تراجع نشاط المصانع فى معظم دول أوروبا وآسيا خلال شهر يونيو الماضى لأدنى مستوى هذا العام، بسبب تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، والتى أثرت سلبا على قطاع التصنيع وجعلت صناع السياسات معرضين لضغوط تمنعهم من اتخاذ تدابير قوية لكبح الركود العالمى، لدرجة أن قطاع التصنيع الأمريكى هبط أيضا فى يونيو لأدنى مستوى منذ سبتمبر 2009.
وهوى أيضا مؤشر مدراء المشتريات لمؤسسة «IHS ماركيت» فى الصين التى تعد قاطرة الاقتصاد العالمى والآسيوى إلى 49.4 نقطة الشهر الماضى، ليسجل أدنى مستوى هذا العام، مما يؤشر إلى انكماش اقتصادها فى أول نزول خلال العام الحالى عن حاجز الخمسين نقطة الذى يفصل الانكماش عن النمو، علاوة على أن نشاط التصنيع فى اليابان انكمش أيضا فى يونيو للشهر الثالث على التوالى، مما يؤكد تعرض اقتصادها لضغوط مع ضعف الطلب العالمى.
وقالت وكالة رويترز بأن سلسلة من التقارير والمؤشرات الرسمية حول النشاط الاقتصادى ظهرت فى هذا الأسبوع تشير إلى هبوط النمو العالمى بعد تحذيرات زعماء مجموعة العشرين فى ختام قمة «G20» فى أوساكا اليابانية السبت الماضى، من تباطؤ النمو لتفاقم التوترات الجيوسياسية والتجارية.
وعقد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب هدنة مع نظيره الصينى أثناء قمة «العشرين» ومنحها امتيازات منها عدم فرض رسوم جمركية جديدة وتخفيف القيود على شركة «هواوى» للتكنولوجيا، مما يساعد على تزايد التفاؤل لدى الشركات والأسواق المالية على مستوى العالم، غير أن المحللين يشككون فى أن هذه الهدنة ستؤدى إلى تخفيف التوترات بصورة مستدامة أو لفتح شهية الشركات نحو الإنفاق ولتحقيق نمو عالمى.
ويرى يوشيكى شينك، الخبير الاقتصادى فى معهد «داى إيشى» اليابانى لبحوث الحياة فى طوكيو، أن الوقت لايزال مبكراً جدا للتحول إلى توقعات متفائلة لأن الهدنة حدثت فقط هذا الأسبوع ولا يعرف أحد ماذا سيحدث خلال الأيام القادمة ولاسيما أن نشاط التصنيع العالمى لم ينزل لأدنى مستوى له حتى الآن، كما أن ثقة الشركات الأمريكية خصوصا الصناعية يعتريها الضعف وإذا استمرت بهذا الشكل فسوف تتعرض الاقتصادات حول العالم لمزيد من الضعف.
وهبط فى يونيو الماضى مؤشر مدراء المشتريات الذى أعلنت عنه مؤسسة» IHS ماركيت» البحثية أمس للشهر الخامس على التوالى وبأكثر من المتوقع كما أن قطاع التصنيع الألمانى الذى يعتمد على التصدير انكمش أيضا فى يونيو للشهر السادس على التوالى، وكذلك نشاط التصنيع الإيطالى للشهر التاسع كما انكمش التصنيع الإسبانى بأعلى نسبة منذ أكثر من ست سنوات، وإن كان نشاط المصانع فى فرنسا، ثانى أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو، خالف الاتجاه النزولى وارتفع بأسرع وتيرة منذ تسعة شهور.
وتعانى أيضا المصانع البريطانية من أسوأ هبوط منذ أكثر من ست سنوات بسبب الشكوك التى تغلف خروجها من الاتحاد الأوروبى والتوترات التجارية العالمية التى أدت إلى استمرار تدهور قطاع التصنيع العالمى، وانخفاض طلبيات التصدير لتزداد العوامل التى تشير إلى ضعف الاقتصاد على مستوى العالم.
وأعلن أيضا البنك المركزى اليابانى عن هبوط حاد فى ثقة الشركات لأدنى مستوى منذ حوالى ثلاث سنوات، وهذا يعنى أن البنك يتعين عليه أن ينفذ برامج تحفيزية ضخمة لمساعدة الشركات على الاستثمار لدفع عجلة الاقتصاد نحو الانتعاش، وطالبت أيضا كريستين لاجارد، مديرة صندوق النقد الدولى ببذل المزيد من التدابير لاستعادة الانتعاش فى الاقتصاد العالمى كما رحبت باستئناف المباحثات بين واشنطن وبكين.
وفى كوريا الجنوبية تراجع نشاط التصنيع فى يونيو بأكبر معدل منذ أربعة شهور مع تباطؤ التجارة العالمية التى أرغمت الشركات على تقليص الإنتاج، ونفس الحال تكرر فى ماليزيا وتايوان، مما يؤكد أن النزاع التجارى الأمريكى الصينى له تأثير مستمر وكبير على بقية دول آسيا باستثناء الهند وإندونيسا الأقل اعتمادا على الطلب الخارجى مما ساعد على نمو نشاط التصنيع فيهما، ولكن بمعدل أقل بينما استفادت فيتنام – فى حالة نادرة – من هذه التوترات التى دفعت الشركات للتصنيع فيها بدلا من الصين غير أن الطلبات الجديدة زادت بأبطأ معدل منذ فبراير الماضى.