هبوط عنيف للاحتياطى الأجنبى.. ومحللون: يؤجل خفض الجنيه

هبوط عنيف للاحتياطى الأجنبى.. ومحللون: يؤجل خفض الجنيه

هبوط عنيف للاحتياطى الأجنبى.. ومحللون: يؤجل خفض الجنيه
جريدة المال

المال - خاص

11:00 ص, الثلاثاء, 9 أغسطس 16

فقد 2 مليار دولار فى شهر أغلبها لسداد التزامات قطر ونادى باريس

الرصيد القائم «غير مقلق» ويغطى ما يزيد على 3 أشهر واردات
الرهان يتزايد على قرض الصندوق والطروحات الحكومية

كتبت– أمنية إبراهيم ونيرمين عباس وأمانى زاهر وسهير محمد:

«لم يكن مفاجئًا» هكذا جاءت تعليقات أغلب المحللين على التراجع العنيف الذى شهدته أرصدة احتياطى النقد الأجنبى بنهاية يوليو الماضى، مشيرين إلى أن الهبوط تَزامن مع حلول التزامات بعضها استثنائى مثل الوديعة القطرية بقيمة مليار دولار، وأخرى دورية ممثلة فى أقساط دول نادى باريس، الدائنة لمصر، بقيمة 715 مليون دولار.

وأعلن البنك المركزى المصرى، فى وقت متأخر مساء الأحد، عن هبوط أرصدة الاحتياطى الأجنبى بقيمة 2 مليار دولار، لتصل إلى 15.5 مليار دولار نهاية يوليو الماضى، مقابل 17.5 مليار فى يونيو.

ويعتبر ذلك أعنف هبوط شهرى لأرصدة الاحتياطى فى السنوات الخمس الماضية تحديدًا منذ ديسمبر 2011، كما أن الرصيد يعد الأقل منذ مارس 2015.

ويرى محللون أن المستوى الحالى للاحتياطى على الرغم من ضعفه لكنه «غير مُقلق»؛ نظرًا لتغطيته ما يزيد على 3 شهور من الواردات السلعية، وهو معيار الأمان المحدد للاحتياطيات لدى البنك الدولى، بينما أشاروا إلى أن الوضع الحالى يقيد تحركات «المركزى» فيما يتعلق بملف سعر الصرف، وربما يضطره إلى تأجيل خطوة خفض أو تعويم الجنيه، لحين حسم مفاوضات صندوق النقد الدولى والحصول على الشريحة الأولى من القرض بقيمة قد تصل إلى مليارى دولار.

وتتفاوض الحكومة مع الصندوق على اقتراض 12 مليار دولار خلال 3 سنوات.

وتوقعوا إعادة تعبئة الاحتياطى والوصول لمستوى بين 18 و20 مليار دولار بنهاية العام الحالى، بشرط نجاح مفاوضات الصندوق وإتمام طروحات البورصة والسندات الخارجية.

يُشار إلى أن محافظ البنك المركزى المصرى طارق عامر، كان قد توقَّع خلال مقابلة تليفزيونية فى أبريل الماضى، ارتفاع قيمة الاحتياطى لمستوى 25 مليار دولار بنهاية 2016.

وتعتزم الحكومة بيع حصص من الشركات المملوكة للدولة بالبورصة، فضلًا عن طرح سندات دولية بقيمة 5-3 مليار دولار.

وقال مصرفىٌّ بارز، لـ«المال»، إن الوضع الراهن يؤكد أنه لا بديل أو مفر من قرض صندوق النقد الدولى، «الذى يعد بمثابة بوابة العبور من الأزمة»، كما أن هبوط الاحتياطى لهذا المستوى يعنى عدم تحريك سعر الصرف قبل سبتمبر المقبل على أقل تقدير، لحين الوصول لاتفاق واضح مع الصندوق.

وتوقَّع إعادة تعبئة الاحتياطى والوصول إلى 20 مليار دولار مطلع العام المقبل، حال نجاح المفاوضات والحصول على شهادة صندوق النقد بسلامة الإجراءات الإصلاحية التى تتخذها مصر، مع دخول الشريحة الأولى على الأقل من القرض، وبدء تدفق الاستثمارات الأجنبية.

فيما أشار إلى أن السوق الموازية لبيع الدولار لن تتأثر بقوة بتهاوى أرصدة الاحتياطى، إذ إن المتحكمين فيها يعلمون جيدًا أن يد «المركزى» مكبَّلة منذ شهور، وقدرته على التدخل للتغلب على نقص العملة تتراجع، وأن استقرار سعر الصرف حول مستوى 12.5 جنيه للدولار الواحد منذ فترة، يعود لتمسك تجار العملة بمستويات أسعار مرتفعة، فى حين أن التداول بالسوق يتم فى أضيق الحدود؛ لعزوف التجار عن الدخول فى صفقات جديدة، والاكتفاء بسداد الالتزامات القائمة.

وتوقَّع طرح «المركزى» عطاء عاديًّا لبيع الدولار، اليوم الثلاثاء، بنفس القيمة السابقة 120 مليون دولار، دون تغيير فى سعر الصرف.

