دعا عدد من الخبراء وأصحاب الشركات السياحية بالإسكندرية، إلى استغلال الأزمة الراهنة ومخاوف نقص إمدادات الطاقة التى تشهدها العديد من الدول الأوروبية، والارتفاعات الكبيرة فى أسعار المنتجات البترولية الناتجة عن تفاقم الحرب الروسية الأوكرانية، لجذب عدد من الشرائح من سكان دول أوروبا للإقامة الطويلة أو المتوسطة فى الساحل الشمالى الغربى فى فصل الشتاء.
وأوضح البعض أن منطقة الساحل الشمالى قادرة على استيعاب هذا النوع من السياحة، لاسيما وأن تكاليف الإقامة فى مصر منخفضة، مقارنة مع بلدان أوروبا، ومن ثم فإن الواجهة المصرية تعد مناسبة لهذا المنتج السياحى فى ظل القرب من القارة العجوز.
فى الوقت نفسه، رأى البعض أن نوع السياحة القائمة على الإقامة الطويلة نسبيا والتى يطرحها بعض المختصين فى الفترة الأخيرة للاستفادة من الساحل الشمالى مع ارتفاع أسعار التدفئة فى دول أوروبا «جيدة» إلا أنها غير قابلة للتطبيق، نتيجة عدم البدء فى إطلاق حملة دعائية لهذا النوع من السياحة منذ فترة للاستفادة من الإمكانيات الكبيرة والثروة العقارية المهجورة فى الساحل الشمالى الغربى الآن.
وقال المهندس زين عبيدى الخبير السياحى، وعضو لجنة السياحة فى جمعية رجال أعمال الإسكندرية، إن التطورات الراهنة فى أسعار الغاز العالمية تشير إلى أن الفترة الحالية مثالية للترويج لمواطنى بعض الدول الأوروبية، للإقامة فى مصر خلال الموسم الشتوى المقبل.
وأضاف أن البعض يطرح وفقا لبعض الحسابات أن إقامة مواطنى بعض الدول الأوروبية، فى مصر خلال الموسم البارد ستكون تكلفتها أقل من أسعار الغاز فقط الذى سيستخدمه للتدفئة خلال الشتاء المقبل.
وأضاف أن الفكرة ليست جديدة وهى تأتى استكمالا للمبادرة التى طرحت منذ عقود لقطاع كبير من السياحة، لاستغلال الساحل الشمالى، خاصة من شمال أوروبا خلال فصل الشتاء.
وأشار إلى أن تلك المبادرات كانت تقوم بالأساس على أن درجات الحرارة فى بعض الدول الأوروبية خلال فصل الشتاء تكون دون الصفر، بينما تكون متوسطة الدرجة فى الساحل الشمالى، ومن ثم فالفارق كبير فى طبيعة الجو.
ولفت إلى أن تركيا على سبيل المثال، قطعت خطوات كبيرة فى هذا النوع من السياحة منذ سنوات، واعتمدت على التسويق السياحى بشكل أكبر من مصر، رغم أن الكيانات المحلية كانت سباقة فى طرح تلك الفكرة منذ سنوات.
وطالب «عبيدى» بالاهتمام بالسياحة الخارجية، حتى يكون للسوق المصرية نصيب من حصة سكان الدول الخارجية حول العالم، بما يمكن من تنشيط الساحل الشمالى فى فترة الشتاء واستغلال الفنادق التى ضخت فيها مليارات الجنيهات.
وأوضح أن الاهتمام بالسياحة الخارجية تتعاظم أهميته فى هذا التوقيت كونها مصدرا رئيسيا لجلب العملات الأجنبية، خلال الفترة الحالية.
ولفت إلى أن بعض الدول المحيطة بنا مثل «تونس» تقوم باستغلال هذه الفترة وشواطئها الآن ممتلئة بالكامل، فضلاً عن أنها تستغل فصل الشتاء أيضا.
من جانبه، قال عماد البنا رئيس مجلس إدارة غرفة شركات السياحة فى الإسكندرية السابق، إن طرح منتج سياحى كفكرة استقدام الأوروبيين للإقامة فى مصر يحتاج إلى بعض التجهيزات، الكبيرة، وغالبتها موجودة، لكن يتوقف على طبيعة الاستغلال الأمثل، مشيرا إلى أنه إذا نجحت الشركات فى جذبه للسوق المحلية، سيحقق إضافة بسيطة.
