تبحث شركة “المصرية للاتصالات” عن الخيار الاستثمارى الأفضل لها لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من صفقة استحواذ شركة “STC” السعودية على حصة فودافون العالمية بشركة “فودافون مصر”، فى ظل امتلاكها لنحو %45 من أسهم الأخيرة.
وكانت “فودافون العالمية” قد أعلنت منذ أيام عن توقيعهما مذكرة تفاهم لبيع محتمل لحصة فودافون الأم البالغة %55 فى فودافون مصر إلى “STC” وتوصل الطرفان إلى اتفاق على بيع كامل أسهم شركة فودافون العالمية فى فودافون مصر بقيمة تقترب من 2.392 مليار دولار، وهو ما يعادل أكثر من 37 مليار جنيه، ومن المتوقع إتمام عملية البيع فى نهاية يونيو المقبل.
وقد انفردت “المال” منذ أيام بترحيب شركة الاتصالات السعودية بشراء جزء من حصة “المصرية للاتصالات” فى شركة “فودافون مصر” عقب اجتماع ضم الطرفين، فيما طالبت الشركة السعودية “STC” بتحديد الحصة المطلوب شراؤها بشكل نهائى.
وأعلنت الشركة المصرية للاتصالات أنها بصدد تعيين بنك استثمارى لبحث القرار الأفضل لها فيما يتعلق بحصتها فى شركة فودافون مصر، فى الوقت الذى كشفت فيه “المال” عن تقدم 4 بنوك استثمار للفوز بتلك المهمة، وهى “سى آى كابيتال” و”هيرمس” و”إتش سي” و”سى آى كابيتال” و”HSBC”.
وفى خضم الأحداث المتسارعة حول صفقة “STC” فودافون مصر، يبقى التساؤل ما هو الطريق الأكثر منطقية الذى يجب أن تذهب إليه المصرية للاتصالات لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من تلك الصفقة ؟ هل يكمن فى تخارجها الكامل من فودافون مصر أم بيع جزئى أم الاحتفاظ بالحصة لضمان استمرار العائد الاستثمارى المتمثل فى توزيعات أرباح فودافون؟
“المال” طرحت تساؤلاتها حول الصفقة الأمثل للشركة المصرية والكيفية الأفضل لتوزيع حصيلة البيع حال اتجهت الشركة للتخارج، بالإضافة إلى مستقبل سهم المصرية للاتصالات بالبورصة واتجاهات تحركه.
جدير بالذكر أن صافى الدين الواقع على عبء الشركة المصرية للاتصالات فى نهاية سبتمبر 2019 بلغ نحو 13.7 مليار جنيه.
الألفى: كل خيار له مميزاته وله عيوبه
من جهته، قال عمرو الألفى، مدير إدارة الأبحاث بشعاع للأوراق المالية، إن كل الخيارات المتاحة أمام شركة المصرية للاتصالات فى ملف مستقبل حصتها بفودافون مصر، سواء بالبيع أو الاحتفاظ لها مميزات وعيوب، مستبعدًا فى الوقت ذاته أن تقوم “المصرية” بتقديم عرض للاستحواذ على كامل أسهم فودافون العالمية لعدة أسباب أهمها تهمة الاحتكار التى ستواجهها بداعى امتلاكها شركة مشغل محمول أخرى بالإضافة إلى القدرة المادية.
وأضاف أن خيار الاحتفاظ بحصة “المصرية للاتصالات” بهدف الحفاظ على تدفقات العوائد الاستثمارية النابعة من بئر “أرباح فودافون”، سيكون مرهونًا بمدى رغبة شركة “STC” السعودية فى تغيير اتفاقية توزيع الأرباح، ومن ثم فإن ضمان استمرار توزيعات “فودافون” أمر غير محسوم.
وأوضح أن عدم ضمان استمرار اتفاقية المساهمين بفودافون مصر، يجعل التخلى عن خيار البيع أمرا فى غاية الصعوبة، كون عدم ضمان قدرة الشركة فى التصرف فى حصتها مستقبلًا بذلك التقييم الحالى.
وتابع “الألفى” أن المصرية للاتصالات يجب أن تلجأ إلى بيع كامل أو جزء من حصتها بشركة فودافون مصر البالغة %45، مفضلًا بيع نحو %25 من أسهمها فى “فودافون” والإبقاء على %20 فقط بهدف توفير السيولة اللازمة للتوسعات المستقبلية، بالإضافة إلى ضمان جزئى لتوزيعات أرباح الشركة.
