أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة أن دفع الهلاك المتوقع أولى من دفع المشقة، وأنه لا ضرر ولا ضرار فى الاسلام ، وما جاءت الأديان الا لتصحيح المفاهيم الخاطئة عند الناس.
ونشرت وكالة أنباء الشرق الأوسط على صفحتها الرسمية فيسبوك أن وزير الأوقاف دعا إلى الأخذ بنصيحة الأطباء باعتبارهم أهل الخبرة والذكر لقوله تعالى : “فأسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون “، مثمنا ما يبذلوه من جهود حثيثة فى خدمة الانسانية وفى مكافحة فيروس كورونا.
وأكد ضرورة تنفيذ قرارات القيادة السياسية التى يوجب الشرع تنفيذ أوامرها لأن فى مخالفتها إثما كبيرا ومعصية ، مضيفا:قد أيدنا فى ما ذهبنا إليه الأزهر الشريف ودار الإفتاء.
وشدد على أنه لا يوجد أحد يستطيع أن يتجرأ على الله ، أو لديه الشجاعة بأن يتخذ قرارا بغلق المساجد “بيوت الله ” وتعليق صلوات الجمع والجماعة بها ، إلا لأمر هام فيه مقصد من مقاصد الشرع الحنيف ، ألا وهو حفظ النفس وعدم تعريض حياة الناس للهلاك ومنع زيادة الأرامل من النساء وزيادة نسبة الأطفال اليتامى أو التضحية بالأبناء أو فقدان الأسر لعائلها وما قد ينتج عن ذلك من حالة اجتماعية غير مرغوب فيها قد يكون لها تأثيرها السلبى ليس على المجتمع فقط بل وعلى الدين أيضا بسبب التجمعات ، التى يريد البعض ممن لا عقل لهم وليس لديهم وازع دينى أو وطنى يزجرهم، وما ينتج عنها من انتقال للعدوى وتفشى الوباء .
وقال الوزير: إن قرار غلق المساجد جاء للمصلحة العامة والحفاظ على الدين والوطن، وعلى الجميع أن يعلم أنه لا دين بدون وطن يحميه، لأن هلاك الوطن وهلاك أبنائه ..هو هلاك للدين واذا ما أعملنا العقل والشرع فى هذه الحالة فانهما يقدمان المقاصد الكلية “الستة ” للشرع الحنيف ، ومن ثم تبطل كافة ضلالات وأكاذيب الجماعات الارهابية والمتطرفة التى يروجها أمراء تلك الجماعات وعناصرها المنساقة كالقطيع فى محاولة لبث الفرقة والفتنة بين الشعب المصرى الوطنى الشريف الذى أثبت للعالم كله وليس لهذه الجماعات الضالة فقط أنه وراء قيادته السياسية الحكيمة وأن ثقته فيها كبيرة غير متناهية، ويثمن وينفذ كافة الاجراءات الاحترازية والوقائية التى تتخذها لحمايته وحماية المصلحة العليا للوطن، الأمر الذى جعل القيادة الساسية تشيد بالتعاون والوعى الممتاز للشعب المصرى فى تعاونه معها.
وأشار جمعة إلى أن كل ما تقدم جعل مصر ضمن أفضل الدول على مستوى العالم فى نسبة الاصابة بفيروس كورونا وأعلاها فى نسبة التعافى والشفاء منه وأقلها نسبة فى الوفيات وفقا لما أكدته الاحصائيات الدولية التى تقوم بها منظمة الصحة العالمية، داعيا المولى عز وجل قائلا : والله نسأل أن يحمى مصر وأبناءها من مخاطر هذا الوباء وأن يشفى المصابين وأن يرحم المتوفين برحمته.
وقال وزير الأوقاف، إن الناس لم يسمعوا من قبل عن ما جاء به الإسلام من يسر وعدم مشقة، لاسيما فى العقود القليلة الماضية بسبب اختطاف الجماعات المتشددة والمتطرفة الإرهابية للخطاب الدينى واهتمامها بقضايا الولاء للتنظيم على حساب أى ” فقه ” ، وأهملوا الأخلاقيات والإنسانيات والقيم ، لقيامها على الخداع حيث أخذت الدين ووظفته لصالح أيديولوجياتها ومصالحها الخاصة ، والتى هى على النقيض مما يدعو إليه ديننا الحنيف الذى يجرم الشقة على الناس ، وشقة الناس على أنفسهم وعدم أخذهم بالرخص وغفلوا عن قول الله تعالى “يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر” ولم يفقهوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب تؤتى عزائمه وما جاء فى المتفق عليه والذى رواه الشيخان البخارى ومسلم ، واللفظ له عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِى رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ – وهو موضع بين مكة والمدينة- فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ . فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ ، فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ شَرِبَ. فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ : إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ ، فَقَالَ : أُولَئِكَ الْعُصَاةُ ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ “، إذا كان ذلك لمجرد دفع المشقة عن الناس، فما بالكم بالعمل بالرخصة لدفع الهلاك المتوقع عنهم ؟!.
وأضاف: وإذا كان إجماع خبراء الصحة على أن التجمعات أخطر سبل نقل عدوى فيروس كورونا مع ما نتابعه من تزايد أعداد المتوفين على مستوى العالم بسببه فإن دفع الهلاك المتوقع نتيجة أى تجمع يصبح مطلبا شرعيا، وتصبح مخالفته معصية ، فدفع الهلاك أولى من دفع المشقة، وإذا كان رسولنا (صلى الله عليه وسلم) قد بادر بنفسه إلى الأخذ برخصة الإفطار فى السفر (وهو رسول الله الذى نهى أصحابه عن الوصال فى الصوم فقيل له : إنك تواصل، فقال ( صلى الله عليه وسلم): “إنكم لستم فى ذلك مثلي، إنى أبيت يطعمنى ربى ويسقين “)، لكنه (صلى الله عليه وسلم) أخذ بالرخصة مع قدرته الشخصية على الصوم رفعًا للمشقة عن أمته وأصحابه الكرام ، فما بالكم بدفع ما هو مؤد إلى الهلاك أو مسبب له، إن الأخذ بالرخصة فيه أولى وألزم ، ومخالفته معصية ، وعليه نؤكد أن مخالفة العمل بتعليق الجمع والجماعات فى الظرف الراهن الذى تقدره الجهات المختصة إثم ومعصية.