هبوط حاد في الليرة والأسهم والسندات.. الأسواق التركية تتراجع بعد اعتقال منافس أردوغان

انعكاسات الأزمة على الأسواق العالمية

هبوط حاد في الليرة والأسهم والسندات.. الأسواق التركية تتراجع بعد اعتقال منافس أردوغان
عبد الحميد الطحاوي

عبد الحميد الطحاوي

3:07 م, الأربعاء, 19 مارس 25

شهدت الأسواق المالية التركية اضطرابات حادة يوم الأربعاء، بعد أن قامت السلطات باعتقال أكرم إمام أوغلو، عمدة إسطنبول وأحد أبرز المنافسين السياسيين للرئيس رجب طيب أردوغان، بتهم تتعلق بـالفساد والتعاون مع جماعة إرهابية.

ووصفت المعارضة التركية هذه الخطوة بأنها “محاولة انقلاب سياسي” تهدف إلى إسكات المعارضين، في ظل حملة قانونية مكثفة استهدفت شخصيات معارضة خلال الأشهر الماضية.

رد فعل الأسواق المالية
العملات: تراجعت الليرة التركية بأكثر من 14.5% خلال التعاملات المبكرة، قبل أن تقلص خسائرها إلى 7.4%، حيث تم تداولها عند 39.40 ليرة مقابل الدولار.

السندات: انخفض سعر سندات الدولار التركية المستحقة عام 2045 بمقدار 1.6 سنت، ليصل إلى 85.078 سنتًا، مسجلًا أكبر انخفاض يومي منذ أوائل 2024.

الأسهم: تراجعت الأسهم التركية الكبرى بنحو 6%، وهو أسوأ أداء يومي منذ أواخر 2023.

علق وولفغانو بيكولي، الرئيس المشارك ومدير الأبحاث في شركة تينيو بلندن، على التطورات قائلًا:
“علينا الانتظار لنرى إن كانت تركيا تتجه نحو بيئة سياسية أقرب إلى روسيا، حيث تتعرض الديمقراطية والانتخابات لضغوط متزايدة. هذا ليس مجرد هجوم على المعارضة السياسية، بل أيضًا على المجموعات الاقتصادية الكبرى التي تلعب دورًا محوريًا في الاقتصاد التركي.”

أما ويليام جاكسون، كبير الاقتصاديين للأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس بلندن، فقد حذر من أن انخفاض الليرة الحاد سيزيد من تعقيد جهود البنك المركزي التركي لخفض التضخم، مضيفًا:
“في المدى القريب، يشكل هذا التطور تحديًا كبيرًا للبنك المركزي. من المرجح أن يتسارع التضخم هذا الشهر، وقد يضطر صناع السياسة إلى وقف دورة التيسير النقدي في اجتماعهم المقبل في أبريل، بدلًا من خفض الفائدة بمقدار 250 نقطة أساس كما كان متوقعًا.”

أوضح نيك ريس، رئيس الأبحاث الاقتصادية الكلية في مونيكس أوروبا، أن الأسواق المالية كانت تتجه نحو مزيد من الاستقرار في الفترة الأخيرة، إلا أن اعتقال قيادات المعارضة قلب التوقعات رأسًا على عقب، قائلًا:
“المستثمرون كانوا يشعرون براحة نسبية تجاه الأوضاع السياسية والاقتصادية مؤخرًا، ولكن هذا الاعتقال أعاد المخاطر السياسية إلى الواجهة، مما أدى إلى عمليات بيع مكثفة لليرة التركية.”

كما أشار إلى أن الأسواق أصبحت الآن أكثر حذرًا بشأن استمرارية النهج الاقتصادي التركي، قائلًا:
“السؤال الأكبر الآن هو ما إذا كانت السياسة الاقتصادية التقليدية في تركيا باتت مهددة. الاحتمالات تشير إلى أن المخاطر قد ازدادت، حيث يمكن أن يؤدي كسر القواعد في المجال السياسي إلى كسرها في المجالات الاقتصادية أيضًا.”

أكد فرانتيسك تابورسكي، استراتيجي العملات والدخل الثابت في ING بلندن، أن اعتقال إمام أوغلو يضغط بشدة على السندات التركية وسعر الصرف، مضيفًا:
“الليرة التركية تعتبر أكثر عملة يتم التعامل بها كأداة للاستفادة من فروق الفوائد في الأسواق الناشئة حاليًا، وأي تحركات حادة قد تؤدي إلى خروج المزيد من رؤوس الأموال. لكن في المقابل، قد تتدخل البنوك المحلية لتوفير بعض الدعم للعملة.”

من جهته، أشار تيموثي جراف، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في State Street بلندن، إلى أن الأسواق كانت تأمل في مزيد من الاستقلالية في السياسة النقدية والعملية السياسية، مضيفًا:
“على مدى العامين الماضيين، كان هناك تحسن في ثقة المستثمرين بوجود درجة من الاستقلالية السياسية والاقتصادية في تركيا، لكن ما حدث اليوم يعيد الشكوك إلى الواجهة.”

لم تقتصر تأثيرات الأزمة التركية على الأسواق المحلية فقط، حيث أوضحت جين فولي، رئيسة استراتيجية العملات في Rabobank بلندن، أن الاضطرابات في تركيا انعكست على أسواق العملات العالمية، قائلة:
“الأخبار القادمة من تركيا أثرت على العملات الرئيسية وأسواق المخاطرة، لكن من المحتمل أن يتلاشى هذا التأثير تدريجيًا بمجرد أن تستوعب الأسواق التطورات بشكل أفضل.”

وأضافت أن موقع تركيا الاستراتيجي يجعلها ذات أهمية خاصة للأسواق الأوروبية، مشيرة إلى أن هناك تكهنات بأن تركيا قد تحاول لعب دور أكبر في السياسة الدولية في ظل تقلبات العلاقات الأمريكية مع حلف الناتو.