نقاد وسينمائيون ينعون مفيدة التلاتلي مخرجة «صمت القصور» ومكتشفة هند صبري

«صمت القصور» يعد من أهم و أجمل الأفلام التونسية،وقد حفر اسمه بين أهم 100 فيلم فى تاريخ السينما العربية

نقاد وسينمائيون ينعون مفيدة التلاتلي مخرجة «صمت القصور» ومكتشفة هند صبري
رحاب صبحي

رحاب صبحي

7:16 م, الجمعة, 12 فبراير 21

مخرجون مصريون ونقاد ينعون المخرجة السينمائية التونسية ووزيرة الثقافة السابقة مفيدة التلاتلي التى توفت منذ أيام عن عمر يناهز 74 عاما.

وولدت التلاتلي في مدينة سيدي بوسعيد بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية عام 1947، وحصلت على دبلوم المونتاج من معهد الدراسات العليا السينمائية في باريس عام 1968. لتعمل في التلفزيون الفرنسي محرّرة للنصوص ومديرة إنتاج، قبل أن تعود إلى تونس في 1972 واتجهت للسينما ، وأخرجت الراحلة في العام 1994 أول أفلامها «صمت القصور»، والذي عرض في مهرجان كان السينمائي وحصل على العديد من الجوائز العالمية، وهو الذي توّج بتانيت قرطاج السينمائي، لتغدو التلاتلي بذلك أول مخرجة في العالم العربي وأفريقيا تتوّج بالتانيت الذهبي لقرطاج السينمائي.

والفيلم الذي أخرجته التلاتلي عن سيناريو مشترك بينها وبين النوري بوزيد تم اختياره في العام 2013، كخامس أفضل فيلم ضمن قائمة مرجعية لأفضل مئة فيلم عربي، وهو من بطولة هند صبري، وآمال الهذيلي وناجية الورغي وهشام رستم  وآخرين، كما استطاعت ان تكون من ضمن قائمة أفضل المخرجات العربيات الذين حققوا تفرد كبير فى السينما العربية بشكل عام وبالأخص فى تونس وقدمت فيلم صمت القصور الذى حقق نجاح كبير وهى مكتشفة هند صبرى لتونس ومصر.

وتأسف المخرج  المصري أمير رمسيس على وفاة التلاتلي ، مؤكدا أن أفلامها تعد من علامات السينما العربية، فمن الصعب أن نتحدث عن تاريخ السينما العربية دون ذكرها، ففيلمها «صمت القصور» يعد من أهم و أجمل الأفلام التونسية، وقد حفر اسمه بين أهم 100  فيلم  فى تاريخ السينما العربية ، لافتا إلى أنها أيضا تعد مونتيرة شديدة التميز، مشيرا إلى أنها قامت بالمونتاج فى العديد من الأعمال التونسية الهامة، ومنها الفيلم الشهير “عصفور السطح ” أو ” حلفاوييت للمخرج التونسي الكبير فريد بو غدير.

ولفت رمسيس أن المخرجة التونسية الراحلة هى من قدمت الفنانة المتميزة هند صبرى لأول مرة حينما كان عمرها حوالي 14 عاما، وذلك في فيلمها الأشهر “صمت القصور”، ومنه انطلقت هند صبري لغزو السينما التونسية والمصرية أيضا.

ومن جانبها، أكدت الناقدة صفاء الليثى  على دور الراحلة  مفيدة التلاتلى في اكتشاف الفنانة هند صبرى فى بداياتها وتقديمها في فيلم«صمت القصور»، والذي كان يتحدث عن الطبقة العالية التى كانت تعيش فى قصور تونس وعلاقتهم بالعاملين في القصر، موضحة أن الفيلم قائم على رصد التفاصيل الصغيرة، مثل أحاديث العاملات في المطبخ، لذا فهو ينتمي لنوع من السينما التى كنا نفتقدها ، كما أنه يعد من أجمل الأفلام التى كانت  تعبر عن المرأة والمشاكل التى كانت تعانى منها النساء من الفروق الطبقية، موضحة أن الفيلم فيه نوع من التناول الاجتماعى الذى يعرض الخلفية الاجتماعية، بالإضافة إلى قضية المرأة، وكان اختيارتها للممثلين والممثلات مميزا للغاية، وكانت تقود الممثل بشكل دقيق حتى توصل ما تريده من خلاله، حتى وأن كان ذلك الممثل مبتدئا، وأفلامها كانت تتميز بالعمق والثراء في التفاصيل  وتميز القصة والموضوع، وأن كانت صفاء الليثي قد أوضحت ان فيلم «موسم الرجال » للتلاتلي” لم ينل إعجابها مثلما حدث مع فيلم «صمت القصور» .