وعن كيفية التصرف فى حصيلة البيع، أكد أن المصرية للاتصالات غير مطالبة بسداد معجل للقروض التى تحملتها فى شراء رخصة المحمول الرابعة، خاصة فى ظل انخفاض أسعار الفائدة خلال الفترة الأخيرة، موضحًا أنه من الممكن أن يتم توزيع جزء من حصيلة البيع لدعم الخزانة العامة و باقى مساهمى الشركة.
ولفت إلى أن الشركة المصرية للاتصالات مطالبة بتعزيز قدرات شبكتها للمحمول “WE” من أجل تحسين عوائد الشركة الوليدة مستقبلًا وتأهيلها للعب الدور المؤثر فى ميزانية المصرية للاتصالات بدلا من فودافون، عبر بناء شبكتها الخاصة والاستعداد لمرحلة الجيل الخامس و توفير السيولة اللازمة لشراء ترددات”5G”.
ونصح “الألفى” مسئولى “ المصرية للاتصالات “ بالنظر إلى استثماراتها فى “فودافون مصر” باعتبارها استثمارا بسيطا عقب بيع الجزء الأكبر من حصتها، مقترحًا الاتفاق مع “STC” السعودية على طرح الحصة المتبقية من أسهمها فى “فودافون مصر” فى البورصة عقب فترة زمنية محددة.وتوقع تأثر سهم المصرية للاتصالات بشكل إيجابى فى حالة اتجاه إدارة الشركة لبيع حصتها فى “فودافون مصر”، محددًا قيمة عادلة قدرها 19 جنيها للسهم.
النمر : تأسيس WE السبب الرئيسى
من جانبه، أكد إبراهيم النمر، مدير ادارة البحوث بشركة نعيم مصر لتداول الأوراق المالية، أن أزمة “المصرية للاتصالات” الراهنة تعود إلى قرارها بإنشاء شركة جديدة للمحمول “WE” رغم امتلاكها نحو %45 من المشغل الأول للمحمول فى السوق المحلية “فودافون مصر”.
وأضاف أن ذلك القرار حمل “المصرية للاتصالات” ديونا باهظة جراء الاقتراض البنكى الذى تحصلت عليه الشركة لشراء رخصة المحمول الرابعة و تجهيز بنيتها التحتية، الأمر الذى تحول إلى عنصر ضاغط خلال الفترة الراهنة فى عملية اختيار القرار الاستثمارى الأفضل لمستقبل حصتها فى شركة “فودافون مصر”.
وأوضح أن إنشاء “WE” تسبب فى وجود جهة واحدة تمتلك شركتى محمول متنافستين، مؤكدًا أن هذا الوضع لن يستمر أكثر من ذلك، فى ظل ظروف السوق المتشبع ومعدلات التنافسية الشديدة.
وأكد أن شرك المصرية للاتصالات أمام خيارين لا ثالث لهما، أولهما التخلى عن حصتها فى فودافون مصر أو بيع شركة “ WE”، موضحًا أن الخيار الثانى مستبعد و شديد الصعوبة ومن ثم فإن المصرية للاتصالات ستلجأ عاجلًا أم آجلًا للخيار الأول الذى قد يوفر لها مكاسب استثمارية جيدة بعكس “WE “ التى لاتزال تتحسس خطواتها الأولى.
ولفت إلى أن “المصرية للاتصالات “ مطالبة بالاستفادة من التقييم الجيد لصفقة استحواذ “STC” على حصة مجموعة فودافون العالمية فى وحدتها بمصر، مؤكدًا أن تخارجها وبيع الـ %45 هو الخيار الوحيد الذى يوفر للشركة مكاسب رغم كونه أحد الآثار السلبية لوجود “WE”
وأكد أن “المصرية للاتصالات” يجب أن تستغل حصيلة بيع حصتها فى سداد ديونها الكبيرة، بالإضافة إلى إيجاد استثمار بديل لـ “فودافون مصر”، يوفر للشركة عائد مميزًا قريبًا من العوائد المتحصل عليها من فودافون.
وأشار إلى أن “ WE “ غير قادرة فى الوقت الراهن على سد الفراغ الذى سينشئ عقب التخارج من “فودافون مصر” فى ظل التشبع الشديد الذى تعانى منه السوق، مدللًا على ذلك بعدم قدرة “ اتصالات مصر “ – رغم مرور أكثر من 15 عاما على تواجدها المحلي- من الاقتراب لمستوى عدد عملاء “فودافون مصر”.
وشدد على أن “المصرية للاتصالات” من خلال شبكتها “WE” مطالبة بالبحث عن نموذج جديد لتقديمه لعملاء المحمول فى السوق المحلية، حتى تستطيع جذب أكبر عدد ممكن من العملاء، ومن ثم تحقق عوائد استثمارية جيدة.
