نص رسالة سلماوي للاعتذار عن منصب رئيس اتحاد الكتاب

نص رسالة سلماوي للاعتذار عن منصب رئيس اتحاد الكتاب

نص رسالة سلماوي للاعتذار عن منصب رئيس اتحاد الكتاب
جريدة المال

المال - خاص

6:45 م, الثلاثاء, 31 مارس 15

علي راشد 
فاجأ الكاتب محمد سلماوى مجلس اتحاد الكتاب فى جلسته الأولى بعد انتخابات التجديد النصفي، وهى الجلسة الإجرائية المخصصة لاختيار رئيس الاتحاد وهيئة المكتب، بالامتناع عن ترشيح نفسه رئيسا كما كان متوقعا.
 وقال سلماوى إن هذا القرار نهائي ولا رجعة فيه، وأنه يأتي بمناسبة بلوغه سن السبعين التى يريد أن يبدأ بها مرحلة جديدة فى حياته، يتحرر فيها من الالتزامات الإدارية والتنفيذية، ويكرس وقته للكتابة استكمالا لمشروعه الأدبى، كما طلب سلماوى إعفاءه من السنتين المتبقيتين فى دورته الانتخابية التى تنتهى فى ٢٠١٧.  
وقدم سلماوى للمجلس رسالة رسمية بهذا المعنى قال فيها أنه كان قد فاتح بعض الأعضاء فى هذا الأمر منذ فترة لكنهم طلبوا منه إتمام اجتماع الجمعية العمومية التى عقدت يوم الجمعة الماضى، حتى تمضى الأمور فى مسارها الطبيعى على أن يتخذ قراره بعد ذلك.
ووجه سلماوى الشكر فى رسالته الى مجلس الاتحاد الذى ظل يختاره رئيسا بالتزكية طوال السنوات العشرة الماضية، والى الأدباء والكتاب أعضاء الاتحاد الذين منحوه أعلى الأصوات فى كل انتخابات خاضها حتى الآن، مؤكدا أن تعاون المجلس معه هو الذى حقق للاتحاد إنجازاته الأدبية والمهنية والوطنية، كما حمى الاتحاد خلال فترة الاضطرابات التى تلت الثورة.
 وأعرب سلماوى عن ثقته فى أن الاتحاد سيواصل مسيرته الوطنية، حيث كان أول نقابة أيدت الثورة، وأول نقابة تسحب الثقة من الرئيس السابق محمد مرسى، مؤكدا أنه يعتز بانتمائه الى الاتحاد الذى سيظل فى خدمة أهدافه الكبرى من موقعه كعضو عامل بالجمعية العمومية.  
 وحصلت “المال” على نص الرسالة التي وجهها سلماوي لمجلس الاتحاد منذ قليل وهذا نصها:
“الزملاء الأعزاء أعضاء مجلس الاتحاد
فى مثل هذه الأيام عام ٢٠٠٥ شرفتمونى باختيارى رئيساً لاتحاد كتاب مصر بعد انتخابات التجديد النصفي التى منحنى فيها أعضاء الجمعية العمومية للاتحاد أغلبية هائلة اعتز بها كل الاعتزاز. وقد استمر موقفكم الكريم معى طوال السنوات العشر الماضية، فظللتم تمنحونى ثقتكم فى كل المجالس المتعاقبة، وكنتم تشرفوننى فى كل مرة بالاختيار بالتزكية، متنازلين بذلك عن حقكم الطبيعى فى الترشح للرئاسة. كذلك استمرت الجمعية العمومية تمنحنى أعلى الأصوات فى كل الانتخابات التى شهدها اتحادنا الموقر طوال السنوات العشرة الأخيرة.  
ولقد كان تأييدكم لى وتعاونكم معى طوال الفترة الماضية هو الدافع الأكبر الذى مكننا من أن نحقق لاتحادنا الموقر إنجازات غير مسبوقة فى تاريخه، فضاعفنا ميزانيته أكثر من عشر مرات، ورفعنا معاش أعضاءه فى بعض الحالات بنسبة ٣٠٠٪، وسعينا أكثر من مرة لاستحداث برنامج للرعاية الصحية أنفقنا فيه حتى الآن أضعاف ما تم إنفاقه فى هذا الغرض منذ إنشاء الاتحاد، وطوَّرنا مبنى الاتحاد ليصبح صرحا معماريا محترما يليق بمكانه أدباء مصر، كما أضفنا للاتحاد مقرا جديدا للمؤتمرات بقلعة صلاح الدين ابهر ضيوفنا من الأجانب قبل المصريين. 
 
