد في الكنيسة الكاثوليكية واستعداد لاختيار خليفة جديد في الفاتيكان

من هو البابا فرنسيس؟

وفاة البابا فرنسيس.. حداد في الكنيسة الكاثوليكية واستعداد لاختيار خليفة جديد في الفاتيكان
عبد الحميد الطحاوي

عبد الحميد الطحاوي

10:57 ص, الأثنين, 21 أبريل 25

أعلن الفاتيكان صباح اليوم، الإثنين، عن وفاة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، عن عمر ناهز 88 عامًا، وذلك في مقر إقامته “كازا سانتا مارتا” داخل الفاتيكان، بعد معاناة طويلة مع المرض، كان آخرها إصابته بالتهاب رئوي مزدوج نُقل على إثره إلى المستشفى قبل أسابيع.

الكاردينال كيفن فاريل، كاميرلينغو الكرسي الرسولي، ألقى البيان الرسمي في الساعة 9:45 صباحًا بالتوقيت المحلي قائلاً:

“أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، ببالغ الحزن أعلن لكم وفاة الأب الأقدس فرنسيس. ففي الساعة 7:35 من صباح اليوم، عاد أسقف روما إلى بيت الآب. لقد كرس حياته لخدمة الرب وكنيسته، وعلّمنا أن نحيا قيم الإنجيل بالإخلاص والشجاعة والمحبة الشاملة، لا سيما تجاه الفقراء والمهمشين.”

بداية الحداد وطقوس انتخاب البابا الجديد

وفاة البابا فرنسيس دشّنت رسميًا ما يُعرف بـ”الفراغ البابوي” أو Papal Interregnum، وهي الفترة الفاصلة بين موت بابا وانتخاب خلف له، والممتدة لقرون من التقاليد التي جرى تعديل بعضها مؤخرًا لتواكب العصر الحديث.

وتنص الطقوس الفاتيكانية على بدء “نوفنديياليس”، وهي تسعة أيام من الحداد تتخللها صلوات يومية ومراسم جنائزية. وسيتم عرض جثمان البابا في بازيليك القديس بطرس لتوديع الجماهير، كما سيتم تحديد موعد الجنازة خلال الأيام القادمة بواسطة مجمع الكرادلة.

ويُتوقع أن يُوارى جثمان البابا الثرى ما بين اليوم الرابع والسادس بعد وفاته، وفقًا للبروتوكول الكنسي. وقد طلب البابا الراحل، في قرار غير مسبوق، أن يُدفن في بازيليك “سانتا ماريا ماجوري” في روما، قرب أيقونة العذراء المفضلة لديه، وفي تابوت خشبي بسيط، بدلاً من التوابيت الثلاثية المتعارف عليها.

من هو البابا فرنسيس؟

وُلد خورخي ماريو بيرغوليو في 17 ديسمبر 1936 في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس لعائلة من أصول إيطالية. كان الأكبر بين خمسة أبناء، وتأثّر كثيرًا بجدته التي لعبت دورًا محوريًا في تنشئته الدينية.

في سن السادسة عشرة، اختبر تجربة روحية خلال الاعتراف دفعته لاتخاذ قرار الدخول إلى السلك الكهنوتي. التحق بالرهبنة اليسوعية عام 1958، وعُيّن عام 1973 قائدًا للرهبنة في الأرجنتين، وهو في سن السادسة والثلاثين فقط.

عُيّن أسقفًا مساعدًا لبوينس آيرس عام 1992، ثم أصبح رئيسًا لأساقفة المدينة عام 1998، ونال رتبة الكاردينالية عام 2001 على يد البابا يوحنا بولس الثاني. وبعد استقالة البابا بنديكتوس السادس عشر في سابقة تاريخية عام 2013، انتُخب بيرغوليو بابا للكنيسة، ليكون أول بابا غير أوروبي منذ نحو 1300 عام، وأول بابا من أمريكا اللاتينية، وأول يسوعي يشغل هذا المنصب.

بابوية استثنائية برؤية إنسانية جريئة

تميزت بابوية فرنسيس بنبرة إنسانية وواقعية، حيث رفض مظاهر الفخامة التقليدية، فاختار الإقامة في بيت الضيافة بدل الشقق البابوية، واستبدل السيارات الفاخرة بسيارة عادية، واحتفل بعيد ميلاده الأول مع ثلاثة مشردين من شوارع روما.

قام بـ47 زيارة خارجية إلى أكثر من 65 دولة، دون أن يعود إلى موطنه الأرجنتين أبدًا. عرف عنه دفاعه الشرس عن قضايا الهجرة، وانتقاداته الحادة لسياسات ترحيل المهاجرين، وخصوصًا خلال فترة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

سعى فرنسيس لتقريب الكنيسة من قضايا العصر، فخفف من لهجتها تجاه المثليين، وعبّر عن مواقف متقدمة حيال دور المرأة وعقوبة الإعدام. لكنه واجه تحديات كبيرة، أبرزها فضائح الاعتداءات الجنسية التي ما زالت تلاحق الكنيسة وتؤثر على صورتها العامة.

المرحلة القادمة: انتخاب البابا الجديد

بعد انتهاء فترة الحداد، سيجتمع مجمع الكرادلة المؤلف من جميع الكرادلة دون سن الثمانين في الفاتيكان للمشاركة في مجمع الكرادلة المغلق (Conclave) لاختيار البابا الجديد.

عادة ما يستغرق انتخاب البابا من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، لكن المدة قد تطول في حال عدم توافق الكرادلة على مرشح بعينه.

وفاة البابا فرنسيس تفتح الباب لنقاش واسع حول مستقبل الكنيسة الكاثوليكية وتوجهها في العقود القادمة، خاصة بعد بابوية حملت الطابع الإصلاحي والإنساني بامتياز.