قد يكون ثمة ضرورة لمصر.. موازنة علاقتها الإقليمية ما بين السعودية وإيران.. المتنافستين بالسلاح والكلمة.. لمن يكون لها اليد العليا (المذهبية) فى شئون الإقليم ووحداته السياسية ذات السيادة.. بما لا يعطى أيهما حق تنصيب نفسه وكيلاً عنها، كما أن لمصر أيضاً أن توازن علاقاتها الدولية ما بين روسيا والولايات المتحدة.. المتنافستين فى إطار حرب باردة قديمة- حديثة.. للهيمنة (الإمبريالية) على شئون منطقة الشرق الأوسط التى لا يراهن عليها من خارجها ووفق ثوابت تاريخية.. غير أحمق، لذا فمن الضرورى لمصر ألا تكون بين شقى الرحى فى صراعات إقليمية أو دولية – لا ناقة لها فيها ولا جمل- وتختلف أولوياتها بالضرورة عن صلب المصالح المصرية الوطنية والقومية، بسيان، ما يضع القاهرة .. والحال كذلك منذ سنوات- فى أوضاع سياسية وعسكرية بالغة الصعوبة.. تستوجب أقصى درجات الكياسة والحنكة والدهاء.. كى لا تتورط فى حروب إقليمية ليست من شأنها.. ولئلا تنحاز لطرف دون آخر فى صراعات دولية ذات أبعاد لا تتصل بثوابتها الجغرافية والتاريخية.. أو بالدور المتفرد الذى اختصته بها هذه الثوابت الجيو سياسية على مر الزمان.
إلى ذلك السياق وبسببه، قد يكون هناك ارتباط ما- مطلع ديسمبر الحالى- لتزامن محادثات كل من الرئيس «السيسي» فى دولة الإمارات.. والوزير «أبوالغيط» فى سلطنة عمان- كدولتين لهما- كل على حدة- علاقة متميزة مع السعودية وإيران، لربما تسهمان- مع مصر- فى رأب الصراع الإقليمى بينهما.. كوكيلين غير مباشرين للأطراف المتحاربة فى الأزمتين السورية واليمنية، ربما على غرار النجاح الذى تحقق مؤخراً بالنسبة للحالة اللبنانية التى كانت مصر خلالها على مسافة واحدة من فرقائها.. ما ساعد مع آخرين داخل الإقليم وخارجه على شغل الفراغ الرئاسى الشاغر منذ مايو 2014.. تمهيداً لعودة الاستقرار إلى لبنان.
على نفس القياس الإقليمى، يمكن لوضعية مصر أن تمارس على الصعيد الدولى.. دوراً مماثلاً لما تسعى إليه على المستوى الإقليمى، بأقله فيما يتصل بتوازن علاقاتها القديمة- الحديثة مع كل من واشنطن وموسكو.. بحيث لا تقع فى شراك نقاط الاحتكاك بينهما، الأمر الذى سبق لها تأديته بمهارة خلال سنوات التصدى 67 – 1973.. بما أتاح لها- وللعالم العربى- وقتئذ استخلاص معظم خسائرهم قبل ست سنوات، وأحسب أن الوضعية الحالية لمصر ليست أكثر صعوبة عنها فى حقبة السبعينيات.. التى أعقبتها القاهرة بالتفاهم المتبادل- بشكل أو آخر- مع القوتين العظميين لثلاثة عقود تالية.. دون عداءات تذكر مع هذه الدولة الكبرى أو تلك، ما أصبح يميز الآن علاقات مصر الدولية من ناحية.. ولما سوف ينعكس إيجاباً من ناحية أخرى على كل من علاقاتها الداخلية والإقليمية بطبيعة الحال، آية ذلك حرص قادة الكويت والإمارات- وغيرهما- على مساعدة مصر لكى تنهض من جديد وتستعيد دورها القيادى ضمن المجموعة العربية، فإذا تعافت مصر عبر مشاريعها الاقتصادية فى طول البلاد وعرضها.. سوف ينجح رهانها المزمع على علاقة استراتيجية مع كل من الرئيسين الأميركى والروسى- المتقاربين سوياً- ومع الرئيس المصرى، خاصة وقد أفلحت مصر استثمار تحالفها الاستراتيجى مع روسيا ابتداء من 2013، وعلى النحو المشهود منذئذ، كذلك بالنسبة لأميركا مع رئيسها الجديد المنتخب، حيث أكدت رسالة الرئيس المصرى إليه قبل ساعات على «عمق وخصوصية العلاقات المصرية- الأميركية».. والتطلع لتعزيزها وتطويرها»، وإذ من المعتقد أن تعكس علاقات مصر الاستراتيجية مع القوى الكبرى بعامة.. الارتقاء بها فى موازين القوى الإقليمية، والعكس صحيح، ولربما تتخذ مصر وضعية استراتيجية فى سياسات روسيا وسوريا وإيران وحلفائهم.. تتوازى مع قطبيتها فى المحور المناظر الذى يضم الولايات المتحدة والسعودية ودولاً خليجية.. ذلك فى إطار سياسة مصرية محسوبة بدقة.. تنأى بها.. والمجموعة العربية- بعيداً عن شراك الإمبرياليات الإقليمية والعالمية على السواء، بحيث يجوز القول عندئذ بأن عام 2017 سيكون عام مصر بامتياز.