يبدو أن الملياردير الأمريكى إيلون ماسك أصبح رجل الشائعات الأشهر فى عالم منصات التواصل الاجتماعى، فما إن يطلق تصريحات إلا ويستهدف من خلالها تحقيق أهداف غير مباشرة بعيدة المدى، إذ تحولت الدفة هذه المرة من موقع تويتر إلى منصتى «وى شات» و«تيك توك» الصينيتن، واللتين أشاد بهما بقوة خلال اجتماعه الأخير مع موظفى موقع التدوينات القصيرة عالميًا.
وانقسمت آراء عدد من استشارى وخبراء التسويق الرقمى حول تصريحات ماسك، ففى حين رأى البعض أنها تمثل خطوة مسبقة نحو تنفيذ صفقات جديدة فى مجال مواقع التواصل الاجتماعى، خاصة أن صفقة استحواذه على تويتر مازالت تواجه بعض الصعوبات، أكد فريق آخر أن استحواذ ماسك على وى شات أو تيك توك أمر مستبعد، لما يمثلانه من أهمية بالغة لدى الحكومة الصينية، وأنه من الأفضل أن يتوجه الملياردير الأمريكى نحو تعزيز خصائص أمان المستخدمين على شبكة تويتر ،وإضافة خدمات قيمة مضافة جديدة.
وتوقع محمد الحارثى، استشارى الإعلام الرقمى، أن يتجه ماسك نحو الاستحواذ على منصة وى شات أو تيك توك، خاصة بعد تصريحاته الأخيرة التى أشاد خلالها بالتطبيقين، موضحًا أن الملياردير الأمريكى يركز بشكل كبير على عمليات البحث والتطوير والاستفادة من الكم الهائل من بيانات منصات التواصل الاجتماعى.
وقال «الحارثى» إن ماسك خلال الفترة الأخيرة مر بأكثر من محطة استثمارية على رأسها إعلانه عن غزو السيارة الكهربائية «تسلا» العالم بحلول عام 2025، فى إطار خطته للاستحواذ على حجم الإنتاج العالمى من قطاع السيارات، لافتًا إلى أن إيلون يسعى بقوة لدخول فى عالم منصات التواصل الاجتماعى واقتسام جزء من حصصها.
وأشار إلى أن إيلون ماسك يعتمد على الاستثمار فى قطاعات إبداعية وجديدة، ومنها خدمات الإنترنت الفضائى ونقل الأقمار الصناعية، معتبرًا أن منصة تويتر ما زالت لا تستحوذ على نصيب كبير من إعلانات السوشيال ميديا، رغم كثرة عدد مستخدميها بعكس منصة «ميتا» فيسبوك سابقًا.
وكان الملياردير الأمريكى قد أخبر موظفى «تويتر»، فى وقت سابق، أن الشركة بحاجة إلى أن تحذو نفس نهج منصتى «وى شات» و«تيك توك» الصينيتين، إذا أرادت تحقيق هدفه المتمثل فى الوصول إلى مليار مستخدم، وفقاً لموقع «ذا فيرج» لأخبار التقنية.
وفى سياق متصل، رأت منار قدرى، استشارى تسويق المحتوى الالكترونى، أن تصريحات ماسك الأخيرة تفيد بوجود نية لاستقطاب شرائح جديدة من مستخدمى منصات التواصل الاجتماعى، وتقديم محتوى ثرى، منوهًا بأن جميع البدائل الاستثمارية مطروحة، الأمر الذى يعزز من فرص استحواذه على منصتى ووى شات وتيك توك.
وأكدت منار قدرى أن العالم يشهد حاليًا ثورة إلكترونية غير مسبوقة جعلته قرية صغيرة واحدة، موضحة أن نجاح التجربة وفشلها مرهون باستخدامات الجمهور ومدى قبولهم للفكرة من عدمها.
فيما رجح أحمد البندارى، استشارى الإعلام الرقمى فى وكالة renew agency ، أن يطبق ماسك آلية عمل جديدة تستند إلى تطوير خوارزميات برمجيات موقع التواصل الاجتماعى « تويتر» ، علاوة على إجراء عملية هيكلة شاملة لموظفى تويتر فى القريب العاجل .
وأوضح «البندارى» أن ماسك سيسعى للاعتماد على المحتوى المرئى بشكل كبير، مؤكدًا أن المستخدمين فى الوقت الراهن أصبحوا يفضلون العمل على اسستخدام المنصات التى تقدم محتوى مرئيا بشكل كبير، مثل يوتيوب وتيك توك وانستجرام، الأمر الذى سيضعه على رأس أولوياته من أجل تقديم محتوى متكامل – على حد تعبيره.
وتابع قائلًا: سيحاول الملياردير الأمريكى كذلك لتطوير منظومة الإعلانات الخاصة بتويتر من خلال العمل على استقطاب كوادر تقنية وبرمجية متخصصة فى هذا الصدد، سعيا لتعظيم ربحيتها.
