تراجعت مبيعات السيارات الكهربائية فى الصين -أكبر سوق للسيارات فى العالم- بأكثر من 34% خلال سبتمبر الماضى للشهر الثالث على التوالى، لتنزل إلى حوالى 80 ألف وحدة فقط، بعد أن قلصت حكومة برامج تحفيز شراء المركبات التى تعمل بالطاقة المتجددة؛ بسبب انخفاض نموها الاقتصادى منذ العام الماضى وحتى الآن لأول مرة منذ حوالى 30 سنة.
وذكرت وكالة بلومبرج أن مبيعات جميع السيارات فى الصين هبطت بنسبة 5.2% فى سبتمبر الماضى، بالمقارنة بنفس الشهر من العام الماضى لتنخفض إلى 2.27 مليون وحدة للشهر الـ15 على التوالى، وفى أقل مستوى منذ سبتمبر عام 2015، وبعد هبوط مبيعات السيارات التى تعمل بالطاقة المتجددة طوال الشهور الثلاثة الماضية حتى أول أكتوبر الماضى الذى لم تنشر نتائجه حتى الآن.
وانخفضت أيضا مبيعات سيارات الركوب بحوالى 6.3% فى سبتمبر الماضى إلى 1.94 مليون وحدة، بينما هبطت مبيعاتها خلال أول تسعة شهور الأولى من العام الجارى بأكثر من 10.3% إلى 18.37 مليون وحدة، بالمقارنة مع أعلى مستوى وصلت إليها فى ديسمبر 2017 عندما قفزت إلى أكثر من 3.06 مليون وحدة، بينما كان أقل مستوى تهوى إليها فى يناير 1998 عندما هبطت إلى 88 ألف وحدة.
وتواجه شركات السيارات الصينية انكماشًا شديدًا فى الطلب على السيارات الكهربائية؛ لدرجة أن أرباح شركة BYD أكبر منتجة للمركبات الكهربائية والهجين وخلايا الهيدروجين فى الصين انخفضت بنسبة 89% خلال الربع الماضى، كما تتوقع الشركة هبوط أرباحها طوال هذا العام بأكثر من 43%، بسبب الحرب التجارية التى بدأتها واشنطن ضد بكين منذ حوالى 15 شهرا.
وتتوقع أيضا شركة BAIC بلو بارك نيو إينيرجى تيكنولوجى أكبر منتجة للمركبات الكهربائية فى الصين، خسائر هذا العام لتنزل مبيعاتها إلى 98 ألف وحدة فى الفترة من يناير حتى نهاية سبتمبر الماضى أو ما يعادل أقل من نصف المستهدف البالغ 220 ألف وحدة؛ لأن حكومة بكين بعد أن أنفقت مليارات الدولارات لتحفيز شراء السيارات الكهربائية أعلنت عن خفض كبير فى هذا التحفيز؛ لدرجة أن عدد شركات السيارات الكهربائية الموجودة حاليًّا فى الصين يقترب من 500 شركة بزيادة 300% عما كانت عليه منذ عامين، ومن المتوقع أن تتقلص إلى أقل من 100 شركة بسبب ضعف الطلب، واستمرار الحرب التجارية الأمريكية الصينية.
ورغم أن مبيعات سيارات الركوب الكهربائية ستصل إلى 1.6 مليون وحدة مع نهاية العام الجارى، لتسجل أعلى مستوى فى تاريخها، فإنه ليس كافيا لاستمرار عمل هذه الشركات، لدرجة أن المحللين يتوقعون انفجار فقاعة سوق السيارات الكهربائية التى زادت قيمتها حاليا لأكثر من 18 مليار دولار.
ومع ذلك فإن مبيعات السيارات التى تعمل بالطاقة المتجددة فى الصين زادت بحوالى 21% خلال التسعة شهور الأولى من هذا العام، ولكن النمو بلغ 84% خلال نفس الشهور من العام الماضى، برغم أن حكومة بكين تمنحها أهمية استراتيجية، وتستهدف رفع نسبة الكهربائية إلى 60% من جميع أنواع السيارات التقليدية بحلول عام 2035، وتوقع وانج بينج قانج الرئيس السابق لجماعة مشروع الابتكار الوطنية لسيارات الطاقة الجديدة، وخبير سيارات الطاقة الجديدة الصينية، أن عدد مبيعات سيارات الطاقة الجديدة الصينية سيتجاوز مليونين بحلول عام 2020 و80% منها ستكون من السيارات الكهربائية.
ومازال يوجد فى الصين أكبر عدد من السيارات الكهربائية فى العالم، فقد بلغ عدد السيارات الكهربائية التى تسير على الطرق الصينية حوالى 580 ألف سيارة كهربائية العام الماضى بزيادة قدرها 72% بالنسبة لمبيعاتها فى عام 2016، بينما ما زالت مبيعات السيارات الكهربائية بالسوق الأمريكية تحتل المرتبة الثانية بعد الصين؛ إذ اشترى الأمريكان أكثر من 280 ألف سيارة كهربائية العام الماضى، مقارنة مع 160 ألف سيارة كهربائية عام 2016.
واستحوذت الصين فى عام 2016 على ما يقرب من 50% من مبيعات سيارات الطاقة الكهربائية على مستوى العالم، لدرجة أن وكالة الطاقة الدولية IEA تتوقع أن تساهم السيارات الكهربائية بنسبة 26% من إجمالى مبيعات السيارات التقليدية، والتى تعمل بالطاقة المتجدة فى السوق الصينية فى غضون عشر سنوات.
