وزير البيئة فى حوار مع «المال»: إدارة ملف «الفحم» تمت بطريقة خاطئة

فهمى: لدينا 30 محمية طبيعية.. فهل يعقل أن يكفيها 20 مليون جنيه مدرجة فى الموازنة العامة للدولة؟!

وزير البيئة فى حوار مع «المال»: إدارة ملف «الفحم» تمت بطريقة خاطئة
أحمد عاشور

أحمد عاشور

10:51 ص, الأثنين, 29 سبتمبر 14

كشف الدكتور خالد فهمى وزير البيئة فى حوار مع «المال» عن سعى الحكومة لتوفير خليط جديد لمصادر الطاقة، يعتمد فى الأجل المتوسط بالدرجة الأولى على الطاقات الجديدة والمتجددة بنسبة 60%، على أن يتم تدبير الجزء المتبقى من المصادر الأخرى التقليدية مثل الغاز والمازوت، بخلاف الفحم الذى لن يتجاوز نصيبه من هذا الخليط 5%.

ووافقت الحكومة المصرية على استخدام الفحم فى إنتاج الطاقة اللازمة لتشغيل المصانع كثيفة الاستهلاك يونيو الماضى.

«أزمة» الفحم

ويؤكد فهمى أن إدارة ملف استخدام الفحم لإنتاج الطاقة خلال الفترة الماضية كانت خاطئة وعززت لدى المصريين ما اسماه «وهم» تعريض حياتهم للخطر، لافتاً إلى أن مصر هى الدولة الوحيدة التى تهدر مورد الطاقة الرئيسى لها من خلال حرق الغاز فى صناعة الأسمنت عكس التجارب الدولية.

يذكر أن الدكتورة ليلى إسكندر وزيرة البيئة السابقة قد حذرت فى تقارير رسمية لها من خطورة استخدام الفحم على حياة المصريين وعلى الأطفال بالتحديد، واندلع على أثره خلاف، بينها وبين أغلب وزراء المجموعة الاقتصادية فى حكومة محلب السابقة.

وكشف وزير البيئة أن مصانع الأسمنت ستعتمد فى الوقت الحالى، على خام الفحم لتوفير 60% من الطاقة اللازمة لتشغيل الأفران، على أن يتم تدبير الجزء المتبقى من باقى عناصر الطاقة مثل الغاز.

وتستعد وزارة البيئة بالتنسيق مع الوزارات المختلفة لوضع الاشتراطات النهائية لاستخدام الفحم، وقال فهمى إن التصور النهائى لتلك الاشتراطات سيتم الإعلان عنه قريباً.

ولفت فهمى إلى أن الوزارة انتهت مؤخراً من إجراء مسح شامل لجميع الموانئ، لتحديد المؤهل منها لاستيراد الفحم، مشيراً إلى أن المبدأ العام هو اختيار الميناء الذى يرتبط بخط سكة حديد، حتى لو كان خطاً يحتاج إلى إعادة تأهيل، تفاديا لسير أى شاحنات محملة بالفحم على الطرق العامة.

ويرى وزير البيئة أن هناك صعوبات فنية فى استخدام رصيف ميناء الدخيلة المعروف بالرصيف «55» لاستقبال الفحم، مشيراً إلى أنه يحتاج إلى تكاليف مالية مرتفعة جداً حتى يصبح مؤهلا لذلك.

«الكهرباء» و«الاتحاد الأوروبى» يحددان «خليط الطاقة»

وكشف وزير الدولة لشئون البيئة عن سعى الحكومة لتحديد واضح لـ«خليط الطاقة» الذى سيتم الاعتماد عليه لتغذية الصناعة، فى الأجل المتوسط، يتضمن نسب عناصر الطاقة المختلفة، سواء المتجددة، أو النووية، أو المحروقات من الغاز والفحم، على أن تتقلص نسبة استخدام المصانع لعنصر الفحم تدريجيا.

