«فرصة للخروج من حالة الركود وتقوية المراكز المالية للشركات المُقيدة».. بهذه الكلمات لخص محللون ماليون فى بنوك استثمار محلية تأثير قرار الحكومة بعودة تراخيص البناء على أسهم قطاعى التشييد ومواد البناء بالبورصة باعتبارهما الأكثر ارتباطاً وتأثراً بمثل هذه القرارات.
وأعلنت الحكومة، ممثلة فى وزارة التنمية المحلية، قبل أيام، عن بدء التطبيق التجريبى لمنظومة التراخيص والاشتراطات البنائية والتخطيطية الجديدة فى 27 مركزًا ومدينة وذلك اعتباراً من مطلع الشهر الحالي.
كانت الحكومة أوقفت فى مايو 2020 إصدار التراخيص الخاصة بإقامة أعمال البناء، كذلك إيقاف استكمال أعمال البناء للمبانى الجارى تنفيذها لحين التأكد من توافر الاشتراطات البنائية.
وقال المحللون إن أسعار الحديد شهدت ارتفاعات كبيرة خلال الفترة الأخيرة مع اقتراب صدور قرار تراخيص البناء ليقترب سعر الطن من 13 الف جنيه، كما ارتفعت ايضاً أسعار الأسمنت بشكل نسبي.
وتوقعوا استمرار سلسلة الارتفاعات فى أسعار الحديد مع ارتفاع سعر طن الحديد الخام المستخدم فى الصناعة إلى أعلى مستوياته خلال 11 عاماً فضلا عن ارتفاع شهية الطلب مع عودة قرار التراخيص مرة أخرى.
واستبعد المحللون حدوث قفزات سعرية ملحوظة فى أسعار بيع الأسمنت، لكنهم أكدوا أن القرار سيحرك المياه الراكة للقطاع الذى يعانى من تخمة المعروض.
بلتون: ينعكس بشكل ايجابى على أسعار البيع.. وأزمة الأسمنت أكبر من تراخيص البناء
قال محمد مجدى محلل مواد البناء ببنك الاستثمار «بلتون» إن قرار البدء التجريبى للمنظومة الجديدة للبناء له تأثير ايجابى على قطاع مواد البناء وبشكل خاص شركات الحديد والأسمنت المقيدة بالبورصة.
وأوضح أن القرار إنعكس بشكل ملحوظ على سوق مواد البناء اذ شهدت أسعار الحديد ارتفاعاً بحوالى 300 جنيه قبل اسبوع لتعوض جزءًا من تراجع حجم المبيعات الذى شهدته سوق الحديد فى الربع الأول من 2021.
ولفت إلى أن شركات الحديد قدمت تخفيضات فى أسعار البيع خلال الربع الاول من العام الحالى فيما يسمى «عروض ترويجية» بسبب انخفاض أحجام الطلب.
أضاف أن السماح بعودة عمليات البناء مرة اخرى أعاد الطلب والنشاط إلى مواد البناء من مرحلة اللا شئ إلى مرحلة تعويض الفارق خلال الفترات السابقة».
وتوقع «مجدي» استمرار ارتفاع أسعار بيع حديد التسليح خلال النصف الثانى من العام الحالي، الأمر الذى سيؤثر بشكل إيجابى كبير على الشركات المقيدة بالبورصة مثل حديد عز وعز الدخيلة وشركات الأسمنت.
واوضح أن تاثير القرار لم يظهر بشكل كبير على تحركات الأسهم المقيدة لعدة أسباب فى مقدمتها الوضع العام للسوق وتراجع معدلات التداول خلال شهر رمضان، الأمر الذى من المتوقع أن يتغير بعد رمضان.
وذكر أن مشكلة قطاع الأسمنت أكبر من «تراخيص البناء»، مشيراً إلى أن فائض المعروض فى السوق يصل إلى 30 مليون طن خلال العام الواحد، والطلب فى الظروف العادية ومع المشروعات الحكومية يتراوح ما بين 45 و50 مليون طن.
وأشار «مجدي» إلى أن عودة التراخيص قد تحسن أسعار الأسمنت بشكل محدود مقارنة بالأشهر الماضية ما سيعوض بعض الخسائر المحققة لكن تظل أزمة العرض هى المعضلة الأكبر فى سوق الأسمنت.
وذكر أن أسعار خام البيليت بدأت فى الارتفاع عالميا مع التوسع فى تصنيع لقاحات فيروس كورونا فى الدول الاووربية والاتحاد الاوروبى مثل أمريكا بريطانيا والصين بالتالى كان هناك تنبؤات كبيرة لعودة الطلب على خامات الحديد والفحم وغيرها بالفترة الأخيرة.
