كشف وزير المالية دكتور محمد معيط عن حزمة من القرارات والإجراءات والسياسات التى سيتم تطبيقها للتخفيف عن الاقتصاد المصرى خلال الفترة المقبلة، فى ظل الأزمات المتتالية التى تعصف بالاقتصادات محليا وعالميا.
جاء ذلك خلال كلمة الوزير فى الجلسة الافتتاحية باليوم الأول من مؤتمر الرؤساء التنفيذين فى نسخته الثامنة أمس، والذى تنظمه جريدة «المال»، حيث تطرق الوزير إلى ملف نقل المبادرات التمويلية من البنك المركزى إلى وزارة المالية، وموعد الحصول على أول دفعة من قرض صندوق النقد الدولى، وإصدارات الدين المستهدفة بالأسواق الدولية.
واستهل الوزير كلامه بالحديث حول المرحلة الراهنة التى يشهدها الاقتصاد العالمى والتى وصفها الوزير بـ«غير المسبوقة» والأزمات التى تعصف بالاقتصادات النامية والناشئة ويعانى من تبعاتها المواطنون والمستثمرون، ورجال الأعمال، والحكومات.
وتطرق إلى توقعات صندوق النقد الأخيرة التى تشير إلى تراجع نمو الاقتصاد العالمى من مستوى %6 العام الماضى، إلى %3.2 العام الحالى، و%2.7 العام المقبل، وهو النمو الأضعف على الإطلاق منذ 2001، وارتفاع التضخم العالمى من %4.7 فى 2021، إلى %8.8 العام الجارى، وترجيحات تراجعه إلى %6.5 العام المقبل، و%4.1 فى 2024.
وانتقل وزير المالية إلى توقعات منظمة التجارة العالمية بتباطؤ التجارة العالمية العام المقبل، إضافة إلى تراجع التجارة الثنائية.
وأكد «معيط» أن هذه المؤشرات تعطى انطباعا بأن العام الحالى هو عام التحديات الكبرى، والتى لن يمكن تجاوزها سوى بالتكاتف والتعاون بين الدول، حيث إن هذه التحديات بداية من أزمة كورونا، وما تلاها من تعطل فى سلاسل الإمداد، ثم الحرب الروسية – الأوكرانية، وهو ما انعكس على تدفق الاستثمارات، والتحرك التصاعدى للأسعار، وكان له عواقب وخيمة على النفاذ للأسواق العالمية، مع توجيه السياسات المالية العامة نحو مواجهة الضغوط وتخفيف تكاليف المعيشة، واتباع سياسات عالمية مشجعة للنمو مع تسريع مسار للتحول للطاقة والاقتصاد الأخضر.
وتابع الوزير: «نحن كحكومة مصرية مقتنعون بأن الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد يجب أن تسير فى تناغم كى نعبر هذه المرحلة الصعبة، وقد أتت استضافة مصر لمؤتمر المناخ لتؤكد التحول نحو مشروعات الطاقة الخضراء ومنها مشروعات الهيدروجين الأخضر، والأمونيا الخضراء، وفى هذا السياق تبنت «المالية» مبادرة دولية لتشريع مبادلة الديون الحكومية لصالح مشروعات تمويل المناخ وقد أعلنت هذه المبادرة يوم التمويل فى قمة المناخ».
وأكد أنه على الصعيد الداخلى بعث اتفاق الحكومة المصرية مع صندوق النقد برسالة للداخل والخارج نؤكد فيها اتباع سياسات مالية ونقدية وإصلاحات هيكلية تدعم التنمية وعجلة الإنتاج وخلق الوظائف.
وقال الوزير إنه تنفيذا للالتزام الدستورى بدعم القطاع الخاص، تضمنت وثيقة ملكية الدولة التى أقرها مجلس الوزراء فى اجتماعه الأربعاء الماضى بدعم القطاع الخاص، مشيرا إلى أن الدولة تستهدف أن تصبح استثمارات القطاع الخاص %60 من الناتج المحلى.
