التحدي الجديد الذي بات يواجه صناعة الطيران العالمي مع البدء في فتح الحدود ورفع قيود الحجر الصحي الإجبارية بات يتجسد في توظيف العمالة بالسرعة التي تتلاءم مع التعافي في الطيران الجوي الذي بات يشكل بالفعل مصدر ضغط على القطاع.
فتحت سنغافورة حدودها مجددا وأقبلت على استضافة مؤتمرا للتوظيف على مدار يومين حتى يوم 28 مايو مستهدفة الخريجين الجدد والمحترفين من أصحاب الخبرات المتوسطة وعمال الطيران السابقين الذين تركوا القطاع أثناء أزمة كوفيد.
وهناك ما يزيد على 6,600 وظيفة متاحة في المطارات داخل سنغافورة المصنفة كصاحبة أفضل مطارات في العالم.
ويتمثل الهدف وراء إقامة المؤتمر في اجتذاب الناس للعمل في قطاع الطيران الذي لحقت به أضرار جسيمة بفعل الفيروس. وتمت خسارة الكثير من الوظائف وتم اقتطاع مرتبات الآخرين من العاملين في قطاع الطيران، واضطر الكثير منهم للحصول على وظائف أخرى أكثر تقلبا.
وتسبب هذا في نقص العمالة القادرة على التعامل مع التعافي بشكل صحيح.
وواجه مطار سيدني صعوبات في التعامل مع طوابير المسافرين والعراقيل التي أصابت رحلات الطيران، بينما أدى نقص العمالة في مطار هيثرو بلندن إلى الإضرار بأرباح شركة آي.أ.جي المالكة لشركة بريتش إيروايز.
الانتقال لوظيفة أخرى
وقال جيسون سم، أحد المحللين لدى دي.بي.اس بنك، إن الناس ربما يفكروا في العودة إلى هذه الصناعة التي تتناوبها دورات الرواج والانكماش، خصوصا في ظل استمرار مخاوف النمو الاقتصادي.
وشهدت شركة كاثي باسفيك إيروايز الهونج كونجية انكماش قوتها العاملة بنسبة 37% نزولا من قمم استمرت بداية من عام 2019 حتى نهاية 2021. وأرسلت الشركة رسائل بريد إلكتروني إلى المئات من الأطقم السابقة لتحديد عما إذا كانوا لا يزالوا مهتمين بالعودة للعمل في الشركة، بحسب شخص على دراية بالأمر.
تكتسب إعادة توظيف العاملين صعوبة بالغة، بالنظر إلى شركة الطيران هذه قد لحقت بها أضرار كبيرة جراء إغلاقات السفر التي فرضتها هونج كونج.
وقالت شركة كاثي في أحدث تقرير لها بخصوص الاستدامة إن عدد الموظفين الدائمين الذين تركوا وظائفهم طوعا قفز إلى قمة قياسية عند 17%.
واستقرت أعمار الخمسين من جميع الذين تركوا وظائفهم عند أقل من 30 عاما، مما يؤشر على أن صغار السن قد توصلوا إلى أن الطيران ليس وظيفة جديرة بالثقة.
وفي الولايات المتحدة، التي بدأت في إعادة فتح مطاراتها بوتيرة أسرع مقارنة بآسيا، تم إلغاء آلاف رحلات الطيران من قبل شركة ساوث ويست وأمريكان إيرلاينز جروب العام الماضي لأسباب ترجع جزئيا إلى مشاكل تتعلق بالطواقم.
وأوقفت شركة دويتش إيرلاين كي.ال.أم بيع تذاكر الرحلات من مركز شيفول في أمستردام جراء نقص حاد في موظفي الأمن.
ضغوط السفر
وشعر المسافرون الذين حرموا من السفر بالطيران لفترة طويلة بخيبة الأمل مع استمرار نقص العاملين في قطاع الطيران.
وبحسب شركة سيتا باجدج آي.تي انسايت لنقل الحقائب، تعاملت شركات الطيران بطريقة غير سليمة مع نسبة أكبر من الحقائب تصل إلى 24% في عام 2021 مقارنة بعام 2020، مع استئناف الرحلات الدولية و الطويلة.
وفي الهند، تدهورت نسبة 79% من خدمات الزبائن وسلوكيات أطقم الضيافة بحدة منذ الجائحة، بحسب مسح لوكالة بلومبرج نيوز.
وستتركز الجهود في مطار تشانجي بسنغافورا على توظيف عمال في مناصب تشمل خدمات المسافرين الأمامية والبضائع والتجزئة والتنظيف، بحسب مشغل المطار.
وقبل كوفيد، استقرت مساهمة النقل الجوي و إنفاق السائحين الأجانب، الذين وصلوا سنغافورة عبر الطيران، في الاقتصاد المحلي عند نسبة 11.8% وتم توفير نحو 375 ألف وظيفة، بحسب الاتحاد الدولي للنقل الجوي.
وتسعى العديد من الشركات إلى تعيين أصحاب الكفاءات والمواهب من خلال أسواق التوظيف، وهناك وظائف يتم إتاحتها بهدف شغل وظائف في أقسام تشمل أطقم الخدمات ومراقبة الأغذية وخدمات الطوارئ.
الباحثون عن التوظيف
وتجول ما يقرب من 500 باحث عن العمل، منهم مراهقين يرتدون الزي المدرسي، داخل أروقة مؤتمر التوظيف في وسط منطقة الأعمال في سنغافورة وهم يتحدثون مع أصحاب العمل المحتملين.
وكان لديهم اختيار التعبير عن اهتمامهم بالتقدم إلى شركة معينة، ثم الذهاب لإجراء مقابلات داخل غرف صغيرة.
وقالت تشاندلي تشونج البالغة من العمر 25 عاما، التي تتدرب لدى شركة دناتا التي تعد الذراع المقدمة لخدمات الطيران من شركة مجموعة الإمارات، إنها تبحث عن فرص عمل لدى شركة الطيران الشعبية سكوت وشركة سافران الفرنسية.
وأبدت تشونج شعورها بالتفاؤل، وهي في السنة الأخيرة من دراسة إدارة النقل الجوي.
وأضافت:” أنا أتدرب حاليا لدى شركة دناتا، ونحن أول من يطالع التقدم في القطاع الذي عاود الرواج حاليا. نحن متفائلون، و نرى فرصا لتحسن الأوضاع.”
وتسعى شركة دناتا لتعيين ما لا يقل عن 300 موظف في النصف الثاني من العام.
انتعاش سنغافورة
تم استئناف العمل لدى منفذ 5 من مطار تشونجي بعد توقفه طيلة العامين الماضيين، مع وجود خطط أيضا لإعادة فتح منفذ 2 بنهاية الأسبوع الجاري.
وتعافت حركة المسافرين داخل المطار لتقترب من بلوغ نسبة 50% من مستويات ما قبل الجائحة، صعودا من 20% في منتصف مارس.
وقال مطار تشونجي في بيان:” تزايد أعداد الرحلات والمسافرين يعني الاحتياج لمزيد من الموظفين للعمل داخل المطار لدعم هذا النمو.”
وتابع:” شركاء المطار يقدمون مرتبات تنافسية داخل السوق وحوافز ومستقبل عمل أفضل.”
ومن بين هؤلاء الشركاء، تطرح شركة اس.أ.تي.اس حافز انضمام بقيمة 5,000 دولار سنغافوري، يعادل 3,650 دولار نظير العمل في قسم مناولة الحقائب وقسم توريد الأطعمة الذي يقدم مرتبات يصل حدها الأقصى إلى 3,000 دولار سنغافوري شهريا.