لعبت وزارة الاستثمار دورًا رئيسيًا فى الإعداد لمؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد «مستقبل مصر»، وشكلت الوزارة الضلع الثانى، بجانب وزارة التعاون الدولى فى التحضيرات الخاصة بالمؤتمر، ودعوة المستثمرين والمؤسسات الدولية، فيما كانت الوزارة هى الطرف الرئيسى الذى ساهم فى التنسيق بين بنوك الاستثمار المحلية، ومختلف الجهات الحكومية الأخرى، فيما يخص عرض الفرص الاستثمارية الخاصة بتلك الجهات على البنوك لاستكمال دراستها.
ويرى وزير الاستثمار أشرف سالمان، أن هذه المرة الأولى التى تعتمد فيها أى حكومة مصرية على خبرات احترافية، فى مجال الاستثمار، وتدقيق دراسات جدوى المشروعات التى سيتم طرحها خلال المؤتمر، ما يطمئن المستثمرين، ومؤسسات التمويل الدولية بشأن مدى جديتها وجاهزيتها لاستقبال الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
ويؤكد الوزير أن هذا الأداء الاحترافى حسب قوله، لم يقتصر فقط على قائمة المشروعات التى انتهت من إعدادها وتدقيقها بشكل كامل بنوك الاستثمار، وإنما تطرق ليشمل مختلف نواحى الاقتصاد الكلى، فى إشارة إلى إسناد مهمة إعداد دراسة شاملة عن حالة الاقتصاد المصرى، والإصلاحات المطلوبة فى 5 سنوات تبدأ من العام المالى الجارى، إلى تحالف مؤسسات «لازارد» الفرنسى و«استراتيجى آند» ليقدموا رؤية من خارج الحكومة عن الوضع الاقتصادى.
وفى حوار مع «المال»، شدد الوزير على أن برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأت الحكومة تطبيقه منذ بداية العام المالى الجارى، هو برنامج مصرى خالص، وأن تحالف مؤسسات الاستشارات الدولية أعد «دراسة حالة» فقط عن الوضع الاقتصادى، وهو ما اعتبره ضرورة لبث الاطئمنان لدى الشركاء الدوليين بشأن مدى منطقية أى مستهدفات خاصة بقطاعات الاقتصاد الكلى فى الأجل المتوسط، نظرا لأنها مستهدفات تم تحديدها بعيدا عن أروقة الحكومة ووفقا لجهات احترافية متخصصة فى إعدادها.
«المال»: كيف ترى مؤتمر مصر الاقتصادى، ولماذا هدأت نبرة تفاؤل الحكومة بالعوائد الاستثمارية المنتظرة من وراء هذا المؤتمر، وهل هذا الهدوء يعود إلى تيقن الحكومة من ضعف المشاركة على مستوى الوفود الاستثمارية والرسمية المستهدف مشاركتها؟
المؤتمر مجرد حلقة من حلقات الترويج للاستثمار فى مصر وليس هدفا فى حد ذاته
وزير الاستثمار: المؤتمر مجرد حلقة من حلقات الترويج للاستثمار فى مصر وليس هدفا فى حد ذاته، وأقول إنه عبارة عن «BUILDING BLOCK»، أى حجر من الأحجار التى تكمل المكعب، وأود التأكيد على أن الهدف الرئيسى من مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى ليس جذب حجم معين من الاستثمارات الأجنبية لتنفيذ عدد من المشروعات، وإنما عرض «حكاية مصرية» خاصة بالالتزام فى تطبيق إصلاحات اقتصادية صعبة انطلقت مع بداية العام المالى الجارى.
لم يحدث أن بالغت الحكومة فى توقعاتها بشأن العوائد الاستثمار المنتظرة من وراء المؤتمر، وعلى مدار الشهرين الماضيين أكدت أنا ووزيرة التعاون الدولى، أكثر من مرة على أن المؤتمر ليس هدفا فى حد ذاته، وإنما بداية لخطوات أخرى تستهدف جذب وتنمية الاستثمار الأجنبى فى مصر.
وقلنا إن علينا وضع المؤتمر فى حجمه الطبيعى دون مبالغات، وهذا لا يعنى إعطاء انطباع سلبى عن مدى المشاركة المتوقعة خلال المؤتمر، على العكس، تأكيدات الحضور تشير إلى مشاركة أبرز الشخصيات الاقتصادية العالمية، فضلا عن تأكيد حضور عدد واسع من رؤساء وملوك وأمراء دول العالم.