وأوضح أنه وفقا للمعطيات السابقة فإن معدلات الزيادة الجديدة فى أسعار الحديد قد تتراوح ما بين 5 إلى %10 على المدى القصير، والأسمنت بحد أقصى %5 فقط.
التشييد والبناء: القرار جيد على المدى القصير.. وخطة الدولة لإعمار سيناء وليبيا ستنعش القطاع
من جانبه، قال فاروق مصطفى عضو مجلس إدارة اتحاد مقاولى التشييد والبناء، والعضو المنتدب بشركة «مصر بنى سويف للأسمنت» أن تعميم حد ارتفاعات البناء فى جميع الأماكن لا يتناسب مع اختلاف أسعار الأراضى بين مكان وآخر اذ أن هذا الأمر يعد مخيبا للمستثمرين فى الأراضى ذات الأسعار الباهظة.
يذكر أن منظومة التراخيص الجديدة حددت الارتفاعات «أرضى + 4 أدوار» للأعمال السكنية والمدن.
واوضح أن الطلب على الأسمنت سينخفض على المدى البعيد بسبب هذه الضوابط، لكن على المدى القصير سيعمل على تحسن معدلات البيع وإخراجها من حالة الركود وتعويض جزء من الخسائر السابقة لشركات الأسمنت والتى تضررت كثيرا بسبب زيادة المعروض.
وأشار إلى أن خطة الدولة حول اعمار سيناء وليبيا من المقرر أن تدعم قطاع مواد البناء خلال الفترة المقبلة وعلى راسها الأسمنت والحديد والسيراميك.
وبحسب بيانات حديثة لاتحاد الصناعات، تصل الطاقة الإنتاجية لشركات الأسمنت فى مصر إلى أكثر 80 مليون طن سنويا فى حين أن الإنتاج الفعلى يقدر ما بين 45 و55 مليون طن، بينما تصل معدلات طلب السوق أقل من هذه الارقام.
وترى ريهان حمزة المحلل المالى بشركة “العربى الأفريقي» لتداول الأوراق المالية أن العودة التدريجية للمبانى نشطت إلى حد ما التعامل على مواد البناء وارتفعت أسعار الحديد بشكل ملحوظ وكذلك بدأ الأسمنت فى التحسن بشكل نسبي.
وأشارت إلى أن أسعار البيع المرتفعة مؤخراً فى الحديد والأسمنت مؤشر إلى تحسن وضع سوق مواد البناء لكن تظل مشكلة قطاع الأسمنت اكبر من التحسن النسبى فى أسعار البيع نتيجة ارتفاع المعروض مع انخفاض الطاقة الانتاجية للمصانع إلى %50 تقريباً.
واوضحت ريهان حمزة أن أسعار الحديد تأثرت بشكل إيجابى ملحوظ نتيجة القرار، فضلا عن أسباب خارجية على رأسها ارتفاع أسعار البيليت والحديد الخام عالمياً الأمر الذى إنعكس بالتبعية على أسعار البيع.
وذكرت أن اشتراطات البناء السابقة كانت تتضمن الانتهاء من أعمال التشطيبات للمبانى المبنية بالفعل مع ضرورة الحصول على ترخيص من الحى التابع وهى الاشتراطات التى خرجت خلال شهر أكتوبر 2020.
وتوقعت استقرار أسعار الأسمنت عند نفس مستوى المعدلات الحالية لنهاية العام لكن الحديد سيظل مرهونا بعوامل خارجية فى مقدمتها أسعار البيليت.
العربى الأفريقي: نمو الأسعار مؤشر على التحسن
وقالت إن وحدة أبحاث العربى الأفريقى حددت فى وقت سابق القيمة العادلة لسهم حديد عز عند 10 جنيهات تقريبا مع توصية بالاحتفاظ موضحة أن السعر الحالى على الشاشات يسير بشكل منطقى مع القيمة المحددة.
وذكرت أن سهم شركة العربية للأسمنت هو السهم الأوحد تحت التغطية فى قطاع الأسمنت إذ يملك معدلات سيولة جيدة وتقييمه العادل عند 3.7 جنيه للسهم مع توصية احتفاظ.
فاروس: الحديد الخام عند أعلى مستوياته فى 11 عاماً.. ونظرة حيادية لأسهم «عز» والأسمنت
وقال زياد أحمد محلل مواد البناء بشركة «فاروس» لتداول الأوراق المالية أن معظم شركات الأسمنت والحديد شهدت تحسنا فى معدلات البيع مع إعادة البناء وفقا للضوابط الجديدة مرة أخرى.
