«وحدة BE»: مدخرات المستهلكين فى أكبر اقتصادات العالم تتجاوز 2.9 تريليون دولار خلال «عام الوباء»

أكثر من نصفها فى الولايات المتحدة

«وحدة BE»: مدخرات المستهلكين فى أكبر اقتصادات العالم تتجاوز 2.9 تريليون دولار خلال «عام الوباء»
خالد بدر الدين

خالد بدر الدين

8:02 ص, الثلاثاء, 13 أبريل 21

أكد المحللون فى وحدة «بلومبرج إيكونوميكس BE الأمريكية» أن مدخرات المستهلكين فى أكبر اقتصادات العالم تراكمت خلال عام الوباء لتتجاوز 2.9 تريليون دولار، أكثر من نصفها فى الولايات المتحدة وحدها بفضل الإغلاقات التى فرضتها الحكومات على العديد من الأنشطة الاقتصادية وعلى حركة الأفراد للحد من العدوى من فيروس كورونا المميت.

وذكرت وكالة بلومبرج أن المستهلكين فى الولايات المتحدة والصين واليابان وبريطانيا وكبرى الدول فى منطقة اليورو إتجهوا إلى التوفير والادخار رغما عنهم، بسبب انتشار مرض «كوفيد 19»الذى جعلهم يعملون من بيوتهم ولايخرجون لمنع انتشار العدوى.

ويتوقع المحللون، الذين اعتمدوا فى توقعاتهم على البنوك المركزية لتلك الدول وهيئاتها الإحصائية، استمرار إتجاه المستهلكين للإدخار، وتقليص الإنفاق بسبب استمرار الحكومات فى فرض قيود على المواطنين مع استمرار ارتفاع أعداد المرضى والوفيات، والتى تجاوزت 135 مليون حالة و3 ملايين ضحية على مستوى العالم، ولاسيما فى الدول الغربية الكبرى التى يوجد منها 7 دول فى قائمة أكثر 10 دول فى العالم فى هذه الأعداد.

الأمريكين يكنزون 1.5 تريليون دولار

وجاء فى بيانات «وحدة BE» أن مدخرات الأمريكين وحدهم بلغت 1.5 تريليون دولار منذ مارس الماضى عندما انتشر الوباء فى أنحاء الولايات المتحدة حتى نهاية العام الماضى، ومازالت فى طريقها للمزيد من الارتفاع، حيث لا تزال الولايات المتحدة تتصدر العالم فى عدد المرضى والوفيات التى تجاوزت 31 مليون مصابا بكورونا، أو ما يعادل 23 % من الإجمالى العالمى، وحوالى 562 ألف وفاة أو %19 من الوفيات العالمية.

وأوضح المحللون فى وحدة BE أن مدخرات الأمريكيين صعدت خلال العام الماضى بسبب قيود الحكومة على الحركة، وارتفاع التحفيز الحكومى للشركات والأفراد إلى مستوى قياسى يعادل ضعف النمو السنوى للمتوسط السنوى للناتج المحلى الإجمالى خلال انتعاشه فى السنوات السابقة، كما يساوى الناتج المحلى الإجمالى لكوريا الجنوبية.

وهذه المدخرات الضخمة ستساعد فى دفع قاطرة النمو الاقتصادى بقوة عندما يبدأ التعافى ويتزايد إنفاق المستهلكين وإنتاج الشركات بعد انحسار الوباء، وتحقيق الوقاية من فيروس كورونا بفضل اللقاحات التى ابتكرتها شركات الأدوية العالمية ووزعتها على الدول المتقدمة، لدرجة أن المراكز الطبية فى الولايات المتحدة وحدها قامت بتطعيم حوالى 180 مليون أمريكى حتى الآن.

إغلاق الشركات .. وتسريح العمالة

يراهن المتفائلون على انتعاش الاقتصاد بأسرع ما يمكن بفضل المدخرات الضخمة وموجات الشراء مع عودة المستهلكين للتسوق من سلاسل السوبر ماركت والمحلات الكبرى، و زيارة المطاعم ودور السينما والمسارح، والكازينوهات ومرافق التسلية والترفيه، والأماكن السياحية والاستادات الرياضية، والقيام بالرحلات الجوية والنزهات البحرية بعد إلغاء القيود على الحركة.

