مرتضى المراغى شاهدًا على حكم فاروق (67)
الفصل الأخير مات الملك
نعم هو الفصل الأخير، ليس فقط بموت فاروق، وإنما أيضًا فيما يخص مرتضى المراغى صاحب الشهادة ــ أو الكتاب، وآخر وزير داخلية قبل ثورة يوليو 1952.
فى عام 1805م تولى محمد على الكبير حكم مصر.. كان الحاكم يومها يطلق عليه لقب الوالى، وقد تعاقب على الحكم من أسرة محمد على أربعة ولاة هم : محمد على وابنه إبراهيم وحفيداه عباس الأول وسعيد.
وتغير بعد ذلك لقب حاكم مصر وأصبح لقبه الخديو وحكم مصر الخديو إسماعيل ثم توفيق ثم عباس حلمى الثانى.
ومره ثالثة تغير لقب حاكم مصر وأصبح السلطان وكان أول سلطان حكم مصر من أسرة محمد على السلطان حسين كامل وخلفه السلطان أحمد فؤاد الذى نجح فى تغيير اللقب إلى الملك.
كان أحمد فؤاد الأول هو أول ملك يحكم مصر من أسرة محمد على، وفى عام 1936 خلفه ابنه فاروق.. وفى يوليو 1952 بعد 147 سنة خرج فاروق وانتهت صفحة من صفحات الحكم فى مصر، وذهبت الملكية مع فاروق وبدأت الجمهورية.. وقد جلس فاروق على عرش مصر 15 سنة تم خلالها تشكيل 17 وزارة أى بمعدل وزارة كل 135 يومًا !
ويرى المراغى أن فاروق كان يتوقع النهاية التى انتهى إليها، بل ولم يخف فى أحاديثة رغبته فى الحياة خارج مصر متمتعًا بالحرية وممارسة كل ما يريد دون أى قيود تفرضها عليه طبيعة الوظيفة.. ولهذا كان فاروق حريصًا على أن تكون له ثروة خارج مصر. ولكن المفاجأة حينما اكتشف بعد خروجة من مصر أن معظم الأموال التى سلمها إلى سكرتيره (الأمين) بوللى ليودعها باسمه فى بنوك سويسرا ــ قام بوللى بإيداعها لحسابه الشخصى ؛ وعندما ذهب فاروق ليعرف حجم حساباته كانت الصدمة أنه لم يجد لديه غير مليونين أو ثلاثة ملايين جنيه فقط.. وحتى هذه الملايين استطاع بعض المحتالين والنصابين أن (يلهفوا) منه جزءًا كبيرًا منها عندما ضحكوا عليه وأقنعوه باستثمارها فى مناجم ذهب فى البرازيل!
ولقد كانت للمراغى ــ فيما يقول ــ فرصة التعرف على حقيقة أوضاع فاروق المالية، وأن يطلب منه الملك القيام بدور فى مساعدته بسبب علاقات المراغى مع السعودية وعمله بعد خروجه من مصر.
كيف خرج المراغى من مصر؟!
يطرح المراغى هذا التساؤل ليجيب عليه، بادئًا بأن قصة خروجه من مصر قد أحاطت بها قصص كثيرة، وتعرض بعد خروجه إلى إتهام بتدبير إنقلاب ضد جمال عبد الناصر:
يقول المراغى:
«وأنا شخصيًا ــ أى المراغى ــ لم أكن أفكر فى الخروج من مصر، فبعد قيام الثورة حاولت افتتاح مكتب محام والعمل من خلاله، لكننى فوجئت بأننى كنت الزبون الوحيد الذى يدخل مكتبه طوال نحو عامين.
ذلك أن الثورة خصصت حرسًا خاصًا على العمارة التى يقع فيها مكتبى يهدد كل من يفكر فى توكيلى فى أية قضية. وكانت النتيجة أننى أصبحت بلا أى مورد. كانت لى علاقة قديمة بالأمير فيصل ـ الملك فيصل فيما بعد ــ رحمه الله.
بدأت عندما كنت محافظًا للإسكندرية وجاء إلى الإسكندرية ودخل مستشفى المواساة للعلاج. ولم يكن فاروق يميل إليه. فلم يسأل عنه أو يزوره، ولكننى على العكس قمت بزيارته بدلاً من المرة ثلاث مرات. وقد حمل لى فيصل رحمه الله ذلك، وأرسل فى بداية الثورة رسولاً يبلغنى بأنه على استعداد لمساعدتى ولكننى شكرت الرسول وأبلغته أن فى بلدى متسعًا لحياتى.. ولكن فى عام 56 تأكد لى أن استمرار الحياة فى مصر أصبح مستحيلاً. فقمت من ناحيتى بالاتصال بالأمير فيصل وكان قد أصبح وليًا للعهد وأبدى الرجل استعداد لمساعدتى فى الوقت الذى أختاره، وفور خروجى من مصر أرسل لى فى مايو 56 تصريحًا للعمل فى السعودية.
ولم يكن خروجى من مصر بالأمر السهل، فلم يكن لدى جواز سفر، وكان زكريا محيى الدين وزيرًا للداخلية، ولولا ابن عمه محيى الدين لما استطعت الخروج.
ولم تكن لى شخصيًا معرفة بخالد، بل إننى لم أقابله مرة واحدة، وكل الذى حدث أن أحد أصدقائى وكان يعمل سكرتيرًا لحفنى باشا محمود وجدنى مهمومًا وعرف منى حكاية عدم قدرتى على استخراج جواز السفر.
وكان بسبب علاقة عمله مع حفنى باشا محمود قد تعرف على جمال عبد الناصر وعلى خالد محيى الدين، فذهب إلى خالد وتوسط لديه فى اخراج جواز سفر وتأشيرة خروج.. وبالفعل نجح فى ذلك وقام خالد محيى الدين بمساعدتى فى استخراج الجواز والتأشيرة دون أن يرانى، وهذه شهادة حق لابد أن أقرها.
وفى يوم 13 يونيو عام 56 غادرت مصر وسافرت إلى السعودية، وعرض علىَّ الأمير فيصل العمل فى السعودية ولكننى اعتذرت، فكان أن تم ترتيب عمل لى فى روما، وهو العمل الذى احتفظت به فترة طويلة، ومنه حصلت على إيراد كبير».
www. ragai2009.com
[email protected]