موازنة العام الجديد تفتقد الواقعية.. وتساؤلات حول مصادر التمويل

موازنة العام الجديد تفتقد الواقعية.. وتساؤلات حول مصادر التمويل

موازنة العام الجديد تفتقد الواقعية.. وتساؤلات حول مصادر التمويل
جريدة المال

المال - خاص

1:00 م, الأثنين, 22 يونيو 15

■ خبراء: أرقام الإيرادات مبالغ فيها.. وتقديرات فوائد الدين تصل لـ210 مليارات جنيه

■ ارتفاع الأجور غير مبرر.. والحصيلة الضريبية المتوقعة ضخمة للغاية
■ أشرف العربى: بيان الموازنة لم يتطرق لدخل قناة السويس أو عوائد الشهادات 

مها أبوودن و نيرمين عباس:

انتقد وزراء مالية سابقون ومحللون ببنوك الاستثمار بعض التقديرات التى أوردتها وزارة المالية بموازنة العام المالى الجديد 2016-2015، والتى أقرها مجلس الوزراء الخميس الماضى، بدعوى غياب الواقعية عن بعض المستهدفات المذكورة، فضلاً عن عدم توضيح مصادر التمويل.

ويأتى إعلان الموازنة من قبل مجلس الوزراء قبل أيام من بدء العمل بها رسميًا، ما يشكك فى إمكانية إقرارها من رئيس الجمهورية، لا سيما أنه رد موازنة العام الماضى لإجراء تعديلات عليها.

قال الدكتور فياض عبدالمنعم، وزير المالية الأسبق، إن أرقام الإيرادات العامة المذكورة فى موازنة العام المالى الجديد 2015 – 2016، وتبلغ 612 مليار جنيه، غير واقعية، ولم يحدد مصادر تمويلها بشكل كمى، لا سيما ما أشير إليه من تحقيق إيرادات ضريبية بنحو 422 مليار جنيه. 

وأكد أن رقم الإيرادات الضريبية لم يتحدد على طرق سليمة لحساب ما تحقق، والذى بلغ بنهاية مايو الماضى نحو 240 مليار جنيه بانخفاض عن المستهدف بنحو 60 مليار جنيه.

وأبدى دهشته من عدم ذكر رقم أعباء خدمة الدين العام فى الموازنة الجديدة، أو رقم أقساط الديون رغم ارتفاعها.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«المال» أن رقم أعباء خدمة الدين العام ارتفع إلى نحو 203 مليارات جنيه من إجمالى 199 مليارًا العام المالى الحالي.

وأشار عبد المنعم إلى أن تقديراته لفوائد الدين ستصل إلى نحو 210 مليارات جنيه خلال العام المالى الجديد، فضلا عن 120 مليارًا أقساط ديون مستحقة خلال العام.

وقال إن تقديراته لقيمة الناتج المحلى الإجمالى، وفقًا لما ذكره وزير المالية فى بيان الموازنة، تصل إلى نحو 2.8 تريليون جنيه، وهو ما لا يتوافق مع معدل الصرف على «التعليم» و«الصحة»، والذى يبلغ حسب بيان الوزير نحو 184 مليار جنيه، ما يعنى زيادة هذا المعدل العام الماضى بنحو 96 مليار جنيه، لتصل لما نص عليه الاستحقاق الدستورى الملزم للحكومة بزيادة الصرف على التعليم والصحة إلى نحو %10 من الناتج المحلى.

ذكر بيان وزارة المالية بلوغ إجمالى الإنفاق على الصحة نحو 64 مليار جنيه، بزيادة 11.3 مليار بنسبة %21.5 على العام السابق، كما ارتفعت مخصصات التعليم الأساسى والجامعى بنحو 9.2 مليار جنيه بنسبة %8.3، لتصل إلى 120 مليار جنيه.

وأكد عبد المنعم أن الملاحظ فى تقديرات مشروع موازنة كل عام، أن هناك فجوة كبيرة بين الموازنة المقدرة والمحققة، وهو ما يدعو إلى ضرورة قيام الجهاز المركزى للمحاسبات بمهمته الأساسية فى بحث أسباب ذلك الاختلاف، مؤكداً حتمية تقدير الموازنة كل عام على ما تم تحقيقه بنظيرتها السابقة.

وأوضح أن الارتفاع فى مخصصات دعم الإسكان الاجتماعى ومخصصات المعاشات مبالغ فيها، فضلا عن ارتفاع قيمة دعم الكهرباء رغم تحريك أسعار الكهرباء العام المقبل. 

وقال إن رقم العجز الكلى – دون النظر إلى نسبته – يعكس عدم وجود رؤية مستقبلية فى صياغة الموازنات. رأى محمد أبوباشا، محلل الاقتصاد الكلى بشركة المجموعة المالية هيرمس للاستثمارات المالية، أنه لا يمكن الحكم على بيان الموازنة حالياً فى ظل عدم اتضاح تفاصيل كثيرة، غير أن التقديرات المبدئية جيدة على صعيد استمرار الإصلاحات وخفض العجز.

