وزارة النقل تواجه البيروقراطية برقمنة الخدمات

دراسة تعميم ماكينات دخول وخروج المواطنين فى كافة محطات السكة الحديد

وزارة النقل تواجه البيروقراطية برقمنة الخدمات
جريدة المال

مدحت إسماعيل

إسلام شريف

8:09 ص, الأحد, 16 أكتوبر 22

تستهدف وزارة النقل ، تنفيذ خطة تكنولوجية لتطوير قطاعاتها التابعة، سواء النقل البحرى، والمرافق الخدمية التى تضم هيئة السكة الحديد، ومترو الأنفاق، والطرق والكبارى، لضمان الارتقاء بالخدمة المقدمة للمواطنين ومواكبة التطوير التكنولوجى.

تتضمن الخطة بالنسبة للسكة الحديد، إجراء رقمنة شاملة لمنظومة حجز القطارات، والتحكم الآلى فى مسير العربات، فضلًا عن استخدام التكنولوجية المتطورة للحدِّ من حوادث المزلقانات.

وبالنسبة لقطاع مترو الأنفاق والذى يعتمد عليه شريحة كبيرة من المواطنين، اتجهت شركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق، إلى استخدام أنظمة الدفع الإلكترونى والاعتماد عليها كبديل فى تحصيل تعريفة التذكرة، ومن ثم توفير بطاقات لا تلامسية أمام المواطنين.

قالت مصادر مطلعة، إنه مستهدف بحلول عام 2023، إصدار منظومة الكارت الذكى الموحد الذى يمكن حامله من استخدام شبكتى قطارات السكة الحديد، والمترو، والقطار الكهربائى الخفيف، مرورًا بالأتوبيس الترددى الذى يجرى تنفيذه على الطريق الدائرى الإقليمى، وخطى مونوريل 6 أكتوبر، والعاصمة الإدارية الجديدة، بعد افتتاحها. 

وأشارت إلى أن المنظومة الجديدة هى بمثابة «كارت ذكى» تستهدف تحصيل إيرادات وسائل النقل فى وعاء مالى واحد، إضافة إلى تعزيز ظهور قطاع النقل ومساهمته فى الناتج القومى الإجمالى.

وتستهدف المنظومة الجديدة التسهيل على المواطنين وعدم الوقوف فى طوابير أمام شبابيك الحجز بالمحطات لشراء تذاكر ورقية أو شحن أكثر من كارت ذكى، وكذلك تحسين مستوى الخدمة المقدمة فى وسائل المواصلات المختلفة.

وأوضحت أنه تم تنفيذ أولى منظومة التحول الرقمى وميكنة كافة خدمات الحجز وتوفير ماكينات حجز التذاكر وتطبيقات المحمول والبوابات الإلكترونية بقطاع السكك الحديدية والأنفاق.

ولفتت إلى أنه تم وضع خطة شاملة للنهوض بمرفق السكك الحديدية وإحداث نقلة نوعية كبيرة فى مستوى الخدمة المقدمة لجمهور الركاب، من خلال تطوير كافة عناصر منظومة السكك الحديدية الحالية التى تصل أطوال شبكتها إلى 10 آلاف كم طولى بالتوازى مع إنشاء شبكة من خطوط القطار الكهربائى السريع.

وكشفت أنه يتم حاليا التباحث مع شركة مصرية متخصصة فى البرمجة لتوفير نظام لتأمين سير القطارات، ويقوم النظام على التنبؤ وتحليل الأعطال وكشف أى كسور فى القضبان، بفترة تمكن غرفة التحكم من السيطرة عليها قبل وقوع أى حادث.

وأعلنت الوزارة فى أكثر من مناسبة قريبة، نيتها إسناد إدارة السكة الحديد لبعض الشركات العالمية، لرفع كفاءة الخدمة المقدمة وتطوير الخطوط بما يتناسب مع توجهات الدولة.

نفذت وزارة النقل، المرحلة الأولى لتحول السكة الحديد إلى الرقمنة، بتركيب بوابات إلكترونية بمداخل 4 محطات مركزية وهى «رمسيس، والجيزة، والإسكندرية، وسيدى جابر»، بهدف إحكام السيطرة على إيرادات التذاكر، ومنع المتهربين الدخول لأرصفة القطارات.

