نقطة نظام .. «هضبة الصدّ» في وجه الاستسلام العربي

شريف عطية

7:09 ص, الخميس, 28 مارس 19

شريف عطية

شريف عطية

7:09 ص, الخميس, 28 مارس 19

بقلم شريف عطية

فى نفس ليلة توقيع الرئيس الأميركى «ترامب» 25 مارس الجاري.. على ما تسمى «وثيقة الجولان»، يعترف بمقتضاها بسيادة إسرائيل على الهضبة السورية المحتلة قبل 52 عاما، كتحصيل حاصل لسابق الضوء الأخضر الأميركى إلى إسرائيل لاحتلالها فى يونيو 1967، إذ يتوجه الرئيس السورى على التو لتفقد السفوح الشرقية لمرتفعات الجولان، ما يعبر عن عزم بلاده (مع حلفائها) من خلال هذه الخطوة الميدانية نحو استرداد الأراضى المغتصبة (وديعة السماء).. إما بالتفاوض المرتقب بشأنها أو بالقتال عليها إذا اقتضى الأمر، متجاوزا بذلك سائر بيانات الشجب أو التأييد أو من شماتة الانهزاميين.

لقد اعتادت إسرائيل كلما اتجهت الوساطة الأميركية لمباشرة إحدى جولات تسوية الصراع العربى – الإسرائيلى، أن تسارع فى المقابل لابتزاز الولايات المتحدة.. للحصول منها على صفقات أسلحة متقدمة أو على منح مالية إضافية، إلا أن الحكومة الإسرائيلية ارتفعت بسقف مطالبها مع مناقشة المبادرة الأميركية الأخيرة المسماة بـ«صفقة القرن» منذ 2017، ليس للحصول على مزيد من السلاح أو الأموال، بل نحو استراق اعتراف أميركا لها بالسيادة على كل من «القدس.. والجولان»، بفارق 18 شهرا بين القرارين الأميركيين اللذين وقعهما أضعف رؤساء أميركا فى مواجهة نفوذ تيار «المسيحية الصهيونية» المتصاعد نفوذها بالولايات المتحدة منذ الحقبة الريجانية ثمانينيات القرن الماضي.

إلى ذلك، لم يكن من غير الطبيعى فى ظل تعاظم فقدان العرب الثقة بأنفسهم، خاصة بعد التطورات السلبية الدامية لأحداث ما يسمى بالربيع العربى 2011، أن تفرز حالة من الانهزامية الداخلية، شجعت الخصوم على اقتناص تلك اللحظة المواتية تاريخيا.. للإسراع بـ«ضم الأراضى» المحتلة فى 1967، ضاربين عرض الحائط سواء بـ«الحلول الوسطى الإقليمية» أو بالقانون الدولى سواء بسواء، بدءاً بالقدس كعاصمة لإسرائيل.. مرورا بتوقيع «وثيقة الجولان»، حيث «يعطى من لا يملك وعداً لمن لا يستحق»، وإلى ما بعد القانون الدولى فى خطوة ثالثة مرتقبة قد تتمثل فى انقلاب «ترامب» على مسابق وعده – إلى الرئيس الفلسطينى – عشية العام 2018، بدعم «حل الدولتين» مع نشر قوات من حلف «الناتو» فى الدولة الفلسطينية العتيدة، الأمر الذى قد يؤدى من ثم بحسب ما يتواتر من أحداث.. إلى ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، توطئة ربما للاعتراف فحسب بدولة فلسطينية فى قطاع غزة، قد تكون تحت راية «حماس»، سوف تمثل حينئذ شوكة فى خصر مصر عبر شمال سيناء، (كخيار مصرى) تسعى إليه إسرائيل، بأقله منذ منتصف الثمانينيات، لأن يكون وطناً بديلاً للفلسطينيين، وحيث تمضى الولايات المتحدة وفى معيتها إسرائيل فى إجراءاتها – منفردة – رغم عدم اعتراف المجتمع المدنى بما تقوم به بالنسبة للقدس واللاجئين وما إلى ذلك من خطوات تكرس سياسة الأمر الواقع.

إن قرارات الرئيس «ترامب».. تعتبر بمثابة قطع لسياسة الإدارات الأميركية السابقة، ما سوف يؤثر على علاقة الحزبين الجمهورى والديمقراطى، كذلك بالنسبة لاستقرار المنطقة فى ظل اقتراب إعلان «واشنطن» عن مشروعها للسلام، وعما إذا كانت المفاوضات سوف تستأنف للبحث فيما تضمنته المبادرة من تفاصيل سواء مع الفلسطينيين أو السوريين الذين لا يملك أحد سواهم الحق فى التوقيع عن شعبيهما أو تحديد مستقبل أراضيهما المحتلة، إذ إن توقيع واشنطن لـ«وثيقة الجولان» بعد قرارها بشأن القدس عاصمة لإسرائيل، يدق آخر مسمار بنعش «صفقة القرن» قبل أن تلحق بسابقاتها من المبادرات الأميركية، تحت الثرى ذلك فيما تقدم «هدية من السماء» لكل من دور موسكو وطهران فى المنطقة، وللوقوف إلى جانب سوريا، خاصة فى إطار الإحياء الجارى حالياً لكل من الجبهتين الشرقية والشمالية العربيتين، توطئة على الأرجح لدعوة القمة العربية فى نهاية مارس الحالى- سوريا- للالتحاق مجدداً بالبيت العربى .. دعماً لهضبة الصدّ فى وجه الاستسلام العربى.

شريف عطية

شريف عطية

7:09 ص, الخميس, 28 مارس 19