ولفتت إلى أن التلاتلى كان لها درور فى مونتاج افلاما تونسية مهمة ، مما يذكرنا بالمخرجين كمال الشيخ وصلاح أبوسيف الذى بدءوه مشوارهم فى البداية كمونتيرين ثم أصبحوا مخرجين بعدما قاموا بعمل مونتاج لأفلام عديدة.

أما الكاتبة والناقدة الصحفية حنان شومان فأكدت أن التلاتلي كانت من المخرجات القلائل اللواتي استطاعن ان تنقلن السينما التي ينتجونها نقلة جلبت لها الاحترام والتقدير العالمى، مع الأخذ في الاعتبار أن السينما التونسية هى أساسا  ليست سينما ذات باع طويل، كما أن أفلام مفيدة، وعلى الأخص فيلمها «صمت القصور»  قدمت صورة لفكرة المرأة والحياة العربية فى تونس، وعلى قدر ما كانت شديدة المحلية استطاعت أن تعبر بهذه السينما إلى التقدير العالمى، ومن المؤكد أنها بالنسبة لتونس ذات قيمة كبيرة جدا كمان هى بالنسبة للسينما العربية هى قيمة وقامة لأن عدد المخرجات العربيات فى النهاية عدد محدود جدا.

وأوضحت شومان ان من بين اعظم اعمال مفيدة التلاتى انها اكتشفت هند صبرى، وهي بهذ تكون قد قدمت للسينما العربية والمصرية خدمة جميلة لان هند صبرى ، بالرغم من كونها تونسية ، الا انها تقدم الشخصية المصرية افضل من المصريات أحيانا ، فمثلها في ذلك  مثل فايزة احمد وصباح ووردة وعشرات من الفنانات اللواتي اعتبرناهن منتج مصرى.

وقالت شومان أن رحيل التلاتلى كانت بالنسبة لهند صبرى فقدان شخصى مثل ماقالت عند نعيها لها على السوشيال ميديا.

وأشارت شومان إلى أنه إذا كان المخرجة مفيدة التلاتلى هي التي قدمت  هند صبرى فى السينما عموما، فإن إيناس الدغيدى هي التى قدمتها الى السينما المصرية والانتشار الأكثر، مشيرة إلى أن إيناس الدغيدى كان لديها قضية لم تنجح فى اختراقها مثلما نجحت مفيدة، لأن الخبرة كانت أكثر مثابرة من إيناس التى كانت تميل أكثر للجانب التجارى، لكنهما كانتا من نفس الجيل وتدافع ام عن نفس القضية لكن باختلاف ظروف كل منهما.

وأشارت شومان إلى فيلم «موسم الرجال» الذي أنتجته التلاتلي في العام 2000، والذي تدور قصته حول نساء جزيرة جربة، «جنوب شرق تونس » وهجرة رجالهنّ وتفرقهم بعيدا عنهنّ للعمل خاصة في التجارة والصّناعات الحرفية التقليدية، لتسرد التلاتلي حجم الفراغ العاطفي والنفسي الذي تعيشه نساء الجزيرة الحالمة في ظل غياب أزواجهنّ. وهو من بطولة هند صبري في ثاني تعامل بينها وبين التلاتلي إلى جانب منى نورالدين وصباح بوزويتة وأحمد الحفيان وعلي الخميري وهيام الرصاع ووجيهة الجندوبي وآخرين.

كما أخرجت التلاتلي أيضا في العام 2004 فيلمها الثالث «نادية وسارة»، ولا يجب أن أنسى أنها قامت بمونتاج العديد من الأفلام العربية التي لاقت نجاحا جماهيريا كبيرا مثل «ذاكرة خصبة» للفلسطيني ميشال خليفي و«حلفاوين» للتونسي فريد بوغدير .

واختيرت التلاتلي وزيرة للثقافة في حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت عقب إسقاط نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي عام 2011.

وكان العديد من الفنانين التونسيين  قد نعوا التلاتلي ، و على رأسهم هند صبري التي كتبت : المرأة التي غيّرت حياتي رحلت اليوم.. المرأة الّتي اكتشفتني ورأت ما لم يراه غيرها، رحلت اليوم وطوت صفحة لم أكن جاهزة لطيّها. «موفا».. المرأة، الأم.. شكرا على كلّ شيء شكرا معلّمتي. لروحك الطيبة السلام”.

كما نعتها  درة زروق التي تعاونت مع الراحلة في فيلم «نادية وسارة»، حيث كتبت على تويتر لا زلت لا أصدّق رحيل المخرجة التونسية المبدعة مفيدة التلاتلي، نحن نفقد في آخر سنتين الجيل الذي جعلنا نحب السينما والفن في الوطن العربي. رحلتي مبكّرا يا مفيدة.