«المال»: إذا أردنا تفصيل تلك الحكاية المصرية التى سيتم عرضها خلال المؤتمر إلى عدة فصول.. نبدأ بماذا؟
وزير الاستثمار: تلك الحكاية المصرية التى سنعرضها تنقسم إلى 3 فصول، تبدأ بإجراءات الإصلاح التشريعى التى قمنا بها فى عدد من القوانين المتعلقة بالاستثمار بشكل مباشر، على سبيل المثال قانون الثروة المعدنية الذى وافقت عليه الحكومة، ويعنى مختلف مستثمرى صناعة التعدين، وكذلك قانون تفضيل المنتج المحلى، الذى سيعمل على تشجيع كثير من المستثمرين على إقامة مصانعهم فى مصر للاستفادة من مميزات هذا القانون، الذى يلزم الحكومة بشراء احتياجاتها من مستلزمات الإنتاج بنسب محددة من المكون المحلى.
سوق التمويل متناهى الصغر يصل لـ100 مليار جنيه
هناك أيضًا قانون التمويل متناهى الصغر، الذى سيعمل على خلق وظائف جديدة بقيم تمويلية صغيرة جدًا، وسوق التمويل متناهى الصغر فى مصر يصل لنحو 100 مليار جنيه، بينما لا يعمل فى هذا السوق قبل صدور القانون المنظم له سوى 3 شركات فقط لا تتجاوز حجم أعمالهم مليار جنيه.
هناك أيضًا قانون الكهرباء الذى وافق عليه مجلس الوزراء مؤخرًا، وهو واحد من أبرز القوانين التى ستعمل على جذب استثمارات ضخمة للسوق، ووفقا للقانون الجديد ستتخارج الحكومة من سوق إنتاج وتوزيع الكهرباء، وسيتم تحرير القطاع بالكامل أمام القطاع الخاص، وفق اتفاقية تجارية تضع تعريفة للتغذية فى مجال إنتاج الطاقة من الرياح والشمس، وأيضا اتفاقية لشراء الطاقة من المستثمرين بضمانة سيادية من وزارة المالية، نستطيع من خلالها جذب تمويلات من البنوك، والمؤسسات الدولية بسهولة.
قانون الاستثمار يركز على 4 محاور
وعلى رأس تلك التشريعات قانون الاستثمار الذى وافقت عليه الحكومة أخيرا، ويركز على 4 محاور، أولها تسهيل إجراءات دخول وخروج المستثمرين، من خلال نظام «الشباك الواحد» لتأسيس الشركات والحصول على التراخيص، وكذلك إنهاء مشكلة صعوبة تصفية الأعمال فى مصر، ويحتوى القانون على مواد تسمح للمستثمر بتصفية نشاطه نهائيا خلال 120 يومًا، من تاريخ آخر ميزانية لشركته تقدم بها للجهة الإدارية.
المحور الثانى للقانون يعنى بمسألة الترويج، وهنا أريد أن أؤكد أهمية فصل نشاط الترويج عن النشاط الإدارى لهيئة الاستثمار، وصحيح أن النسخة النهائية للقانون لم تشير إلى فصل الترويج فى هيئة مستقلة، غير أن النموذج الذى خرج به القانون يشير إلى فصل هذا النشاط فى مركز قومى، بعيدًا عن نشاط هيئة الاستثمار، وفقا لقاعدة «Chinese Wall» أى فصل النشاط الترويجى، عن النشاط التجارى، أو الإدارى، المحور الثالث الذى يعنى به قانون الاستثمار الجديد هو حماية المستثمرين من المساءلة الجنائية فى القضايا التجارية، أما المحور الأخير فيرتبط بوضع آلية واضحة وثابتة لحسم النزاعات بين المستثمرين والجهات الحكومية.
