تشهد أسعار السيارات المستعملة «السكندهاند» فى مصر ارتفاعات كبيرة؛ و«مبالغ فيها» وفق تقديرات عدد من العاملين فى سوق السيارات، فى ظل ارتفاع الطلب على هذه النوعية من السيارات وسط ندرة المعروض.
ويبرر العاملون فى السوق ندرة المعروض من السيارات المستعملة بتراجع عمليات استبدال السيارات القديمة بأخرى جديدة مع قلة الخيارات المتاحة أمام العملاء لتحديث سياراتهم فى ظل عدم انتظام عمليات توريد السيارات الجديدة من قبل الشركات العالمية التى تعانى جراء أزمة كورونا وأزمة نقص المكونات خاصة المتعلقة بأشباه الموصلات.
ودفعت أزمة النقص فى أشباه الموصلات (الرقائق الإلكترونية) العديد من مصنعى السيارات على مستوى العالم إلى خفض الطاقة الإنتاجية للمصانع وإبلاغ الوكلاء عبر العالم بانخفاض الكميات الموردة إليهم؛ مما دفع وكلاء مصريين إلى إعلان وقف الحجوزات على العديد من الطرازات، فضلًا عن إبلاغ شبكات التوزيع بتقليل الكميات التى يتم تسليمها إليهم شهريًا.
ونتج عن ذلك نقص المعروض فى السوق المصرية من الطرازات الجديدة وبيع المتاح منها بأعلى من أسعارها الرسمية المعتمدة من قبل الوكلاء؛ وهو ما دفع الكثير من العملاء إلى البحث عن بدائل فى سوق السيارات المستعملة وإحجام آخرين عن بيع سياراتهم ما تسبب فى فجوة بين مستويى العرض والطلب؛ نجم عنها زيادة كبيرة فى الأسعار.
ويقول صلاح الكمونى عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية ورئيس شركة الكمونى للسيارات إن غياب الطرازات «الزيرو» عن معارض السيارات فى مصر أتاح الفرصة لرواج مبيعات المستعمل بعد لجوء العملاء إليها؛ خاصة مع اشتعال ظاهرة «الأوفر برايس» فى السوق المحلية مع مغالاة بعض التجار والموزعين فى الأسعار ليحصلوا على مبالغ تتجاوز السعر الرسمى للسيارات والمعتمد من قبل الوكلاء.
ويوضح أن أسعار السيارات المستعملة حاليًا أصبحت مرتفعة للغاية فى ظل نقص المعروض منها وسط زيادة الطلب الناجم عن سعى العملاء للبحث عن بدائل رخيصة للسيارات «الزيرو».
ويلفت إلى أن العميل أصبح يجد السيارة التى يرغب فى شرائها بصعوبة كبيرة للغاية؛ وقد يضطر لشرائها من معارض فى محافظات بعيدة، وقد لا يجد الألوان التى يرغب فيها، ومع ذلك يدفع مبالغ أعلى من السعر الرسمى للسيارة.
ويشير إلى أن العامل الرئيسى وراء هذه الأزمة هو أزمة الرقائق الإلكترونية التى أدت لعدم انتظام عمليات التوريد من جانب الشركات العالمية، فضلًا عن تراجع الحصص الموردة للموزعين.
جدير بالذكر أن أزمة الرقائق الإلكترونية بالنسبة لقطاع السيارات تعود إلى خفض الشركات الأم المنتجة للسيارات خلال الشهور الأولى من وباء كورونا؛ تعاقداتها مع الشركات المصنعة للرقائق بعد لجوء الكثير من شركات السيارات إلى الإغلاق الكلى أو الجزئى ضمن إجراءات مكافحة انتشار وباء كورونا، وقد تزامن خفض تعاقدات شركات السيارات على الرقائق مع زيادة الطلب على المنتجات الإلكترونية خلال فترة بقاء الناس فى المنازل حيث ازداد اعتمادهم على الإلكترونيات لتسيير أمور الدراسة والعمل.
ومع عودة شركات السيارات للعمل من جديد مع تخفيف الإجراءات الوقائية؛ لم تنجح فى تدبير احتياجاتها من الموصلات (الرقائق الإلكترونية)؛ بسبب عدم قدرة المنتجين على تدبير احتياجات منتجى السيارات والإلكترونيات بالكميات المطلوبة من الطرفين فى نفس الوقت، وهو ما تسبب فى لجوء العديد من شركات السيارات مرة أخرى إلى الإغلاق.
ويقول منتصر زيتون عضو مجلس إدارة رابطة تجار السيارات إن أسعار السيارات المستعملة شهدت ارتفاعات مبالغ فيها خلال الفترة الماضية حيث يستغل ملاك السيارات المستعملة من تجار أو عملاء نقص المعروض فى السوق لطلب مبالغ مالية تفوق الأسعار الحقيقية للسيارات.
ويشير إلى أن سوق المستعمل متأثرة حاليًا بالأزمات التى يمر بها قطاع السيارات «الزيرو» حيث نقص المعروض و«الأوفر برايس» الناجم عن مطالبة العديد من الموزعين والتجار بمبالغ مالية تفوق الأسعار الرسمية المعتمدة من قبل الوكلاء مستغلين نقص المطروح من الطرازات الجديدة فى المعارض.
ولفت إلى أن ظاهرة «الأوفر برايس» تشمل مختلف العلامات التجارية والطرازات التابعة لها؛ وهو ما يدفع العملاء للبحث عن بدائل بأسعار مناسبة تتوازى مع إمكانياتهم المالية عبر شراء سيارات «كسر زيرو» أو سيارات مر على استعمالها عدة سنوات.
ويضيف أن ذلك رفع الطلب على قطاع المستعمل فى ظل إحجام ملاك السيارات عن بيعها أو تحديثها فى الوقت الراهن حتى لا يضطروا لدفع «أوفر برايس» فى السيارات الجديدة أو لعدم توافر الطرازات التى يرغبون فى شرائها، وهو ما تسبب فى نقص المعروض من مختلف الطرازات المستعملة.
ويوضح أن ملاك السيارات المستعملة يستغلون الفجوة بين العرض والطلب للمبالغة فى التسعير؛ فأحد العارضين يطلب على سبيل المثال نحو 135 ألف جنيه مقابل سيارة رينو لوجان 2013؛ موضحًا أن هذا السعر مبالغ فيه للغاية، وهو الأمر الذى ينطبق على كافة الطرازات المتواجدة فى سوق المستعمل.
وقال مصدر فى شركة الليثى للسيارات إن أسعار الطرازات المستعملة ارتفعت بالتوازى مع الزيادات التى شهدتها السيارات «الزيرو» فى مصر خلال السنوات الماضية؛ موضحًا أنه أصبح من الصعب أن يجد العميل سيارة يقل سعرها عن 100 ألف جنيه.
ويضيف أن الأسعار تتباين من سيارة لأخرى حسب عدة عوامل مثل سنة الصنع والحالة، لكن السيارات التى بحالة جيدة أصبحت تباع بأسعار مرتفعة، ومن ثم تحاول الشركات تعويض العميل ببعض العروض لتحفيزه للشراء سواء عبر تسهيلات التقسيط أو سرعة إنهاء الإجراءات.