وأوضح وزير البيئة أن هناك جهتين تتوليان إعداد التصور النهائى لخليط الطاقة، الأولى وزارة الكهرباء وستنتهى من تصورها خلال فترة تتراوح ما بين 15 و21 يوماً والثانية، الاتحاد الأوروبى بالتعاون مع مجلس الوزراء وتصورها فى مراحله النهائية.

ويؤكد فهمى أن التقديرات المبدئية لنسب استخدام الفحم فى التصورين تتراوح بين 3 و5% فقط، بينما تتجاوز نسب مساهمة الطاقة الشمسية الـ40%.

ويرى فهمى أن النهوض بمستوى البيئة فى مصر لن يتأتى إلا من خلال وضع سياسات تنموية شاملة، بدأت مراحلها الأولى بوضع تسعيرة لشراء الطاقة الشمسية من القطاع الخاص.

ويؤكد أن الحكومة أخذت فى اعتبارها منح عقود انتفاع طويلة الأجل لمشروعات إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة، كتحفيز للشركات على ضخ استثمارات كبيرة، وبالفعل نجحت فى جذب أعداد كبيرة منها لهذه المشروعات.

وكان وزير البيئة قد صرح لـ«المال» فى وقت سابق بأن هناك عرضاً إماراتياً لإنشاء محطة لتوليد الطاقة من المصادر المتجددة.

ويعترض وزير البيئة على تدخل مؤسسات التمويل الدولية لإقراض الحكومة، بغرض إقامة محطات الطاقة الشمسية، ونوه إلى أن هذا الدور يجب أن يقوم به القطاع الخاص بالكامل، على أن يقتصر الدور الحكومى على إنشاء شبكة توزيع الكهرباء فقط والربط مع الشبكة القومية.

وأكد فهمى أن دور وزير البيئة فى مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة يشمل تقييم الجوانب الفنية للمحطات ومنح موافقة لوزارة الكهرباء للتعاقد مع القطاع الخاص، على أن يتم متابعة أداء الخلايا الشمسية التى سيتم استغلالها فى إنشاء المحطات لمنع صدور انبعاثات منها مضرة بالبيئة.

تعميم «تسعيرة الطاقة الجديدة»

وكشف فهمى أن الحكومة تدرس تعميم وضع تسعيرة لشراء الطاقة الجديدة والمتجددة من الشركات التى تستخدم الكتلة الحيوية الناتجة عن المخلفات الزراعية لتوليد الكهرباء.

وقال وزير البيئة إنه بمجرد وضع هذه التسعيرة سيتم جذب استثمارات عملاقة فى هذا الشأن، لافتاً إلى أن المستثمر يرغب فى عناصر التكلفة المختلفة، بحيث يحدد على سبيل المثال سعر شراء قش الأرز من الفلاح بدلاً من حرقه.

وتلقت وزارة البيئة العديد من العروض، من بينها شركات سعودية، ترغب فى إقامة مشروعات لتوليد الطاقة من المخلفات الزراعية.

وعن الشكاوى التى تقدم بها أصحاب المنشآت الفندقية لتأخر الحصول على تراخيص إنشاء مشروعات جديدة، قال فهمى إن الفترة اللازمة لحصول المستثمر بالقطاع السياحى على التراخيص تستغرق 30 يوماً، بعد موافقة لجنة حماية الشواطئ واللجنة العليا للتراخيص، لافتاً إلى أن الوزارة تعكف حالياً مع كل الجهات المعنية على اختصار تلك الفترة بقدر المستطاع.

ويضيف فهمى أن الجانب الآخر الذى يثير حفيظة أصحاب المنشآت الفندقية ولا يمكن لوزارة البيئة السماح به هو الموافقة على ردم البحر أو تدمير الشعب المرجانية.

وكان رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية قد اشتكى أكثر من مرة من صعوبة الضوابط والاشتراطات التى تضعها وزارة البيئة لإقامة المشروعات الفندقية.

