أكدت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، أن مصر تمكنت من عبور الأوضاع الاقتصادية الصعبة بعد نجاحها فى تمرير الإصلاحات غير المسبوقة الفترة الماضية، وأصبحت تسير على الطريق السليم.
وقالت الوزيرة فى حوارها مع «المال»، إنها تركز على زيادة الإنفاق على مشروعات البنية التحتية؛ بهدف تحسين معيشة المواطن وتهيئة المجال للمستثمرين، إلى جانب الاهتمام بزيادة الاستثمارات المنفذة لتأهيل العنصر البشرى من خلال توسيع الإنفاق على التعليم والصحة، مشيرة إلى أن الاستثمارات الكلية خلال العام المالى المقبل 2017-2018 تقدر بحوالى 600 مليار جنيه، وجار التباحث مع المجموعة الاقتصادية حول حجم مساهمة الاستثمارات الحكومية.
وكشفت هالة السعيد، عن منح أولوية للانتهاء من مشروعات الطرق القائمة والتوسع فى تحسين شبكة الكهرباء والمناطق العشوائية، كما أنها وضعت خطة لإعادة هيكلة بنك الاستثمار القومى تستهدف التخلص من المديونيات المتراكمة عليه.
وأكدت أنه لا تراجع عن الإجراءات الإصلاحية التى تم وضعها للحصول على قرض صندوق النقد الدولى، مشيرة إلى أن تلك الإصلاحات تمثل رؤية الحكومة وتعمل على كيفية تحقيق الاستفادة المثلى منها.
وأشارت إلى أن الدعم البترولى من المملكة العربية السعودية لن يؤجل أى إصلاحات تم الاتفاق عليها، ولكنها ستساهم فى زيادة الإنفاق على البرامج الاجتماعية.
وأعلنت عن عقد مؤتمر مايو المقبل؛ لتقييم استراتيجية 2030 للتنمية المستدامة على أن يتم التقييم سنويا حتى عام 2025 عقب ذلك عودة العمل بنظام الخطط الخمسية الذى كان متبعا الفترات السابقة وحقق نجاحا كبيرا.. وإلى نص الحوار:
«المال»: أعلنتم أن خطة التنمية تتضمن زيادة الاستثمارات.. كيف سيتم ذلك؟ وما حجم الاستثمارات الكلية المتوقعة؟
600 مليار جنيه استثمارات مستهدفة خلال العام المقبل
وزيرة التخطيط: نستهدف استثمارات كلية فى حدود 600 مليار جنيه تقريبا، ونأمل أن يشارك القطاع الخاص بشكل أكبر فى المرحلة المقبلة، وهذا محل مناقشة فى المجموعة الوزارية، ولكن هناك زيادة فى معدلات الاستثمار فى حدود 17% من إجمالى الناتج بحيث تزيد معدلات النمو، وفى نفس الوقت تنعكس على زيادة معدلات التشغيل وخلق فرص العمل.
ويشار إلى أن الاستثمارات الكلية المستهدفة خلال العام المالى الحالى تقدر بحوالى 570 مليار جنيه، وفقا لما تم الإعلان عنه فى وقت سابق.
«المال»: ما أولويات الاستثمارات العامة التى تخطط لها الوزارة؟
وزيرة التخطيط: لدينا شقان فى الخطة الاستثمارية، شق خاص بالبنية الأساسية سيتم التركيز فيه على قطاع الطرق والمرافق والخدمات والصرف الصحي؛ بهدف تحسين حياة المواطنين.
وأؤكد أن قطاع البنية الأساسية يوفر كثيرا من فرص العمل، فعلى سبيل المثال كل مليار جنيه استثمارات جديدة فى هذا القطاع توفر ألف فرصة عمل كمتوسط عام، إلى جانب تحسين جودة الخدمات من خلال تطوير شبكة الطرق وتخفيف المعاناة عن المناطق المتضررة مثل المناطق العشوائية مع البدء بالمناطق غير الآمنة.
كما أن خطة التنمية الاقتصادية تستهدف زيادة مساهمة القطاعات التى من شأنها توفير فرص العمل مثل قطاع الصناعة؛ لأن قيمته المضافة فى توليد فرص العمل أعلى من بقية القطاعات، ونأمل أن يكون هناك طفرة فى الاستثمارات الصناعية الفترة المقبلة.