بينما يرى المحللون الأقل ثقة فى الانتعاش السريع للاقتصاد أن هذه المدخرات الضخمة سيستخدمها المستهلكون فى سداد الديون المتراكمة، ودفع تكاليف الرعاية الصحية وغيرها من الفواتير الاستهلاكية والتى كانت مؤجلة، بسبب أزمة كورونا التى تسببت فى تسريح ملايين من العاملين بسبب إغلاقات العديد من المصانع والشركات وغيرها مع انتشار العدوى خلال العام الماضى.

المدخرات الضخمة تقفز بالاقتصادى الأمريكى 9 %

ومع ذلك جاء فى تقرير وحدة BE أن إنفاق المدخرات الضخمة فى الولايات المتحدة سيساهم فى دفع عجلة النمو الاقتصادى الأمريكى ليقفز إلى 9 % هذا العام ارتفاعا من التوقعات السابقة البالغة %4.6 ، وأشار التقرير إلى عدم إنفاقها سيجعل النمو الاقتصادى لا يزيد عن 2.2 % خلال العام الجارى.

كان إنفاق المستهلكين الأمريكيين الذى يمثل أكثر من %66 من النشاط الاقتصادى قد هبط بحوالى %1 خلال شهر فبراير الماضى ليسجل أكبر تراجع منذ عشرة شهور، نظراً لانخفاض الدخل الشخصى بأكثر من %7 بعد انتعاشه بما يزيد عن %10 فى يناير الذى ارتفع خلاله الإنفاق بنحو %3.4 بفضل الإعلان عن توزيع اللقاحات اللازمة لمكافحة فيروس كورونا وتزايد التفاؤل فى انحسار الوباء.

كما تراجع إنفاق المستهلك الأمريكى مع انحسار الانتعاش المتوقع من الجولة الثانية لشيكات التحفيز التى تعهد الرئيس جو بايدن بمنحها للمستهلكين أصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة، بسبب استمرار العدوى من كورونا الذى جعل الولايات المتحدة تتصدر العالم فى عدد الإصابات والوفيات معظم شهور العام الماضى وحتى الآن.

التعافى الاقتصادى بمنطقة اليورو.. «فجرا كاذبا»

قالت مايفا كوزين خبيرة الاقتصاد لمنطقة اليورو فى وحدة BE إن التعافى الاقتصادى الذى ظهر الصيف الماضى كان مجرد «فجرا كاذبا» عندما اعتقدت الهيئات الصحية أن الوباء اختفى، لكنه يدل على إمكانية الانتعاش السريع بمجرد انحسار مرض كوفيد 19 وإلغاء القيود والإغلاقات.

و تشعر مايفا بالتفاؤل بشأن إمكانية التعافى السريع لدول منطقة اليورو بفضل مدخرات المستهلكين الضخمة التى سينفقونها فى موجات شراء سريعة عندما يختفى الوباء، ولاسيما أن أسعار الفائدة المتدنية لا تغريهم بترك أموالهم فى البنوك، مما يساعد على تزايد الطلب على جميع المنتجات والخدمات ليعوضوا فترة البقاء الإجبارى داخل بيوتهم وعدم قدرتهم عل الخروج للعمل أو للتسوق ولا حتى للتنزه والتريض والتسلية.

مدخرات الصينين تتجاوز 2.8 تريليون يوان

وزادت المدخرات فى الصين أيضا حيث ضخ المستهلكون 2.8 تريليون يوان (430 مليار دولار) فى حسابات بنوكهم بزيادة أكثر من الضعف عما اعتادوا عليه، كما ارتفعت ودائع المواطنين 33 تريليون ين (300 مليار دولار) فى بنوك اليابان وحوالى 117 مليار جنيه استيرلينى (160 مليار دولار) فى بنوك بريطانيا، بينما صعدت المدخرات فى كبرى اقتصادات منطقة اليورو مجتمعة إلى حوالى 387 مليار يورو (465 مليار دولار) بقيادة ألمانيا التى بلغت المدخرات فيها 142 مليار يورو وفرنسا 146 مليار دولار.

