توقع خبراء استمرار شهية الاستثمار فى قطاعى التعليم والصحة خلال النصف الثانى من العام الحالى بدعم من التحولات التى فرضتها جائحة كورونا على مقدمى الخدمات عبر ضخ مزيد من الاستثمار فى التعليم والصحة عن بعد.
ويرى الخبراء أن صناعة التعليم والصحة نجحت فى تجاوز صدمة كورونا خلال العام الجديد مع ارتفاع معنويات المستثمرين فى القطاعين وتنفيذ عدد من صفقات الاستحواذ المؤثرة مؤخراً.
وقالوا إن بعض مقدمى خدمات التعليم واجهوا عقبات فى بداية التحول إلى التعليم عن بعد بسبب استرداد المصاريف الدراسية ومقابل بعض الخدمات الموجهة للطلاب، وهو الأمر الذى تم تداركة فيما بعد مع تطبيق نظام التعليم «الهجين».
وتطرق الحديث مع الخبراء إلى حجم العائد الاستثمارى من دخول صناعة والتعليم فى مصر، وشكل المنافسة الحالية، ودور الأجهزة الرقابية فى متابعة العمليات التى يتم تنفيذها حاليا وتاثيرها على المنافسة وحماية المستهلك.
وبجولة سريعة فيما يحدث، شهد قطاعا التعليم والصحة مؤخراً عمليات استحواذ وتأسيس منصات مشتركة، ولعل ابرزها قيام الصندوق السيادى و3جهات حكومية أخرى بتأسيس منصة للاستثمارات التعليمية بـ1.75مليار جنيه.
وفى القطاع الصحى، أطلقت مصر كابيتال الذراع الاستثمارية لبنك مصر والمدير الاستراتيجى لمجموعة مراكز ومعامل النيل منصة «Nile Misr Healthcare»، للاستثمار فى قطاع الرعاية الصحية بقيمة 380 مليون دولار.
ولم يتوقف الأمر عند المنصات الجديدة لكن شهدنا تنفيذ صفقات شهيرة أههمها تمكن شركة أبو ظبى القابضة من الاستحواذ على شركة امون عملاق صناعة الأدوية فى مصر، بالإضافة إلى المنافسة الشرشة حاليا – المحلية والأجنبية – على اقتناص شركة الأسكندرية للخدمات الطبية.
واستحوذت منصة مصر للتعليم مؤخرا على أكاديمية حياة، وسبقها الاستحواذ على مجموعة مدارس فى مدينتى والرحاب ضمن شراكة استراتيجية مع مجموعة طلعت مصطفى العقارية.
مينوش: اهتمام خليجى وإقليمى بالقطاع الصحى.. والرهان الحالى على قدرة الكيانات على شد الانتباه للتعليم عن بعد
قالت مينوش عبدالحميد، العضو المنتدب لشركة يونيون كابيتال للاستثمار المباشر، إن عددا كبيرا من عمليات الاستحواذ تمت فى القطاع الصحى نظرا لأهميته التى فرضتها جائحة كورونا واهتمام المواطنين بالرعاية الصحية.
وأشارت إلى أن بعض الأسباب الأخرى تلعب أدواراً مهمة فى جاذبية القطاع للمستثمرين أبرزها حجم السوق المحلية وجودة الخدمة والفريق الطبى مقارنة ببعض الأسواق، بالإضافة إلى حجم السكان والحاجة المتزايدة للرعاية الصحية مع النمو السكانى.
وأكدت أن هناك إهتماما خليجياً واقليمياً يساهم فى معدلات الاستثمار المباشر ويساهم فى توسع القطاع ونموه وتحسين جودة الخدمة من خلال تنافسية أكبر.
وذكرت أن الضغط على القطاع والخدمة الطبية والإدارة خلال الجائحة من أكبر التحديات التى يواجهها القطاع عالميا ومحليا وقد يحتاج لعملية إاحلال وتجديد من أجل تطوير نظم العمل وتفادى أى عيوب ظهرت خلال الأزمة.