وذكر أن الطلب على حديد التسليح بدا فى النمو مرة أخرى، ومن المرجح أن تستمر زيادات الأسعار مستقبلا نتيجة ارتفاع أسعار خامات الحديد عالمياً.
وأشار إلى أن تحسن الطلب بدأ فى قطاع الأسمنت أيضاً لكن ما زال القطاع لديه ازمة فى فائض الانتاج ويحتاج إلى تدخل من الحكومة لتحديد حصة سوقية لكل شركة مع العمل على خفض أسعار بيع الغاز والكهرباء للمصانع لمواجهة المنافسة فى الأسواق التصديرية.
ولفت زياد أحمد إلى أن قطاع الحديد والألومنيوم والسيراميك سيستفيد من أى تدخلات حكومية وشيكة تتعلق بأسعار الغاز او الكهرباء.
وأوضح أن أسعار بيع طن الأسمنت فى الوقت الحالى تقترب من 900 جنيه للطن مقارنة بحوالى 600 جنيه تقريبا خلال الفترة المماثلة من 2020 ومن المرحج أن تصل قريبا إلى 1000 جنيه للطن حال حدوث تدخل حكومى الأمر الذى سيدعم المركز المالى للشركات.
وأوضح أنه من الصعب توقع أسعار الحديد مستقبلا نتيجة تذبذب أسعار البيع العالمية سواء الحديد الخام أو الخردة لان مجال عمل الشركات فى مصر مرتبطة بالسوق العالمي.
ولفت إلى أن الشركات المحلية ستكون حذرة فى رفع أسعار بيع الحديد لعدم التاثير على الطلب، موضحا أن سعر بيع طن الحديد وصل مؤخرا إلى 13 ألف جنيه مقابل 8 الآف جنيه خلال الفترة المماثلة من 2020.
واشار المحلل المالى فى فاروس إلى أن الحديد الخام المستخرج من المناجم ويستخدم فى صناعة حديد التسليح وصل إلى اعلى سعر له خلال 11 عام تقريباً.
ولفت إلى أنه خلال شهر يناير الماضى تأثرت أحجام بيع الحديد نظرا لارتفاع الأسعار ما قلل معدلات الطلب على حديد التسليح.
وذكر أن «فاروس» نظرتها حيادية لسهم حديد عز وتحت المراجعة نظراً لعدة عوامل قد يترتب عليها إعادة تقييم السهم من أبرزها أرتفاع أسعار البيع مؤخرا فضلا عن خفض محتمل فى أسعار بيع الغاز للمصانع.
لفت إلى أن القيمة العادلة لأسهم شركة العربية للاسمنت 4 جنيهات مع نظرة حيادية، ومصر قنا للأسمنت 15 جنيها، ومصر بنى سويف 15 جنيها أيضا.
أضاف: «سيتم مراجعتها جميعا حال اعلان الحكومة عن توزيع الحصص السوقية للشركات العاملة فى الأسمنت ما سيجعل أسهم شركات الأسمنت فرصة مناسبة للشراء فى هذا الوقت».
وأشار المحلل المالى فى «فاروس» إلى أن تحديد الحكومة لعدد أدوار معينة فى الاشتراطات الجديدة للبناء لن يكون له تاثير على أحجام البيع لكن الأهمية فى أنها فرصة لاعادة تشغيل القطاع المتوقف منذ فترة.
قال محمد نبيل محلل أول القطاع العقارى بشركة «نيو سيتي» للاستثمار العقارى إن عودة البناء وفق الاشتراطات الجديدة سيشجع الطلب على الوحدات بالمجتمعات العمرانية الجديدة التى تنفذها الدولة.
وأشار «نبيل» إلى أن القرار من شأنه يحسن الطلب فى قطاع الأسمنت والحديد والسيراميك خلال الفترة المقبلة، لكن تأثيره مستبعد بشكل مباشر على الشركات العاملة بمجال الاستثمار العقارى اذ تعمل جميعها فى المدن الجديدة التى لا تنطبق عليها هذه الإجراءات.
يذكر أن وزارة التنمية المحلية، أعلنت تكلفة التراخيص فى منظومة البناء الجديدة – وفقا لمساحة الأرض – والتى تُدفع فى المركز التكنولوجى علاوة على 1000جنيه تُدفع لعمل شهادة المطابقة وخطابات المرافق المؤمنة.