حوافز للاستثمار فى المحميات

وعن التعديلات التشريعية التى تسعى الوزارة لإدخالها على قانون البيئة، قال فهمى إنها تتضمن إعادة النظر فى إجراءات تقييم الآثار البيئية ووضع عقوبات صارمة لمنع أى تجاوزات من الشركات الصناعية.

ويضيف وزير البيئة: «ليس الهدف من القانون المعاقبة، ولكن تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة فى مختلف النواحى، وبالتالى سيتم إدراج حوافز لجذب الاستثمار المحلى والأجنبى فى قطاع المخلفات الزراعية وكذلك المحميات الطبيعية».

وكشف عن وجود خطة لتطوير المحميات الطبيعية من خلال الدخول فى شراكة مع القطاع الخاص.

وأوضح وزير البيئة أن فكرة المحمية الطبيعية تعتمد بالأساس على تخصيص مساحة كبيرة من الأراضى بهدف حماية أنشطة صغيرة، مشيراً إلى أن الوزارة تفكر فى طرح قطع أراض للمستثمرين داخل كل محمية، لإقامة أنشطة تتنوع ما بين سياحة بيئية أو سفارى، أو زراعة أعشاب، بشرط الاعتماد على عمالة من السكان المحليين.

وتابع: إن أهم ما يميز تلك النوعية من المشروعات أنها مرتفعة الربحية وتساهم فى خلق فرص عمل لسكان المحميات بأقل تكلفة ممكنة بعيداً عن الموازنة العامة للدولة.

ويقول فهمى: لدينا 30 محمية طبيعية منتشرة فى محافظات الجمهورية، وتمثل 15% من المساحة الكلية للبلاد، فهل يعقل أن يكفيها 20 مليون جنيه مدرجة فى الموازنة العامة للدولة؟!

وأكد وزير البيئة أن المرحلة الأولى من تطوير المحميات الطبيعية ستبدأ بمحميتى الغابة المتحجرة ووادى دجلة بالقاهرة، ثم محمية وادى الجمال فى البحر الأحمر.

اشتراطات «قناة السويس»

وعن دور وزارة البيئة فى مشروع قناة السويس، قال إن الوزارة تعمل فى اتجاهين، الأول هو تشكيل لجنة مشتركة مع هيئة قناة السويس بهدف متابعة سير عمليات الحفر باستمرار، لضمان تفادى أى اختلالات بيئية جراء عملية الحفر، لكنه أكد أن هيئة قناة السويس لديها من الامكانيات البحثية والفنية ما يكفى لحماية البيئة تفوق كل الإمكانيات التابعة لأجهزة الدولة.

وأضاف فهمى أن الاتجاه الثانى يتمثل فى العمل مع التحالف الاستشارى الفائز بإعداد المخطط العام لمشروع محور قناة السويس لوضع الاشتراطات البيئية للمشروعات التى سيتم التخطيط لها، على أن تتم مراجعة تلك الإجراءات بعد الانتهاء من المخطط.

قمة التغييرات المناخية

وعن نتائج مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قمة الأمم المتحدة للمناخ الأسبوع الماضى، قال وزير البيئة إن القمة المناخية التى عقدت هدفها سياسى بالدرجة الأولى.

وأشار إلى أن السكرتير العام للأمم المتحدة دعا لهذه القمة لخلق حالة من الزخم السياسى للمفاوضات الفنية المقررة فى ديسمبر بدولة بيرو، وتفادى فشلها، على غرار الأمر الذى حدث قبل ذلك فى العاصمة الدنماركية كوبنهاجن فى عام 2009.

وعقد مؤتمر كوبنهاجن للتغيرات المناخية عبر الأمم المتحدة خلال الفترة من 7 ديسمبر حتى 18 ديسمبر 2009 بمشاركة 193 دولة، وكان الهدف منه إبرام اتفاق عالمى جديد لحماية البيئة من مخاطر التغيرات المناخية وتخفيض انبعاث الغازات.