وأكدت أن المستثمرين فى القطاع عليهم إيجاد سبل للتنافس مع دخول الاستثمارات الاجنبية الأخيرة واندماج كيانات مع بعضها البعض والتى أصبحت أكثر تنافسية وأكثر انتشار ودراسة الحاجة لعمليات الاستحواذ البينى Vertical integration.
وذكرت أن قانون التأمين الصحى الشامل سيتم من خلاله توسيع قاعدة العملاء وتطوير نظم المعلومات وخلق طلب أكبر على القطاع وحاجة إلى خدمة افضل بالاضافة إلى دور رقابى اكبر من قبل شركات التامين الصحى.
وقالت إن جهاز حماية المنافسة عليه دور مهم فى أى قطاع يشهد نشاطا فى عمليات الدمج والاستحواذ يتمثل فى تطوير سبل الرقابة وتطبيق القوانين.
وأشارت إلى أن أى عملية اندماج أو استحواذ ببعض الدول لا تكون سارية إلا بعد موافقة الجهاز وعليه سيكون للجهاز دور فعال فى الفترة المقبلة.
وفيما يتعلق بقطاع التعليم، قالت إن القطاع حيوياً وينمو مع النمو السكانى وازدياد الطلب والتكوين السكانى لمصر.
وذكرت أن الرهان سيتمثل فى قدرة الكيانات على نقل التفاعل إلى الغرف الافتراضية وشد انتباه المتلقى وتقديم نفس تجربة التعليم ونفس الجودة.
أضافت: «أعتقد أن هذه الآليات سيتم تطويرها مع الوقت ما يعزز فرص الاستثمار فى القطاع».
وجيه: مساهمات المصارف فى الشركات الصغيرة والمتوسطة داعمة للقطاعين.. والاستثمار الحكومى فى التعليم عن بعد لا يزال ضعيفا
قال هيثم وجيه عضو الجمعية المصرية للاستثمار المباشر، إن قرار البنك المركزى بالسماح للبنوك المحلية بالاستثمار فى شركات الاستثمار المباشر التى تمول الشركات الصغيرة والمتوسطة أعطى اهمية كبيرة لقطاعى التعليم والصحة.
وأوضح «وجيه» أن القرار رفع حجم استثمارات البنوك فى الشركات الصغيرة والمتوسطة من 20 إلى %25 من اجمالى المحفظة لافتا إلى أن قطاعى التعليم والصحة يمثلان نسبة كبيرة من حجم الشركات الصغيرة والمتوسطة بالسوق.
وأوضح أن البنوك وشركات Venture Capital بدأت الاستثمار فى المستشفيات والخدمات الطبية والمعامل والصيدليات والتحاليل والأجهزة الطبية التى تركز على التكنولوجيا، فضلا عن كل ما يتعلق بالمستلزمات الطبية.
وأشار إلى أن كورونا قلل الاهتمام بقطاع المستشفيات خاصة الجانب المتعلق بالعيادات الخارجية لكنه رفع الاهتمام بالاستشارات الطبية عن طريق التليفون والفيديو كونفرانس.
واشار إلى أن العمليات الجراحية غير الضرورية تم تاجيل تنفيذها داخل المستشفيات ما اثر على انشطة التشغيل فى مستشفيات كبرى مثل كليوباترا والاميدا.
وذكر أن الشركات المتوسطة والصغيرة التى تستثمر فى مجال الصحة نشطت بشكل واضح بسبب كورونا مشيرا إلى أنه يتم التحضير فى الوقت الحالى لمساهمة البنوك للاستثمار فى قطاع الصحة والتعليم.
وفيما يتعلق بقطاع التعليم، قال «وجيه» إن قطاع المدارس الدولية والجامعات الأجنبية انفق استثمارات كبيرة فى إطار التحول الرقمى لمواجهة كورونا، لافتاً إلى أن المدارس الدولية مررت زيادات التكلفة على فاتورة الخدمة المقدمة.