أما على صعيد العمل الوطنى فقد كان للاتحاد مواقفه المشهودة التى يعتز بها كل مثقف وطنى، أذكر منها قبل الثورة أن اتحاد كتاب مصر كان أول من تقدم بطلب للنائب العام للتحقيق فى حريق مسرح الثقافة الجماهيرية ببنى سويف الذى راح ضحيته عدد من المسرحيين أعضاء الاتحاد ممن كنا ومازلنا نعتز بهم. كما تصدينا للدعاوى الظلامية لمطاردة الكتاب ولمصادرة كتبهم. أما بعد الثورة التى كنا أول نقابة فى مصر تعلن تأييدها لها، فقد  تنازلنا جميعا عن مواقعنا وقررنا حل مجلس الاتحاد لنتيح للأعضاء حرية انتخاب من يَرَوْنه مناسبا للمرحلة الجديدة التى استحدثتها الثورة، وتابعنامسيرتنا الوطنية بالجمعية العمومية الطارئة التى عقدناها فى ظل سطوة حكم الاخوان، والتى جعلتم فيها من اتحادكم أول نقابة فى مصر تسحب الثقة من الرئيس السابق محمد مرسى، وطالبتم بدستور جديد وانتخابات رئاسية وبرلمانية، وهو ما تبنته القوى الوطنية بعد ذلك تحت مسمى “خريطة المستقبل” التى تسير عليها الدولة الآن. ثم كان للاتحاد مساهمته البارزة فى كتابة الدستور بإضافة فصل جديد عن “المقومات الثقافية”. 
 وعلى الصعيد الأدبى ، فقد دافع الاتحاد عن حقوق أعضاءه الفكرية والأدبية، منتهجا سياسة جديدة للتضامن القانوني مع كل عضو يعتدى على ملكيته الفكرية أو توجه اليه الاتهامات على ما كتب، وقام محامي الاتحاد برفع الدعاوى القضائية باسم الاتحاد وحصلنا للأعضاء بمقتضاها على حقوقهم. وأصدرنا لأول مرة مجلة أدبية للاتحاد هى مجلة “ضاد”، كما ضاعفنا قيمة الجوائز التى يمنحها الاتحاد للمتميزين من أعضاءه، واستحدثنا عددا من الجوائز الجديدة فى مقدمتها جائزة نجيب محفوظ، وقيمتها ١٠ آلاف دولار يمنحها اتحاد كتاب مصر سنويا لكبار الكتاب العرب، تأكيدا لدور مصر العربى الذى كان قد توارى خلال سنوات ما قبل الثورة، وقد فاز بها عدد من أكبر الأدباء والشعراء العرب مثل حنا مينة وسميح القاسم ومحمد الفيتورى وغيرهم. 
وعلى صعيد العمل العربى والدولى، فقد تمكنا من أن نستعيد لمصر رئاسة الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب وحظيتا بتجديد الثقة من الاتحادات العربية الشقيقة طوال تسع سنوات حتى الآن، بعد أن كانت عضوية مصر قد علقت على أثر توقيع اتفاقية كامب ديفيد. كما نجحنا فى إحياء اتحاد كتاب أفريقيا وآسيا، الذى كان قد تجمد نشاطه لأكثر من عشر سنوات. فى نفس الوقت عقدنا اتفاقيات تعاون مع عشرات الاتحادات فى مختلف دول العالم، وأقمنا المؤتمرات الدولية التى استضاف فيها الاتحاد بمقره فى القاهرة بعض اكبر الكتاب العالميين الذين كان من بينهم باولو كويللو وأميناف جوش وإريك إيمانويل شميت وآخرين.    
ولا شك أن كل إنجازات السنوات العشرة الأخيرة، لم تكن لتتحقق لولا وجود تعاون مشترك بيننا جميعا ولولا التأييد المستمر الذى حظينا به من أعضاء الجمعية العمومية الذين يتابعون عملنا والذين هم مصدر شرعية هذا المجلس.
الزملاء الأعزاء 
لقد بدأت مصر مرحلة جديدة فى تاريخها بعد أن اختار أبناؤها طريق المستقبل والتقدم والتنمية. وهو ما يفرض على الاتحاد أن يبدأ مرحلة جديدة فى تاريخه يضاعف فيها إنجازاته على طريق النهضة الثقافية التى ينتظرها الناس.     
 
