مع اشتداد الأزمة الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار الوقود الأحفورى عالميًّا والذى يتضمن جميع أنواعه؛ خاصة الغاز الطبيعى وفرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على قطاع النفط الروسى وتهديد الدب الروسى بالغاز الطبيعى وتحرك جميع الدول للبحث عن بدائل لإنقاذ الصناعة والاقتصادات العالمية من الانهيار تبرز أهمة الطاقة المتجددة. أكد عدد من المسئولين والمستثمرين أن الوقت الحالى والمستقبل سيكون لمصادر الطاقة الجديدة والمتجددة والتى تتمتع مصر بثراء كبير فيها لتقليل الاعتماد على النفط والوقود الأحفورى، بالإضافة إلى تقليل استخدامه فى محطات توليد الكهرباء التى تستهلك النصيب الأكبر من الغاز الطبيعى فى مصر.
وأشاروا إلى أن مصر أمامها فرصة كبيرة لتصدير الطاقة إلى أوروبا والدول المجاورة فى ظل الفائض الذى تتمتع به الشبكة القومية للكهرباء وأن تصبح لاعبًا قويًّا إقليميًّا واقتصاديًّا خلال الفترة المقبلة إذا توسعت فى الطاقات المتجددة مثل الشمس والرياح والضخ والتخزين والهيدروجين الأخضر، ولا سيما أنها مستقبل الطاقة.
حمزة: اعتماد الهيدروجين الأخضر وتعديل إستراتيجية 2035
وقال الدكتور أيمن حمزة، المتحدث باسم وزارة الكهرباء والطاقة، إنها تقوم حاليًّا بتعديل إستراتيجية الطاقة 2035 بالتعاون مع الشركاء الأجانب فى ظل المتغيرات العالمية فى الوقود والطاقات على مستوى العالم ومدى ما تتمتع مصر من ثراء فى مصادر الطاقة المتجددة
وأضاف أن وزارة الكهرباء ستعتمد الهيدروجين الأخضر ضمن إستراتيجية الطاقة الخاصة بها لمزيج الطاقة، كما يتم حاليًّا وضع الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر فى ظل العروض الضخمة والمستمرة من جانب القطاع الخاص والشركات الأجنبية للاستثمار فى مجال الهيدروجين خلال الفترة المقبلة.
وأوضح أن مصر وقّعت عددًا كبيرًا من مذكرات التفاهم مع شركات عالمية عاملة بالمجال أبرزها «سيمنس» و«سكاتك» و«إينى» وغيرها لتنفيذ مشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر بشكل تجريبى وبقدرات صغيرة لتقييم التجربة،
بالإضافة إلى مناقشات ودراسات لتنفيذ مشروعات أخرى، لافتًا إلى أنه من الممكن إنتاج الوقود الأخضر لتموين السفن بمنطقة قناة السويس خلال الفترة المقبلة والتصدير للخارج.
من جانبه قال الدكتور أحمد مهينه، وكيل أول وزارة الكهرباء لشئون التخطيط، إن مصر تلقّت عروضًا من شركة تسلا الأمريكية لتوريد بطاريات ضخمة يمكنها تخزين الطاقة الشمسية المنتجة وبسعر منافس وبوقت أطول مما يساعد على التوسع فى الطاقة المتجددة.
مهينه: عروض عالمية للاستثمار فى «الشمس والرياح» بشكل مستمر
وأضاف أن الوزارة تتلقى عروضًا بشكل مستمر من المستثمرين الأجانب للاستثمار فى الطاقة المتجددة، وبمجال الهيدروجين الأخضر،
وتتم دراسة كل عرض بشكل دقيق للوصول إلى أقل الأسعار إذ بلغ حاليًّا تكلفة إنتاج الكيلووات ساعة من الطاقة المتجددة قرابة 2 سنت،
فيما يستعد القطاع الخاص لتصدير الهيدروجين بعد إنتاجه مما يسهم فى زيادة الصادرات المصرية بشكل عام.
من ناحيته قال الدكتور محمد الخياط، رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، إنها حققت المستهدف من توليد 20% طاقة متجددة من إجمالى الطاقة المنتجة بحلول عام العام الحالى، وتسعى لزيادة تلك النسبة إلى 42% بحلول عام 2035 وفقًا لإستراتيجية الطاقة الخاصة بمصر.
وأشار إلى أن مصر لديها إمكانيات ضخمة من مصادر الطاقات المتجددة خاصة طاقة الرياح والشمس التى تؤهلها لتكون واحدة من أكبر منتجى الطاقة المتجددة،
إذ تم تخصيص أكثر من 7600 كيلومتر مربع من الأراضى غير المستغلة لمشروعات الطاقة الجديدة، ووفقًا لأطلس الرياح يشير إلى أن مصر تمتلك أكبر قدرات كهربائية فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يمكن إنتاجها تصل إلى حوالى90 جيجاوات من طاقتى الرياح والشمس.
الخياط: لدينا إمكانيات هائلة وسنصل إلى 10 آلاف ميجاوات بحلول 2023
وأوضح الخياط أن هناك اهتمامًا كبيرًا من جانب القيادة السياسية بزيادة الاستثمار ومساهمة الطاقة المتجددة خلال الفترة المقبلة من خلال خطة طموح تستهدف زيادة نسبة مشاركة الطاقات المتجددة لتصل إلى حوالى 10آلاف ميجاوات فى عام 2023،
بالإضافة إلى أن مصر تعد حاليًّا من الدول الرائدة فى الطاقة المتجددة بالمنطقة، ويمكنها تصديرها عبر تلك المشروعات من خلال الربط الكهربائى مع الدول المجاورة.
