![]() | ![]() |
ابو الحسن نصار | عبد المجيد جادو |
مع تزايد المخاوف من انهيارات العقارات على غرار ما حدث فى عقار الإسكندرية لاسيما فى ظل عمليات البناء والتعليات غير القانونية التى أعقبت ثورة 25 يناير إضافة إلى العقارات القديمة الآيلة للسقوط والتى تحتاج إلى اتخاذ قرار بشأن إزالتها أو ترميمها، أكد مهندسون استشاريون وخبراء أن ضعف الأساسات وتآكل الهياكل الخرسانية أهم أسباب انهيار العقارات بينما قللوا من خطورة المخالفات الهندسية والإدارية .
وأوضح المهندس الاستشارى عبدالمجيد جادو، رئيس مجلس إدارة شركة العروبة للاستشارات الهندسية، أن ظاهرة انهيار العقارات مسئول عنها جميع عناصر صناعة العقار وهى المهندس الاستشارى والمهندس المقاول، المالك، والمستخدم، والبيئة التشريعية والقانونية التى تحكم عملية تداول العقار وبنائه، وأضاف أنه بعد الثورة دخل عامل معنوى جديد فى صناعة العقار وهو المناخ العام المسيطر والذى أثبت تأثيره فى عالم العقارات بجدارة .
وفصل جادو كل عنصر من عناصر صناعة العقار ومسئوليته عن انهيار العقارات فبدأ بالمناخ العام وهو العنصر الدخيل على المنظومة العقارية، موضحاً أنه بعد الثورة غابت الرقابة الإدارية لأجهزة المدن والأحياء عن العقارات التى تنمو بطريقة غير قانونية وأمام مسئولى المدن دون أن يحركوا ساكناً على الرغم من تعدد البلاغات ضد هذه العقارات المخالفة .
وعلى صعيد المهندس الاستشارى والمهندس المقاول فأشار إلى أن هاتين الفئتين هما عماد قطاع العقارات وهما المسئولتان مسئولية كاملة وفقاً للقوانين عن أى مخالفات ولن تتم أى عملية بناء مخالف إلا بتنسيق بينهما واتفاق واضح لأن كلا منهما يمتلك الحد الأدنى من الثقافة الهندسية التى تمكنه من التفريق بين البناء المخالف والبناء السليم إنشائياً وإدارياً وبالتالى فإن إصلاح هذين العنصرين ووضع ضوابط تقنن عملهما سينعكس بالإيجاب وفوراً على القطاع العقارى فى مصر .
وأشار إلى أن مالك العقار يتحمل مسئولية أيضاً عن العقارات المنهارة وقد تصل إلى حد المسئولية الجنائية سواء كان يعلم بأن العقار المبنى مخالف وغير آمن إنشائياً أو لا يعرف، موضحاً أن المالك لابد أن يشرف على عمليات التنفيذ ولا يعتمد بصورة كلية على المهندس الاستشارى أو المقاول، علاوة على ضرورة انتقائه مكتب الاستشارات الهندسية وشركة المقاولات ويراعى أن تكون لهما سمعة جيدة ودرجة مهنية عالية ويمكنه أن يتأكد عن طريق تصنيف المقاول فى الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء .
وألمح جادو إلى أن العميل يتحمل جزءاً من المسئولية إلا أنه فى الوقت نفسه يكون عادة الضحية للعقارات المخالفة، موضحاً أن الوعى الثقافى للعميل يعد الحصن الأول للعقارات المخالفة، فلو علم العميل مدى خطورة العقار القابل للانهيار لفكر مراراً قبل اتخاذ قرار الشراء، ولسعى للبحث عن صحة موقف العقار أو الوحدة سواء عن طريق الشهر العقارى أو الحى أو جهاز المدينة فى حال عدم تسجيل الوحدة .
وأوضح جادو أن معظم العقارات المنهارة ترجع لعيوب فنية فى الهياكل الخرسانية أو الأساسات، وتتمثل فى تقليل كميات مواد البناء عن الحد الأدنى اللازم لمتانة العقار، أو زيادة ارتفاع العقار عن الحد المسموح أو الذى تتحمله الأساسات، ملمحاً إلى أن هذه الظاهرة تعد جديدة على القطاع العقارى والهندسى فى مصر، والدليل أن غالبية العقارات المشيدة قبل فترة الخمسينيات تظل حتى الآن دون الحاجة إلى الهدم وقد تحتاج إلى بعض الترميم والصيانة بسبب مرور الوقت إلا أن الأساسات والهيكل الخرسانى لا يزال فوق خط الأمان .