لكن هناك مخاطر أخرى قد تدفع المستهلكين للحفاظ عل مدخراتهم للتحوط ضد التضخم، أو للاستعداد لعودة الفيروس، أو ظهور أى أزمة صحية أخرى أو عدم انتعاش سوق الوظائف بالسرعة المطلوبة، حتى لا تتكرر معهم المشاكل التى شهدوها خلال العام الماضى سواء من ناحية عدم وجود فرص عمل، أو ارتفاع تكاليف الأدوية والرعاية الصحية، كما يعتقد المحللون فى «وحدة BE».

تخوفات من لقاحات كورونا

ويشعر العديد من المواطنين بأن وباء كورونا لن يختفى بسهولة، ولاسيما أن هناك تقارير عديدة تفيد بأن لقاحات أسترازينيكا مثلا لها أعراض جانبية مثل تجلط الدم، كما أن الدراسة التى نشرت نتائجها جامعة تل أبيب يوم السبت الماضى والتى أجرتها بالتعاون مع كلاليت وهى أكبر مؤسسة للرعاية الصحية فى إسرائيل، حيث أكدت أنها رصدت السلالة المكتشفة فى جنوب أفريقيا بين حوالى 400 شخصا ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا، بعد 14 يوما أو أكثر من حصولهم على التطعيم بجرعة أو اثنتين من لقاح شركة فايزر-بيونتيك، وآخرين غير محصنين باللقاح.

وأوضحت أن انتشار السلالة بين المرضى الذين حصلوا على جرعتين من اللقاح كان أعلى ثمانية أمثال نسبته بين المصابين غير المحصنين وذلك بواقع 5.4 % إلى 0.7 % وقال الباحثون إن ذلك يشير إلى أن اللقاح أقل فعالية مع السلالة الجنوب أفريقية مقارنة بالسلالة الأصلية للفيروس وكذلك السلالة المكتشفة فى بريطانيا ونبه الباحثون رغم ذلك إلى أن الدراسة أجريت على مجموعة صغيرة من الأفراد المصابين بالسلالة لندرة هذه السلالة فى إسرائيل.

أعراض لقاحى «جونسون آند جونسون وأسترا زينيكا»

أشارت وكالة الأدوية المنظمة للعقارير فى أوروبا إلى أنها تراجع تقارير عن جلطات دموية نادرة فى 4 أشخاص تلقوا لقاح شركة جونسون آند جونسون المضاد لكوفيد-19، وإنها وسعت نطاق فحصها للقاح «أسترا زينيكا» ليشمل تقارير عن حالة نزيف بعد ظهور أربع حالات خطيرة من الجلطات، وانخفاض الصفائح الدموية فى الولايات المتحدة أثناء طرح لقاح جونسون آند جونسون من وحدة جانسن التابعة لها، وأن شخصا واحدا توفى وحالة واحدة جرى تسجيلها فى تجربة سريرية.

ويعد تقرير الوكالة الصادر هذا الأسبوع أول خبر عن بحث أوروبى متعلق بلقاح «جونسون آند جونسون»، فى حين جرت مراجعة للقاح «أسترا زينيكا» المضاد لفيروس كورونا لأسابيع بسبب احتمال ارتباطه بحالات نادرة لجلطات دم فى الدماغ والبطن، والتى أكدتها وكالة الأدوية الأوروبية.

وترى يلينا شولياتيافا خبيرة الاقتصاد فى «وحدة BE» أن أصحاب الدخول الكبيرة هم القادرون على الاحتفاظ بمدخراتهم كما هى، ولكن المستهلكين ذوى الدخول المنخفضة سيتجهون بسرعة للإنفاق من مدخراتهم، غير أن ذلك يعتمد على سلوكهم على الأجل القصير مع فيروس كورونا، وتأثير اللقاحات لأن العودة لمستويات إنفاقهم قبل الوباء يستغرق وقتا، ولكن الإنفاق سيزداد حتما على الأجل المتوسط وسيكون من العوامل الإيجابية لتحقيق النمو الاقتصادى المطلوب.