وإن هذا الظرف التاريخي الذى تمر به البلاد ويمر به الاتحاد الآن إنما يجيء متزامنا مع مرحلة جديدة فى حياتى الشخصية أعددت لها منذ زمن. وقد يذكر البعض منكم أننى تحدثت إليكم فى مناسبات مختلفة عن نيتى عند بلوغ سن السبعين أن أتحرر من جميع التزاماتى التنفيذية والإدارية لأكرس ما تبقى من سنوات العمر للعمل الإبداعي عن طريق استكمال مشروعى الأدبى الذى كثيرا ما عطلته التزامات المواقع التنفيذية العديدة التى توليتها، وللمشاركة بشكل أكثر حرية فى الحياة الثقافية للبلاد.  
وأصارحكم القول أننى كنت قد قررت أن أعرض عليكم قرارى هذا فى الجلسة الأخيرة من الدورة الماضية باعتبار أن الجمعية العمومية تؤسس بالانتخابات التى تجريها، لدورة جديدة ستبدأ بعد انصرافى، لكن بعضكم حذرونى من أن ترك الرئاسة قبيل انعقاد الجمعية العمومية قد لا يضمن أن يتم الاجتماع بالشكل المرجو، وعبروا عن قناعتهم بأن إتمام اجتماع الجمعية العمومية هو مسؤلية يتحملها الرئيس لانها بمثابة تقديم كشف حساب لأداء المجلس خلال الفترة المنقضية. ونزولا على هذا الرأي وحرصا على إتمام المهمة على النحو المرجو فقد أتممت انعقاد الجمعية العمومية يوم الجمعة الماضى، واتخذت قرارى بأن يكون توقيت الانصراف فى بداية الدورة الجديدة، وهو ما أراه الموعد المناسب بالنسبة لعمل المجلس حيث يختار فيه الرئيس الجديد، وبالنسبة لى أيضا حيث أستعد لبلوغى السبعين فى شهر مايو القادم . وهو نفس الشهر الذى أقدمت فيه على خطوة مماثلة منذ خمس سنوات حين قررت عام ٢٠١٠ أن أترك موقع رئيس تحرير “الأهرام إبدو” التى شرفت بتأسيسها، فأبلغت زملائى بالجريدة، كما أبلغكم اليوم، أننى قررت، وقد وصلت للسن القانونية التى نص عليها القانون، أن أترك موقعى لمن يأتي بعدى، وكنت بذلك أول رئيس تحرير يترك موقعه من تلقاء نفسه احتراما لقانون الصحافة الذى درجت القيادات الصحفية فى مرحلة ما قبل الثورة على تجاهله. ووقتها تسائلت بعض الصحف إن كنت بذلك أبعث برسالة لمن يتشبثون بمواقعهم السياسية مدى الحياة. 
الزملاء الأعزاء
من أجل ذلك كله فإنى أستأذنكم فى عدم الترشح لرئاسة الاتحاد، وفى ترك موقعى بالمجلس لقيادة جديدة قادرة على استكمال المسيرة، وهذا قرار نهائي ولا رجعة فيه، وإنى على ثقة أنكم ستتفهمون موقفى هذا الذى رأيت أن يكون أمامكم فى هذه الجلسة المخصصة لاختيار رئيس الاتحاد وهيئة المكتب، وعدم الانتظار حتى شهر مايو  القادم الذى اتطلع لأن أبدأ فى نهاياته مرحلة أتطلع إليها بعد إتمام رحلة علاجية أنا مرتبط بها بعد أقل من أسبوعين، حيث سأسافر إلى ميونيخ بألمانيا يوم ١٣ إبريل لإجراء فحوصات وتحاليل طبية لم يكن لى حرية اختيار موعدها.
وانى إذ أترك اليوم موقع الرئاسة فإننى أتقدم لكم أيها الزملاء الأعزاء، وأتقدم من خلالكم إلى الجمعية العمومية، بطلب إعفائى بعد هذه الجلسة من السنتين المتبقيتين فى دورتى الانتخابية الحالية والتى كان من المفترض أن تستمر حتى عام ٢٠١٧، مع استمرار تمسكى بشرف الانتماء الى هذا الاتحاد الموقر، واستعدادى الدائم لبذل كل الجهد من موقعى كعضو عامل بالجمعية العمومية لخدمة الاتحاد والدفاع عن حقوق ومصالح أعضاءه.  
الزملاء الأعزاء أعضاء مجلس الإتحاد
لقد عبرنا بالاتحاد الى بر الأمان وسط عواصف عاتية كانت تحيط به وبكافة مؤسسات البلاد، واليوم استطيع أن أمضى الى مرحلة جديدة من العمر مطمئنا إلى أن الاتحاد سيكون فى أيد أمينة تقدم له المزيد من العطاء الذى يستحقه منا جميعا، وإنى سأظل أذكر بكل المحبة وبكل العرفان تعاوننا المثمر على مدى السنوات، والذى مكننا من تحقيق إنجازات كبيرة لكيان عظيم نشرف جميعا بالانتماء اليه، وأتمنى لكم وللاتحاد مزيد من التقدم والازدهار فى ظل قيادات جديدة لا يداخلنى شك فى أنها ستساهم فى إعلاء قامة هذا الصرح الثقافى المجيد، وفى تعظيم مكانته التى تأكدت خلال السنوات العشرة الأخيرة على الساحة المحلية والعربية والدولية. 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 
 
محمد سلماوى  
 
 

جريدة المال

المال - خاص

6:45 م, الثلاثاء, 31 مارس 15