«المال»: تم الإعلان عن إقامة مشروعات للطرق والكبارى والكهرباء.. هل سنكتفى بهذا أم سيتم التوسع فى ضخ مشروعات جديدة؟
وزيرة التخطيط: هناك زيادة فى الاستثمارات الموجهة لقطاع الكهرباء والطاقة بشكل عام، خاصة فى مجال التوزيع ونقل الكهرباء، وبالطبع توجد زيادة فى استثمارات قطاع الطرق مع إعطاء أولوية للمشروعات القائمة، فلابد من الانتهاء من المشاريع المفتوحة قبل البدء فى مشروعات جديدة، خاصة أن استمرار إقامة المشروعات دون إتمامها يرفع من تكلفتها ويقلل من كفاءتها.
وأضيف أن إنهاء مشروعات الطرق تساعد على زيادة الاستثمارات وتحفز القطاع الخاص للاستثمار فى القطاعات المختلفة، كما أنها توفر وسيلة أفضل لحركة المواطنين.
تسعى وزارة التخطيط للوصول بمعدلات النمو لـ5% خلال العام المالى المقبل
وتستهدف وزارة التخطيط الوصول بمعدلات النمو الاقتصادى لنحو 5% خلال العام المالى المقبل، مقارنة بـ%4 معدلات نمو متوقعة بنهاية العام الحالى و4.2% معدلات النمو فى 2015-2016، وتتوزع تلك الاستثمارات بواقع 278.6 مليار جنيه استثمارات عامة، بما يعادل 48% من حجم المستهدف، وأخرى خاصة بـ291.4 مليار جنيه أى 51.1%.
«المال»: ذلك ما يتعلق بالاستثمار فى البنية الأساسية.. ما هى ملامح الشق الثانى من الخطة؟
وزيرة التخطيط: الشق الثانى خاص بالتنمية البشرية، ويرتبط بزيادة المخصصات المالية لقطاع الصحة، خاصة مع قرب تطبيق منظومة تأمين صحى جديدة بما يتضمن رفع كفاءة المؤسسات التى تقدم الخدمات الصحية.
كما أن أهم المحاور اللازمة لتحقيق التنمية البشرية وزيادة الاستثمارات الموجهة للتعليم، إعطاء أولوية كبيرة للتعليم ما قبل الجامعى والتعليم الفنى، إضافة للاهتمام بالتعليم الجامعى، خاصة زيادة مخصصات البحث العلمى والبعثات الخارجية.
«المال»: هل هناك ملامح رئيسية للعمل على تطوير الاستثمار فى مجال التعليم؟
وزيرة التخطيط: الفترة الماضية شهدت عقد لقاءات مكثقة مع وزيرى التربية والتعليم والتعليم العالى وصندوق تطوير التعليم، ولا نهدف فقط التوسع فى عدد الفصول أو المناطق التعليمية سواء الجامعات أو science parks ولكن التركيز على إتاحة جودة العملية التعليمية من خلال الاستثمار فى المعلمين؛ لأنه أساس منظومة تطوير العملية التعليمية نحن نزيد الإنفاق الاستثمارى، ولكن بالتركيز على كفاءة هذا الإنفاق، فكلما وجه الإنفاق بشكل أفضل زادت قيمته المضافة.
وأشير إلى أهمية عنصر التدريب كمحور رئيسى فى رفع كفاءة العاملين، ومن المقرر أن يشهد العام المقبل زيادة كبيرة فى حجم المخصصات المتاحة للتدريب التعاون مع البنوك.
«المال»: ما تقييمكم للوضع الاقتصادى بعد الإصلاحات الأخيرة وتوقعاتكم لاستعادة عملية التعافي؟
نبدأ حاليا فى مرحلة جديدة للانطلاق
وزيرة التخطيط: أرى أن المرحلة الصعبة للاقتصاد المصرى على وشك الانتهاء، ونبدأ حاليا فى مرحلة جديدة للانطلاق، ففى الوقت السابق لم نكن لنرى النور فى آخر النفق، لكننا الآن نراه ونعرف كيف نصل إليه، وهذا فرق كبير.
وأشير إلى أن الحكومة لديها خطة ورؤية واضحة وهناك قرارات جريئة تم اتخاذها لم تكن هناك جرأة على اتخاذها منذ ثلاثين أو أربعين عاما مضت، وهذا يعطى أملا أننا نسير فى الطريق الصحيح، ولكن كل طريق صحيح له تكلفة، مهمة صانع السياسة الاقتصادية هو محاولة تقليل هذه التكلفة بأكبر قدر ممكن، حتى تتمكن من الحصول على العائد على المدى المتوسط والطويل.
