أكد مسئولو قطاع التأمين أن أزمة تفشى فيروس كورونا المستجد «كوفيد19» ألقت بظلالها على القطاع فى السوق المصرية إثر توقف بعض القطاعات بشكل جزئى مثل التأمين على السيارات والهندسى والسفر والبحرى والطيران مما يخفض حصيلة الأقساط التأمينية، علاوة على أنه يتطلب استخدام شركات التأمين للخطط البديلة لها مثل إصدار وثائق تأمينية جديدة وتفعيل أخرى لم يكن عليها طلب كبير وتقليص حجم المصروفات وعدم توظيف عمالة جديدة مؤقتا والبعد عن المضاربات السعرية من أجل الحفاظ على معدل نموها وغيرها من الإجراءات الوقائية لحمايتها من الوقوع فى براثن الحرب على الحصة السوقية.
وقال وليد فارس رئيس قطاع الاكتتاب فى شركة «طوكيو مارين جنرال تكافل» إن أزمة كورونا سينتج عنها تأثيرات سلبية على بعض فروع قطاع التأمين وذلك على مستوى العالم كله وليس السوق المحلية فقط خاصة وأن جائحة كورونا تمكنت من دخول غالبية دول العالم وهو ما نتج عنه ضعف فى الأداء الاقتصادى العالمى برمته .
وأشار إلى أن فرع تأمين السيارات التكميلى تأثر بالفعل بقرار وقف المرور التراخيص لعدة أسابيع، مشيرا إلى حدوث انفراجة إلى حد ما بعد فتح وحدات المرور أبوابها أمام المواطنين لترخيص السيارات الجديدة مما يبشر بدخول أقساط تأمينية جديدة لكن ليس بالصورة السابقة.
وأضاف أن فرع التأمين الهندسى سوف يشهد تراجعا فى الطلب عليه وبالتالى حجم الأقساط المحصلة منه عقب وقف تجمعات العمال فى كثير من المشروعات، بالإضافة إلى أن بعض المصانع والشركات حاليا لاتعمل بكامل طاقتها مما سيؤثر على السيولة الداخلة لهم وبالتبعية على إبرام وثائق تأمينية جديدة بالسلب.
وأوضح أن غالبية فروع التأمين على الممتلكات ستتأثر مثل «البحرى» و«الطيران» ليس لتوقفهما فى كل البلاد وانغلاق الدول على نفسها حتى انحسار فيروس «كورونا» وإنما لأن المستورد أصبح لا يستورد نفس الكميات من البضائع والشحنات كما كان من قبل.
وأكد فارس أن التأمين الطبى محل اهتمام العملاء وسوف يزداد الأمر خلال الفترة المقبلة، متوقعا أن يتسبب ضعف الأداء المالى فى العالم كله فى دفع العميل الفردى والمؤسسى إلى التفكير فى خفض التكلفة مقابل الاستغناء عن بعض المزايا التى كان يتمتع بها فى وثيقة التأمين الخاصة به مما سيؤدى إلى تباطؤ العملية التأمينية.
وتابع أن العميل ذى الوعى المرتفع سوف يحافظ على نفس مزايا وثيقته وبذات التكلفة لكن يمكن له أن يطالب شركته بتسهيلات أو جدولة للأقساط وسوف تعمل كل شركة مع عملائها للاحتفاظ بهم ومساعدتهم فى الحصول على التأمين والحماية الكافية.
وفيما يتعلق بتوقعات أن تواجه شركات التأمين ضغوطا من العملاء لفت «فارس» إلى أن عملاء الشركات ممن هم داخل دائرة التأمين على وعى كبير وعلى علم تام بنصوص الوثائق التى بحوزتهم واشتراطاتها واستثناءاتها لكن فى حالة مواجهة أى شكاوى سيتم التعامل وفقا لنصوص العقود المبرمة بين الطرفين – شركة التأمين وعميلها- .
وأكد أن شركات التأمين ملزمة بتوفير كل التغطيات التأمينية التى تعهدت بها والوفاء بالتزاماتها أيضا، لافتا إلى أن شركات التأمين لاتعمل بمعزل عن الآخرين فيوجد رقيب وشركات إعادة تأمين ونصوص للوثائق وكذا إدارات اكتتاب وتعويضات وكلها تعمل لخدمة العميل وفقا للتعاقدات المبرمة معه.
وأشاد بالقرارات التى اتخذتها الهيئة العامة للرقابة المالية لصالح العميل أثبتت فيها أن شركات التأمين داعمة له وقت الأزمة وهو ما سيرفع من الوعى التأمينى بصورة كبيرة بعد انتهاء الأزمة مما يزيد من التدفقات النقدية فى صورة أقساط تأمينية.