وكانت وزارة الصناعة والمعلومات والتكنولوجيا أصدرت فى سبتمبر الماضى تعليمات لجميع شركات السيارات تلزمها بتخصيص 6 مليارات يوان (850 مليون دولار) من رأس مالها لمواجهة أى أزمات مرتقبة بسبب انخفاض النمو الاقتصادى، وضعف طلب المستهلكين فى الفترة القادمة، ولاسيما مع منافسة شركات عالمية عملاقة مثل BMW، وفولكس فاجن الألمانيتين، وتيسلا الأمريكية المتخصصة فى مجال السيارات الكهربائية، والتى تبنى مصانع لها فى المدن الصينية ومنها شنغهاى.
وطرحت شركة بايك BAIC مركبات ذكية ذاتية القيادة باسم براند جديد هو بكين BEIJING، وتأمل أن تتعاون مع شريكتها مجموعة ديملر مرسيدس الألمانية فى هذا الإنتاج المرتبط بتكنولوجيا السيارات السمارت، وستستثمر أكثر من 20 مليار يوان (2.83 مليار دولار) لتطوير قواعد إنتاج جديدة للموديل المبتكر بكين BEIJING فى مصانع مرسيدس التى تشغلها بايك منذ سنوات عديدة، بعد أن اشترت حصة قدرها 5% من الشركة الألمانية فى يوليو الماضى.
وأكد شو هايى، رئيس مجلس إدارة بايك، أن طرح البراند الجديد بكين من المتوقع أن يستحوذ على حصة كبيرة من مبيعات السيارات فى الصين، بفضل تكنولوجيا البرامج الذكية المرتبطة بالسيارات ذاتية القيادة، بعد أن حققت نجاحا مع موديلها الجديد BJEV للسيارات الكهربائية الذى طرحته من عدة شهور، كما تخطط مرسيدس لتعديل خط إنتاجها فى مشروع فوتون لتصنيع شاحنات مرسيدس بالمشاركة مع بايك، بعد أن تحالفا معًا لتطوير معمل لأبحاث البطاريات الكهربائية فى العاصمة بكين.
وكانت شركة بايك وقعت مع شركة KBW موتور اتفاقية مؤخرًا لتوريد دفعة أولى من 1500 سيارة كهربائية للأردن من مجموعة بايك من طراز 5 EU وطراز 360 EX ، وأكدت أنها ستتعاون مع شركة KBW موتورز فى الإنتاج المحلى لسيارات الطاقة الجديدة والخدمات المرتبطة بها، وتوسيع المشاريع من أجل تقديم برامج شاملة للمواصلات بالسيارات الكهربائية فى الأردن وأسواق الشرق الأوسط بحلول علم 2020.
ويرى شو هايى أن التعاون بين مجموعة بايك وشركة KBW موتور يجنى ثمار مجال سيارات الطاقة الجديدة لدفع تطوير وسائل النقل الخضراء فى العالم، وتقديم المنتجات والخدمات المتقدمة للمستهلكين فى الشرق الأوسط، معتمدة على قوة المجموعة فى البحث والتطوير، وتفوق المنتجات وخبراتها التجارية.
وجاء فى تقرير صادر من جمعية صناعة السيارات الصينية أن صناعة سيارات الطاقة الجديدة حققت تنمية سريعة فى الصين خلال السنوات القليلة الماضية، مع ارتفاع حجم الإنتاج والمبيعات لسيارات الطاقة الجديدة الصينية بلغ أكثر من 794 ألفا و777 ألفا على التوالى فى عام 2017 بزيادة 53.8% و53.3% بالمقارنة بعام 2016 .
وتسعى حكومة بكين لبيع أكثر من 7 ملايين سيارة كهربائية بحلول عام 2025، بعد أن بلغت مبيعاتها أكثر من 50% من المبيعات العالمية لهذه السيارات، والتى تجاوز عددها المليون وحدة العام الماضى لأول مرة فى تاريخها، بفضل العلامات التجارية المحلية من السيارات الكهربائية التى تنتجها الشركات الصينية، وهى جيلى، و BYDاللتين يدعمهما الملياردير الأمريكى وارين بوفيت، علاوة على شركة NIO الجديدة التى بدأت الإنتاج منذ عام 2015 فقط لتنافس شركة تيسلا الأمريكية .
وتخطط حكومات دول كثيرة والعديد من شركات السيارات العالمية لإنتاج سيارات كهربائية لتحل محل السيارات التى تعمل بالوقود التقليدى، للتخلص من الانبعاثات الكربونية، والحفاظ على نظافة الهواء، ولكن الصين التى كان من المتوقع أن تصبح أكبر منتجة للسيارات الكهربائية فى العالم تواجه حربًا تجارية مع واشنطن، ومنافسة من الشركات العالمية الأوروبية والأمريكية.
وخصصت فولكس فاجن الألمانية أكبر شركة سيارات فى أوروبا 70 مليار يورو (81 مليار دولار) لتحويل جميع موديلاتها إلى سيارات كهربائية بحلول عام 2030، بينما تخطط شركة جنرال موتورز الأمريكية لتحويل جميع موديلاتها لكهربائية فى عام 2023، وستبدأ شركة فولفو السويدية فى تحويل سياراتها إلى كهربائية اعتبارا من عام 2020.