أكد خبراء ومحللون مصرفيون أن إلغاء مبادرة القطاع الخاص الصناعى والزراعى والمقاولات والطاقة الجديدة والمتجددة بسعر عائد %8 لن يؤثر على الدعم المقدم لرواد الأعمال، موضحين أن هذه المبادرة لم تكن تستهدف فئة الرواد والشركات الناشئة.
وأضافوا، فى تصريحات خاصة لـ «المال»، أن البنك المركزى خصص مبادرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومن ثم فالأمر قد يشمل – وإن بشكل غير مباشر – رواد الأعمال والشركات الناشئة.
وأشاروا إلى أن الأولوية الآن بالنسبة للقطاع الصناعى تتمثل فى توفير المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، موضحين أن القطاع المصرفى يلعب دورًا محوريًا فى هذا الصدد عبر تدبير العملة الأجنبية الصعبة اللازمة لاستيراد هذه المواد والمستلزمات.
وقال فرج عبد الحميد، نائب رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد، إن توفير الخامات ومستلزمات الإنتاج هى المسألة الأهم بالنسبة للقطاع الصناعى فى الوقت الحالى.
وكان البنك المركزى المصرى أخطر البنوك بالتوقف عن منح تمويل أو استخدام جديد فى إطار مبادرة القطاع الخاص الصناعى والزراعى والمقاولات والطاقة الجديدة والمتجددة بسعر عائد %8 على أن يتم سداد رصيد المستخدم فى إطار المبادرة تدريجيًّا وفقًا لآجال التسهيلات الائتمانية المتاحة.
وأضاف – فى تصريحات خاصة لـ «المال» – أن إلغاء مبادرة القطاع الخاص الصناعى والزراعى والمقاولات والطاقة الجديدة والمتجددة بسعر عائد %8 زوّد العبء على المصانع، موضحًا أن القطاع المصرفى يحاول، بالتعاون مع وزارة الصناعية، التوصل إلى صيغة معينة من شأنها دعم القطاع الصناعى والدفع به قُدمًا.
وأشار إلى أن القطاع المصرفى يحاول جاهدًا توفير العملة الأجنبية الصعبة واللازمة لتوفير مستلزمات الإنتاج، وذاك هو الدور المنوط بالقطاع المصرفى، وهو يمضى فيه قُدمًا.
وكان مجلس الوزراء أصدر قرارًا بأن تتحمل الجهات المتمثلة فى وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية وصندوق دعم السياحة والآثار أو وزارة السياحة والآثار، ووزارة المالية تكلفة تعويض البنوك عن فرق سعر عائد المبادرات المتعلقة بمبادرة التمويل العقارى لمتوسطى الدخل ذات عائد الـ%8 متناقص، ومبادرة دعم السياحة ذات عائد الـ%11 متناقص، ومبادرة إحلال المركبات للعمل بالوقود المزدوج ذات عائد الـ%3 عائد مقطوع، ومبادرة التمويل العقارى ذات عائد الـ%3 عائد متناقص، ومبادرة تشجيع طرق الرى الحديث ذات العائد الصفرى.
وأشار إلى أن إلغاء مبادرة القطاع الخاص الصناعى والزراعى والمقاولات والطاقة الجديدة والمتجددة بسعر عائد %8 كان واحدًا من توصيات صندوق النقد الدولى، مبينًا أن الصندوق أوصى بأن يكون الدعم قادمًا من الحكومة وليس من قبل البنك المركزى.
ولفت إلى أن هذا الدعم الذى كان يقدم من البنك المركزى المصرى للقطاعات الاقتصادية المختلفة (الزراعة، الصناعة، التجارة، السياحة)، لم يكن يظهر فى موازنة الدولة.
وتابع إنه نتيجة لذلك لم يكن حجم الدعم المقدم من البنك المركزى سواءً فيما يتعلق بدعم المحروقات أو التموين أو القطاعات الاقتصادية الأخرى واضحًا فى موازنة الدولة، وإنما كان مودعًا على كاهل البنك المركزى، مؤكدًا أن جزءًا كبيرًا من هذا الدعم لم يكن مدرجًا فى موازنة الدولة.
