توسع العالم فى فرض سياسات من شأنها زيادة الإقبال على السيارات الكهربائية، مقابل تلك العاملة بالوقود التقليدى، فى إطار الحرص على تبنى استراتيجيات تكافح التغير المناخى، وتقليل الانبعاثات وحماية البيئة.
ومع ذلك، تشير دراسات حديثة إلى أن السيارات الكهربائية نفسها تحمل «قنبلة موقوتة» خطيرة على البيئة بسبب بطاريات الليثيوم، وما يرتبط بها من ممارسات لاستخراج هذا المعدن الهام للصناعة.
ووفقًا لتقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية، قفزت مبيعات السيارات الكهربائية فى السوق العالمية إلى مستوى قياسى بلغ 3 ملايين فى 2020.
وذكر موقع «ذى إيبوك تايمز» أن الرقم يمثل زيادة بنسبة %40 عن عام 2019، ويتعارض مع إجمالى مبيعات السيارات، التى شهدت انخفاضًا بنسبة %16.
وقدر التقرير أن مبيعات السيارات الكهربائية يمكن أن تصل إلى 23 مليونًا بحلول عام 2030، ويرجع الفضل جزئيًا إلى الهدف المعلن لإدارة الرئيس الأمريكي بايدن المتمثل فى أن تكون نصف جميع المركبات المباعة فى عام 2030 مركبات خالية من الانبعاثات.
وبطاريات الليثيوم هى تقنية البطاريات المفضلة، لأنها تحتوى على أعلى نسبة شحن.
وبحسب وكالة الطاقة الدولية، فإن الدافع للتحول إلى السيارات الكهربائية وفقًا للوائح الرئيسية الصادرة فى الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبى، هو تقليل انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، وغازات الاحتباس الحرارى الناتجة عن المركبات ذات محركات الاحتراق الداخلى، والانتقال إلى مستقبل أكثر صداقة للبيئة.
ومع ذلك، أفاد مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) أن هذا الارتفاع فى استخدام السيارات الكهربائية، وزيادة الطلب على بطاريات الليثيوم يمثل تحديًا بيئيًّا كبيرًا.
وأشار إلى أنه مع زيادة الطلب على الليثيوم واستغلال الإنتاج من مناجم الصخور العميقة، ستزداد تحديات التخفيف من المخاطر البيئية« إذ لا يوجد الليثيوم بشكله النقى بشكل طبيعى على الأرض.
تتم معالجة مواد مثل الكوبالت والنيكل بمواد كيميائية من الليثيوم لإنتاج أقطاب كهربائية للبطارية.
ووفقًا لتقرير صادر عن معهد أبحاث الطاقة، يتطلب الأمر ما يقرب من نصف مليون جالون من الماء لاستخراج طن واحد من الليثيوم من المحاليل الملحية.
إذا كانت المياه متوفرة بكثرة، فقد يتم التغاضى عن الطلب الكبير أعلاه، ولكن يوجد أكثر من %50 من موارد الليثيوم فى «مثلث الليثيوم» فى شيلى وبوليفيا والأرجنتين.
ويوضح الأونكتاد أن هذه المنطقة هى واحدة من أكثر المناطق جفافًا على وجه الأرض.
وتعدين الليثيوم ليس العامل الوحيد الذى يثير قلق بطاريات الليثيوم، هناك عناصر كيميائية إضافية فى البطاريات، مثل الكوبالت والجرافيت، والتى تشكل تحديات اجتماعية وبيئية، وفقًا للأونكتاد.
وأفادت هيئة المسح الجيولوجى الأمريكية -فى تقريرها لعام 2022 – أنه فى عام 2021، جاء أكثر من %70 من إنتاج الكوبالت العالمى من جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وتكمن المشكلة -وفقًا للأونكتاد- فى أن الغبار من مناجم الكوبالت غالبًا ما يحتوى على معادن سامة مثل اليورانيوم، وقد تحتوى مناجم جمهورية الكونغو الديمقراطية على معادن الكبريت التى يمكن أن تولد حمض الكبريتيك، وفقًا للأونكتاد.
وحال تعرضه للهواء أو الماء يمكن أن يؤدى حمض الكبريتيك إلى تصريف المناجم الحمضى، وتلويث الأنهار، ومياه الشرب.