قادت الحكومة الصينية السباق العالمي، منذ العام 2014، لتشكيل عملة رقمية للبنك المركزي والمعروفة اختصارا بـ (CBDC) من خلال إنشاء اليوان الرقمي.
وسرعان ما بدأت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم في اللحاق بالركب وتطوير مشاريعها الخاصة وراء هذه التكنولوجيا الرقمية.
وأفردت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست” الصينية تقريرا سلطت فيه الضوء على الصراع المرتقب بين عملات البنك المركزي الرقمية والعملات المشفرة، في ظل تهافت العديد من البنوك المركزية العالمية على تطوير عملاتها الرقمية الخاصة بها، فيما تشهد أسعار العملات المشفرة حالة من التقلبات الحادة.
وبعد سبع سنوات، يقدر بنك التسويات الدولية (BIS) أن 86% من البنوك المركزية حول العالم تتجه بالفعل إلى تطوير عملاتها الرقمية، وحوالي 60 من تلك البنوك يطورون عملاتهم الرقمية الخاصة، و14% بدأوا بالفعل في تدشين مشاريع تجريبية في هذا الخصوص.
وعملات البنوك المركزية الرقمية هي عملات رقمية مركزية مدعومة بأوراق مالية مثل النقد أو الذهب أو النفط وتخضع لرقابة البنوك المركزية الوطنية، والهدف الرئيسي من تطوير تلك العملات هو توفير “عملات ورقية رقمية” آمنة للأفراد والشركات والاستخدام اليومي مثل دفع فواتير الخدمات أو شراء المنتجات، أو “مدفوعات الند للند”، وكذا المعاملات بين البنوك والتسويات المالية الدولية لعملاء الجملة.
ووفقًا لبنك التسويات الدولية، يُنظر إلى عملات البنوك المركزية على أنها وسيلة في أيدي البنوك المركزية لتبسيط الأنشطة الاقتصادية والمالية والتنظيمية الرئيسية مع الحفاظ على ثقة الجمهور في المال، والحفاظ على الاستقرار وضمان نظام دفع مرن وآمن.
وتخطو الصين خطوات واسعة صوب تدشين عملتها الرقمية الخاصة، حيث يعتزم البلد الآسيوي حاليا طرح عملته الرقمية الوطنية للبنك المركزي، في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية القادمة لعام 2022، وهو ما يمثل تتويجاً لمشروع اليوان الرقمي، الذي بدأ في العام 2014.
وفي حال نجاح اليوان الرقمي، فستصبح الصين أول اقتصاد رئيسي يُصدر عملته الرقمية الخاصة.
فما إن بدأت تجارب “اليوان الرقمي” في الصين حتى اندفعت أمريكا وأوروبا كذلك بالتحدث عن الدولار الرقمي واليورو الرقمي المفترض إطلاقه عام 2025، مع التشديد على كلمة “رقمي”Digital وليس “عملة مشفرة” Crypto currency .
وتستطيع المؤسسات، من خلال عملات البنوك المركزية الرقمية، مراقبة المحافظ والمعاملات المصرفية في الوقت الفعلي، وتحديد حدود العملة وتقليل الرصيد المطلوب في الحساب وإنشاء تقارير فورية عن البنوك التجارية.
وعلى الجانب الآخر، بدأت العملات المشفرة في اكتساب قوة جذب كشكل من أشكال التمرد ضد المؤسسات المالية، والتي شعر الكثير من الناس أنها لم تعد مستقرة أو جديرة بالثقة في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008.
وكان يُستهدف من تدشين “بيتكوين”، العملة المشفرة الأصلية، تقديم طريقة أسهل وأكثر أمانا للمعاملات المالية.
وتتمثل العوامل الرئيسية التي تحدد جدوى استخدام العملات المشفرة على نطاق واسع في إدارة هذه الأصول وكيفية استخدامها وتأثيرها على المجتمع والبيئة، وبسبب الاختراق والاحتيال وسوء إدارة الشبكات، فإن بعض الحكومات لديها مخاوف متزايدة، ما يجعلها تضغط في اتجاه تطوير العملات الرقمية للبنك المركزي.
وتتمتع العملات الرقمية للبنك المركزي بميزة على العملات المشفرة لأنها تقدم نفس الخدمات ولكن مع شبكة أمان للحوكمة الموثوقة. كما عنصر الخصوصية لا يزال موجودًا ولكن سيتم التحكم فيه لاحترام لوائح وقوانين الدولة.