أعلنت الدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولى أن مصر من المقرر أن تستلم خلال الأيام القليلة المقبلة مليار دولار من المملكة العربية السعودية موزعة بواقع 500 مليون دولار، كشريحة أولى من قرض لبرنامج تنمية سيناء و500 مليون دولار تمثل الشريحة الثانية من المنحة التى خصصتها المملكة لمصر فى أبريل الماضى، بقيمة 2.5 مليار دولار.
وأضافت – فى حوار مع «المال» تنشره بمناسبة صدور تقرير ما الذى يعيق القطاع الخاص فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، اليوم – أن بعثة من الصندوق السعودى للتنمية من المقرر أن تزور مصر الأسبوع الجارى، لبحث إجراءات صرف الشريحة الأولى من قرض تنمية سيناء الذى وافق عليه البرلمان منذ أيام.
وأكدت أن التقرير الصادر عن البنك الدولى والبنك الأوروبى للإنشاء والتعمير وبنك الاستثمار الأوروبى، مهم جدا للحكومة فى الفترة الحالية لأن القطاع الخاص هو شريك أساسى فى عملية التنمية.
ولفتت إلى أن هناك مليارا آخر يجرى العمل للحصول عليه، ويمثل الشريحة الأولى من قرض دعم الموازنة من البنك الدولى من إجمالى 3 مليارات دولار مخصصة لمصر، إذ أن البرنامج يستهدف القضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة، وإلى نص الحوار:
«المال»: الفترة الماضية شهدت تحركات واسعة من مجلس النواب، لإقرار إصلاحات اقتصادية طموحة تخطط الحكومة المصرية لتنفيذها منذ زمن طويل، مثل قانون ضريبة القيمة المضافة، وقانون الخدمة المدنية.. كيف ستؤثر تلك الإصلاحات على الاقتصاد المصرى ونظرة المؤسسات التمويلية لمصر، وماذا عن موعد دخول الشريحة الأولى من قرض البنك الدولى الخاص بدعم الموازنة، باعتبار أن تلك الإصلاحات كانت ضمن البرنامج الاقتصادى الذى قدمته الحكومة للبنك دون أى اشتراطات منه؟
وزيرة التعاون الدولى: تم وضع البرنامج الاقتصادى بالتشاور مع مختلف شركاء الوطن من ممثلى القطاع الخاص والمجتمع المدنى كما حرصنا على الاستفادة من خبراء المجتمع الدولى، ووضع البرنامج رؤية محددة وجدول زمنى واضح، وساعدنا ذلك على قيام المؤسسات التمويلية المختلفة فى صياغة إستراتيجيات التعاون مع مصر وفقا للبرنامج التنموى.
تمت صياغة برنامج الإصلاح ليحقق فى جوهره العدالة الاجتماعية
وتمت صياغة برنامج الإصلاح ليحقق فى جوهره العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية الشاملة، وحصل بالفعل على موافقة أغلبية مجلس النواب، ليصبح برنامج مصر، والهدف الرئيسى الذى بنى عليه هذه الإصلاحات هو تحقيق تنمية شاملة مستدامة من خلال تحسين الظروف المعيشية للمواطن المصرى، ووصول الدعم لمستحقيه، ودعم الفئات الأكثر احتياجا، وتنفيذ المشروعات القومية الكبرى التى توفر فرص عمل للشباب.
وأجمعت مؤسسات التمويل الدولية، على أن الإصلاحات الاقتصادية التى تتم فى الفترة الحالية تضع مصر على الطريق الصحيح، وأن البرنامج الإصلاحى الجارى تنفيذه حاليا من أقوى برامج الإصلاح فى القارة الأفريقية، إذ تم وضعه دون أى إملاءات أو تدخلات خارجية، وبالتالى فإن المؤسسات التمويلية تثق فى برنامجنا للإصلاح، والدليل على ذلك هو أن مصر تحقق تحسنا تدريجيا ومستمرا فى تصنيفها الائتمانى وفقًا للهيئات الائتمانية مثل «فيتش» للتصنيف الائتمانى، ووكالة موديز.
«المال»: وماذا عن موعد دخول الشريحة الأولى من قرض البنك الدولى دعم الموازنة؟
وزيرة التعاون الدولى: الشريحة الأولى لقرض البنك الدولى بقيمة مليار دولار، جار العمل على الحصول عليها قريبًا، والأهداف التى تم تحديدها فى هذا الشأن هى القضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة، والحرص على أن جميع فئات المجتمع تشارك وتستفيد من المشروعات القومية التى توفر فرص العمل وتستفيد منها المحافظات الأكثر احتياجا.
وكانت وزارة التعاون الدولى حريصة فى البداية على أن تتم مناقشة برنامج البنك الدولى، مع جميع وزراء المجموعة الاقتصادية وتوضيح جميع الإجراءات اللازمة حتى يتم الصرف من شرائح البرنامج، كما حرصت على أن يتم التصديق على البرنامج من البرلمان والحصول على موافقته.
