خلال فترات كثيرة من عمر الأوطان العربية، أثبتت بعض النساء أنهن – بمواقفهن – كن «أجدع » من كثير من الرجالة، فى حمل أعباء الأسرة داخل البيت، وأعباء العمل فى خارجه – معا فى أغلب الأحوال – ، والمساهمة مع الرجل فى تكاليف الحياة أحياناً، مع تحمل العبء الكامل للأسرة بمفردها فى حالة «غياب الرجل » عندما تتحول إلى «امرأة معيلة » تتحمل كل مسئولياتها فى صمت تفعل خلاله المستحيل لتكون أهلاً لما تقوم به مما يستحق احتراما بغير سقف لمهمتها الصعبة والتي تستحق عنها تسمية المهمة النبيلة !
وإذا كانت المرأة قد أثبتت كفاءتها فى «قيادة وإدارة شئون الأسرة التى هى نواة لكل مجتمع، والتى بحسن تربيتها لأولادها تخرج للمجتمع رجالاً ونساء لديهم من الأخلاقيات ومعرفة الأصول ما يصلح به أمر هذا المجتمع، بينما العكس صحيح، فما هو سر «الدوشة » المصنوعة الآن – ليس فى مصر وحدها، وإنما فى أوطان كثيرة – حول حقوق المرأة وضرورة مساهمتها فى قيادة المجتمعات التى تعيش فيها وتخدمها بكل ما تملك فى محاولة – دائمة النجاح – لاثبات كل تلك القدرات التى حاول مجتمع الرجال – بأنانية غير مفهومة – وضع كل العراقيل أمامها حتى لا تتقدم، بل ويحاولون طمس جهدها بمقولات حق أريد بها باطل، بادعاء أن المرأة خلقت للبيت، وتربية العيال، مما يعطل نصف المجتمع – وفى أحيان كثيرة أكثر من النصف – عن المساهمة فى أى نهضة، أو خطط للنهضة بتلك الأوطان .
ويتصور بعض الرجال أن فتح كل الأبواب أمام جهد المرأة سوف يقلل كثيراً من قيمة الرجال فى مجتمعاتهم، مع أن فتح تلك الأبواب سوف يصنع مناخاً للمنافسة بفوز فيه الأحسن، والأكثر قدرة وذكاء فى الطرفين، والمنافسة فى الأوطان المتقدمة قامت على الجهد، والابتكار وإمكانيات الإبداع ولم تقم على النوع من ذكر أو أنثى، حيث يتحدث الجهد فى تلك المجتمعات «بلغة القيمة » ، والقيمة المضافة، وخطى التقدم التى يصنعها صاحب الكفاءة الأكبر بصرف النظر عن نوعه، وهو ما حدا بكثير من نساء العالم – وبينهن قلة من العربيات – إلى تبوء أعلى المناصب فى مؤسسات لأهداف لها غير التقدم، والانتصار فى تأكيد بأن الجهد وحده هو الذى يصنع القيمة .
ولقد آن الأوان أن تفيق الأمة العربية «الذكورية » من أنانية الرجال بها، لتضم إلى جهد الوطن فيالق جديدة من المحاربين، إذا ما أرادت أن تنتصر فى حرب التقدم الضروس القائمة الآن فى انحاء كثيرة من المعمورة التى يفاضل فيها الله بين العبد والعبد بقدر جهده فى إعمار الكون، ذلك أن الله لم يخلق عباده سُدى، انما كل ميسر لما خُلق له !
ولعل ما يجرى الآن فى مصر من إعادة بناء للتقدم المنشود للأمة التى ظُلمت كثيراً فرصة ذهبية لادخال المرأة المصرية كعنصر أساسى وفاعل فى منظومة التقدم تلك، بمراعاة نسبتها العددية فى أى تمثيل لها ضمن «التأسيسية للدستور » ، مع تأكيد وجودهن فى كل موقف لخدمة الوطن استغلالاً لخبراتهن المتعددة والمتراكمة فى كل المجالات سواء كانت قانونية أو سياسية أو اجتماعية، أو اقتصادية أو ثقافية !
ولأننا ابتلينا بمجلسى الشعب والشورى الحاليين، فإن مشروعات القوانين المطروحة الآن عندهما لسلب المزيد من حقوق المرأة – آل يعنى هى ناقصة – ذلك رغم الدور الرائع الذى قامت به المرأة المصرية فى صنع ودعم ثورة يناير بما لا يمكن إنكاره، يضاف إلى ذلك اصرارهن على بذل اقصى الجهد مع الرجال والشباب للعبور بمصر تلك الفترة الحرجة من عمرها وصولاً إلى بناء مصر المدنية الديمقراطية، ووقف كل المحاولات المريبة الدائرة الآن فى السوق السياسية لإلباس مدنية الدولة ذات التاريخ العريق، ثوباً دينياً غير مقبول، ولا مفهومة أسبابه، وهو ما يقاومه كل المصريين مسلمين ومسيحيين، حفاظا على عراقة الدولة المصرية، وسوف ينجحون بعد أن كشف ذكاء المصريين الفطرى كل ألاعيب الحواة الإخوانيين، فى المولد المنصوب الآن والذى حضر صاحبه؟ !