وذكرت أنه يتم حاليًّا دراسة تعميم تلك المنظومة على باقى المحطات، لتكون شيبه بمترو الأنفاق، موضحة أنه يتم حاليًّا التركيز على تطوير البنية الأساسية لقطاع السكة الحديد، وبعدها سيتم التطرق بشكل أكبر للمحطات.

وأكدت أن الماكينات الجديدة تتمتع بتكنولوجيا تسمح لها بقراءة بيانات التذاكر المكيفة والعادية، ومزودة بخاصية تمكنها من قراءة التذاكر التى يتم شراؤها إلكترونيًّا سواء من خلال الموقع الإلكترونى لهيئة السكك الحديدية، أو أبلكيشن الحجز الموجود على الموبايلات، بما يسمح لحاملى التذاكر بكافة أنواعها العبور من البوابات.

ووفقًا للموقع الرسمى لهيئة السكة الحديد، فإن إجمالى عدد المحطات يصل إلى 705 رئيسية وفرعية ومتوسطة، بينها 22 محطة رئيسية، و59 محطة مركزية، و60 محطة متوسطة، و564 محطة صغيرة.

وتتضمن خطة مرفق السكة الحديد أيضًا، تطوير منظومة التشغيل والتحكم الإلكترونى فى المزلقانات، فضلًا عن وضع نظام مراقبة متطور.

وقالت المصادر، إن منظومة المراقبة المستهدف تنفيذها ستكون على غرار القائمة حاليًّا بمترو الأنفاق، وتستهدف فى المقام الأول معرفة كل ما يدور بالمزلقانات، والسيطرة على تحديد العناصر التى تكون سببًا فى وقوع أى حوادث، ومن ثم محاسبة المخطئ فقط.

وذكرت أنه سيتم تطبيق المنظومة على مراحل الأولى ستضم 300 مزلقان على خطوط محافظات الوجه القبلى، والثانية ستكون نفس العدد فى محافظة الوجه البحرى، والأخيرة، سيتم تنفيذها خطوط الضواحى.

وأوضحت أن شبكة المراقبة الجديدة ستكون بمثابة بث مباشر وناقلة للحركة سواء كبيرة أو صغيرة على خطوط السكة الحديد، ومن ثم فإن مركز المعلومات بالهيئة سيكون لديه القدرة على رفع تقارير سريعة لمكتب رئيس الهيئة، حال وجود أى إجراء مخالف لتعليمات الأمن والسلامة المزلقانات والمحطات.

وأشارت إلى أن هناك مشروعات يتم استكمالها لتطوير الإشارات وأنظمة الاتصالات تصل تكلفتها إلى 46 مليار جنيه بنهاية 2024.

على صعيد متصل، قالت المصادر إن الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق، فى طريقها لإصدار بطاقات ذكية لا تلامسية لركاب المرفق.

ولفتت إلى أن الهدف من إصدار هذه النوعية من البطاقات، تقليل التعامل بالكاش، وتنفيذ خطة الشمول المالى التى تنتجها الحكومة فى الفترة الحالية، موضحة أنه سيتم قريبًا توقيع عدد من الاتفاقية مع شركات متخصصة لتوفير أماكن شحنها، لمنع التكدس على شبابيك المحطات.

والبطاقة اللاتلامسية هى شبيهة بالفيزا الإلكترونية، تحتوى على شريحة تحفظ المعلومات الرقمية والأبجدية فيها، وتتوافق مع أجهزة حاسوبية، وتستطيع قراءة البيانات داخل الشريحة وتحويلها إلى معلومات مقروءة تعتمد على طبيعة البرنامج والشيفرة الإلكترونية المحفوظة بها، لقراء المسافة التى يقطعها الراكب فى وسائل النقل بداية من محطة الانطلاق حتى النزول من المرفق.

