عقدت منظمة العمل الدولية عبر تقنية “الفيديو كونفرانس”، اليوم، الاجتماع الثاني للجنة التيسيرية الإقليمية للبرنامج المشترك “التوظيف والعمل اللائق للمرأة في مصر والأردن وفلسطين”، والذي يتم تنفيذه من خلال نهج تشاركيّ للتعاون بين الحكومات الوطنية، ومنظمات أصحاب الأعمال، والعمال، والمجتمع المدني، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة؛ وذلك لتهيئة بيئة مواتية لتعزيز فرص العمل الإنتاجي، والعمل اللائق للمرأة في الدول الثلاثة، بحضور وزراء عمل مصر والأردن وفلسطين وبعض ممثلي أصحاب الأعمال والعمال بهذه الدول.
في كلمته خلال الاجتماع أكد وزير القوى العاملة محمد سعفان أهمية هذا الاجتماع للتعرف على ثمار العمل الجاد لكل الشركاء خلال عام 2019، فضلًا عن استعراض أهم ملامح خطة العمل لعام 2020، منوهًا بتأخر هذا الاجتماع كثيرًا نظرًا للتحديات الكبيرة التي نشهدها جميعًا في الآونة الأخيرة، في ظل تفشي جائحة كورونا (كوفيد- 19).
وعبّر الوزير عن دعمه الكامل وتقديره للمرأة بوجه عام، والمرأة العاملة التي زادت أعباؤها الأُسرية والاجتماعية والاقتصادية بعد تفشّي وباء كورونا، مؤكدًا أن المرأة شريك أساسي في حربنا ضد هذا الفيروس، حيث تحتلّ نسبة حوالي 70% من العاملين في القطاع الطبي على مستوى العالم، وهو ما نطلق عليه في بلدنا “الجيش الأبيض”، حيث تشكل المرأة حوالي 42.4% من الأطباء البشريين في مصر، فضلًا عن 91.1% من العاملين في طاقم التمريض بوزارة الصحة من النساء، بالإضافة إلى 73.1% من طاقم التمريض في المستشفيات والمرافق العلاجية في القطاع الخاص بمصر.
وقال سعفان: إننا جميعًا نعلم أن المرأة ضمن الفئات الأكثر تضررًا على المستوى الاقتصادي؛ نظرًا لعملها بنسب مرتفعة في القطاعات الاقتصادية الأكثر تضررًا من الجائحة، فهي ممثلة بشكل كبير في قطاع الخدمات (التعليم والصحة)، وأنشطة القطاع غير الرسمي، وتجارة الجملة والتجزئة، والقطاع الفندقي، لذا فقد أصبحت المرأة أكثر عرضة لتخفيض الأجور أو خفض ساعات العمل أو حتى التسريح من العمل.
وشدد الوزير على أن المرأة تتحمل العبء الأكبر من مهامّ رعاية المنزل والأطفال، فضلًا عن الدور الوقائي التوعوي الذي تقوم به بعد جائحة كورونا، وذلك من خلال تعقيم وتطهير المنزل، ورفع وعي الأطفال بالفيروس، ومخاطرة وسبل الوقاية منه، بالإضافة إلى الدور التعليمي في ضوء إغلاق المدارس، واستمرار التعليم عن بُعد، بجانب الضغوط الخاصة بمهامّ عملها في ظل تبِعات انتشار هذا الوباء.
وأضاف الوزير أن الدولة المصرية اتخذت العديد من الإجراءات والتدابير لاحتواء ومكافحة انتشار فيروس كورونا طبقًا لمعدل سرعة انتشاره، وحرصت الدولة بشكل خاص على إدماج جميع احتياجات المرأة المصرية في جميع مراحل صنع واتخاذ القرارات المطلوبة، وتنفيذ البرامج؛ وذلك لضمان حمايتها من جميع التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية لفيروس كورونا، مشيرًا إلى أنها شجعت القطاع الخاص على آليات العمل المرن والعمل عن بُعد، ومنحت الأمهات العاملات، والمرأة الحامل في القطاع الحكومي إجازة استثنائية مدفوعة الأجر لرعاية الأبناء.