وأكد فارس أن هناك وثائق سوف يظهر الطلب عليها فى الفترة المقبلة على الحوادث الشخصية لانخفاض تكلفتها ومزايا فى صرف تعويض لذوى العميل فى حالة الوفاة بأى حادث، علاوة على زيادة الطلب على أى وثيقة مرتبطة بالفرد أو الصحة بشركات الحياة أو الممتلكات.
الدكرورى: زيادة الطلب على «الطبى» وإلغاء المناسبات والمشروعات والصغيرة
ومن ناحيته، قال محمد الدكرورى مدير الشئون الفنية والعمليات فى شركة «أروب» للتأمينات العامة إن هناك تراجعا متوقعا فى «البحرى» و«الطيران» و«السيارات» يليهم الهندسى والحريق بسبب وقف التراخيص والاستيراد من الخارج.
وأشار إلى توقف المشروعات الهندسية بشكل مؤقت لحين انحسار فيروس كورونا وعمل المصانع بشكل جزئى والشركات بالتناوب لحماية العاملين، مؤكدا أن كل هذا سيؤثر على التدفقات النقدية للشركات وبالتالى التجديدات الخاصة بها مما ينعكس على هذه الفروع التأمينية بالسلب إلى حد ما وبشكل مؤقت لحين مرور الأزمة وتبعاتها الاقتصادية.
وأوضح أن التجارة الإلكترونية سيبزغ نجمها وسيزيد الطلب على وثائق تأمين الـ«cyber risk» القرصنة وسيزداد الطلب أيضاً على التسويق الإلكترونى فى شركات التأمين واستخدام التكنولوجيا على أعلى مستوى فى كل القطاعات بالدولة وتغطية خصوصية البيانات و تغطية المسئولية عن الخسارة أو اختراق البيانات و تغطية تكاليف المعالجة الخاصة بها.
وأضاف أنه ستكون هناك زيادة فى الطلب على وثائق التأمين ووثائق الـ» Cancellation Policy» والتى توفر الحماية للمؤمن له ضد الخسارة المالية المترتبة على إلغاء مناسبة معينة أو حدث معين مثل إلغاء أولمبياد طوكيو الذى تم تأجيله حتى الصيف المقبل وإمكانية إلغائه إذا لم يبدأ فى موعده وكذا إلغاء المؤتمرات مما ينتج عن تلك الإلغاءات خسائر بسبب حدوث أخطار معينة يتم الاتفاق عليها فى التعاقد.
وتابع الدكرورى أن هذه النوعية من الوثائق مهمة جدا وسيزيد الطلب عليها، خاصة من الفنادق والمعنيين بتنظيم الأحداث الرياضية والمؤتمرات بشتى أنواعها لتكبد خسائرفادحة عند إلغاء هذه الحجوزات الخاصة بالحدث نفسه وهو ماتعوضه شركات التأمين فى الخارج ويعد من أنجح الأنواع التى عليها طلب.
ولفت إلى بزوغ نجم وثائق التأمين على المشروعات الصغيرة والمتوسطة لما لها من أهمية كبيرة فى المرحلتين الحالية والمقبلة لعملاء شركته، بالإضافة إلى أنها تتماشى مع التوجه العام لسوق التأمين المصرية نحو الشمول المالى.
وقال إن المنتجات الخاصة بالمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر تسعى الدولة بكل جهودها إلى تمويلها وتأمينها من خلال ربط التمويل بالتأمين وهو ما سيعمل بصورة كبيرة على سد الفجوة التأمينية التى لاتزال السوق المصرية تعانى منها.
وأكد أنه من المبكر جدا معرفة ما تخطط له شركات إعادة التأمين العالمية حاليا حيث تقوم بدراسة الشروط الخاصة بالأمراض والأوبئة فى وثائقها لكى تحسم موقفها من إعادة خطرها فى الاتفاقات المقبلة لها.
وأشار «الدكروى» إلى موقف شركات إعادة التأمين من أى سوق لأنه يتوقف على الخسائر وهو ماسيتحكم فى وضعهم لأسعار مرتفعة وشروط إضافية أم لا بخلاف حسم التغطية من عدمه للأمراض والأوبئة فى التجديدات .
وتوقع أن يكون هناك ارتفاع فى أسعار إعادة التأمين وتشديدات فى الشروط بسبب مرور جائحة كورونا بالدول التى بها شركات إعادة التأمين بشكل كبير، خاصة الولايات المتحدة وأوروبا والتى توجد فيها أغلب الشركات ذات التصيف الأول.