«المال»: ما هى التمويلات المتوقعة خلال الفترة المقبلة من مؤسسات التمويل الدولية؟
وزيرة التعاون الدولى: أود أن أشير إلى أن وزارة التعاون الدولى، تعمل بشكل مؤسسى فى جميع القرارات سواء الخاصة بالتمويل أو بتوفير المساعدات الفنية، ولا يتم التفاوض إلا بناءً على طلب الوزارة الخدمية التى تحتاج مساعدة تمويلية أو فنية، وطبعا تكون هذه البرامج جزءا من الخطة وبرنامج الحكومة.
لن يتم الحصول على تمويل من أية مؤسسة إلا إذا كانت لتنفيذ مشروع جاهز
والوزارة تضع محددات وضوابط صارمة للاقتراض، ولن يتم الحصول على تمويل من أية مؤسسة تمويلية إلا إذا كانت لتنفيذ مشروع جاهز، وله عائد اقتصادى، واجتماعى ومدرج على الخطة التنموية للدولة، بالإضافة إلى تأكيد الجهة المستفيدة ووزارة المالية على القدرة على السداد.
وبناءً على ذلك لن أحدد حجم تمويلات مسبقة، ولكن التمويل سيحدد وفقا لاحتياجات المواطنين، وأنا حريصة على توفير التمويل للمشروعات القادرة على توفير فرص عمل للشباب، وبما لا يضع أى أعباء على الأجيال القادمة، ولكن هناك مشروعات قومية كبرى جار التفاوض بشأنها فى الفترة الحالية مع البنك الدولى.
«المال»: ما هى أهم المشروعات الأخرى الجارى التفاوض بشأنها مع البنك الدولى؟
وزيرة التعاون الدولى: نتفاوض مع البنك الدولى لتمويل برنامج التنمية المحلية فى محافظات صعيد مصر، وجار التفاوض معه لتوفير تمويل لتطوير الخدمات وتوفير البنية الأساسية ذات الجودة العالية فى محافظتى قنا وسوهاج، إلى جانب، «البرنامج القومى المتكامل للتنمية الزراعية فى صعيد مصر» ضمن المرحلة الأولى من برنامج استصلاح المليون ونصف فدان، وتقوم حاليًا وزارة التعاون الدولى بالإجراءات اللازمة للإعداد والتنسيق بين جميع الجهات المعنية بتنفيذ المشروع، وبالأخص وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى وشركة الريف المصرى الجديد وهما الجهتان الأساسيتان المعنيتان بتنفيذ المشروع، وبين فريق عمل البنك الدولى الذى يزور مصر حاليا للانتهاء من مراحل العداد للمشروع، ويهدف المشروع إلى تحقيق الأمن الغذائى، وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة مكاملة، توفير فرص عمل.
«المال»: هل توجد مباحثات مع مؤسسات تمويل أخرى؟
نبحث إمكانية توفير تمويل من البنك الأفريقى للتنمية لبرنامج تطوير العشوائيات
وزيرة التعاون الدولى: جار بحث إمكانية توفير تمويل من البنك الأفريقى للتنمية لبرنامج تطوير العشوائيات، لإنشاء مناطق سكنية صحية تتوفر فيها البنية الأساسية والظروف المعيشية الجيدة من صرف صحى ومياه نظيفة وسكن.
كما يجرى إعداد إستراتيجية التعاون مع البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، للسنوات الأربع المقبلة، وهى أول إستراتيجية تعاون بين البنك ومصر بعد تحولها إلى دولة عمليات داخل البنك، وهناك مناقشات مع البنك بالإضافة إلى عدد من شركائنا فى التنمية، لتوفير التمويل لمشروعات الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية باعتبارها مشروعات ذات أولوية حاليا.
«المال»: تم تداول تصريحات خلال الأيام الماضية منسوبة إليكم، عن صرف الشريحة الأولى من قرض تنمية سيناء البالغ 1.5 مليار دولار من الصندوق السعودى للتنمية، هل تم ذلك بالفعل وإن لم يكن ذلك صحيحا متى سنحصل على الشريحة الأولى، وماذا عن موعد وصول الشريحة الثانية من المنحة السعودية ؟
وزيرة التعاون الدولى: جار اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للبدء فى تنمية أجمل وأعز بقعة على قلوبنا هى أرض سيناء، نظرا لخصوصيتها وأن أفضل سلاح لمحاربة التطرف، هو تحقيق التنمية وتخفيض معدلات الفقر، وتم وضع جدول زمنى خلال عامين ستتحول سيناء إلى نموذج حقيقى للتنمية المستدامة من خلال توفير طرق، ومجمعات سكنية، وبنية أساسية ومشروعات توفر فرص العمل، وجامعة بمدينة الطور.
ولكى يتم صرف الشريحة الأولى من القرض، لابد من الانتهاء من جميع الإجراءات الدستورية والحصول على موافقة البرلمان على البرنامج، وبالفعل قامت وزارة التعاون الدولى بعرض الاتفاق الإطارى لبرنامج تنمية شبه جزيرة سيناء على اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب بتاريخ 12 يونيو الماضى، وتم الحصول على موافقتها بشأنه، وعقب ذلك تم عرض الاتفاق الإطارى على الجلسة العامة للمجلس بتاريخ 26 يونيو الماضى، ووافقت عليه، وفى انتظار القرار الجمهورى والنشر فى الجريدة الرسمية لإعلان نفاذ الاتفاق حتى يتم صرف الشريحة الأولى.