وأشار إلى أن قرار التصرف فى حصيلة بيع حصة فودافون مصر، يجب أن يخضع لدراسة تفصيلية وفقًا لمبدأ الفرصة والفرصة البديلة، حتى تصل الشركة لآلية مناسبة بين سداد الديون وتحسين وتقوية شبكة “WE”.
ولفت إلى أن سداد الديون أمر مهم للغاية فى ظل الفوائد الكبيرة التى اقترضت بها المصرية آنذاك، مقترحًا سداد الديون وتقوية المركز المالى للشركة، ثم العودة للاقتراض بفوائد أقل والاستفادة من المبادرات الأخيرة.
وعن مستقبل سهم المصرية للاتصالات توقع “النمر” تأثره بشكل إيجابى فى المدى القصير حال بيع الحصة، على أن يتحول الأمر إلى تأثير سلبى على المدى الطويل نتيجة غياب عنصر مهم فى ربحية الشركة ألا وهو “أرباح فودافون”.
”WE” بحاجة إلى تحسينات تجعلها قادرة على المنافسة
وقال أيمن أبوهند، الشريك المؤسس بشركة “Advisable Wealth” الأمريكية للاستثمارات المالية، إن الخيار الأفضل للشركة “ المصرية للاتصالات “ هو بيع حصتها بشركة “ فودافون مصر “، وإعادة استثمار حصيلة البيع فى شبكة “WE” .
وأضاف أن المديونية المحملة على عاتق “المصرية للاتصالات” مرتفعة للغاية، لافتًا إلى أن حصيلة بيع حصة “المصرية للاتصالات” ستتخطى30 مليار جنيه، مما سيزيد من قدرة “ المصرية “ على تحسين البنية التحتية لشبكتها حتى تستطيع المنافسة.
وأوضح أن الخيار الثانى هو بيع جزء من الحصة، بهدف توفير جزء من السيولة اللازمة مع الاحتفاظ بجزء من الأرباح الموزعة من “فودافون مصر”.
وأشار إلى أن المصرية للاتصالات مطالبة باستغلال حصيلة البيع فى تعزيز قدرات بنيتها التحتية و الاستعداد للجيل الخامس وشراء ترددات الـ “5G”، بالإضافة إلى تقديم خدمات جديدة ونوعية غير متاحة محليًا خلال الفترة الراهنة، واستغلال عدم امتلاك المنافسين مثل “أورنج و اتصالات مصر” للسيولة اللازمة لتلك الخدمات.
وأكد أن مرحلة ما بعد التخارج من فودافون مصر يجب أن تشهد تخطيطا جيدا للاستثمار والعوائد المحتملة، من خلال معيار جذب العملاء الجدد و رفع مستوى الجودة، وتقليل مستويات الأسعار.
ولفت إلى أن سوق المحمول فى مصر تشهد منافسة شديدة، ستجعل البقاء للأقوى فقط، بينما شركة “WE “ستكون مدعومة من الملاءة المالية الحكومية.
عمارة : التخارج التام مستبعد
فى سياق متصل، قال ياسر عمارة، رئيس شركة “إيجل” للاستشارات المالية، إن وضعية شركة “المصرية للاتصالات” تُجبرها على اللجوء لخيار يدبر لها سيولة لازمة لتغطية نفقاتها الرأسمالية، من خلال بيع جزء من حصتها فى فودافون مصر.
وأضاف أن هناك أسبابا قد تؤدى إلى لجوء المصرية للاتصالات إلى بيع كامل حصتها فى شركة فودافون مصر، وأبرزها إنشاء شبكة خاصة بها مُجهزة لاستقبال ترددات الجيل الخامس، مرجحًا أن تصل تكلفة إنشاء شبكة “5G “ لنحو 30 مليار جنيه وهى قيمة تقترب من حصيلة بيع الحصة وفقًل لتقييم “STC” لحصة فودافون العالمية.
وأكد أن “المصرية للاتصالات” غير مطالبة بسداد ديونها دفعة واحدة فى ظل انضباط الرافعة المالية للشركة، موضحًا أنه طالما توافرت التغطية اللازمة للدين فإن وجوده فى قائمة المركز المالى للشركة أمر صحى وغير مقلق.
وأوضح أن الإنفاق الرأسمالى للمصرية للاتصالات هو أساس المرحلة الراهنة والمقبلة، فى ظل رغبة الشركة فى إحلال خطوط الفايبر بكل أنحاء الجمهورية، وتعزيز قدرتها التنافسية فى سوق المحمول.
وأشار إلى أن الخيار الأفضل من وجهة نظره هو بيع حصة تقدر بنحو %20 من أسهم فودافون مصر، من أجل تدبير السيولة والمحافظة على جزء من أرباح فودافون مصر التى تمثل عنصرا مهما فى ربحية المصرية للاتصالات.