بدران: غالبية الفروع تتأثر سلبا وتغطيات فقد الإيراد بسبب حادث وليست للوباء
وقال وائل بدارن الخبير التأمينى إن غالبية فروع التأمين ستتأثر حتما بالسلب بسبب نقص السيولة المالية لمختلف المؤسسات الاقتصادية خاصة البعيدة عن الأغذية والاتصالات لأنهما منتعشان خلال فترة الأزمة ولاغنى عنهما بعدها.
وأشار إلى أن حصيلة الأقساط التأمينية للسيارات والبحرى والهندسى والحريق ستتراجع ولابد من الخطط البديلة من خلال دراسة الطلب على التغطيات التأمينية التى قد يحتاجها العملاء، خاصة بعد الأزمة والتى ستكون مرحلة انتقالية من الركود إلى الانتعاش مرة أخرى .
ولفت إلى ارتفاع الإقبال على تأمين الحياة خاصة وأن شركات التأمين على الأشخاص أعلنت تغطيتها لوباء كورونا عند حدوث خطر الوفاة أما التأمين الطبى فيمكن أن يستقر على ما هو عليه إلا أن الإقبال عليه سيتأثر بالسيولة أيضا.
وأوضح أن شركات التأمين من غير المتوقع دخولها فى جدل مع عملائها حول ما إذا كانت منشآتهم مغطاة ضد فقد الأرباح من كورونا أم لا، وذلك لأن الوباء ليس حادثا وبالتالى فهو غير مغطى، أما الوثائق التى تغطى فقد الإيراد أو عطل الماكينات لحدوث حادث أو لأى سبب مذكور بالوثيقة فستكون مغطاة .
وأشار إلى أن وثائق التأمين على المشروعات المتوسطة والصغيرة ومنتجات التأمين متناهى الصغر ستكون مطلوبة خلال الفترة المقبلة، علاوة على وثائق تأمين الائتمان.
وقال مصدر مسئول فى إحدى الشركات العاملة برأس مال مصرى إن شركات التأمين ستشهد تراجعا واضحا فى أقساط تأمينات السفر والبحرى والهندسى والطيران والسيارات وغيرها من الفروع الأخرى بالتبعية.
ولفت إلى أن شركات التأمين ستقوم بتعديل خططها للعام المالى المقبل وربما تسلك مسارين الأول : يخص تخفيض النفقات بوقف التوسعات وعدم توظيف عمالة جديدة لدى بعض الشركات، والثانى : بمحاولة الحفاظ على الحصة السوقية والعمل على زيادة الأقساط بما يزيد حدة المنافسة من قبل شركات القطاع المحلية.
وأضاف أن شركات التأمين سوف تتأثر لعامين على الأقل تماشيا مع تأثر الاقتصاد كله محليا ودوليا وبالتالى سوف تقوم بإصدار وثائق لم تكن محل اهتمامها بالشكل المطلوب مثل وثائق تأمين الائتمان لتشجيع البنوك على الإقراض وكذا وثائق تأمين القرصنة مثل تأمين الأخطار الإلكترونية لحماية الشركات التى تزاول غالبية أو كافة أنشطتها عبر شبكة الإنترنت وذلك لحماية البنية التكنولوجية للعميل من الخروقات التى يمكن أن تتعرض لها.
وأشار إلى أن دراسة الهيئة قرار التوسع فى إصدار وثائق إلكترونية أخرى بخلاف السفر والإجبارى والطبى ستعمل على إنعاش الأقساط التأمينية لشركات التأمين وهو ماسيؤثر بصورة كبيرة على استخدام شتى الوسائل الإلكترونية فى طلب العميل للوثيقة وإصدارها ودفع أقساطها عبر وسائل الدفع الإلكترونى.
وأكد أن الرقابة المالية اتخذت عددا من القرارات تصب فى صالح شركات التأمين بعد انتهاء الأزمة مثل توجيه الشركات لسرعة سداد تعويضات الطبى والقطاع الصناعى وتأجيل سداد الأقساط التأمينية، ومتابعة إصدار الوثائق بالشروط الفنية السليمة للعميل وهى كلها ستخلق عميلا واعيا واثقا فى دعم شركات التأمين له.
وأوضح أن شركات التأمين تواجه ضربات متتالية بفعل تفشى وباء كورونا، لكن سينتهى الأمر مثلما انتهت أزمات كثيرة مثل الأزمة المالية العالمية فى 2008 وثورة يناير 2011 والتعويضات الضخمة التى صرفتها الشركات، ولكن تبقى العميل الواعى، وزاد عدد العملاء من وقت لآخر واتسع نطاق التغطيات التأمنيية وتنوعت الوثائق التى أصبحت تلبى غالبية رغبات حملتها.