من جانبه، أضاف أحمد صبرى، رئيس شعبة الديجتال ميديا بغرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات CIT بالاتحاد العام للصناعات، أن ماسك سيسعى جاهدًا لإحداث طفرة نوعية فى تويتر، لكى يتصدر خريطة مواقع التواصل الاجتماعى عالميا.
وأوضح أن تطبيقى وى تشات وتيك توك الصينين يمتازان بمعدل نمو كبير من حيث أعداد المستخدمين، كما يعدان أيضًا منافسين بقوة لتطبيقى واتس آب وسناب شات، لافتًا إلى أن الصين أولت اهتمامًا بالغًا بمنصتى تيك توك و«وى تشات»، من حيث العمل الدائم على التطور التكنولوجى ودراسات السوق.
ورأى أن تطبيق «وى تشات» لديه ميزة تنافسية أخرى تتمثل فى إتاحة خدمات الدفع الإلكترونى للمستخدمين، الأمر الذى يفتقر إليه تطبيق واتس آب، بينما اتخذ تطبيق تيك توك مسارًا مغايرًا، وهو السعى لاستقطاب شريحة عمرية من المستخدمين صغار السن من خلال بث مقاطع فيديو قصيرة تنال رضاء أصحاب العشرينيات.
ورأى أن تصريحات الملياردير الأمريكى تظهر ملامح خطته المستقبلية فى عالم منصات السوشيال ميديا، التى ترتكز على محاولة إيجاد ثغرات فنية لاعادة إنعاش تويتر مجددا، خاصة أنه احتل خلال الخمس سنوات الماضية على المركز 15 عالميًا من حيث عدد المستخدمين.
وأوضح أن تويتر يعد تطبيقًا ذا طبيعة خاصة يركز على الشريحة العمرية بداية من الثلاثين عامًا، متوقعًا أن تتجه محفظة استثمارات الملياردير الامريكى خلال الفترة المقبلة نحو الشركات التى تقدم خدمات الدفع الالكترونى، خاصة أنه يدعم بشكل كبير العملات الرقمية المشفرة، وهو الأمر الذى سيعلى ماسك من شأنه عبر تنفيذ عمليات استحواذ على منصات تواصل اجتماعى تستحوذ على قاعدة عريضة من المستخدمين.
ورأى فادى رمزى، استشارى التسويق الإلكترونى، المحاضر لدى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن تصريحات ماسك الأخيرة تحمل فى طياتها عدة جوانب على رأسها الرغبة فى التخلص من حسابات تويتر المزيفة، موضحًا أن ماسك طلب من موظفى تويتر فى وقت سابق العمل على إعداد قائمة بأسماء الحسابات غير الفعالة والمزيفة تمهيدًا لحذفها من المنصة، علاوة على أن ماسك قد أبلغ موظفى تويتر أن هدفه خلال الفترة المقبلة هو الوصول بعدد مستخدمى تويتر إلى مليار مستخدم.
وتوقع «رمزى» أن يمثل الاجتماع الذى عقده ماسك مع موظفى تويتر منذ أيام، بداية حقبة جديدة من التغير المحورى فى آليات عمل تويتر خلال المرحلة المقبلة، من خلال إضافة خاصية ترشيح المحتوى من قبل المنصات، وهو الأمر الذى يتيحه تيك توك بشكل كبير.
وأشار إلى أن ماسك قد يتبع بعض الآليات الخاصة بتقديم منتجات الدفع والتجارة الإلكترونية، أسوة ببعض منصات التواصل الاجتماعى، من أجل تسريع وتيرة تحقيق هدف الوصول لمليار مستخدم على تويتر.
على صعيد آخر، استبعد مصطفى أبو جمرة، العضو المنتدب لشركة ميديا ساى ومؤسس منصة (Big Brother Analytics)، وجود أى نوايا مسبقة لدى إيلون ماسك للاستحواذ على منصتى وى شات أو تيك توك نظرا لما يمثلانه من أهمية بالغة لدى الحكومة الصينية، مشيرًا إلى أن ماسك سيتجه خلال المرحلة المقبلة نحو تعزيز خصائص الأمان على شبكة تويتر باستخدام تقنيات البلوكتشين وتشفير البيانات بالتزامن مع التخلص من الحسابات الزائفة.
ورأى أن تصريحات ماسك الأخيرة بشأن «وى شات» و«تيك توك» بمثابة طعم للعمل على استقطاب مستثمرين جدد لاستكمال عملية الاستحواذ على موقع تويتر، وخفض سعر السهم داخل الصفقة، لافتًا إلى أن الوقت الراهن لـ«ماسك» هو وقت بيع واستحواذ.
من الجدير بالذكر أن «إيلون ماسك» قال خلال اجتماعه الرسمى الأول مع موظفى «تويتر»، أنه يريد أن يعتمد «تويتر» بشكل أكبر على الاشتراكات والمدفوعات، ما يشير إلى أنه يجب على الأشخاص الدفع مقابل توثيق حساباتهم بـ«العلامة الزرقاء».