وأكد الوزير دعم الدولة للقطاع الصناعى، والتصديرى حيث تم سداد أكثر من 37.5 مليار جنيه إلى أكثر من 2500 شركة مصدرة خلال عامين، كما سيتم إتاحة 5.5 مليار جنيه إضافية، بجانب إعفاء القطاعات الصناعية من الضريبية العقارية لمدة 5 سنوات بقيمة 4.5 مليار جنيه تتحملها الخزانة العامة، وتحملها 6 مليارات قيمة استهلاك الكهرباء للقطاع الخاص.
ولفت الوزير إلى أن وزارة المالية ممثلة فى مصلحة الجمارك تعمل مع البنك المركزى على الإفراج عن الخامات اللازمة للمشروعات، مشيرا إلى أنه على الرغم من الصورة الضبابية للاقتصاد العالمى فى الأجل القريب إلا أن الحكومة تتبع سياسات متزنة مكنتها من تجاوز الظروف الصعبة التى مرت بها خلال الفترة من 2011 إلى 2016 بفضل برنامج الإصلاح الاقتصادى، ونتائجه الجيدة.
وأكد «معيط » أننا تجاوزنا بسلام الأزمة المالية العالمية، ثم كورونا وعبرناهما، ثم أزمة سلاسل الإمداد، والموجة التضخمية ثم كانت الحرب فى أوروبا كل ذلك كان له أثره على الاقتصاد المصرى، ولكننا نجحنا فى تجاوز هذه الأزمات بفضل برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى مكننا من الوفاء بالتزاماتنا الخارجية، إضافة إلى الحفاظ على التصنيف الائتمانى لدى المؤسسات المالية العالمية.
وتابع: «لا أقصد بهذا الطرح أننا تجاوزنا جميع المصاعب أو أننا غير متفهمين للتحديات، ولكننى أستطيع القول إن الاقتصاد المحلى أصبح يتمتع بأسس متينة تساعده على الانطلاق مجددا بنجاح».
وكان الجزء الثانى من الجلسة حواريا وأداره حازم شريف، رئيس تحرير جريدة «المال» متناولا فيه أهم القضايا التى تؤرق مجتمع الأعمال، والمؤشرات، والتوقعات المستقبلية، وجاء الحوار كالتالى:
● حازم شريف: متى سيتم صرف القرض الخاص بالصندوق وهل سيحل مشكلة عجز الموازنة؟
وزير المالية: ليس قرضا ولكنه اتفاق يتضمن برنامجا، وقبل أزمة سلاسل الإمداد، والحرب العام الماضى،
تحدثنا مع الصندوق بشأن البرنامج، وهو يستهدف إيصال رسالة طمأنة لاستدامة واستقرار الاقتصاد المصرى وقدرته على التعامل مع التحديات.
ووفقا لتحليلات خبراء الصندوق هناك فجوة تمويلية قيمتها 16 مليار دولار على مدار السنوات الأربع المقبلة، مما يعنى 4 مليارات دولار سنويا، والبرنامج يتضمن 3 مليارات دولار من صندوق النقد، ومليار من صندوق الاستدانة والمرونة، و5 مليارات من مؤسسات التمويل، على مدى 4 سنوات.
والتدفقات الأخرى التى يمكن من خلالها الوفاء بالفجوة التمويلية تتمثل فى إيرادات السياحة، وتحويلات المصريين بالخارج، وإيرادات قناة السويس، والصادرات، واتفاقيات مع المؤسسات الدولية الأخرى بشروط ميسرة، وتمويل مخفض، بجانب إمكانية طرح أدوات دين فى السوق المحلية، والأسواق الدولية، وهذا هو الإطار العام للبرنامج مع الصندوق.
● حازم شريف: متى يبدأ صرف دفعات القرض؟
وزير المالية: 3 مليارات دولار سيتم الحصول عليهم خلال 3 سنوات، والدفعة الأولى ستكون بقيمة 750 مليون دولار الشهر الجارى.