وكان جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزى، قال فى وقت سابق، إن المبادرات التى يطلقها مصرفه بفائدة مدعمة تعد أحد الأسباب التى تكبده خسائر فى ميزانياته الأخيرة.
وأشار نائب رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد، إلى أن هذه المبادرات التى أطلقها البنك المركزى، ومنها مبادرة الصناعة %8، كانت عبارة عن محاولة لتفادى الأضرار التى أحدثتها جائحة كورونا.
وذكر أنه كان من المنطقى إلغاء هذه المبادرات بعدما تخطى العالم تبعات هذه الجائحة، لا سيما وأنها كانت تثقل كاهل البنك المركزى.
وأوضح أن مبادرة الصناعة %8 بدأت بدعم القطاع الصناعى ثم راحت تتوسع لتشمل قطاعات أخرى مثل القطاع الزراعى والتجارى وغيرهما، ومن ثم كان إلغاؤها منطقيًا.
وأكد أنه من المحتم أن تلعب الحكومة دورًا فاعلًا لدعم القطاع الصناعى والأنشطة الإنتاجية المختلفة، وأن يتم توفير الخامات المطلوبة.
منى بدير: البنوك لديها وفرة من السيولة وقادرة على مساندتهم
من جانبها، قالت منى بدير، الخبير المصرفى ومحلل الاقتصاد الكلى بأحد البنوك، إن مبادرة القطاع الخاص الصناعى والزراعى والمقاولات والطاقة الجديدة والمتجددة بسعر عائد %8 لن يؤثر على الدعم المقدم لرواد الأعمال؛ إذ أن هذه المبادرة لم تكن تستهدف هذه الفئة أصلًا.
وأضافت – فى تصريحات خاصة لـ «المال» – أن البنك المركزى خصص مبادرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، لافتة إلى أن «المركزى» منح البنوك مهلة لمدة عام ينتهى فى ديسمبر 2023 للوصول بنسبة %25 للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من محفظتها الائتمانية.
وألزم البنك المركزى البنوك العاملة فى السوق المحلية بتوجيه %25 من محافظ التسهيلات الائتمانية الخاصة بها لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتخصيص %10 كحد أدنى من محافظ البنوك للشركات الصغيرة، قبل نهاية عام 2022.
وأكدت أن القطاع المصرفى لديه وفرة من السيولة، ومن ثم هو قادر على توفير الدعم اللازم لرواد الأعمال وقطاع الشركات الناشئة بشكل عام.
وأوضحت أن دعم هذا القطاع من الأهمية بمكان، كما أنه مندرج ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادى.
ولفتت إلى أن البنوك تجنح إلى دعم مشروعات قائمة بالفعل؛ فالقطاع المصرفى ليس معنيًا بخوض مخاطر استثمارية، وإنما هى تتحمل فقط حدًا معينًا من المخاطر.
وتابعت إن القطاع المصرفى ليس هو الخيار الأمثل لدعم رواد الأعمال؛ نظرًا لكون أغلب مشاريعهم عبارة عن أفكار مجردة لم تتحول إلى مشروعات قائمة.
وأضافت قائلة: “وعلى الرغم من ذلك فهناك الكثير من الدعم الذى يمكن لرواد الأعمال أن يحصلوا عليه عن طريق القطاع المصرفى وإنما بشكل غير مباشر، لا سيما وأن البنوك تشارك فى صناديق استثمارية يمكن لرواد الأعمال أن يستفيدوا منها.
ووجه البنك المركزى البنوك فى مارس 2021 بزيادة نسبة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة من 20 إلى %25 من إجمالى محافظها، وتخصيص %10 كحد أدنى من محافظ البنوك للشركات الصغيرة، خلال عامين تنتهى فى ديسمبر 2022 وهو ما ساعد فى زيادة حجم تمويلات البنوك لهذه المشروعات.