وأضاف أن الهيدروجين يحظى باهتمام متزايد باعتباره أحد أنواع الوقود الخالية من الكربون فى المستقبل والتى يمكن أن تسهم بشكل كبير فى الانتقال للطاقة الخضراء، مع إطلاق العنان لمزايا إضافية من توليد الطاقة المتجددة،
فيما تتميز مصر بصناعة الطاقة المتجددة المزدهرة، والتى من المتوقع أن تستمر فى إضافة قيمة للاقتصاد المحلى والمساهمة فى التحول الوطنى الأخضر.
ومن المقرر أن تستضيف مصر نيابة عن القارة الأفريقية قمة المناخ «COP27» التى ستعقد خلال شهر نوفمبر من العام الحالى بمدينة شرم الشيخ،
وتعتزم مصر مواصلة المفاوضات فى القضايا العالقة لتحقيق أهداف اتفاقية باريس التى تتضمن التزامات من جميع البلدان للحد من الانبعاثات والعمل معًا للتكيف مع آثار تغير المناخ، مما يفتح الباب أمام التوسع فى الطاقات المتجددة خلال الفترة المقبلة.
بيبرس: نستطيع تغطية احتياجات الدول المجاورة من الكهرباء
وأكد المهندس عمرو بيبرس، رئيس شركة «ماريزاد» للطاقة المتجددة، أن مصر أمامها فرصة كبيرة لقيادة المنطقة فى مجال الطاقة المتجددة وتغيير موازين القوة لتصبح مركزًا للربط وتصدير الطاقة خلال الفترة المقبلة حال توسعها فى مجال الطاقة المتجددة فى ظل الفائض الكبير بالشبكة القومية للكهرباء والذى بلغ نحو 20% من إجمالى القدرة الاسمية للشبكة المصرية التى تصل إلى قرابة 60 ألف ميجاوات.
وأضاف أن مصر حققت نسب معقولة من الطاقة المتجددة، وتمتلك عروضًا كبيرة طوال الوقت لتنفيذ مشروعات بها ولكن يجب وضع قوانين وتشريعات أكثر تحفيزًا للمستثمرين وللقطاع المنزلى والخاص لتحويلهم إلى قطاعات منتجة للطاقة بدلًا من مستهلكة لتوفير الغاز الطبيعى المستخدم فى توليد الطاقة الكهربائية مما يوفر استثمارات ضخمة وتكلفة الوقود.
وأشار إلى ضرورة إلغاء تكاليف الرسوم الجمركية على وارادات الطاقة الشمسية نظرًا لعدم وجود صناعة قوية وجودة وسعر منافس للصناعة الأجنبية، خاصة فى مجال الألواح الشمسية؛ لأن تلك الجمارك تسهم فى زيادة تكلفة الاستثمار ويقلل العائد فى ظل ارتفاع مدخلات الإنتاج عالميا مع زيادة سعر الخامات والمعادن مما يساهم فى تراجع الاستثمار بالمجال.
ويرى أحمد حمدى، العضو المنتدب لشركة «أفريقيا باور»، أن مصر تستطيع الاعتماد بشكل كبير على الطاقة المتجددة فى عدد من المجالات، أبرزها تحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية، وإنتاج الهيدروجين الأخضر بالطاقة المتجددة، وتوفير الوقود المستخدم فى محطات الطاقة التقليدية التى تعمل بالغاز الطبيعى وزيادة التوسع فى الطاقة الشمسية والرياح.
وأوضح أن قطاع الطاقة المتجددة يعانى حاليا نتيجة الرسوم والجمارك المفروضة مؤخرا على القطاع بالإضافة إلى صعوبة حركة الاستيراد فى ظل الأزمات المتتالية من الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على الاقتصاد العالمى وحركة التجارة، بالإضافة إلى تحرك سعر الدولار أمام الجنيه مؤخرًا مما زاد من أعباء بعض الشركات العاملة فى المجال.
وأشار إلى أن الطاقة المتجددة تتميز بسرعة التنفيذ مقارنة مع المشروعات التقليدية التى تستغرق من عامين إلى ثلاثة اعوام، فيما لا يتخطى مدة تدشين محطة شمسية العام،
بالإضافة إلى أن الطاقة المتجددة ستظل منافسة وبقوة للطاقات الأخرى نظرا لأنها تتماشى مع سياسات التغير المناخى وتقليل الانبعاثات الكربونية والحفاظ على المناخ والبيئة والكوكب بشكل عام.
ويستحوذ قطاع الكهرباء على نحو 60% من إنتاج مصر من الغاز الطبيعى، فيما يبلغ إجمالى إنتاج مصر من الطاقة الكهربائية مؤخرا نحو 60 ألف ميجاوات وبلغ الفائض قرابة 25 ألف ميجاوات،
ويصل عدد المشتركين قرابة 37 مليونا، وتخطط الوزارة للتحول إلى الشبكات الذكية مما يسهم فى الحفاظ على استقرار وتوزيع الطاقة الكهربية على الشبكة الموحدة بالشكل المناسب والآمن طبقا للمواصفات القياسية العالمية.