يوما بعد يوم يثبت قطاع التأمين أنه على قدر المسئولية وأن لديه الأدوات التى تمكنه من امتصاص الأزمات والتعامل بمرونة مع التحديات وتوفير الحلول للمخاطر المختلفة وتحويلها إلى فرص نمو، فيظهر دور قطاع التأمين وقت الأزمات والأخطار.
وواجه قطاع التأمين فى 2011 مخاطر الشغب والاضطرابات المدنية والاضرابات العمالية وتضررت ممتلكات وسيارات العملاء فوفر القطاع ملحقا لتأمين هذه المخاطر، بجانب منتج جديد لتغطية مخاطر العنف السياسى، كذلك عندما ضربت السيول المناطق السياحية وبعض المناطق الصناعية فى المناطق الصحراوية قام القطاع بدوره وصرف تعويضات للعملاء المتضررين لمساعدتهم على مواصلة الإنتاج، وتجاوز الخسائر.
وعندما ضرب وباء كورونا العالم أعلنت شركات التأمين المصرية أنها تغطى مخاطر الأوبئة وصرفت تعويضات لأهالى المتوفين، كما وفرت تغطية تحاليل فيروس كورونا ضمن منتجات التأمين الطبى.
وفى خضم تعويم الجنيه فى 2016 خاطبت شركات التأمين عملاءها لإعادة تقييم أصولهم بالقيم السوقية بعد انخفاض قيمة الجنيه وارتفاع التضخم، وخرج القطاع من كل تلك الأزمات منتصرا فقد ارتفعت معدلات النمو وزاد وعى العملاء بأهمية التأمين فارتفع الطلب على تلك التغطيات المختلفة (العنف السياسى- المخاطر الطبيعية- الأوبئة)، فزادت أقساط التأمين وضم القطاع شرائح جديدة من العملاء إذ نجح فى تحويل الأزمة والتحدى إلى فرصة للنمو.
القليوبى: التحديات ساهمت فى توسيع قاعدة العملاء وزيادة الأقساط
وكشف خالد القليوبى، مدير عام تأمينات الأخطار الخاصة بشركة «ثروة للتأمين» أن سوق التأمين المصرية مرت بأحداث متلاحقة فى الفترة الأخيرة، آخرها تفشى فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19» وقبل ذلك بسنوات، مثل مواجهة مخاطر الشغب والاضطرابات المدنية والإضرابات العمالية بعد ثورة 25 يناير 2011، مرورا بانخفاض قيمة الجنيه المصرى وارتفاع معدلات التضخم خلال الفترة الحالية وارتفاع أسعار الفائدة، لذا كان لزاما أن يواجه القطاع هذه الأزمات ويضع حلولا لها.
وأضاف أنه على مستوى العالم فقد الكثير من الناس وظائفهم وخاصة العمالة غير المنتظمة وتوقفت أنشطة العديد من المؤسسات، زادت الأعباء على الأنظمة الصحية للدول وتم وضع الاجراءات الوقائية وإجراء التحاليل والاختبارات وإضافة المزيد من الطاقة الاستيعابية للمستشفيات.
ولفت إلى أنه على الصعيد الاقتصادى تراجع نشاط الصناعات التحويلية والخدمات بسبب تأثير التباعد الاجتماعى، مما أدى إلى تدافع الأفراد إلى ارتفاع الطلب على التأمين الطبى بعد ارتفاع تكاليف العلاج، كذلك زيادة الضغط على المنظومة الصحية وارتفاع طلب العملاء تغطية فيروس كورونا المستجد «كوفيد- 19» ضمن وثائق التأمين الطبى بشركات التأمين.
وأوضح أن ارتفاع الطلب على التأمين الطبى جعل شركات التأمين تتنافس على توفير المنتجات لعملائها مما زاد حجم أقساط التأمين وتوسيع قاعدة العملاء وزيادة حجم مبيعات وثائق التأمين، مشيرا إلى أنه فى السابق عند وقوع مخاطر الشغب والاضطرابات المدنية والاضرابات العمالية فى عام 2011 قامت العديد من شركات التأمين بإصدار وثائق تأمين متخصصة لتغطية مخاطر العنف السياسى وكذلك وثائق لتغطية مخاطر الإرهاب لتغطية العملاء ضد الأخطار المحتملة.
وأشار إلى أنه بالنسبة لزيادة المخاطر الطبيعية فى مصر مثل الزلازل تدرس السوق حاليا تأسيس مجمعة تأمين متخصصة لتغطية المخاطر الطبيعية، بجانب تأسيس بعض مجمعات التأمين الأخرى مثل المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث المركبات (إجبارى السيارات) ومجمعة تأمين السفر للخارج والعاملين بالخارج لتغطية المخاطر المختلفة التى يواجهها العملاء.
ولفت إلى أنه عند ظهور الحاجة لتغطية مخاطر الائتمان وضمان القروض لصالح البنوك وجهات التمويل المختلفة لتغطية مخاطر عدم السداد الناتجة عن الوفاة وكذلك تغطية مخاطر عدم السداد الناتجة عن التعثر سارعت شركات التأمين لتوفير منتجات لتغطية هذه المخاطر، وكذلك الأمر بتوفير منتجات لتغطية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وأصحابها لمواكبة توجه الدولة لدعم هذه المشروعات وتوفير مظلة حماية تأمينية لها.