وشدد الوزير على ضرورة أن تعكس جميع خطط العمل المستقبلية الحلول الإبداعية والمبتكرة لدعم عمل المرأة وإكسابها المهارات التنافسية باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى تدشين آليات جديدة لمساعدات العاملات التي تأثرت سبل عيشهم أو شهدوا انخفاضًا في الدخل، والعمل على اقتراح حلول بديلة لمواجهة التراجع الاقتصادي وتأثيره على المرأة العاملة، سواء فى القطاع الرسمي أو غير الرسمي.
وفي ختام كلمته قدم الوزير خالص الشكر والتقدير لفريق عمل المشروع وزملائهم من مشروعات النوع الاجتماعي الأخرى بمكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة تحت قيادة اريك أوشلان مدير المكتب، على دعمهم لوحدة المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للمرأة بوزارة القوى العاملة التي أتشرف برئاستها، وأنا على ثقة أن خطة العمل التي تم الاتفاق عليها وما تضمنته من أنشطة سوف تسهم بشكل كبير في تفعيل دور الوحدة والمساهمة في تناول الكثير من الموضوعات والقضايا التي تهم المرأة العاملة، وتدعم مشاركتها بشكل أكثر فاعلية في سوق العمل المصري.
وتمنّى الوزير لجميع الأشقاء المشاركين في المشروع مزيدًا من النجاح والتوفيق في تحقيق الأهداف المرجوّة بما يسهم في النهوض بدور المرأة العربية ودعم جهودها في مجالات العمل المختلفة.
من جانبه قال وزير العمل الأردني نضال البطاينة: إنه في هذه المرحلة الاستثنائية التي يتعرض لها العالم أجمع من انتشار فيروس كورونا والتي تعتبر أزمة صحية في المقام الأول ستحمل معها آثارًا اقتصادية قاسية أثرت سلبًا على كل المؤشرات الاقتصادية، وتطلبت تلك الأزمة قرارات حاسمة ومبتكرة من جميع الجهات حتى تستطيع التغلب على تحديات تلك الأزمة والخروج منها بسلام.
وأشار إلى أن حكومة بلاده تدرك أن تلك الأزمة أثرت على جميع القطاعات، خاصة في العمالة بالقطاع غير المنتظم، والتي تتركز فيه الأنشطة الاقتصادية التي تعمل بها النساء، وعملت الحكومة متمثلة في وزارة العمل بتحدي آثار تلك الجائحة باتخاذ إجراءات استباقية في سوق العمل بما يضمن حماية حقوق العمال وأصحاب العمل، والحد من ارتفاع معدلات البطالة، مشيرًا إلى أن إصدار نظام العمل الملكي كان من أهم الإجراءات التي تم اتخاذها والذي من خلاله تنظيم علاقة العاملة بصاحب العمل خلال فترة الحظر الشامل والجزئي ومنع تسريح أي عامل أو عاملة ومنع تخفيض الأجور.
وأضاف وزير العمل الأردني أنه لضمان تنفيذ تلك القرارات أطلقت الوزارة منصة حماية والتي تتيح للعمال فرصة التقدم بالشكاوى العمالية في حالة تعرضهم لمخالفات للنظام الذي أقره قانون العمل، وذلك حرصًا من الوزارة على حقوق العمال ، وتؤمن الحكومة الأردنية بأهمية التمكين الاقتصادي للمرأة باعتباره متطلبًا أساسيًّا للقضاء على الفقر وتحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، كما تؤمن بوضع المشاركة الاقتصادية للمرأة في المملكة، والذي تعكسه المؤشرات الدولية والمحلية.
وأكد البطاينة أنه من هذا المنطلق فإن الحكومة الأردنية تعمل على توفير بيئة عمل آمنة وفرص عمل عادلة للنساء بما يوفر التطور والتقدم لسوق العمل، وذلك من خلال إصلاحات تشريعية وسياسية وإطلاق مشاريع التشغيل الجزئي.
من جانبه قدم وزير العمل الفلسطيني نصري أبو جيش الشكر للحضور من الوزراء بالدول الشقيقة مصر والأردن وممثلي الأمم المتحدة، ومنظمة العمل الدولية، والمشاركين من القطاع الخاص والنقابات العمالية.
