أجمع عدد من قيادات القطاع الطبى فى السوق المصرية على أن التأمين الطبى متناهى الصغر من الصعب نجاحه معتمدا على شركات التأمين فقط وإنما يلزمه منظومة متكاملة تؤسس لوجوده أولا ثم تقوم بالنهوض به وإنجاحه والعمل على استمراريته وهو ما يتطلب تدخل منظمات المجتمع المدنى مثل جمعيات رجال الأعمال والمؤسسات الخيرية بصفتها قطاعات تعمل جنبا إلى جنب مع الحكومة فى إنقاذ الفقراء ومحدودى الدخل وتحسين المستوى الصحى والمعيشى.
وكشف عدد من الخبراء أن التأمين الطبى متناهى الصغر من أهم الأنواع لكنه يحتاج إلى دفعة قوية تضمن استمراريته بدون خسائر لأى طرف من الأطراف التى عكفت على إخراجه للنور من خلال وضع طرق للتوزيع تضمن تحصيل الأقساط متناهية الصغر بشكل منتظم مع دراسته مسبقا وحسابه اكتواريا بشكل دقيق للغاية.
نجاح التأمين الطبى متناهى الصغر مرهون بحزمة متكاملة من الخدمات
وقال الدكتور شريف فتحى يوسف العضو المنتدب لشركة «عناية» للرعاية الطبية إن التأمين متناهى الصغر حتى الآن فى مصر لم يبزغ نجمه بالشكل المطلوب معترفا بأن شركات التأمين عليها دور مهم وهو دراسة هذه النوعية من المنتجات بشكل جيد جدا وحسابها اكتواريا بشكل صحيح حتى لا تضر الشركة على المدى الطويل.
وأكد أن أهم أنواع متناهى الصغر هو التأمين الطبى خاصة وأن الفئات التى تندرج تحت قائمته هى الفئة الأولى بالرعاية مضيفا أنه لابد من دعم منظمات المجتمع المدنى لتمويل هذه الوثائق لهذه الطبقة الأكثر احتياجا والأسر، علاوة على التعاقد مع جمعيات التمويل متناهى الصغر لدرايتهم بالأسر الفقيرة والفئات محدودة الدخل والمرأة المعيلة.
وأشار إلى أن دراسة منتج تأمين طبى متناهى الصغر ووضع التمويل الداعم له وطرق التحصيل سيضمن نجاحه والقيام بدوره تجاه هذه الفئة، علاوة على أنه سيساعد الوسيط وشركة الرعاية الطبية أن تدير ملفا واضح المعالم.
وأوضح أن دور شركات الرعاية فى غاية الأهمية بعد تنفيذ كافة الضوابط سالفة الذكر وأهمها ضبط عملية الاستهلاك بوثائق التأمين الطبى متناهى الصغر وسرعة إصدار الموافقات للحالات بشكل سريع عن طريق التواصل بعدة طرق تكنولوجية بالعميل ومقدمى الخدمة، علاوة على ضرورة توفير الشبكة الطبية المناسبة لهم والتى تتناسب مع تواجدهم فى القرى والكفور والنجوع.
وأضاف أن وثائق التأمين الطبى متناهى الصغر الموجهة لهذه الفئات لابد أن توفر تغطيات تأمينية بعينها لحل مشكلات محددة للمرأة المعيلة مثل تغطية إصابة أحد أولادها أو عملية طارئة أو حالة ولادة يمكن أن تتسبب فى إرباك اقتصادتها أو المخاطرة بحياة أحد أفراد أسرتها لو لم توجد تغطية من هذا النوع.
وتابع أن التأمين الطبى متناهى الصغر لن يوفر تغطيات تأمينية كبيرة ولن يكون بديلا عن التأمين الصحى الاجتماعى لكنه سيرفع من مستوى الصحة للفقراء ومحدودى الدخل لذا فالحل فى منظمات المجتمع المدنى وجمعيات رجال الأعمال والجمعيات الخيرية المعروفة لأنه لابديل هنا عن العمل الإجتماعى وللتخفيف عن كاهل الدولة.