«المال»: هل هناك نية لإجراء تعديلات على برنامج الإصلاح الاقتصادى بعد إعلان البترول عن استئناف توريد المشتقات البترولية من «آرامكو» السعودية؟
وزيرة التخطيط: أؤكد فى هذا الصدد، أن برنامج الإصلاح الاقتصادى وضعته مصر وأى تغيير فيه يرتبط بالإرادة المصرية و”محدش فرض عليك حاجة”، المجموعة الاقتصادية ومجلس الوزراء هو من يقرر الإجراءات المتخذة وليس صندوق النقد.
وأشير أيضا إلى أن الحكومة متلزمة باتخاذ سياسة توسعية منضبطة والحد من عجز الموازنة وزيادة الإنتاج وتحرير سعر الصرف، فنحن على اقتناع تام بأن مصر تسير فى اتخاذ إجراءات سليمة، ولكن الحصول على دعم إضافى سيعزز من قدرة الحكومة على زيادة الدعم والبرامج الاجتماعية وليس تأجيل الإصلاحات الاقتصادية المهمة.
«المال»: ماذا عن الإجراءات التى يمكن اتخاذها لتخفيف آثار أعباء الإصلاحات الاقتصادية؟
وزيرة التخطيط: أعتقد أن هناك إجراءات تم اتخاذها فعلا مثل زيادة منافذ توزيع السلع التموينية على المواطنين، ورفع دعم قطاعات المشروعات الصغيرة والمتوسطة من أجل زيادة الإنتاجية، ومن وجهة نظرى أن الحماية الاجتماعية الحقيقية هى خلق فرص عمل وتشغيل، وبالتالى فإن دعم هذا القطاع هو نقطة مهمة جدا فى منظومة الإصلاح، ونسعى لتوسيع قاعدة المشروعات الصغيرة فى المناطق الصناعية.
وأتوقع أن تتراجع معدلات التضخم خلال الربع الأخير من 2017 بعد أن تلقت الأسواق صدمة عمليات الإصلاح الاقتصادى الشهور الماضية.
توسع فى تطبيق برنامج تكافل وكرامة
«المال»: هل من المحتمل زيادة الدعم النقدى لبرنامج تكافل وكرامة؟
وزيرة التخطيط: نعم هناك توسع فى تطبيق برنامج تكافل وكرامة، ولدى الدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، خطة لمضاعفة عدد المستفيدين من البرنامج إلى 1.5 مليون أسرة فى مايو المقبل، وأعتقد أن تلك الخطة تسير بشكل أسرع.
«المال»: تم الإعلان عن إعادة هكيلة بنك الاستثمار القومى وتوسيع دوره فى المشروعات القومية.. ما هى ملامح تلك الخطة؟
وزيرة التخطيط: البنك يتم إعادة هيكلته لأن له دور مهم جدا، وتراكمت عليه الديون فى الفترة الماضية، ومن المقرر أن تشهد الفترة المقبلة الكشف عن ملامح خطة إعادة الهيكلة.
«المال»: ما الموقف الحالى لتأسيس صندوق “أملاك” السيادى الذى يستهدف استغلال أصول الدولة؟
وزيرة التخطيط: تم استعراض موقف الصندوق ضمن ملفات أخرى، ونظرت على الملفات بشكل عام، ومن المقرر عقد اجتماع للجنة الاستشارية؛ لبحث ملف الصندوق وملفات أخرى.
«المال»: هناك أخبار عن التراجع عن استراتيحية 2030 التى وضعت خلال تولى الدكتور أشرف العربى وزارة التخطيط.. ما ردكم؟
وزيرة التخطيط: من المستحيل أن أصدر أى تصريحات تشير إلى التراجع عن استراتيجية التنمية المستدامة، فنحن نبنى على ما قام به الوزير السابق ولا نلغيه.
ومن المقرر أن يتم عقد مؤتمر مايو المقبل؛ للوقوف على حجم الإنجاز المحقق فى استراتيجية 2030، لوضع أهداف محددة لكل عام، على أن يتم البدء اعتبارا من 2025 فى وضع خطط خمسية بآليات متابعة محددة المعالم، خاصة أن الخطط الخمسية فى مصر حققت نجاحات واسعة.
«المال»: ماذا عن تفعيل اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية التى طال انتظارها؟
وزيرة التخطيط: الوزارة فى انتظار الملاحظات الأخيرة من مجلس الدولة على اللائحة لإصدارها، وأشير إلى أن الإصلاح الإدارى فى مصر يستهدف التأكد من كفاءة تقديم الخدمة وليس مجرد تقديمها فقط، ونسعى للاستفادة من الخبرات العالمية فى هذا الصدد من خلال تقليص التعامل مع العنصر البشرى وميكنة الإجراءات.