ومن المفترض أن تصل بعثة من الصندوق السعودى إلى مصر خلال الأسبوع الجارى، لكى يتم الانتهاء من جميع الإجراءات الخاصة بتسليم الشريحة الأولى من برنامج تنمية سيناء.
اقتربنا من انهاء الاجراءات للحصول على الشريحة الثانية من المنحة السعودية
كما أن «التعاون الدولى»، قاربت على الانتهاء من جميع الإجراءات اللازمة للحصول الشريحة الثانية من المنحة السعودية، ومن المتوقع وصولها خلال الأيام القليلة المقبلة.
«المال»: الفترة الماضية شهدت تحركات واجتماعات واسعة لكم، وكان آخرها الاجتماع مع البنك الأفريقى للتصدير والاستيراد..ماهى نتائج هذه الاجتماعات ؟
وزيرة التعاون الدولى: مثلت مصر فى الجلسة الافتتاحية للاجتماع السنوى الـ23 لمساهمى البنك الأفريقى للتصدير والاستيراد، بجمهورية سيشل، لبحث تحقيق التكامل الإقليمى والتنمية المستدامة فى القارة الأفريقية، بحضور بعض رؤساء وزراء عدد من الدول الأفريقية، ووزير مالية الكونجو.
وقمت بعقد اجتماعات مكثفة من بينها الاجتماع مع الدكتور بندكيت أوراما، رئيس البنك الأفريقى للتصدير والاستيراد، وجان بول أدم، وزير المالية والتجارة بسيشل، وتم خلال هذه الاجتماعات، بحث فرص التكامل الإقليمى باعتباره الطريق إلى توسيع الأسواق والاقتصاديات وجذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل، والحد من الفقر، مما يساهم فى تحقيق التنمية الشاملة المستدامة، خاصة وأن قارة أفريقيا غنية بالفرص الاقتصادية العظيمة، ومنها إمكانية زيادة الإنتاجية فى الزراعة، والتوسع فى الصادرات من خلال التجارة البينية الأفريقية، والتى سوف تزيد من معدلات توظيف الشباب، وتقلل من الفجوة فى الأجور بين الجنسين فى أفريقيا.
كما تمت مناقشة محفظة التعاون مع البنك، والأنواع المتعددة من التمويلات التى يقدمها البنك، والتى تهدف إلى تحقيق الشمول المالى فى مصر، وتمت مناقشة مشروعات جار تنفيذها بالتعاون مع البنك، بعدما وفر البنك فى فبراير الماضى 500 مليون دولار لدعم التجارة والتنمية الاقتصادية، وكذلك مليار دولار لتمويل لدعم الواردات من خلال خطوط ائتمانية.
أضف إلى ذلك مناقشة ضرورة المضى قدما لاستكمال بناء طريق القاهرة- كيب تاون، والذى لا يمثل فقط طريقا يربط قارة أفريقيا، ولكنه أيضا طريقا إلى الأسواق الأوروبية عبر الموانئ الساحلية فى مصر وشمال أفريقيا، وسوف يساهم فى خلق العديد من الفرص الاقتصادية، وتعزيز التجارة البينية الأفريقية.
«المال»: ما هو تقييمكم لتقرير البنك الدولى والبنك الأوروبى للإنشاء والتعمير وبنك الاستثمار الأوروبى المقرر الإعلان عنه اليوم، وكيف تستفيد منه الحكومة؟
نسعى للتعاون مع المؤسسات التمويلية المختلفة
وزيرة التعاون الدولى: «التعاون الدولى» حريصة جدا على التعاون مع المؤسسات التمويلية المختلفة للقيام بوضع التقارير الخاصة بالقطاع الخاص، وكذلك تقارير قياس مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال فى مصر.
وهذا التقرير يتناول بشكل تفصيلى كل ما يتعلق بتهيئة البيئة المناسبة للقطاع الخاص فى مصر، ويقدم توصيات على المستوى التنظيمى والتشريعى يمكن من خلالها تفعيل دور القطاع الخاص، وتوفير الظروف المواتية التى تسهل عمل القطاع الخاص للاستثمار فى مشروعات تساعد على توفير فرص عمل للشباب.
والتقرير مهم جدا للحكومة فى الفترة الحالية لأن القطاع الخاص، هو شريك أساسى فى عملية التنمية، الحكومة لاتزاحم أبدا القطاع الخاص، وعلى العكس من ذلك نحن نسعى لشراكة حقيقية مع القطاع الخاص تصب فى النهاية فى مصلحة المواطن، كما أن الحكومة دورها لابد أن يكون مساندا للقطاع الخاص، وتتدخل فى القطاعات والمشروعات ذات الطابع الاجتماعى، مثل التعليم والصحة وتوفير الإسكان لمحدودى الدخل.