من تراب الطريق (939)

رجائى عطية

8:49 ص, الأثنين, 21 سبتمبر 20

رجائى عطية

رجائى عطية

8:49 ص, الأثنين, 21 سبتمبر 20

عالمية الإسلام

، لأن هذا الإقحام يكسب الفروق الأرضية أى الدنيوية صفة نهائية إلهية لا يرضى عنها الله عز وجل، وهو سبحانه لا يقيد بها. فليس لروح كرامة عند الله ـ لمجرد أن صاحبها ينتمى إلى شعب بذاته أو سلالة أو طائفة معينة، أو لأنه يعتز بماضٍ عريق أو مجيد. إن كرامة الروح هى فى شدة ولائها لله، فإن كان صاحبها يؤنسه هذا الولاء، فلا بأس من أن تقويه نماذج طيبة من أصله وأهله.. فتلك ذرية بعضها من بعض شملتهم نعمة الله تبارك وتعالى.

ويدلل محمد عبد الله محمد، على ما يلفت إليه، بأن الآدمى لا يبالى بهذه الفروق الأرضية إذا أحب آدميا آخر حُبًّا حقيقيا، حال كون الحب الحقيقى يكتسح كل هذه الفروق.. فكيف بمن يحب الله ويتجه بكلياته إليه ؟! إن احتفال الآدمى بهذه الفروق فيما يتعلق بالدين، يعنى أنه لم يحب الله حبًّا حقيقيًّا خالصا ولم يمنحه روحه، وأنه بالنسبة له سلطة عليا بعيدة عن أعماقه، أو يعبده على أساس أنه إله هذه الفروق الأرضية الراجعة إلى الدم أو الأصل أو الجنس أو الشعب أو القبيلة أو الوطن أو الطبقة أو الطائفة.

فالله تبارك وتعالى هو رب العالمين، وليس رب طائفة ولا شعب ولا قبيلة ولا جنس، فلا يجوز أن يُخَص بأنه رب إسرائيل أو بنى إسرائيل، أو رب هذا الدين أو ذاك، أو رب هذه القبيلة أو تلك.. وإنما هو رب العالمين.

«تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا» (الفرقان 1).

«وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا» (سبأ 28).

«قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِى لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـى وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِى يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» (الأعراف 158).

«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» (الحجرات 13).

والرسل والأنبياء، هم فروع شجرة واحدة وبناة بيت واحد يؤسس السابق للاّحق ويكمل اللاّحق ما سبق إليه السالف.

ومن يتابع المبادئ الأساسية فى القرآن الحكيم، تصافحه معالم هذه العالمية لديانة لا تتقيد بمكان ولا بزمان ولا بجنس ولا بشعب.. فالاتجاه إلى الله عز وجل يستحيل أن يكون مقيداً بمكان أو أمكنة معينة ،أو مقصوراً على زمان أو أزمنة معينة، أو مخصوصاً لقبيلة أو طائفة أو قوم أو شعب، أو مشروطاً بعقلية أو درجة نمو أو تطور معينة.

ورسالة الهادى البشير محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ موجهة كما رأينا فى الآيات البينات إلى الناس جميعا، وكلمة «الإنسان» أو «الناس» فى القرآن المجيد تنصرف فيما يبدو ـ والله سبحانه وتعالى أعلم ـ إلى عموم الناس.

«قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا» (الأعراف 158) فعالمية الدعوة الإسلامية، أساسها توحيد الله عز وجل ووحدة الرحمة الإلهية وتطابق الفطرة الإنسانية فى أجناس البشر وتساويها فى ظل الله فى الدنيا والآخرة.

www. ragai2009.com
[email protected]