واعترف أن هناك دروسا مستفادة خرج بها القطاع الطبى من جائحة كورونا أهمها أنه محفز كبير للتحول الرقمى والتشخيص الطبى عن بُعد خاصة وأن هناك أطباء كثيرين دعموا الحالات المصابة بفيروس كورونا وغيرها من المنزل عن طريق شتى الوسائل التكنولوجية مما ساهم فى شفاء الآلاف بدون الذهاب للمستشفيات ومنها على سبيل المثال تطبيق «صحة مصر» الذى أطلقته وزارة الصحة.
ولفت إلى ضرورة تغطية شركات التأمين للأوبئة خاصة وأنها أصبحت خطرا محتملا لذا لابد من وضعه فى وثائقها بعد دراسة تكاليفه وإضافتها لقسط التأمين فى حالة رغبة العميل فى الحصول عليه.
وأشار إلى أن شركات التأمين والرعاية بدأت فى اكتساب خبرات فى التعامل مع الأوبئة فى كافة منتجاتها وخاصة التأمين الطبى وكيفية التوعية بإجراءات الوقاية لمنع تزايد الأعداد، علاوة على القيام بدورها فى مساندة العميل فى إجراء التحاليل والفحوصات وتشخيص الإصابة من عدمها.
جميل: من الصعب التعامل معه فى إطار البيزنس ويلزمه العمل الاجتماعى
ومن ناحيتها، اعترفت الدكتورة دينا جميل الرئيس التنفيذى لقطاع الأعمال بشركة “اللبنانية السويسرية” لتأمينات الحياة التكافلى بصعوبة تصميم منتج تأمين طبى متناهى الصغر ناجح من جانب شركات التأمين منفردة، لافتة إلى أنه حتما سيصطدم بعائق ضعف سلامة التسعير الفنى ويسبب خسائر فادحة حيث إن الوثائق متناهية الصغر ستواجه تكلفة تتجاوز القسط التأمينى بكثير.
وقالت إن التأمين متناهى الصغر عند إتاحته للعميل المستهدف سيتم استخدامه بصورة طبيعية من اليوم التالى فمثلا لو تم الكشف لتشخيص مرض ما بسيط وصرف العلاج المناسب له ستتراوح فاتورة الفحص والدواء من 200 إلى 600 جنيه للمرة الواحدة فقط وهذا سيؤدى إلى صعوبه ازدهار الطبى متناهى الصغر إذا تمت إضافته إلى خطة العمل السنوية لأن خسائره الاكتتابية يمكن أن تصل إلى %500 ويزيدعن ذلك.
و أكدت أهمية التأمين الصحى الشامل والذى بدوره سوف يستهدف هذه الفئة غير القادرة على تحمل أقساط تأمينية عالية لتوفير خدمة طبية متميزة.
وأضافت أن شركات التأمين يمكنها المساهمة عن طريق تخصيص مبلغ سنوى من أرباحها على سبيل المثال لا الحصر للتعاقد مع عدد من الجمعيات الخيرية بهدف مساعدة الشريحة التى تحتاج إلى منتجات التأمين الطبى متناهى الصغر، موضحة أنه يمكن فى الوقت ذاته القول إنها مجدية وستعود بالنفع على العميل منفردا أما شركات التأمين فسيكون بمثابة عمل اجتماعى خيرى يحسب لها ويمكن أن توفره بطرق أو حلول رقمية عديدة تتناسب ومستوى هذه الفئة.
وفيما يتعلق بدور شركات الرعاية الطبية أكدت أن شركات الرعاية الطبية بنظام الإدارة والمعروفة بالـ”TPA” لديها أطباء متخصصون لإداره أى عقد طبى سواء كان كبيرا أو متوسطا أو متناهى الصغر مما يضمن إدارة أفضل لتعويضات العملاء خاصة وأن شركات الـ«TPA» لديها حلول تقنية أخرى كثيرة تساعد فى السيطرة على التكلفة وذلك مقابل أتعابها الإدارية المحددة.