فيما أشار رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك، إلى أنه لا توجد التزامات خارجية مُعلَنة على «المركزى» خلال العام الحالى، وإن كانت هناك التزامات داخلية مستحَقّة لصالح البنوك قبل ديسمبر المقبل، فى صورة أذون خزانة بالعملات الأجنبية، تدور قيمتها حول 3.5 مليار دولار، تتوزع على النحو التالى: 599 مليون يورو تستحق فى 23 أغسطس الحالى، و603 ملايين يورو تُستحق فى 17 نوفمبر المقبل، و1.77  مليار دولار فى 22 نوفمبر، و1.16 مليار دولار فى 13 ديسمبر المقبل.

كما يستحق أذون خزانة دولارية لأجل عام خلال النصف الأول من 2017، بقيمة 0.9 مليار دولار فى 10 يناير، و1.1 مليار دولار فى 14 فبراير، و1.27 مليار دولار فى 9 مايو، و0.75 مليار دولار فى 13 يونيو.

ولفت رئيس قطاع الخزانة إلى أن تلك الالتزامات قصيرة الأجل على الأرجح، سيتم تجديدها كالعادة مع تغيير العائد؛ لصعوبة سدادها فى ضوء الأوضاع الراهنة، ولا تشكل عبئًا إضافيًّا على الدولة أو احتياطى العملات الأجنبية.

وقال إسماعيل حسن، رئيس بنك مصر إيران، محافظ البنك المركزى الأسبق، «لا أحد يستطيع إنكار أن الوضع الاقتصادى لمصر صعب للغاية، فى ضوء أزمة نقص العملة وهبوط أرصدة الاحتياطى، إلا أن التزام «المركزى» بسداد الالتزامات الخارجية فى موعد استحقاقها دون أى إخلال يعدُّ مؤشرًا إيجابيًّا».

وأضاف: قدرة «المركزى» على تقديم الدعم للبنوك فى ضوء نقص الدولار تتمشى بالكاد مع الاحتياجات الأساسية من المواد الغذائية والأدوية وبعض الاحتياجات الضرورية، ولا أحد يعلم حجم التطورات التى قد تطرأ مع نجاح مفاوضات قرض صندوق النقد الدولى والتى قد تقلب الموازين تمامًا.

وقال هيثم عبد الفتاح، رئيس قطاع الخزانة ببنك التنمية الصناعية والعمال، إن تراجع الاحتياطى الأجنبى متوقعًا ومبرَّرًا فى ضوء الالتزامات التى حان أجل استحقاقها خلال يوليو، وتابع: إعلان «المركزى» عن أوجه إنفاق الاحتياطى فى بيان رسمى قلَّل من حالة القلق لدى المتعاملين بالسوق، ولا سيما أن الأموال ذهبت لسداد التزامات خارجية ضرورية.

وأكد أن رصيد الاحتياطى ما زال فى الحدود الآمنة، ما دام يغطى أكثر من 3 شهور واردات سلعية، مشددًا على ضرورة الحفاظ على مستوى يؤمِّن استيراد السلع الإستراتيجية للبلاد.

يُشار إلى أن رصيد الاحتياطى الحالى البالغ 15.536 مليار دولار يغطى واردات بنحو 3.3 شهر، وذلك تبعًا لأحدث متوسط شهرى بقيمة الواردات السلعية البالغ 4.744 مليار دولار.

وفيما يتعلق بآثار الهبوط الحاد على تداولات السوق الموازية، قال عبد الفتاح إن لا توجد علاقة مباشرة بين تراجع الاحتياطى وسعر الصرف بالسوق الموازية، مستشهدًا بتخطى أسعاره 13 جنيهًا، فى الوقت الذى بلغ فيه الاحتياطى 17.5 مليار دولار، مع إشارته إلى أن تلك التعاملات لا تعبر عن الأسعار الحقيقية، ولا سيما أنها تحت قبضة المضاربين.

وقال محمد أبو باشا، محلل الاقتصاد الكلى بشركة المجموعة المالية هيرميس القابضة للاستثمارات المالية، إن الانخفاض فى الاحتياطى خلال يوليو كان متوقَّعًا؛ لتزامنه مع موعد سداد الالتزامات الدورية مثل مديونية نادى باريس.

وذكر أبو باشا أن تفاصيل الالتزامات التى سيستحق أجل سدادها على الحكومة خلال العام الحالى غير واضحة، باستثناء بنود محدودة، فعلى سبيل المثال يتبقى سداد نحو 750 مليون دولار لنادى باريس فى يناير المقبل، كما يستحق مبلغ 500 مليون دولار من وديعة تركية فى يناير أيضًا، فى حين لا يتضح جدول التزامات مصر تجاه الوديعة الليبية البالغة 2 مليار دولار.

ولفت إلى أن جدول السداد يشمل 12 مليار دولار العام المقبل، تم الحصول عليها عام 2013 عقب ثورة 30 يونيو من الإمارات والسعودية والكويت.

