بدأ استخدام الغاز الطبيعى لتشغيل السيارات أول مرة خلال الحرب العالمية الثانية، وهو يعتبر أقل تلويثًا للبيئة مقارنة ببعض مصادر الطاقة الأخرى كالبنزين والديزل، كما أن تكاليف التزود به منخفضة بشكل كبير، مقارنة بالمصادر التقليدية للطاقة، وتشير التقديرات إلى وجود ملايين المركبات التى تعمل بالغاز الطبيعى حول العالم؛ فهل يعد الغاز الطبيعى بديلًا حقيقيًا لتشغيل السيارات؟.
وذكر تقرير صادر عن موقع “energuide.be” المتخصص فى شئون الطاقة، أن الغاز الطبيعى المضغوط يعد وقودًا مناسبًا جدًا للسيارات سواء على مستوى التكلفة أو التوافق مع معايير السلامة البيئية؛ باستثناء الانبعاثات الصادرة أثناء عملية الاستخراج جراء تسرب الميثان.
وأشار التقرير إلى أن الغاز الطبيعى المضغوط مختلف عن الغاز الطبيعى المسال؛ فالأول هو الغاز العادى الذى يُستخدم للتدفئة فى المنازل، ويتم ضغطه بين 200 و 300 بار، ويتكون بشكل رئيسى من الميثان، ما يعنى أنه يمكن تخزينه كغاز فى درجات الحرارة المحيطة، ويتم تخزينه فى أنابيب يمكن تركيبها فى هياكل السيارات.
وعكس غاز البترول المسال، فإن الغاز الطبيعى المضغوط أخف من الهواء لذا فإن المركبات التى تستخدم هذا الغاز لا تخضع لحظر الوصول إلى مواقف السيارات تحت الأرض.
%77 انخفاضاً فى انبعاث الجسيمات مقارنة بالديزل
وبين التقرير مزايا استخدام الغاز الطبيعى المضغوط فى السيارات؛ إذ يقلل انبعاث الجسيمات بنحو %77 مقارنة مع السيارات العاملة بالديزل، كما أنه يقلل انبعاثات ثانى أكسيد الكربون بنسبة %11 وأكاسيد النيتروجين بنسبة %90 كما يوفر %35 من تكلفة شراء الديزل، و%75 من تكلفة شراء البنزين، مع العلم أن هذه النسب ترتبط بأسعار الوقود فى بلجيكا، وقد تتباين من دولة لأخرى حسب الأسعار المعلنة فيها، إضافة إلى أنه يتميز بسرعة التعبئة كما هو الوضع بالنسبة للوقود التقليدى.
ويقلل الغاز الطبيعى المضغوط من معدلات التآكل والتلف فى المحركات، لأنه ينتج بقايا احتراق أقل، كما يمكن أيضًا لمركبة الغاز الطبيعى المضغوط أن تعمل بالغاز الحيوى المنتج من تحلل النفايات العضوية، مما يزيد من الفائدة البيئية للاعتماد على الغاز كمصدر للطاقة فى السيارة.
ويعد الغاز الطبيعى مناسبا لجميع أنواع السيارات والشاحنات والحافلات، كما تعتبر سيارات النقل الجماعى العاملة بالغاز الطبيعى فرصة لتقليل الانبعاثات داخل المدن، كما يجرى نقل الغاز الطبيعى عبر شبكة النقل والتوزيع تحت الأرض، مما قد يقلل بشكل كبير من عدد الشاحنات على الطرق المستخدمة فى عمليات نقل البنزين والسولار.
ومن أهم المزايا الأخرى الخاصة بعملية تشغيل السيارات بالغاز الطبيعى المضغوط؛ يشير التقرير إلى منح بعض الدول مزايا ضريبية على نحو ما يحدث فى بلجيكا التى تقدم حوافز تتعلق بضريبة الطرق السنوية ورسوم التسجيل، فضلًا عن إعطاء بعض الأقاليم هناك منحًا لشراء هذه النوعية من السيارات.
ورغم توافقه مع البيئة باعتباره مصدرًا نقيًا للطاقة؛ يشير التقرير إلى أن الغاز الطبيعي؛ يتكون بشكل رئيسى من غاز الميثان الذى يتسرب جزء كبير منه أثناء عملية الاستخراج؛ مسببًا انبعاثات ضارة بالبيئة.
ولفت التقرير إلى ندرة محطات التزود بالغاز الطبيعى المضغوط أيضًا، فضلًا عن ارتفاع تكلفة التحويل من البنزين إلى الغاز الطبيعى على نحو يدفع كثيرين للإحجام عن هذه الخطوة.
وأشار إلى عدم وجود اختلافات كبيرة فيما يتعلق بعملية الفحص الدورى لسيارات الغاز الطبيعى المضغوط مقارنة بالسيارات العادية؛ وتشمل عملية الفحص الكشف عن احتمالات تسرب الغاز.
◗❙ مركز أمريكي: الغاز مصدر وفود 23 مليون عربة حول العالم.. و28.2 ألف مركبة حجم الطلب العالمى خلال 2019
وقدر حجم الطلب العالمى على سوق مركبات الغاز الطبيعى للسيارات بنحو 28.2 ألف وحدة فى عام 2019، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل %3.5 خلال الفترة من عام 2020 إلى عام 2027.