يسرى: وقوع المخاطر أدى إلى تحسين الاكتتاب وارتفاع الأسعار
من جهته، أكد خالد يسرى مدير عام إعادة التأمين بشركة «قناة السويس للتأمين» أن قطاع التأمين أثبت مدى مرونته وقدرته على امتصاص الصدمات ومواجهة الأزمات والتغلب على التحديات خلال الفترة الماضية، لافتا إلى أن القطاع تصدى للمخاطر الطبيعية التى تأثرت بها مصر مثل السيول وخاصة سيول أسوان إذ توفر شركات التأمين وثائق تغطى المخاطر الطبيعية مثل الزلازل والسيول وغيرها من ظواهر التغير المناخى.
وأضاف أن شركات التأمين بدأت الاهتمام بالاكتتاب فى التأمين ضد المخاطر الطبيعية بعد زيادة ظاهرة السيول فى بعض المناطق فى مصر وتضرر بعض عملاء التأمين، مما دفع الشركات لوضع خطط ودراسات للتنبؤ بالمخاطر الطبيعية خلال الخمسين عاما المقبلة.
وأشار إلى أن من صور قدرة القطاع على مواجهة الأزمات هو ما حدث خلال عام 2011 من وقوع بعض أعمال الشغب والاضطرابات المدنية والإضرابات العمالية وسداد قطاع التأمين حوالى 1.2 مليار جنيه تعويضات نتيجة لهذه الأحداث، لذا وضعت الشركات ملحق لتغطية تلك الأخطار وتم تحديثه بالتعاون مع شركات إعادة التأمين العالمية.
وأوضح أن المعيدين نقلوا خبراتهم للسوق المصرية لمواجهة المخاطر الجديدة التى تكرر حدوثها فى السوق خلال الفترة الماضية، بهدف الاكتتاب الجيد والتسعير السليم للأخطار لتقليل معدل الخسائر وجذب شريحة جديدة من العملاء وزيادة حجم الأقساط، بذلك نجح القطاع فى تحويل التحدى من تهديد إلى فرصة نمو .
ولفت إلى أن معيدى التأمين بدأوا يتشددون فى شروط التغطيات بعد تكبدهم تعويضات كبيرة على مستوى العالم بسبب المخاطر الطبيعية وكذلك جائحة كورونا، مما أدى إلى تحسن مؤشر تسعير التغطيات والتركيز على الشروط وزيادة الأسعار.
وأشار إلى أن هذه التحديات والأخطار ساهمت فى توسيع حجم نشاط التأمين عبر زيادة عدد الوثائق وارتفاع حجم الأقساط، لافتا إلى أن السوق بدأت التوسع فى تغطية مخاطر القرصنة الإلكترونية والتأمين متناهى الصغر وكذلك التأمين على المزارع السمكية.
مهنى: ساهمت فى زيادة وعى العميل ونمو الطلب
من جانبه، أوضح هانى مهنى مديرعام إعادة التأمين فى شركة «وثاق للتأمين التكافلى» أن قطاع التأمين المصرى قادر على تجاوز الأزمات واكتسب خبرة كبيرة فى ذلك عبر التغلب على تحديات تغطية مخاطر الشغب والاضطرابات المدنية والاضرابات العمالية، وكذلك مواجهة جائحة كورونا، فضلا عن تغطية المخاطر الطبيعية.
وأضاف أن هذه المخاطر ساهمت فى توعية العملاء بأهمية قطاع التأمين لأن تلك الأخطار تسببت فى خسائر للعملاء مثل السيول، مما دفع العملاء للبحث عن تغطية تأمينية ضد هذه المخاطر من خلال شركات التأمين، مما أدى إلى إضافة منتجات تأمينية جديدة وزيادة حجم الأقساط فى السوق.
وأوضح أن الأزمات الاقتصادية العالمية تؤثر على شركات التأمين وفقا لقدرة كل شركة على مواجهة هذه الأزمات مثل أزمات الركود وانخفاض الطلب على التأمين إذ تؤثر على الأقساط، مشيرا إلى أن أزمة التضخم تصب فى صالح قطاع التأمين إذ يترتب عليها قيام العملاء بإعادة تقييم أصول العملاء وبالتالى ارتفاع مبالغ وأقساط التأمين.
واعتبر أن نمو قطاع التأمين هو مؤشر على قوة النظام الاقتصادى وتطوره إذ يلعب قطاع التأمين دورا هاما فى حماية الأصول العامة والخاصة، كذلك تعويض العملاء عند وقوع الأخطار لمساعدتهم على تجاوز الخسائر واستئناف النشاط الاقتصادى.
وأوضح أن القطاع ينمو وقت الأزمات وهو قادر على التعامل مع أى خطر بشرط وضعه فى الحسبان عند الاكتتاب والتسعير، مشيرا إلى أن ما يؤثر على قطاع التأمين هى الأخطار غير المحسوبة أو التى لا يتم تسعيرها جيدا فتسبب خسائر للشركات وهو ما تم بالنسبة لمخاطر الشغب والاضطرابات المدنية والاضرابات العمالية وكذلك وباء كورونا لأنها حالات طارئة.
وأشار إلى أن شركات إعادة التامين العالمية تتدخل بهدف تنظيم أسواق التأمين عبر تحسين شروط الاكتتاب والتسعير بهدف تحويل تلك الأسواق إلى الربحية مثلما حدث عند وقوع مخاطر الشغب والاضطرابات المدنية والاضرابات العمالية فى عام 2011، مما ساهم فى زيادة حجم أقساط السوق.