● حازم شريف: هل هناك طروحات جديدة بالأسواق الدولية قريبا؟
كنا نعتمد على أسواق أوروبا والولايات المتحدة، ومع الأزمات الحالية بدأنا فى الاتجاه نحو الأسواق الآسيوية، ونأمل إصدار سندات «باندا» بما يعادل 500 مليون دولار قبل نهاية الربع الثالث من العام الحالى، وأصدرنا سابقا سندات «ساموراى» يابانية بقيمة 500 مليون دولار.
ونسعى لخلق فرص عمل، وتحسين مستوى المعيشة، والخدمات المقدمة للمواطنين، وبدون تمويلات متاحة ستكون هناك أزمة بنية تحتية، وطالما توفرت التمويلات نستطيع الإنفاق على مشروعات تولد إيرادات للدولة.
● حازم شريف: هل هناك إصدارات سندات خضراء جديدة؟
بعد قمة المناخ بدأت تظهر أفكار جديدة للتمويل الأخضر مثل طرح سندات فى الأسواق الدولية وتمويل مشروعات خضراء بحصيلتها، ومن ضمن الأفكار أيضا طرح أدوات تمويلية توجه حصيلتها للاقتصاد الأخضر.
وعلى سبيل المثال سيتم تحديث السندات الخضراء إلى ما يسمى بـ«سندات استدامة» تخصص لأهداف اجتماعية وتنموية وليس فقط المشروعات الخضراء، ونعمل حاليا على إصدارات لهذا النوع من السندات، وكلما كان هناك تنوع فى الأدوات المطروحة كلما زادت القدرة على اكتساب مستثمرين مختلفين.
وندرس أيضا الأسواق اليابانية وإمكانية العودة لها بسندات ساموراى خضراء، والأسواق الصينية بسندات باندا خضراء، حيث إن هناك اتجاها عالميا لتمويل المشروعات التى تحافظ على البيئة، وتحد من أخطار تغيرات المناخ.
ونتمنى إصدار صكوك سيادية وهى أدوات دين لها مستثمروها، ومن المتوقع أن يبلغ إصدارها بين 1.5 لـ 2 مليار دولار لأنها بديل للسندات باليورو.
ودائما قبل تنفيذ الطروحات نقوم بدراسة الأسواق الدولية وحيث إنها ليست فى أفضل أحوالها مازلنا نترقب الوضع وغير مقبول تنفيذ طرح بسعر فائدة مرتفع خاصة مع وجود حديث بمواصلة الفيدرالى الأمريكى رفع أسعار الفائدة وعدم وجود أى تخفيض قبل 2024.
● حازم شريف: كان هناك حديث خلال قمة المناخ حول «إنشاء سوق لإعادة شراء السندات الحكومية»، هل هناك اتجاه لتنفيذ هذه الآلية؟
وزير المالية: بالفعل هناك دراسة لهذه الآلية ونحن متحمسون لها خاصة وأن مصر تسير بخطوات سريعة فى مجال المشروعات الأخضر والأمونيا الخضراء.
وانتقل طرح الأسئلة إلى الحضور بالمؤتمر، حول حدوث أى تغير فى مستهدفات الموازنة عقب الأحداث الاقتصادية الأخيرة؟
ويرد وزير المالية قائلا إن الموازنة العامة للدولة تعانى من ضغوط زيادة الإنفاق وارتفاع أسعار الفائدة وأسعار الصرف، مما قد يؤدى إلى تحريك العجز الكلى، إلا أنه من الصعب تحديد النسبة بسبب أسعار الفائدة وأسعار الصرف.
وأوضح أن هناك نوعين من الدين الخارجى الأول، الخاص بالدولة، والثانى، الدين الخارجى للموازنة والذى يتم تمويله من الإيرادات، ويبلغ حاليا 79.5 مليار دولار، ومن المتوقع زيادته إلى 80 مليارا بنهاية العام المالى الحالى، وأحيانا يتم سداده بالعملة المحلية.
الحضور: هل هناك طروحات حكومية جديدة؟
نأمل قبل مارس 2023 أن تكون هناك طروحات جديدة.