ولفتت إلى أن هناك عددا من الدروس المستفادة من جائحة «كورونا» أهمها زيادة الوعى بضرورة سرعة التحول الرقمى واستخدام الحلول غير الورقية التى وفرت الكثير من التكلفة والوقت والجهد وتحقيق المهام بدقة أعلى، بالإضافة إلى مساهمة الجائحة فى زيادة الوعى التأمينى.
وأشارت إلى أن جائحة كورونا دفعت جميع شركات التأمين للبحث عن مزيد من التغطيات التأمينية الملائمة للظروف الجديدة سواء على صعيد المنافسة بين الشركات أو تغيير سلوك العميل نفسه.
وأكدت أن الترقب من شركات الإعادة لايزال مستمرا لأن الصورة لاتزال غير واضحة أمامها بالرغم من المكاسب التى تحققها والتعويضات التى تسددها.
وأضافت أن القطاع إجمالا تأثر بانخفاض العائد على الاستثمار مما قد يدفع الشركات للتعويض عن طريق زيادة الأسعار، بالإضافة إلى أن شركات إعادة التأمين تنظر إلى المنطقة ككل وليس سوقا بعينها حتى لو كانت نتائجها جيدة مثل السوق المصرية.
السيد: ليس بديلا عن الصحى الحكومى الشامل ولابد من ضوابط محكمة له
من جانبه، قال محمد السيد رئيس قطاع التأمين الطبى فى شركة “طوكيو مارين” جنرال تكافل مصر إن التأمين الطبى متناهى الصغر سوف يكون لتغطية الفئات الأكثر فقرا والأولى بالرعاية الطبية خاصة وأنهم غير قادرين على دفع التكاليف العلاجية للأمراض التى يمكن إصابتهم بها.
وأشار إلى أن التأمين الطبى متناهى الصغر لابد من دراسته إكتواريا بطريقة سليمة ووضع خطة محكمة لتوزيعه وتحصيل أقساطه التى وصفها بالضئيلة للغاية، مؤكدا أنه يمكن أن يسبب خسارة فادحة للشركة التى تزاوله إذا لم تضع الضوابط الكاملة له.
وأوضح أن التأمين الصحى الاجتماعى يمكن أن يجُب التأمين متناهى الصغر إذا حدث تقسيم جيد للأدوار مثل معرفة مدى مشاركة شركات التأمين به وكذا دور شركات الرعاية الطبية يمكن وقتها تقديم أفضل خدمة لهذه الفئة التى تم وضع قانون التأمين الصحى الشامل من أجلها، مشيرا إلى أن كل الفئات تموله حتى لو كان لدى الفئة الأعلى منهم تأمين خاص.
ولفت إلى أن هناك دروسا مستفادة من جائحة كورونا للقطاع الطبى أهمها ارتفاع الوعى لدى العامة من الناس بأهمية الصحة والتأمين الطبى مما رفع نسبة الإقبال عليه بشكل كبير.
وأكد أن «كورونا» حفزت التحول الرقمى على الدخول بسرعة غير مسبوقة فى كل القطاعات خاصة الطبى بعد لجوء الأطباء ومقدمى الخدمة الطبية وشركات التأمين والرعاية لتقديم خدماتهم عن بُعد وسهولة حصول المريض على التشخيص وإجراء التحاليل والعلاجات والموافقات الطبيىة من المنزل.
وتابع إن «كورونا» لقنت مستهلكى الخدمات الطبية درسا فى الترشيد لاستخدام الأدوية والحفاظ على معدل استهلاكاتهم واستخدامه عند الضرورة مما حسن من سلوكياتهم فى هذا الإطار مما عاد بالنفع على المؤسسات المتعاقدة مع شركات التأمين لصالح العاملين بها.