«المال»: بذكر قانون الاستثمار الجديد.. لماذا تأخر صدور هذا القانون وما السر فى كل هذا الصخب الذى صاحب مراحل الإعداد له حتى انتهى إلى تعديلات على قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الحالى وليس صدور قانون جديد.. وما حقيقة الخلافات التى نشأت بين لجنة الإصلاح التشريعى والوزارة بشأن المسودة النهائية؟
تأخر صدور قانون الاستثمار دلالة على أنه أخذ حقه فى المناقشة
وزير الاستثمار: تأخر صدور قانون الاستثمار، وكل هذا الصخب الذى صاحبه دلالة على أنه أخذ حقه فى المناقشة وأخذ رأى مختلف الأطراف، وما يعنينى فى قانون الاستثمار هو الفلسفة التى أردت أن يتم بناء التشريع عليها، وتنقسم للمحاور السابق ذكرها ولا يعنينى شكل خروج تلك الفلسفة، سواء كانت فى صورة تعديلات للقانون الحالى، أو إعداد قانون جديد، وفى الواقع هذا الصخب الذى تشير إليه ينصب فى صالح التشريع وليس عليه.
وأنا شخصيا لا أعتقد أن هناك تشريعا فى مصر استهلك كل هذا الوقت من المناقشة، والأخذ والرد والعرض على الأطراف المرتبطة ذات الصلة مثلما حدث مع قانون الاستثمار، أما الحديث عن وجود خلافات فهو أمر مبالغ فيه، لكن الخلاف فى وجهات النظر لا يعنى صراعا بين الأطراف التى عملت على إعداد المسودة النهائية للقانون، وإنما تفاوت فى الرؤى المختلفة بشأن بعض البنود، وعلى سبيل المثال مسألة فصل نشاط الترويج بعيدا عن هيئة الاستثمار، وكنت من أنصار الفصل بينما رأت لجنة الإصلاح التشريعى فصل النشاط فى مركز قومى للترويج، وفى كل الأحوال كانت النتيجة فى صالح التوجه الذى رأته الوزارة.
«المال»: وماذا عن باقى فصول «الحكاية المصرية» التى سيتم عرضها بالمؤتمر، بعد عرض خطوات الإصلاح والتشريع؟
عرض ما تم إنجازه من إصلاحات اقتصادية في المؤتمر
وزير الاستثمار: الفصل الثانى من تلك الحكاية مرتبط بما تم إنجازه من إصلاحات اقتصادية صعبة بدأناها مطلع العام المالى الجارى، وتضمن إجراءات صعبة كتحريك أسعار المواد البترولية، وهى خطوة عجزت مختلف الحكومات السابقة عن اتخاذها، وكذلك التعديلات التى أدخلناها على منظومة الضرائب، وانعكاس تلك الإصلاحات بشكل ملموس على مؤشرات الاقتصاد الكلى، الذى حقق نموا بلغ 6.8% فى الربع الأول من العام المالى الحالى، و5.6% نموا فى النصف الأول من العام المالى المالى، كما استقبلت مصر صافى استثمارات أجنبية مباشرة فى الربع الأول سجلت 1.8 مليار دولار، وقد تتجاوز تلك الاستثمار 4 مليارات دولار فى النصف الأول من العام المالى.
هذا الفصل من الحكاية المصرية سيشمل عرض توقعات المؤشرات الاقتصاد الكلى لمصر فى الأجل المتوسط حتى نهاية العام المالى 2018-2019، وأشير هنا أن تلك الرؤية شارك فى وضعها بنوك استثمار دولية مشهود لها بالنزاهة والحيادية، وهى رؤية موضوعية تخلو من التوقعات المبالغ فيها.
«المال»: بذكر توقعات مؤشرات الاقتصاد الكلى فى الأجل المتوسط.. وزير الصناعة والتجارة قال خلال ملتقى رجال الأعمال المصرى الإيطالى فى الأسبوع الأخير من فبراير الماضى: إن العجز بالموازنة قد يتحول إلى فائض خلال عامين فقط.. هل يعنى هذا تعديلا فى خطة الإصلاح الاقتصاد عبر الإسراع من وتيرة تنفيذ عدد من الإجراءات؟
نستهدف خفض نسبة العجز إلى 10.5% بنهاية العام المالى الجارى
وزير الاستثمار: ربما تم إساءة فهم تصريحات وزير الصناعة، لأن مستهدفات برنامج الإصلاح الاقتصادى خلال 4 سنوات قادمة ثابتة، ولم يحدث فيها أى تغيير بشأن المستهدف لنسبة عجز الموازنة من الناتج المحلى الإجمالى، ولا فى مستهدف نسبة الدين المحلى من الناتج، ونستهدف خفض نسبة العجز إلى 10.5% بنهاية العام المالى الجارى، تنخفض إلى 9.6% فى العام المالى المقبل، ثم إلى 8.9% فى العام المالى 2016-2017، تلك النسبة تنخفض إلى 8.3% فى العام المالى الذى يليه، حتى تصل إلى 8.1% فى العام الآخير من خطة الإصلاح الاقتصادى 2018-2019.