وأوضح نصري، في كلمته، أنه قد عصفت بالأمة تحديات كبيرة لم تشهدها البشرية من قبل، حيث يهدد فيروس كورونا وانتشاره الملايين من البشر ويترك آثارًا مستقبلية على كل مناحي الحياة في كل دول العالم، أما عن فلسطين خاصة ذات الطبيعة الاستثنائية الخاصة دائمًا فهي تواجه تحدي فيروس كورونا وتحدى الاحتلال الإسرائيلي للبلاد، مما يزيد تفاقم الوضع الاقتصادي المنهك أصلًا، وما أدى له تراجع التمويل الخارجي بفعل التهديدات الأمريكية.
وأكد نصري تماسك الشعب الفلسطيني وعدم استسلامه واستمراره في النضال لتحقيق أهدافه، مشيرًا إلى أن البرنامج منذ بدايته في الدول الشقيقة أدى إلى سد الفجوة بين الجنسين وتأمين العمل اللائق للمرأة وترسيخ مبدأ العدالة الاجتماعية، ومع بداية عام جديد من البرنامج وفي ظل ما أفرزه تحدي انتشار فيروس كورونا، خاصة على مؤشرات سوق العمل لعل البرنامج يشكل أرضية للتعاون لإعادة توجيهه لمواجهة آثار تلك الجائحة، بعمل برامج التشغيل المباشر للنساء وتكثيف العمل في مجال الحضانات ومشاغل الحياكة.
وأضاف وزير العمل الفلسطيني، أنه يتم العمل حاليًّا مع الشركاء الاجتماعيين على تعديل قانون العمل الفلسطيني بما يشمل التزاماتنا تجاه الاتفاقيات الدولية، وخاصة المواد المرتبطة بعمل النساء والنوع الاجتماعي، كما نعمل على تعديل الحد الأدني للأجور وتقليل الفجوة بين الجنسين وتمكين المرأة اقتصاديًّا، خاصة في العمل بالقطاع الخاص، فضلًا عن تفعيل اللجنة الوطنية لتشغيل النساء وإعطاء الأولوية للوصول لمصادر التمويل المشترك لمشاريع المرأة.
من جانبه أكد خالد العسيلي، وزير الإقتصاد الفلسطيني، ضرورة تكرار تلك الاجتماعات واللقاءات وتعميق التعاون مع منظمات الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية والشرق الأوسط بشكل عام، وأشار إلى أن تأثير انتشار فيروس كورونا على المرأة الفلسطينية كان كبيرًا جدًّا في جميع أوضاعها خاصة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح العسيلي أن الحكومة الفلسطينية تدرك أهمية إدماج المرأة في الأنشطة الاقتصادية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والتي تحتاج لاستثمار كل العناصر البشرية الموجودة، مؤكدًا ضرورة رفع وعى النساء من صاحبات الأعمال بكل خدمات الوزارة وما تقدمه من خدمات يمكنهن الاستفادة منها مع الأخذ في الاعتبار الأماكن المهمشة والبعيدة بما يسمح من زيادة القدرة على الاستيراد والتصدير للمنتجات والحصول على علامة تجارية واسم تجاري وحمايته؛ وذلك للمشاركة في المعارض الدولية.
وفي السياق نفسه أشار عمر هاشم، رئيس اتحاد غرف الصناعة والزراعة والتجارة، إلى أن الاتحاد قام بدوره بزيادة عدد النساء وزيادة تمكينهن من تقلد المناصب القيادية في مجلس الإدارة، كما يعمل على تسهيل إدماج قضايا النوع الاجتماعي في العديد من البرامج والسياسات لتعزيز انخراط النساء في القطاع الخاص وتحسين نوعية الخدمات المقدمة.
من جانبه أوضح شاهر سعد، الأمين العام لإتحاد نقابات عمال فلسطين، الآثار التي تعرضت لها المرأة الفلسطينية في الأزمات الأخيرة، وزيادة نسبة تمثيلها في معدل البطالة في سوق العمل الفلسطيني، وضرورة إيجاد عمل مشترك لوضع تمكين خاص للخروج من تلك الأزمات.