ويرى أبو باشا أن خفض قيمة الجنيه مرهون بالحصول على سيولة دولارية عبر قرض صندوق النقد، بينما توقَّع ارتفاع الفائدة على العملة المحلية بين 50 و100 
نقطة أساس.

وقالت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث بشركة فاروس المالية القابضة، إن الرصيد الحالى للاحتياطى لا يزال فى منطقة الأمان؛ لتغطيته واردات 3 شهور، متوقعة ارتفاعه إلى 20 مليار دولار الفترة المقبلة، بشرط نجاح مفاوضات الصندوق والحصول على ودائع بقيمة 3.5 مليار دولار من السعودية والإمارات، وإتمام طرح السندات الخارجية.

كما توقعت إقدام «المركزى» على رفع سعر الفائدة بنحو %2 للدفاع عن الجنيه، فضلًا عن رفع العائد على أذون الخزانة لجذب استثمارات أجنبية، مرجحة اتخاذ خطوة تعويم الجنيه بعد توفير سيولة دولارية.

وقال محلل اقتصادى- رفض ذكر اسمه- إن انخفاض الاحتياطى من النقد الأجنبى ليس مفاجئًا، بل ثباته طوال الأشهر الماضية كان هو الأمر المستغرب، موضحًا: قد يرجع هذا الثبات إلى قيام «المركزى» بالصول على ودائع دولارية من البنوك.

وأوضح أن «المركزى» لم يلجأ لتغطية هبوط الاحتياطى فى يوليو، بل تركه ليعكس حقيقة الوضع، معتبرًا أن ذلك قد يعجِّل بوتيرة المفاوضات مع صندوق النقد الدولى، واستبعد اتخاذ قرار بخفض قيمة الجنيه قبل الانتهاء من المفاوضات، وقال: قد يُقدم «المركزى» على تلك الخطوة، بالتزامن مع تحديد موعد الحصول على الشريحة الأولى من القرض.

وأشار إلى أن بند حقوق السحب الخاصة تَراجع بنحو 383 مليون دولار، نتيجة تحويل ما يوازى تلك القيمة لدولار لسداد جزء من الالتزامات، بدلًا من سحب نسبة كبرى من بند العملات الأجنبية، مضيفًا أن البنك المركزى ربما رغب فى الإبقاء عليها فوق 12 مليار دولار.

يشار إلى أن وحدات السحب الخاصة هى أصل احتياطى دولى استحدثه صندوق النقد ويتم تحديد قيمتها اعتمادًا على سلة من العملات يتصدرها الدولار واليورو ويمكن مبادلتهما بأى من العملات القابلة للتداول الحر.

من جهته رأى نعمان خالد، المحلل الاقتصادى بشركة سى اى است مانجمنت، أن الوصول لاحتياطى من النقد الأجنبى بنحو 25 مليار دولار بنهاية العام– كما يستهدف «المركزى»- ليس صعبًا، ويمكن تسجيله إذا حصلنا على قرض الصندوق مع التدفقات الاستثمارية المتوقعة من الأجانب، مضيفًا أن فشل التفاوض على القرض لأى سبب فسيكون الوضع مختلفًا، غير أنه عاد ليؤكد أن الأهم فى ذلك كله هو تطبيق الإصلاحات الاقتصادية سواء حصلنا على القرض أم لا.

وقالت إيمان نجم، محللة الاقتصاد الكلى بشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، إن الاحتياطى سيصل على الأرجح إلى نحو – 17 18 مليار دولار بنهاية العام، إذا وضعنا فى الاعتبار القروض والودائع التى تتفاوض عليها الحكومة وتُقدَّر فى المتوسط بنحو -7 7.5 مليار دولار سنويًّا، إذ سيتم توجيه جزء منها لتسديد التزامات خارجية تبلغ 4.4 مليار دولار فى العام المالى الحالى.

وأوضحت أن إجمالى التمويل المرتقب الحصول عليه خلال 3 سنوات، يبلغ 23 مليار دولار، لافتة إلى وجود التزامات على مصر قدرُها 11 مليار دولار خلال 2019، لذا يجب استغلال قرض صندوق النقد الدولى وغيره من الودائع بالطريقة المثلى حتى لا تصبح عبئًا على الاقتصاد دون تحقيق النتائج المرجوّة.

وأكدت إيمان أن خفض الجنيه مستبعَد فى الوقت الحالى، ولن يتم قبل الحصول على تدفقات نقدية، بينما رفع معدلات الفائدة لم يعد مطلوبًا، بل على العكس تمامًا يمكن تخفيضها. 

ويرى أحمد رمضان، مدير إدارة الأموال ببنك مصر– إيران، أن تراجع الاحتياطى يعطى مؤشرًا على أن البنك المركزى لا يمتلك رفاهية خفض الجنيه فى الوقت الراهن؛ لأنه قرارٌ يتطلب ضخ مليارات الدولارات، إلا إذا دخل إلى الدولة موارد سريعة من النقد الأجنبى.

جريدة المال

المال - خاص

11:00 ص, الثلاثاء, 9 أغسطس 16