حالة من الترقب تعيشها شركات القطاع الصناعى المقيدة فى البورصة المصرية، لقرار لجنة تسعير الطاقة، بشأن تخفيض سعر الغاز الطبيعى للمرة الثالثة، والمزمع صدورهُ خلال شهر سبتمبر الجارى.
وما بين توقعات متباينة بخفض مرجح قدرهُ نصف إلى واحد دولار للمليون وحدة حرارية، حاولت «المال» رصد تأثيرات ذلك على شركات القطاع الصناعى المقيدة فى البورصة المصرية.
محللون: قطاع الأسمنت خارج نطاق «الاستفادة»
وقال محللون ببنوك استثمار، إن شركات الحديد صاحبة الدورة المتكاملة كشركات حديد عز والعز للدخيلة، وشركات الأسمدة وعلى رأسها أبو قير وكيما ستستفيد بشكل واضح من قرار خفض سعر الغاز المرجح، فيما استبعدوا استفادة قطاع الأسمنت لاعتماده بشكل أساسى على الفحم فى التشغيل.
محمد سعد: ضعف الطلب المحلى والعالمى على السيراميك يمحو المكاسب المحتملة
وقال محمد سعد، محلل القطاع الصناعى ببحوث شركة «برايم القابضة للاستثمارات المالية»، إنه لم يصدر قرار بخفض سعر الغاز حتى اللحظة، ولكنها مجرد ترجيحات، موضحًا أن الخفض المُنتظر يُعد الخفض الثالث منذ تشكيل لجنة مراجعة أسعار الطاقة خلال أكتوبر الماضى.
يُذكر أن الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء كان قد قرر فى شهر أكتوبر المنقضى تشكيل لجنة تختص ببحث أسعار الطاقة للقطاع الصناعى كل 6 شهور، وإتخذت اللجنة قرار فى نفس الشهر بخفض سعر الغاز بنسب تراوحت بين 1 إلى 1.5 دولار للمليون وحدة حرارية.
ثم قررت اللجنة خفضًا آخر خلال مارس المنقضى بتوجيه من رئيس الوزراء، فى إطار إعلانه حزمة قرارات مهمة لدعم قطاع الصناعة، للتعامل مع التداعيات الاقتصادية لفيروس “كوروناالمستجد”، كان من بينها قرارًا بخفض سعر الغاز الطبيعى للصناعة لـ 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، كما تقررخفض أسعار الكهرباء للصناعة للجهد الفائق والعالى والمتوسط بقيمة 10 قروش، مع الإعلان عن تثبيت وعدم زيادة أسعارالكهرباء لباقى الاستخدامات الصناعية لمدة من 3 إلى 5 أعوام مقبلة.
وتابع محلل القطاع الصناعى ببحوث شركة “برايم القابضة للاستثمارات المالية، إن خفض السعر الغاز الطبيعى المُرجح سيُفيد الشركات العاملة بمجال الأسمدة والحديد، مشيرًا الى أن شركة “أبو قير للأسمدة” ستكون على رأس قائمة المستفيدين، يليها شركة “سيدى كرير للبتروكيماويات”، ثم شركة “الصناعات الكيماوية المصرية – كيما” وأيضًا شركة القابضة الكويتية”، ثم شركة “حديد عز”، مستبعدًا استفادة شركة “مصر لإنتاج الأسمدة – موبكو” نظرًا لأن طريقة تسعير الغاز الطبيعى ترتبط بمعادلة سعرية تعتمد بسعر اليوريا.
وأكد ان عدم وجود أية استفادة لصالح شركات الأسمنت يعود لاعتمادهم على الفحم والوقود المشتق من النفايات كمصادر للطاقة، مستبعدًا ايضًا عدم وجود أية مخططات لدى تلك الشركات بالعودة لاستخدام الغاز حتى يُثبت أنهُ اكثر فاعلية من حيث التكلفة مقارنة بمصادر الطاقة الأخيرة.
وبشأن شركات السيراميك، رأى سعد، أن خفض سعر الغاز سيؤدى إلى تعزيز الميزة التنافسية للشركات المصرية المنتجة للسيراميك، ولكن ضعف الطلب المحلى والعالمى بضغط من تأثيرات الجائحة سيُقلل المكاسب المحتملة.
و أشار إلى أن عمليات البناء المحتملة أيضًا فى كل من ليبيا والعراق وسوريا ستظل قُبلة الحياة بالنسبة لقطاع السيراميك، إذ كانت تلك البلاد قبل تدهور أوضاعها بمثابة وجهتهم التصديرية، مشيرًا إلى أن صناعة السيراميك لا تزال تعانى من زيادة المعروض وضعف الطلب هذا إلى جانب تدهور أوضاع القطاع الصناعي .
و قال المحلل المالى لدى «برايم»، أن الشراء فى البورصة المصرية سيكون أكثر تركيزًا على الأسهم التى تتميز باستقرار نسبى فى نموذج الأعمال، وذلك من إجمالى الشركات المستفيدة من قرار الخفض، وعلى رأسها شركات الأسهم وسيدى كرير، وذلك بدعم من عدم استفادتها بشكل كبير من قرار الخفض فى الجولة الأولى خلال شهر مارس، إضافة إلى أن أسعار بيعها أقل تأثرًا بشكل كبير مقارنة بقطاعات آخرى.
ريهان حمزة: خفض دولار واحد يٌقلل تكاليف حديد عز بنحو -50 60 مليون دولار سنويًا
وقالت ريهان حمزة، المحلل المالى للقطاع الصناعى بشركة «العربى الإفريقى»، إن شركات الحديد صاحبة الدورة المتكاملة مثل شركتى «حديد عز» و«عز الدخيلة» ستكونا على رأس المستفيدين من قرار خفض الغاز المُنتظر.