وذكر أن قطاع التعليم من القطاعات الحيوية التى لم تؤثر كورونا سلباً فى أدائه لكن تأثر الاستثمار وضخ رؤوس أموال جديدة خاصة الأمول الخارجية نظرا لعدم إتضاح الرؤى.
واشار إلى أن الاستثمار فى قطاع التعليم وتحديدا المدارس الدولية يواجه بعض التحديات التى تتمثل فى تدخل وزارة التربية والتعليم فى تحديد نسب الزيادة فى المصاريف السنوية ما أدى إلى التحكم فى هوامش ربحية القطاع.
ولفت إلى أن عدم الوضوح ومخاوف المستثمرين يؤديان إلى عزوفهم عن الاستثمار فى القطاعات الدفاعية فضلا عن ضرروة حصول صفقات الاستحواذ بالقطاع على موافقة وزارة التربية والتعليم قبل اتمامها.
وذكر أن تشديد الإجراءات الحكومية على القطاع يرفع من المخاطر المتعلقة بالنواحى الرقابية أو القانونية وهى مخاطر يضعها المستثمر فى الاعتبار أثناء تنفيذ عمليات الاستحواذ.
ولفت إلى أن دور جهاز حماية المنافسة فى الرقابة على القطاع تنطبق أكثر على الشركات الكبيرة فقط أما الصغيرة فلا يوجد لها حصص سوقية كبيرة وبالتالى لا تتاثر .
وذكر أن رقابة الجهاز إيجابية وفى صالح المستهلك خاصة فى القطاعات الاستراتيجية والحيوية حتى لا يتحكم المقدمون فى مستويات الخدمة والأسعار.
عن طريق «التابلت» لكنها ما زالت استثمارات ضعيفة مقارنة بحجم القطاع، اذ يوجه الجانب الاكبر للشق العقارى.
ولفت إلى أن مشاركة الحكومة مع القطاع الخاص ppp للاستثمار فى قطاع التعليم أمر واعد للغاية حيث يشجع كورونا الاستثمار فى هذه الشراكات لتخفيف الضغط علي ميزانية الدولة.
وذكر أن الاستثمار فى التعليم عبر المشاركة مع القطاع الخاص (ppp) لا يزال منخفض للغاية بسبب العوائد الضعيفة للقطاع الخاص من المساهمة فى مثل هذه المشاريع.
حسن:دخول لاعبين جدد يزيد من المنافسة.. ودور ريادي لجهاز حماية المنافسة
قال محمد حسن العضو المنتدب لشركة «بلوم مصر» للاستثمارات إن الإستحواذات والإندماجات التى تمت خلال العام الجارى وخاصة فى قطاع الرعاية الصحية والطبية جاءت بدعم من انتشار جائحة كورونا والتى زادت أهمية القطاع.
وقال «حسن» إن المستثمرين المحليين والأجانب أصبحوا يميلون إلى الدخول فى عمليات إستحواذ جديدة فى القطاعين عقب زيادة الجاذبية والعائد الاستثمارى مع ظهور كورونا.
وأوضح أن انتشار الجائحة ساهم فى زيادة جاذبية القطاع بعد ارتفاع معدلات الطلب على خدمات المستشفيات والأدوية الطبية المختلفة سواء للعلاج أو الوقاية، فى ظل التوقعات باستمرار انتشار الوباء.
وذكر أن هذه الإستحواذات والإندماجات تعتبر بمثابة إنتعاشة للسوق المصرية والإقتصاد اذ أن دخول المستثمرين بشكل قوى فى هذا القطاع يزيد من المنافسة ويزيد من السيولة داخل السوق ويؤكد قوة الإقتصاد على جذب المستثمريين الأجانب داخل السوق المصرية.
ولفت إلى أن أزمة كورونا كشفت مدى ما يعانيه القطاع الصحى فى مصر من مشكلات عديدة تراوحت بـين ضـعف المخصصات المالية من الموازنة العامة لقطاع الصحة، التى لا تكفى لسد الاحتياجات الأساسية للقطاع وتدهور الخـــدمات المقدمـــة فى المستشفيات الحكومية التى تفتقر للخـدمات الأوليـة والنقص الكبير فى أعداد الأطبـاء وطاقم التمريض.
وأشار إلى أن تطبيق قانون التأمين الصحى الشامل سيكون بمثابة إنتعاشة كبير فى هذا القطاع مما يزيد من عمليات الإندماجات والإستحواذات لزيادة الطلب من متلقى الخدمات الطبية مع بدء تطبيق منظومة التأمين الطبى الشامل على كل المواطنين.
وأكد أن الدور الذى يلعبه جهاز حماية المنافسة فى التنظيم والرقابة على القطاع من أهم الأدوار التى جعلت المستثمريين وخاصة الأجانب يلجأون للإستحواذات وإندماج الكيانات الصغيرة مع الكيانات الكبيرة فى القطاع الطبى.
وأوضح أن الدور الرقابى للجهاز ليس مجرد إصدار قرارات أو تشريعات بل أيضا متابعة للحقوق وعدم الإحتكار وتنظيم جميع العمليات داخل القطاع مما يزيد من جاذبية للقطاع.
وفيما يتعلق بقطاع التعليم قال إنه يعد من أهم القطاعات المهمة فى مصر ومن أكبر القطاعات ربحية، إذ حركت الصفقات الأخيرة التى شهدها قطاع التعليم المياه الراكدة حول الفرص الاستثمارية التى يزخر بها القطاع بمختلف مستوياته.
ولفت إلى أن قطاع التعليم يحظى بأهمية لافتة خلال الفترة الأخيرة، فعلى الجانب الحكومى، تتحرك وزاراتى التربية والتعليم والتعليم العالى فى أكثر من اتجاه لوضع نظم متطورة بالمدارس الحكومية والخاصة والجامعات، مع وضع إطار تنظيمى أفضل لعمل الكيانات الدولية، إلى جانب وضع تشريعات وضوابط تسمح باستقبال استثمارات خاصة محلية وأجنبية.
وأوضح أن القطاع الخاص يهتم منذ سنوات بالإستثمارات فى التعليم، باعتباره من القطاعات الأساسية التى تعتمد على الكثافة السكانية وتشهد ندرة فى الخدمات الجيدة، ولكن مع تنفيذ صفقات محدودة لا تتناسب مع درجة الاهتمام.
وأوضح أن الجائحة تسببت فى انقطاع أكثر من %80 من الطلاب الملتحقين بالمدارس على مستوى العالم لكن بعض الدول إتجهت بقوة إلى الاستثمار فى التعليم عن بعد وتمكن القطاع من مواجهة الأزمة بكل قوة.
وأكد أن الفرصة سانحة الآن أمام الأنظمة التعليمية فى إعادة البناء مرة أخرى وإدخال تحسينات طويلة الأجل فى مجالات مثل التقييم، والتربية، والتكنولوجيا، والتمويل، ومشاركة أولياء الأمور.
وذكر أن التحول الرقمى والتعلم عن بعد أصبح أمرا لا مفر منه إذ فتحت هذه الأزمة مزيدا من مجالات الاستثمار الرقمى والتعلم عن بعد كما شاهدنا خلال العام الماضى فى الإرتفاع الشديد فى حركة أسعار أسهم التكنولوجيا وخاصة المرتبطة بمجالات التعلم عن بعد.
وقال إن أزمة كورونا ترفع من شهية الاستثمار فى هذا القطاع ما ظهر فى عمليات الأندماجات والاستحواذات مؤخراً هذا القطاع.
أضاف: «أبرز التحديات لهذا القطاع هى المقاومة الشديدة من أصحاب الأفكار القديمة وضعف الإمكانيات المالية والبشرية لذا على وزارتى التربية والتعليم والتعليم العالى دور كبير فى تدريب ورفع مهارة المعلمين لتحويل التعليم إلى رقمى».
مصطفى طلعت