وأشار تقرير لشركة “grandviewresearch” الأمريكية الهندية المتخصصة فى أبحاث السوق والاستشارات إلى أن هذا النمو يأتى فى إطار زيادة اعتماد قطاع النقل فى جميع أنحاء العالم على الغاز الطبيعى لتشغيل المركبات، وبالتوازى مع إدراك المصنعين أن أنواع الوقود التقليدية مثل الديزل والبنزين تسبب التلوث وانبعاث غازات الاحتباس الحرارى على نطاق واسع.
وأضاف أن هناك حاجة لتوظيف التقنيات الحديثة لتقليل الانبعاثات عبر استخدام أنواع وقود بديلة مثل الغاز الطبيعى المضغوط والغاز الطبيعى المسال والهيدروجين والكهرباء.
ومع ذلك، فإن الاهتمام المتزايد بالمركبات الكهربائية والنمو البطيء فى البنية التحتية للسيارات التى تستخدم الغاز الطبيعى للسيارات يشكلان تحديين لنمو سوق سيارات الغاز الطبيعى، وقد أدى تفشى وباء كورونا COVID – 19 إلى تعطيل صناعة الطاقة والسيارات فى جميع أنحاء العالم.
على سبيل المثال، من المتوقع أن يقل الطلب على الغاز الطبيعى فى الصين بمقدار 10 مليارات متر مكعب فى عام 2020 عن العام السابق، كما شهدت صناعة السيارات فى الصين انخفاضًا كبيرًا خلال 2020 على خلفية وباء كورونا.
وقدر مركز أبحاث أمريكى (مركز بيانات الوقود البديل) عدد المركبات التى تعتمد على الغاز الطبيعى كمصدر للتشغيل بنحو 23 مليون مركبة حول العالم؛ منها نحو 175 ألف مركبة فى الولايات المتحدة الأمريكية.
ويشير إلى أن الـ 23 مليون مركبة تتوزع بين 3 أنواع من مركبات الغاز الطبيعي؛ أولها: مصممة لتعمل فقط بالغاز الطبيعى، وثانيها: ثنائية الوقود؛ إذ تحتوى على نظامين للتزود بالوقود منفصلين يمكناها من العمل إما بالغاز الطبيعى أو البنزين، وثالثها: الوقود المزدوج وهى تحتوى على أنظمة وقود تعمل بالغاز الطبيعى ولكنها تستخدم وقود الديزل للمساعدة فى الاشتعال، ويقتصر هذا النمط غالبًا على المركبات الثقيلة (فى الولايات المتحدة).
وعادة ما تكون المركبات الخفيفة مجهزة بالنظامين الأول أو الثانى، بينما تستخدم المركبات الثقيلة أنظمة مخصصة أو ثنائية الوقود.
وتقوم مركبات CNG بتخزين الغاز الطبيعى فى خزانات، حيث يبقى فى حالة غازية، ويمكن تخزين المزيد من الوقود على متن مركبة تستخدم الغاز الطبيعى المسال لأن الوقود يتم تخزينه كسائل، مما يجعل كثافة طاقته أكبر من الغاز الطبيعى المضغوط.
واعتبر المركز أن الغاز الطبيعى بديلا جيدا للمركبات التى تقطع مسافات طويلة فى ظل توافره محليا ووجود بنية تحتية منتشرة جغرافيا على نطاق واسع وانخفاض انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى مقارنة بالبنزين والديزل التقليدى.
ويعتبر نطاق القيادة بالنسبة للسيارات العاملة بالغاز الطبيعى بشكل عام أقل من نطاق سيارات الديزل أو البنزين المماثلة بسبب انخفاض كثافة الطاقة للغاز الطبيعى، ويمكن أن تزيد صهاريج التخزين الإضافية المدى، ولكن الوزن الإضافى قد يحل محل سعة الشحن.
وتقوم شركات السيارات فى الولايات المتحدة بتقديم المركبات مجهزة بتقنية التشغيل بالغاز الطبيعى سواء الشاحنات الخفيفة أو المتوسطة أو الثقيلة، كما يمكن تحويل العديد من المركبات بشكل اقتصادى وآمن وموثوق به للتشغيل بالغاز الطبيعى.
ويمكن تعويض التكاليف الأولية لتحويل المركبات إلى غاز طبيعى عن طريق انخفاض تكاليف التشغيل والصيانة على مدى عمر السيارة؛ فالغاز الطبيعى يطيل عمر زيت التشحيم للمحرك، لأنه ينتج كمية أقل من الكربون عند حرقه.
فى المقابل؛ فإن المركبات التى تعمل بالوقود التقليدي؛ يتحلل زيت المحرك بها نتيجة العوادم والشوائب الأخرى الناتجة من عملية الاحتراق التى يمتصها الزيت بعد ذلك.
بالنسبة لأنظمة الإشعال؛ فإن معظم محركات الغاز الطبيعى تستخدم شمعات الإشعال لإشعال الوقود على غرار البنزين، ومع ذلك؛ فإن الغاز الطبيعى أكثر حساسية تجاه شرارة الجهد، ومن الأهمية بمكان الحفاظ على جميع أجزاء نظام الإشعال (شمعات الإشعال والأسلاك والملفات وغيرها) بشكل صحيح وحمايتها من الحرارة المفرطة والأضرار الأخرى؛ بما يساعد على زيادة أداء السيارة وعمر المحرك.
أعد الملف: أحمد شوقى