وأوضحت، أن شركتى حديد عز وعز الدخيلة تعتمدان على الغاز الطبيعى كمادة خام أساسية فى عمليات تصنيع الحديد المُختزل، موضحةً أن %90 من الغاز الذى تسخدمهُ الشركتين يتم فى عملية الاختزال، والباقى يتم استخدامه فى عمليات التشغيل الاخرى.
وأشارت حمزة إلى أن كل دولار سيتم تخفيضهُ فى سعر الغاز الطبيعى سيوفر لشركة حديد عز من 50 إلى 60 مليون دولار فى السنة.
يُذكر أن خسائر شركة حديد عز خلال الربع الأول من العام الجارى تراجعت بشكل محدود، إذ تكبدت خسارة بـ 860 مليون جنيه بعد خصم حقوق الأقلية، وذلك مقارنة بـمليار جنيه خسائر خلال الربع الأول من 2019.
ووفقًا للقوائم المالية للشركة، فقد تراجعت المبيعات خلال الفترة ذاتها، بنسبة %15 لتصل إلى 10.7 مليار جنيه، مقابل 12.6 مليار جنيه خلال الفترة المقارنة من العام السابق، فى حين سجلت تكلفة المبيعات حوالى 10.7 مليار جنيه، مقابل 12.3 مليار جنيه خلال الفترة المقارنة.
ونفت المحلل المالى بـ«العربى الإفريقى»، وجود أية استفادة لصالح شركات الأسمنت حال خفض سعر الغاز مجددًا، فى ظل اعتمادهم بشكل رئيسى فى عمليات التشغيل على الفحم.
إيمان مرعى: «أبو قير» على رأس الرابحين من القرار
من جهتها قالت إيمان مرعى، محلل قطاع الأسمدة بـ«العربى الإفريقى»، إن شركات الأسمدة ستستفيد، إذ تم خفض سعر إمداد الغاز الطبيعى للمصانع المنتجة للأسمدة النيتروجينية.
وأوضحت أن شركة «أبو قير» تأتى فى المقدمة إذ سيؤدى خفض الغاز بمعدل 1 إلى 3.5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية، لتحسن فى نسب هوامش ربحية الشركة، مع ارتفاع محتمل فى تقيم السهم بالبورصة المصرية من 14.53 جنيه إلى 20 جنيه.
وأشارت إلى أن ذلك سيؤثر بشكل ايجابى على ربحية الشركة فى النهاية، موضحةً أن قطاع الأسمدة من القطاعات الأقل تضررًا جراء تداعيات الفيروس الجديد.
يُذكر أن ربحية «أبو قير» تراجعت خلال العام المالى الماضى 2020-2019 المنتهى خلال يونيو الماضى، بنسبة %15 وحققت صافى ربح بقيمة 2.6 مليار جنيه مقارنة بـ3.2 مليار جنيه العام المالى المُناظر.
وتراجعت إيرادات الشركة خلال نفس العام ليصل إلى 7.8 مليار جنيه، مقارنة بـ8.5 مليار جنيه خلال العام السابق لهُ.
وأضافت إيمان مرعى، أن شركة “كيما” تأتى فى المرتبة الثانية من حيث معدل الاستفادة بخفض سعر الغاز.
مارينا مكين: «سيدى كرير» ستستفيد بشكل غير مباشر على المدى البعيد
وقالت مارينا مكين، المحلل المالى لقطاع الكيماويات بشركة “نعيم القابضة”، أن استفادة شركة “سيدى كرير” ستكون بطريقة غير مباشرة من قرار خفض الغاز المرتقب.
ولفتت إلى أن الشركة تقوم باستيراد الغاز الطبيعى من قبل “الشركة المصرية للغازات الطبيعية – جاسكو”، وبالتالى قد يكون هناك مفاوضات بغض خفض سعر الغاز الطبيعى عقب صدور قرار الحكومة المصرية بخض الغاز للقطاع الصناعى.
ولفتت إلى أن الشركة تستورد الغاز بسعر 7 دولار للمليون وحدة حرارية، موضحةً أنهُ إن تم خفضها بمعدل دولار واحد سيُحدث ذلك تحسنًا فى هوامش ربحية الشركة بنحو %6.6 وبناء عليه سيتم رفع تقييم السهم من 8.06 جنيه الى 11.20 جنيه.
يُذكر أن شركة «سيدى كرير» تحولت للخسائر خلال نتائج أعمال النصف الأول من العام الجارى، إذ حققت خسائر بقيمة 28 مليون جنيه مقارنة بصافى بربح بلغ 453 مليون جنيه خلال الفترة المقارنة من 2019.
كما تراجعت مبيعات الشركة خلال الفترة ذاتها وبلغت 1.6 مليار جنيه، مقابل 2.52 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضى.
وأرجعت الشركة حينها تحولها للخسارة إلى استمرار انخفاض متوسط أسعار البيع خلال الربع الأول من 2020 مقارنة بمتوسط أسعار البيع خلال الفترة المقابلة من العام الماضى نتيجة انخفاض الأسعار العالمية.
وتجدر الإشارة أن مطالبات القطاع الصناعى بخفض تكلفة الطاقة مستمرة منذ زمن بعيدة، فى ظل كافة الضغوط التى تعيشها شركات القطاع جراء ارتفاع تكلفة أسعار الطاقة على الصناعات كثيفة الاستخدام، وتأتى المطالبات بخفضها لنحو 3 دولار للمليون وحدة حرارية، مقارنة بمتوسط السعر العالمى الذى يبلغ 2.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية.