عدد المهندس ناصف ساويرس -الرئيس التنفيذي لشركة والصناعة O.C.I – مجموعة من النقاط أغفلتها قرارات وزير التجارة والصناعة لتنظيم تداول الحديد والاسمنت في السوق الداخلية وتصديرهما للخارج، والتي اصدرها الاسبوع الماضي، وتضمنت فرض رسم صادر 65 جنيها و 161 جنيها علي كل طن مصدر اسمنت وحديد تسليح علي التوالي، في الوقت الذي طالب فيه بفتح ملفات العديد من صناعات مواد البناء الأخري، وفي مقدمتها الكابلات الكهربائية والزجاج المسطح.
وذكر ساويرس، الذي تقدم باستقالته من رئاسة المجلس التصديري لمواد البناء فور صدور القرارات -أنها تجاهلت المصانع العاملة بالمناطق الحرة والتي توجه اغلب انتاجها للتصدير، علاوة علي انها اضرت بشركات الاسمنت المصرية واستفادت منها نظيرتها الاجنبية العاملة بالسوق المحلية.
القرارات تعصف بالميزة التنافسية للشركات الأجنبية
واوضح ان حصة الشركات الاجنبية في صادرات الاسمنت المتوقعة لعام 2007 لا تزيد علي %30، في حين تصدر الشركات المصرية النسبة المتبقية الي مجموعة من الاسواق اهمها الاسواق الاوروبية، وبصفة خاصة دول البحر المتوسط مثل ايطاليا وفرنسا واسبانيا، والتي تمثل اسواقا رئيسية للشركات الاجنبية العاملة في مصر، وبالتالي فإن القرارات تضعف من الميزة التنافسية للشركات المصرية امام الاجنبية في الخارج، التي ستستفيد في الداخل ايضا وفي جميع الاحوال، نظرا لأنها تبيع باسعار اعلي من مثيلتها المصرية في السوق المحلية.
وتعجب ساويرس من عدم ارسال الوزارة قرار فرض الرسوم للمجلس التصديري لمناقشته، قبل صدوره في صيغته النهائية، متسائلا: اذا كان المجلس التصديري لمواد البناء لن يناقش قرار فرض رسوم صادر علي مواد البناء.. فماذا سوف يناقش إذن.. تشكيل المنتخب القومي لكرة القدم؟!
ولفت ساويرس الي ان العامل الاكبر وراء ارتفاع سعر الاسمنت في السوق المحلية في الآونة الأخيرة لا يكمن في اسعار تسليم المصنع، ولكن في ارتفاع تكلفة النقل بسبب قرارات وزارة النقل بتعديل الموازين علي الطرق، والتي دفعت بسعر نقل الطن الواحد في بعض المحافظات من 15 الي 45 جنيها.
واكد الرئيس المستقيل للمجلس التصديري ان عرض قرار وزارة التجارة علي المجلس قبل اصداره كان كفيلا بسد العديد من الثغرات التي تخللته.
ساويرس: أسعار الزجاج والكابلات ارتفعت 300% خلال عامين
من ناحية اخري، طالب ساويرس وزارة التجارة بفتح ملفات العديد من الصناعات الاخري التي ساهمت، بصورة اكبر بكثير من الاسمنت، في ارتفاع تكلفة البناء في الفترة الاخيرة، وبصفة خاصة الزجاج المسطح والكابلات الكهربائية، التي زادت اسعارها خلال العامين بنسبة %300 وهي صناعة كثيفة الاستخدام للطاقة، كما ان نسبة تكلفة الكابلات في الاسكان باتت تضاهي نسبة الاسمنت.
وقال إن المجلس التصديري كان قد اقترح في مذكرة رفعها لوزاراة التجارة في 7 فبراير الماضي عمل جدول تدريجي لرفع اسعار الغاز للصناعة بمعدلات سنوية مركبة %10، بحيث تصل خلال الخمس سنوات القادمة الي 2 دولار لكل مليون وحدة حرارية، وهو السعر الذي تشتري به الحكومة حاليا حصة الشريك الاجنبي في مشروعات الغاز.
