أجاب مكتب التميمى للاستشارات القانونية عن سؤال متعلق بمدى أحقية المدين فى الامتناع عن سداد ديونه أو أقساطها بسبب تداعيات فيروس كورونا .
وقال مكتب التميمى فى ورقة قانونية حصلت عليها المال اليوم الأحد إن الظروف الحالية دفعت الكثيرين للتساؤل حول موقف القانون المصرى من عدم قدرة المدين على الوفاء بالتزاماته التعاقدية .
وقالت الورقة إن هذه الأوضاع الناتجة عن فيروس كورونا يحكمها حالتان فى القانون المصرى أحدهما تسمى الأحداث الطارئة والأخرى تسمى القوة القاهرة ولكل منهما ضوابط وآثار قانونية وحقوقية.
ويستند القانونيون دائما فى الحديث عن العلاقات التعاقدية إلى قاعدة قانونية مشهورة تسمى “العقد شريعة المتعاقدين ” والتى تستند بالأساس على المادة 147 من القانون المدني.
إلا أنه وخروجا على هذا الأصل، أجازت المادة 147 في فقرتها الثانية للقاضي إجراء تعديل العقد برد التزامه إلى الحد المعقول ، وذلك في حالة وقوع حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها، وهو ما يعرف اصطلاحا بنظرية الظروف أو الحوادث الطارئة.
وقالت ورقة مكتب التميمى إن نظرية الحوادث الطارئة محكومة بضوابط موضوعية أربعة ، أولها وجود عقد ، وثانيها وقوع الحادثة الاستثنائية الهامة بعد ابرام العقد، ثالثها أن تكون الحوادث غير متوقعة ،ورابعها أن تجعل هذه الحوادث تنفيذ الالتزام مرهقا (أي صعبا وليس مستحيلا).
وذهبت الورقة إلى أن الجزئية الأولى من المادة (147) وضعت معيارا موضوعيا وليس شخصيا لتحديد ما إذا كانت الأحداث طارئة أم لا ،وذلك بتحديدها كلمة ” الأحداث الطارئة” بتلك لتى لا يمكن للشخص الطبيعى التنبوء بها.
وعلى هذا فإذا كان الحادث الاستثنائي يمكن توقعه فلا سبيل لإعمال هذه النظرية، وذلك مثل الفيضان أو اختلاف سعر صرف العملات على سبيل المثال.
أما بالنسبة للجزئية الثانية من المادة والتى تتعلق “بأن يكون تنفيذ الالتزام مرهقا للمدين” ، فمعناه أن يلحق المدين خسارة فادحة لم تكن لتلحق به إلا لوقوع الحادث الاستثنائي.
فإذا كانت الخسارة التي لحقت به في الحد المتعارف عليه، أو كانت هذه الخسارة ليست ناتجة عن الحادث الاستثنائي فليس من حق المدين المطالبة بتطبيق نظرية الحوادث الطارئة المرهقة ،كما ينظر في الوقت نفسه إلى الخسارة التي قد تلحق به حال تنفيذه التزامه التعاقدي.
مكتب التميمى : من حق الدولة التمسك بنظرية الحوادث الطارئة
وعلى هذا يحق للدولة – رغم ما تملكه من ميزانية ضخمة – أن تتمسك بإعمال نظرية الحوادث الاستثنائية في مواجهة المتعاقد معها، وفقا لتفسير مكتب التميمى.
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا لحق الإرهاق بالمدين للحد الذي يعجز معه عن الوفاء بالتزاماته تماماً، ففي هذا الحالة لا يكون هناك محل لتفعيل نظرية الحوادث الطارئة، ولكن تطبق نظرية أخرى هي نظرية القوة القاهرة.
وينحصر الاختلاف الرئيسي بين كلا النظريتين في أمرين، الأول يتعلق بالتأثير الذي يوقعه الحادث المفاجئ، والذى يتمثل فى إرهاق المدين ارهاقا يجعل تنفيذه للعقد عسيرا وفقا لنظرية الحوادث الطارئة ، بينما يجعل تنفيذه للعقد مستحيلا فى ظل نظرية القوة القاهرة.
أما الأمر الثاني؛ فيتعلق بالأثر المترتب على تطبيق النظريتين، والذى ينحصر فى تخفيف القاضي للالتزام برده إلى الحد المعقول فى حالة الحوادث الطارئة بينما يمتد إلى إلغاء الالتزام كليا فى حالة القوة القاهرة بما يترتب عليه عدم تحمله لأى تبعات قانونية بسبب عدم الالتزام.
فيروس كورونا حدث طارئ وليس قوة قاهرة إلا..
استنادا إلى ذلك يذهب مكتب التميمى إلى تكييف فيروس كورونا باعتباره حدثا طارئا وليس قوة قاهرة إلا إذا أثبت المتضرر استحالة تنفيذه للتعاقد لطبيعة عمل خاصة انهارت بسبب الوباء.
وقالت ورقة التميمي إن وباء كورونا تتوافر فيه الشروط اللازمة لتكييفه حدثا طارئا، فالوباء بطبيعته استثنائيا لا يحدث على سبيل العادة، ولا يمكن للشخص الطبيعى توقعه كما لا يستطيع دفعه، وهو ما يجعله مستوفى لشروط الحدث الطارىء.
ولفتت الورقة إلى أنه لا يكفى المتعاقد التمسك باعتبار كورونا حدثا طارئا لتخفيف التزامه تجاه الأطراف المتعاقدة ،بل يلزمه إثبات الضرر الذى يجعل تنفيذه للعقد عسيرا، وللمحكمة التقدير.
أما في حال أثبت المدين استحالة تنفيذ الالتزام تماما بسبب تداعيات انتشار الفيروس ، ففي هذه الحالة يمكن تطبيق نظرية القوة القاهرة التى تعفى المدين من الالتزام كليا ،وذلك كله متروك لتقدير المحكمة، بحسب ورقة التميمي.