وأشار إلى أن هناك عدة أرقام تخالف توقعات «هيرمس»، على رأسها مخصصات الأجور، لافتاً إلى أن الرقم المتوقع للأجور بنحو 288 مليار جنيه، بزيادة تصل إلى %27.3، ضخم جداً وغير مفهوم، نظرًا لأن التوقعات كانت تشير إلى ارتفاع الأجور بنحو 8 – %10 وليس %14.

وأوضح أنه لا توجد علاوات جديدة، كما أنه لا زيادات فى الحد الأدنى للأجور، أو أى إجراء آخر معلن يبرر تلك الزيادة.

وأضاف أن الإيرادات التى قدرتها الحكومة أعلى من ترجيحات «هيرمس» بنسبة تصل إلى %13، كما أنه من المتوقع زيادة فى الإيرادات بالموازنة بنسبة %26 بقيمة 612 مليار جنيه، وهو أمر غير واضح المعالم حتى الآن، خاصة أن الحكومة أكدت الاعتماد بشكل أكبر على الموارد المحلية.

وأشار إلى أن «هيرمس» ترجح وصول عجز الموازنة إلى %11 بالعام المالى المقبل مقابل %9.9 تستهدفها «المالية»، كما أن تقديرات الحكومة للمصروفات بواقع 885 مليار جنيه بارتفاع قدره %20، تزيد على ترجيحات «هيرمس» بواقع %6.

وتابع: الفجوة فى التوقعات بشأن الإيرادات وبالتالى عجز الموازنة، قد ترجع إلى استهداف الحكومة معدل نمو أعلى بنحو %5 مقارنة بـ%4.5 تتوقعها «هيرمس»، فضلاً عن انتظار الحكومة إيرادات من توفيق أوضاع الأراضى السابق الحصول عليها للاستصلاح الزراعى، والتى تم استغلالها لغير غرضها الأصلى.

وأضاف أن مخصصات دعم المواد البترولية بالموازنة والمقدرة بنحو 61 مليار جنيه تتمشى مع توقعات قسم البحوث بالمجموعة المالية «هيرمس»، والتى رجحت وصول دعم المواد البترولية لـ 62 مليار جنيه.

وأوضح أن ذلك الانخفاض لا يشمل أى موجات جديدة من رفع الأسعار، لأنه يأتى على خلفية انخفاض الأسعار العالمية للبترول.

وقال إنه على صعيد الإيرادات الضريبية المنتظرة بواقع 422 مليار جنيه، فإن الأمر بحاجة لمزيد من الإيضاح، خاصة أن ضريبة القيمة المضافة ستطبق بشكل جزئى، كما أن الضريبة المفروضة على الدخل خفضت مؤخراً لـ%22.5 بحد أقصى، علاوة على أنه تم إرجاء ضريبة الأرباح الرأسمالية لمدة عامين، وهو ما يتطلب إفصاحًا من جانب «المالية» عن الموارد البديلة لتعويض حصيلة تلك الضرائب.

وفى السياق نفسه، أكد أبوباشا أن هناك جوانب إيجابية بالموازنة تتضمن زيادة الإنفاق على التعليم والصحة بنحو %8.3، و%22 على التوالي، موضحاً أن الأهم هو توضيح الأوجه التى سيتم توظيف تلك الزيادة بها.

كما أشار إلى إيجابية زيادة الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية المباشرة، وارتفاع مصروفات الاستثمار العامة إلى 75 مليار جنيه، من بينها 55 مليارًا ممولة من الخزانة العامة مقارنة بـ 45 مليارًا العام السابق.

من جانبه قال أشرف العربى، رئيس مصلحة الضرائب الأسبق، المستشار بصندوق النقد الدولى، إن الحكومة تواجه مأزقًا كبيرًا بسبب طلبات رئيس الجمهورية بتخفيف الأعباء عن الدخول الأقل، ولذلك خرجت الموازنة بهذا الشكل، لأنها تقديراتها لم يتم حسابها على أرقام يمكن تحقيقها فعليًا، ولكن على أرقام يمكنها تخفيض نسبة العجز الكلى.

ولفت إلى أن رقم الإيرادات الكلية فى الموازنة العامة للدولة مبالغ فيه بشكل كبير، لا سيما مع ذكر الإيرادات الضريبية المقدرة بنحو 422 مليار جنيه، دن التطرق لإجراءات واقعية يمكنها تحقيق هذا الربط. 

وأوضح أن بيان المالية لم يحدد أعباء خدمة الدين، رغم أنها مصروف حتمى، كما لم يتطرق إلى عوائد قناة السويس وما سيخصص منها لصرف عوائد شهادات الاستثمار

جريدة المال

المال - خاص

1:00 م, الأثنين, 22 يونيو 15