وقالت مصر فى مفاوضات «كوبنهاجن» إن نتائج المؤتمر ليست كافية لمواجهة التحديات والتبعات السلبية لعملية تغير المناخ، وأن المؤتمر يمثل فرصة ضائعة أمام العالم للتوصل إلى صيغة مقبولة للتنفيذ الكامل والفعال لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ.

وفى سياق متصل، كشف فهمى أنه من المقرر أن تعقد مصر مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة خلال فبراير 2015.

وعن تأثير التغيرات المناخية على السواحل المصرية، قال وزير البيئة إن الدراسات الدولية والمحلية، تشير إلى أن عدداً من المناطق الشاطئية ستتضرر من التغيرات المناخية، نظراً لارتفاع معدلات مياه البحار بواقع 500 و750 سم خلال فترة زمنية تتراوح بين 50 و60 عاماً.

PROFILE خالد فهمى.. محامى البيئة الذى ترافع عن الفحم

شغل الدكتور خالد فهمى، منصب وزير البيئة مرتين، الأولى فى حكومة الدكتور هشام قنديل يناير 2013، واتهم وقتها بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، لكنه استقال من الوزارة قبل ثورة 30 يونيو، بالتزامن مع ثورة شعبية أطاحت بحكم الجماعة والرئيس محمد مرسى.

المرة الثانية جاءت فى أعقاب اصرار وزيرة البيئة السابقة الدكتورة ليلى اسكندر على رفض استخدام الفحم فى توليد الطاقة، فتم نقلها إلى وزارة جديدة تحمل اسم التطوير الحضرى ضمن تعديلات واسعة أجراها المهندس إبراهيم محلب على أعضاء حكومته فى يونيو الماضى، أعادت فهمى إلى البيئة من جديد.

مهمة وزارة البيئة تبدأ وتنتهى عند حماية صحة المصريين من التلوث، أما الوزير، فيرى أن الفحم – الذى يخفض أعمار مليون إنسان سنوياً وفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية – ضرورى لحل أزمة الطاقة فى مصر، وأن التناول الخاطئ لهذا الملف وراء «وهم» تعريض حياة المواطنين للخطر.

ويؤكد فهمى أن الفحم لن تتجاوز نسبته الـ5% من خليط الطاقة الجديد الذى تسعى الحكومة لتوفيره، وتعتمد مكوناته الأساسية على مصادر طاقة متجددة.

حصل فهمى على ليسانس حقوق من جامعة عين شمس فى أغسطس عام 1974، والتحق بمديرية أمن القاهرة، وعمل فى قسم أول مدينة نصر لمدة عامين من أغسطس 74 وحتى يناير 77، وحصل على دبلومتين أثناء عمله فى الشرطة، الأولى عام 1976 فى العلوم المالية والاقتصادية، والثانية عام 1977 فى القانون العام والدستور، وكان يعبر دائماً عن فخره بعمله فى جهاز الشرطة.

فى عام 1984 حصل فهمى على دكتوراه فى الاقتصاد من جامعة العلوم الاقتصادية ببرلين بتقدير عام جيد جداً، وعمل فى مشروع معالجة التلوث بالرصاص والمسابك بشبرا الخيمة عام 2000، ثم تم نقله لمشروع التنمية المستدامة فى جنوب البحر الأحمر «لايف» من عام 2005 وحتى 2009.

تعرف على مهام وزارة البيئة

تتولى وزارة الدولة لشئون البيئة إعداد الخطط القومية اللازمة لحماية البيئة والتشريعات القانونية المطلوبة لتنفيذها.

وتقوم كذلك بتقييم كل المشروعات الاستثمارية فى مصر، لضمان عدم وجود أى مخاطر بيئية منها، فضلاً عن إعداد سياسات واضحة لتدريب المصانع على آليات حماية البيئة، وخفض الانبعاثات الملوثة.

وتتولى الوزارة الموافقة على معدلات النمو اللازمة لضمان عدم تلوث البيئة، ويتبعها جهاز شئون البيئة، الذى يعمل على تنفيذ أهدافها، كما يشرف على صندوق حماية وتنمية البيئة.