محمد عبدالمنعم: المصارف توجّه وتسهّل حصولهم على التمويل
من جانبه، قال محمد عبد المنعم، الخبير المصرفى، إن هناك الكثير من المبادرات التى تعمل على تقديم الدعم لرواد الأعمال، ومن أبرزها مبادرة رواد النيل، وهى مبادرة يشارك فيها عدد كبير من البنوك.
وكان البنك المركزى أصدر مبادرة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة قبل 7 سنوات وتحديدا فى ديسمبر 2015 بفائدة مدعمة %5 استجابة لدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى بدعم هذا القطاع الذى يساهم فى تشغيل آلاف الأيدى العاملة.
وأضاف “عبدالمنعم” – فى تصريحات خاصة لـ «المال» أن القطاع المصرفى يدعم رواد الأعمال عن طريق تسهيل حصولهم على التمويل، موضحًا أن الحصول على التمويل مهمة صعبة، ومن ثم تلعب البنوك دورًا فاعلًا فى هذا الصدد.
وأوضح أن البنوك تعمل كذلك على توجيه رواد الأعمال وتأهيلهم؛ حتى يكونوا مؤهلين للحصول على الدعم والتمويل اللازمين، مشيرًا إلى أنه ليس شرطًا أن يكون الدعم المقدم من القطاع المصرفى دعمًا ماديًا، فهناك الكثير من أوجه الدعم غير المادى التى يمكن للبنوك أن تقدمها لهذه الفئة.
وبسؤاله: هل دعم رواد الأعمال مرتبط بدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟ قال الخبير المصرفى إن هذه المشروعات تحكمها ضوابط وأسس أقرها البنك المركزى، وهى ذاتها الضوابط التى لا تنطبق على رواد الأعمال.
وعرّف البنك المركزى المشروعات متناهية الصغر بكونها تلك المشروعات التى يقل حجم مبيعاتها/ إيراداتها عن مليون جنيه، أما المشروعات الصغيرة جدًا فهى المشروعات التى يتراوح حجم مبيعاتها من مليون إلى أقل من 10 ملايين جنيه.
والمشروعات الصغيرة هى التى يتراوح حجم مبيعاتها من 10 ملايين إلى أقل من 20 مليون جنيه، فى حين عرّف البنك المركزى المشروعات المتوسطة بكونها تلك المشروعات يتراوح حجم مبيعاتها/ إيراداتها من 20 مليونا إلى أقل من 100 مليون جنيه.
وفيما يتعلق بإلغاء مبادرة القطاع الخاص الصناعى والزراعى والمقاولات والطاقة الجديدة والمتجددة بسعر عائد %8 أوضح «عبد المنعم» أن هناك الكثير من البدائل التمويلية التى يمكن لرواد الأعمال الانخراط فيها.
وأكد أن القطاع المصرفى ليس هو الجهة الوحيدة المعنية بتقديم الدعم والتمويل لرواد الأعمال وأصحاب الشركات الناشئة، موضحًا أن تكلفة الإنتاج صارت مرتفعة بعد إلغاء المبادرة.
ولفت إلى أنه من ضمن البدائل التمويلية المتاحة الآن: الـ«EQUITY Finance» والتمويل غير المصرفى، وهو التمويل الذى يمكن الحصول عليه من خلال الشركات الخاصة التى تعمل فى هذا المجال، بالإضافة إلى الحصول على تسهيلات من الموردين.
وكان البنك المركزى أطلق، خلال السنوات الماضية، عددًا من المبادرات بغرض تنشيط أسواق التمويل العقارى ودعم السياحة وتحويل السيارات للغاز الطبيعى، ومبادرات خاصة بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك بمنح التمويلات بأسعار فائدة يدعمها “المركزى” بتحمله الفارق، وهو ما تم التوافق على التوقف عنه وخروج المركزى من هذه المعادلة خلال المفاوضات الأخيرة بين السلطات المصرية ومسئولى صندوق النقد الدولى.