كما اقترحت المذكرة رفع اسعار الكهرباء بنسبة %40 في اوقات الذروة علي ان يتم مراعاة عائد البديل التصديري عند تحرير سعر الغاز، وليس سعر الغاز في الاسواق الاخري.
كما طالب كذلك بفتح ملفات اسلوب الاستثمار وادارة المحاجر في مصر، والتي ادت اوجه القصور بها الي الارتفاع الكبير في اسعار الرمل والزلط، علما بأنهما يشكلان ثلاثة اضعاف حجم الاسمنت في مكونات الخرسانة.
وقال ساويرس إنه قد سبق له التقدم منذ عام باقتراح يقضي ببيع اسمنت بسعر مدعوم للاسكان الشعبي، وتم رفض الاقتراح وقتها بحجة انه يخل بآليات السوق!! وتساءل ساويرس: ايهما اولي بالدعم من خلال القرارات الإدارية.. الاسكان الشعبي ام الفيلات والاسكان الفاخر بالقطامية والجونة وفنادق الفور سيزونز؟!
ساويرس: أسعار الأسمنت ستنخفض فى هذه الحالة فقط
وردا علي سؤال لـ«المال» حول امكانية ان يؤدي قرار وزارة التجارة الي انخفاض اسعار الاسمنت بالسوق المحلية -قال ساويرس: إن الاسعار سوف تنخفض اذا ما تراجع الطلب علي الاسمنت في مصر وفي اسواق البحر الابيض المتوسط خلال الاشهر القادمة!
وشدد علي ان جميع التجارب اثبتت فشل القرارات الإدارية في تحقيق اهدافها، وضرب مثالا علي ذلك بسوق الصرف التي ادت محاولات التحكم فيها بقرارات إدارية -خلال التسعينيات واوائل الالفية الثالثة -الي ارتفاع سعر الدولار وسيادة السوق السوداء، في حين تحولت السوق الي الاستقرار مع اتباع الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزي الحالي آليات السوق.
واكد ساويرس ان الشركة المصرية للاسمنت التابعة لمجموعة OCI لن تقوم بتغيير سياستها التسعيرية في مواجهة قرار وزارة التجارة، وكرد فعل معاكس لتعويض خسائرها في التصدير نتيجة فرض رسم الصادر، مشيرا الي انها ستستمر في الالتزام بتحريك اسعار الاسمنت بمعدل لا يزيد علي معدلات ارتفاع التكلفة الفعلية.
كما اكد ان خفض الانتاج غير وارد بالنسبة له، ولم يسبق لشركته ان قامت به حتي عندما هبط سعر طن الاسمنت قبل سنوات الي 25 دولارا.
كما لم يسبق لها ان امتنعت عن تلبية احتياجات السوق المحلية ولو ادي ذلك لتراكم غرامات علي مراكب نقل صادرات مصنعه المنتظرة في الميناء.
واكد ساويرس ان قرار استقالته لن يؤثر علي علاقته الطيبة بالمهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة، مشيرا الي ان الوزير اتخذ العديد من القرارات والاجراءات التي ساعدت كثيرا في نمو صناعات مواد البناء.
وقال انه لم يتعود الاعتراض علي القرارات الحكومية مهما ادت الي الاضرار بمصالح شركاته، طالما كانت عادلة، وضرب مثالا علي ذلك بقيام وزارة الكهرباء قبل عدة اشهر، بزيادة سعر كهرباء الجهد العالي بنسبة %50 دفعة واحدة، علما بأنه لا توجد سوي 4 او 5 شركات في مصر، تستخدم الجهد العالي، ومن بينها المصرية للاسمنت، ومع ذلك لم يبد اي اعتراض في حينه لاعتقاده في عدالة القرار.