«المال»: ترددت أنباء عن عزم الحكومة التبكير بإجراءات تقليص الدعم الموجه للمنتجات البترولية.. وخرجت تصريحات رسمية من وزير المالية الدكتور هانى قدرى مؤخرا بشأن زيادات قريبة فى أسعار المواد البترولية والكهرباء.. متى سيتم إقرار تلك الزيادات؟
وزير الاستثمار: برنامج إعادة هيكلة الدعم الموجه للمواد البترولية كما هو أيضا، وقلنا أن تنفيذه سيتم على مدار 4 سنوات، وبخصوص توقيتات الزيادات الجديدة فى أسعار الطاقة لا أستطيع الإفصاح عنها، ولا يجوز للحكومة التى تقوم بدور المنظم الإعلان عن توقيتات تحريك أسعار الطاقة حفاظا على فجائية التطبيق، لأن الإفصاح عن التوقيتات فى الوقت الحالى أمر بعيد عن الاحترافية، ولكن فى كل الأحوال فإن مسألة دعم الطاقة تضغط على الموازنة بشكل كبير، وتلعب دورا رئيسيا فى تضخم حجم الدين المحلى نسبةَ إلى الناتج المحلى الإجمالى.
وبالنسبة لمستهدفات الدين المحلى، نسعى لخفضها إلى 85.5% من الناتج بنهاية العام المالى الجارى، تتراجع إلى 81.2% بنهاية العام المالى المقبل، ثم إلى 77.6% بنهاية العام المالى 2016-2017، لتتراجع إلى 74.5% فى السنة المالية فى 2017-2018 حتى تسجل تلك النسبة 71.5% فى العام الأخير من برنامج الإصلاح فى الأجل المتوسط.
نسعى لجذب استثمارات أجنبية مباشرة تتراوح بين 8-10 مليار دولار
وفيما يتعلق بمستهدفات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، نسعى لجذب استثمارات تتراوح بين 8-10 مليار دولار فى العام المالى الجارى، بينما الهدف متوسط الأجل فى العامين القادمين يتراوح بين 10-11 مليار دولار، لتصل تلك الاستثمارات فى آخر عامين من أعوام خطة الإصلاح الاقتصادى لما يتراوح بين 14-15 مليار دولار سنويا، من خلال خطة ترويجية مكثفة ستنفذها وزارة الاستثمار، والهيئة العامة للاستثمار مع استمرار تعاون بنوك الاستثمار المحلية فى هذا الشأن، ما يعنى أن عمل بنوك الاستثمار التى أعدت قائمة المشروعات المطروحة خلال المؤتمر سيستمر لما بعد المؤتمر الاقتصادى.
«المال»: يتبقى لنا الحديث عن الفصل الأخير من «الحكاية المصرية» التى سيتم عرضها بالمؤتمر؟
وزير الاستثمار: الفصل الأخير يتعلق بقائمة المشروعات التى انتهت منها بنوك الاستثمار، وإجمالى تلك القائمة تحتوى على 55 مشروعا موزعين بواقع 29 مشروعا مقدما من الجهات الحكومية مع بنوك الاستثمار، منها مشروع واحد للتنفيذ بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص P.P.P بخلاف 7 مشروعات ستطرحهم وحدة الشراكة، بجانب طرح 7 مشروعات من القطاع الخاص ساهمت بنوك الاستثمار أيضا فى إعدادها، وهناك مشروع مقدم من وزارة البترول خارج مظلة بنوك الاستثمار.
وفى النهاية سيتم طرح 11 مشروعا، عبارة عن أفكار مشروعات متقدمة تحتاج لمزيد من العمل لاكتمالها، ولكن نهدف إلى التعرف على أراء المستثمرين بشأنها ومدى جذبها لاهتمامهم.