ومن جانبه أشار المهندس الاستشارى أبوالحسن نصار، أنه يجب تقسيم ظاهرة العقارات المنهارة إلى شقين رئيسيين لمعرفة أسباب انهيار كل عمارة وكيفية التغلب عليه وهما العقارات القديمة والعقارات الجديدة والتى تنقسم بالتبعية إلى قبل الثورة وما بعد الثورة، موضحاً أنه بالنسبة للعقارات القديمة فإنه عادة ما يكون عامل الزمن وتآكل الخسرانات مع عدم الاهتمام بعمليات الصيانة الدورية أو الترميم فى الحالات المتفاقمة وذلك بسبب انخفاض إيجارات وحدات هذه العقارات وارتفاع تكاليف الصيانة الدورية .
وأضاف أن العقارات الجديدة المخالفة يمكن تقسيمها إلى نوعين أساسيين وهما المخالفات الإدارية، والمخالفات الهندسية، موضحاً أن العقارات المخالفة إدارية أقل خطراً لأنها تكون غير مهددة بالانهيارة وإنما تنعكس آثارها السلبية على الضغط العام للمرافق مثل الكهرباء والماء، والطرق، والمرور، والصرف الصحى دون أن تكون الدولة أعدت لهذه البنايات حسابات لاستيعابها، موضحاً أنه يمكن التغلب على هذا النوع من المخالفات عن طريق الغرامات الرادعة والتى يمكن استغلال عوائدها فى تغطية نفقات المرافق المستغلة أو عمل توسعات ورفع كفاءات طرق .
وبالنسبة للعقارات المخالفة هندسياً فأوضح نصار أن هذا النوع هو الخطر الداهم الذى يهدد القطاع حيث يكون العقار آيلاً للسقوط فى أى وقت، ودائماً ما يكون الخطأ فنياً أى يسأل عنه المهندس الاستشارى والمقاول المنفذ ويتنوع ما بين ضعف الأساسات وفى هذه الحالة يكون العلاج الأمثل تخفيف الأحمال وإزالة الأدوار الزائدة عن حد احتمال الأساسات، أو يكون الخطأ فى الهياكل الخرسانية التى تمثل العمود الفقرى للبناية وهو ما يصعب تداركه ويكون قرار هدم وإزالة العقار هو الأنسب فى هذه الحالة .
واقترح نصار تغليظ عقوبة المخالفة الإدارية لتصل إلى 1500 جنيه على كل متر، وتزيد وفقاً لدرجة رقى منطقة العقار، وهو ما سيدفع المالك لتحرى عدم ارتكاب أى مخالفات إدارية ومتابعة الاستشارى والمقاول تجنباً للغرامة الكبيرة، كما اقترح اتجاه رؤساء الأحياء وأجهزة المدن بإصدار نشرة ولوحات وتحذيرات تتضمن العقارات المخالفة إدارياً وهندسياً لضمان عدم التعامل عليها، وهو ما يعد تضييقاً للخناق على الملاك الذين يلجأون دائماً لارتكاب مخالفات بنائية لتعلية العقار لبيع الوحدات الجديدة .
وفى السياق نفسه قال مدير مشروعات بجماعة المهندسين الاستشاريين «ECG» إن على وزارة الإسكان عمل حصر كامل بالعقارات القديمة الآيلة للسقوط ويتم اتخاذ قرارات حاسمة بشأنها سواء بالإزالة أو الترميم حفاظاً على أمن المواطنين خاصة أن هذه العقارات تكون متلاصقة، وانهيار عقار واحد كاف بالتسبب فى انهيار 3 أخرى أو إضعاف أساساتها وهياكلها أى انهيارها أيضاً فيما بعد .
وأضاف أن بعض الملاك منعدمى الضمير وقد يكونون على علم تام بأن العقارات التى يشيدونها غير آمنة إنشائياً وقد يعمد بعضهم إلى البناء دون وجود استشارى بالاعتماد على المقاول فقط حيث يكون التصميم تقليدياً، وفى الغالب يكون هذا المقاول غير مسجل باتحاد المقاولين أو حاصل على رخصة مزاولة المهنة، ويهدف فى ذلك إلى سرعة انجاز عمليات البناء قبل بدء تحرك أجهزة المدن أو الأحياء أو المحافظة وبيع هذه الوحدات للتخلص من مسئوليته عن العقار .