وأوضح أن نوع هذا السائح الذى يتوقع أن يأتى لمصر ينظر للمقصد السياحى من ناحية الخدمة المقدمة والتكلفة، لافتا إلى أنه مع حضوره فلن يبحث عن شركة سياحة فهو يحتاج إلى وحدة سكنية جيدة للإقامة فيها بمواصفات محددة.
وتابع: «يجب البحث عن الخدمات التى سنقدمها للسائح الأوروبى، لافتا إلى أن منطقة العلمين شهدت موسما ناجحا فى الموسم الصيفي الحالى، اعتمادا على السياحة العربية، إلا أنه خلال الأيام المقبلة فسيكون هناك تراجع بها، ومن ثم لابد من إيجاد بديل».
وخفضت شركة «غازبروم» تدفقات الغاز الروسى عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا كجزء من نتائج الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك فى الوقت الذى كانت موسكو على مر التاريخ أكبر مورد للغاز إلى الاتحاد الأوروبى، إذ غطت حوالى %40 من احتياجات دوله.
وعلى مدار الأشهر الماضية تحاول بعض دول أوروبا تدبير بدائل عن الوقود الروسى وتسابق الحكومات الزمن لتأمين احتياجاتها من الغاز الطبيعى والفحم، لكن هذه المساعى للحفاظ على دفئها فى الشتاء المقبل تعتمد بشكل كبير على ثلاث دول فى الجانب الآخر من العالم، وهى اليابان، وكوريا الجنوبية، والصين.
وتشترك بعض الدول الآسيوية فى ذروة الطلب على التدفئة خلال فصل الشتاء مع أوروبا، لكن يمكن تقييم الوضع حال تحديد تنبؤات دقيقة أنماط الطقس فى الشتاء، خاصة بعد أن ارتفعت حدة المنافسة الدولية على الوقود منذ أن أدى الغزو الروسى لأوكرانيا إلى قلب التدفقات التجارية العالمية، الأمر الذى أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار الفحم والغاز الطبيعى إلى مستويات قياسية.
بدوره، أكد هانى توفيق رئيس لجنة السياحة الخارجية فى شعبة السياحة والطيران بالغرفة التجارية فى الإسكندرية، أن نوع السياحة القائمة على الإقامة الطويلة نسبيا، يتم طرحها فى الفترة الأخيرة للاستفادة من الساحل الشمالى، مع ارتفاع أسعار تدفئة وتكلفة الغاز فى دول أوروبا، لكنها غير قابلة للتطبيق فى الوقت الراهن نتيجة عدة عوامل.
وأشار إلى أن منطقة الساحل الشمالى غير مؤهلة فى الفترة الحالية لاستقبال هذا النوع من السياحة نتيجة أن العديد من الخدمات والمولات والسوبرماركت وما إلى ذلك يقوم بالإغلاق خلال فترة الشتاء، وبالتالى فمن حيث المبدأ الفكرة جيدة لكن تنفيذها يواجه صعوبات.
وأوضح أنه كان لابد أن يتم البدء فى إطلاق حملة دعاية لهذا النوع من السياحة منذ منذ فترة، حتى يكون لدى العاملين فى القطاع القدرة على الاستفادة من الإمكانيات الكبيرة والثروة العقارية المهجورة فى الساحل الشمالى الغربى الآن.
واعتبر أن المشكلة تكمن فى أن معظم تلك الخدمات تقوم بالإغلاق خلال الموسم الشتوى مما يعيق فكرة الانتفاع بهذا النوع من السياحة.
وأشار إلى أن المنشآت السياحية، كانت على وشك ترسيخ هذا النوع من السياحة قبل ثورة 25 يناير وتحويل مدينة الغردقة إلى مشتى للأوربيين، ولكنها لم تستكمل ولم يكتب لها النجاح بسبب قيام الثورة.
وتتسابق الدول الأوروبية للاستعداد للشتاء وخفض استهلاك الغاز لتعزيز واردات الغاز الطبيعى المسال لملء الخزانات وإعادة تشغيل محطات توليد الطاقة بالفحم المتوقفة.