وأتاحت شركة المترو بداية العام الجارى، نظام جديد أمام الركاب لسداد قيمة الرحلة، بعيدًا عن زحمة الشبابيك، عبر توفير نظام محفظة التذاكر، والتى يمكن شحنها بقيمة 25 جنيها عند بداية أول استخدام لها، ثم بعد ذلك بأى مبلغ، إذ يبدأ الشحن من 20 جنيهًا، و30 جنيهًا و40 جنيهًا، وحتى 400 جنيه، ويستخدم الكارت لحامله (دون اسم) ويمكن استخدامه لأكثر من شخص، كما أن استعمال الكارت مفتوح وغير مرتبط بمدة محددة.

على صعيد قطاع النقل البحرى، والذى يهم شريحة كبيرة من رجال الأعمال المستوردين والمصدرين، نفذت هيئات الموانئ بالتعاون مع مصلحة الجمارك، منظومة التسجيل المسبق (ACI)، للتحول الرقمى وتطبيق التكنولوجيا فى الموانئ وصناعة النقل البحرى، والاستثمار الأمثل لخلق تحول جذرى فى طريقة العمل وتوفير إمكانيات تنافسية.

ويعتبر الـ ACI هو إجراء جمركى جديد يعتمد على إتاحة بيانات أو مستندات الشحنة قبل الشحن بــ 48 ساعة على الأقل لتتمكن الجهات المعنية من رصد أى خطر على البلاد من خلال نظام إدارة المخاطر.

ومزايا النظام، حماية مواطنين الدولة المستوردة، من البضائع مجهولة المصدر، وتقليل زمن الإفراج ومن ثم خفض تكلفة ذلك الإفراج عن البضائع، والاستغناء عن روتين ومشاكل الملفات الورقية باستخدام البيانات والمستندات الإلكترونية.

وأشارت مصادر وزارة النقل، إلى أن هيئات الموانئ ستعلن خلال مؤتمر النقل الذكى السنوى الذى الذى سيقام أواخر العام الجارى، عدد من الأساليب التكنولوجيات التى سيتم تنفيذها خلال عام 2023.

وقال اللواء رضا إسماعيل، رئيس قطاع النقل البحرى، فى تصريح مقتضب لـ«المال» إن الوزارة استطاعت القضاء على البيروقراطية، إجراءات سياحة اليخوت، إذ تم إطلاق منصة إلكترونية تمكن من أنها كافة الموافقات خلال فترة 24 ساعة على أقصى تقدير.

وتابع: جميع إجراءات المنصة بسيطة وبها كل المعلومات، وعندما يستخدمها السائح يصل الرد له خلال 3 أيام، وإذا كانت الزيارة الثانية للسائح يتم الرد عليه خلال 24 ساعة. 

من جانبه، قال يحيى ثروت، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لـ«المال» إن الحل الأمثل هو التطبيق الكلى للرقمنة فيما يعرف بالتحول الرقمى، لافتًا إلى أن ذلك لن يحدث إلا عن طريق الإجبار وتحويل كافة التعاملات إلى مميكنة.

وأكد ثروت، أن جميع توابع استخدام التكنولوجيا فى قطاع النقل البحرى عمومًا إيجابية، مستدلا بميناء جبل على فى دبى، الذى أصبح أحد أهم وأكبر الموانئ، رغم عدم وجوده فى مسار الملاحة، على نقيض قناة السويس ذات الموقع المتميز، والتى تُعد من أكثر القنوات الملاحية كثافة من حيث الاستخدام.

وأضاف أن العائق الأكبر أمام الرقمنة، هو المقاومة من الأنظمة القديمة أو القائمين عليها، بسبب قلة الوعى لديهم بالتقنيات الحديثة، خاصة أن هناك اعتقادًا سائدًا لبعض بعض العاملين فى المؤسسات الحكومية أن التحويل إلى التكنولوجيا فى تقديم الخدمات هو بمثابة انتقاص من عملهم.

وأكد على أهمية تعزيز الاستثمارات الخاصة بالرقمنة، وضرورة توفير رؤية شاملة للتحول الرقمى الكامل للمنظومة، مع متابعة وإشراف دائم من قبل الدولة للتأكد من السير الطبيعى مع معالجة أى عوائق أو أخطاء.

ذكر أن من أهم مزايا رقمنة النقل البحرى، قوة التحكم وإعطاء ميزة تنافسية لسهولة إجراء العمليات الخاصة بشحن ونقل البضائع، مع توافر تقنيات حديثة تلغى تدريجيًّا التعامل اليدوى مما يقلل سبل الفساد الممكنة.

من جانبه، أكد دكتور محمد خليف، استشارى الابتكار والتحول الرقمى وعضو مجلس بحوث الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التابع لأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، أنه لا مفر من اتجاه الدولة نحو الرقمنة، مشيرًا إلى أن العالم بأسره يتوجه لها بشكل كبير، لأن التكنولوجيا تزيد من أداء وكفاءة المؤسسات بصفة عامة، وتعمل على تقليل المجهود ورفع العائد، إذ إن كل 2 دولار يتم إنفاقه على التحول الرقمى يجنى عائد اقتصادى قدره 100 دولار تقريبا.

واستبعد أن يقتصر تأثير الرقمنة على رفع  كفاءة العمليات فحسب، بل تعمل على توفير فرص وجذب استثمارات أجنبية فى القطاعات المختلفة، مع وجود بيئة معلوماتية متكاملة وشاملة فى الدولة، تعمل على دعم إتخاذ القرارات، وبالتالى تؤدى إلى تحسين الخدمات وخاصة فى مجال الموانئ والشحن، إذ إنها صناعة قائمة على التكنولوجيا فى عمليات إنزال البضائع وتخليصها ونقلها بشكل مرن وسهل.

وأضاف أنه لم يقتصر دور التكنولوجيا على ذلك فحسب، بل يظهر دورها فى التطبيقات الإلكترونية الخاصة بالنقل البحرى بصفة عامة، مثل الصيانة عن بعد، أو الصيانة الاستباقية، بالإضافة لخدمات السفن المعتمدة على التكنولوجيا والاتصالات وإدارة الموارد بشكل ذكى لخفض استهلاك الوقود.

وأشار إلى أن موقع مصر المتميز وتملكها مساحة بحرية كبيرة، إذ تشمل البحر الأحمر والمتوسط، مما يلزمها باستغلال ذلك واستثماره فى التجارة، وخاصة منطقة قناة السويس.

وذكر أن من أحد أمثلة التقنيات المستخدمة فى النقل البحرى، تكنولوجيا تتبع الشحنات، والتى تستخدم ما يُعرف بـ Block chain، أو سلاسل الكتلة أو سلاسل الثقة، وهو نظام يعطى ميزة أمان المعلومات الإلكترونية وحمايتها من الهجمات والاختراق مع إمكانية تتبع الشحنة بشكل دقيق، ابتداء من المنتج وحتى المستخدم الأخير، وخاصة البضائع التى من الممكن أن تتلف أثناء عملية النقل، مثل المنتجات الغذائية.

وأوضح أن خطوات التحديث لأى منظومة تشمل 3 مراحل، الأولى وتتمثل فى الميكنة، وهى تعنى وضع أسس لتحويل الخدمات القائمة لصورة رقمية، والثانية هى الرقمنة، وهى عمليات تحسين الأداء ورفع كفاءة الخدمات، والأخيرة التحول الرقمى الشامل، وهى تعد مظلة للخطوات التى تسبقها وتتطلب استخدام تقنيات رقمية عالية الكفاءة وتزيد من القيمة المضافة ومن أمثلة تلك الأنظمة الحديثة، البلوك تشين، والذكاء الاصطناعى، وإنترنت الأشياء، فضلًا عن تقنية الواقع المعزز.

واختتم بالتأكيد على ضرورة وجود رؤية واستراتيجية واضحة بمؤشرات يمكن قياسها، بشكل معلن مع إقامة حوار مع جميع أطراف المنظومة الخاصة بالتكنولوجيا ومسؤولى النقل البحرى للوصول إلى أفضل استثمار لكل دولار يتم إنفاقه على تلك المنظومة ليجلب ثماره، وذلك من خلال حشد الطاقات والكفاءات وتوجيهها نحو تحقيق الهدف مشروعات التحول الرقمى.