من تراب الطريق (852)

من تراب الطريق (852)
رجائى عطية

رجائى عطية

7:34 ص, الثلاثاء, 5 مايو 20

مرتضى المراغى شاهدًا على حكم فاروق (61)

المكالمة الأخيرة مع فاروق

يروى مرتضى المراغى أنه استقل السيارة وعاد إلى الإسكندرية حيث وصلها فى الساعة الواحدة، فأوى متعبًا لبعض الراحة، ولكنه سمع رنين التليفون فى الرابعة بعد الظهر، وجد أن المتكلم الأمين الخاص للملك.

قال الامين : ان شاء الله لست متعبًا من الرحلة ؟

قلت : متعب بعض الشىء. ولكن كل شىء انتهى.

قال الامين : طبعًا على خير.

وقلت : وأى خير.

قال الامين : البلد هادئ ولم يحصل سفك دماء، وكل ذلك بحكمة مولانا، وأيضًّا أنتم عالجتم الأمور بحكمة.

قلت : أشكرك، ولكنى أريد أن تقول لمولانا أن مرتضى المراغي يودعه ويقول له مع السلامة.

وهنا أحسست بصوت سعال خافت فعلمت ان الملك ينصت إلى المحادثة.

قال الامين ( بعد تردد ) : وماذا تقصد ؟

قلت : أقصد أن الملك سيطلب منه التنازل عن العرش.

وهنا سمع المراغى صوتًا يقول : قل له هذا كذب.. هذا كذب.

قال الامين ( بأدب ) : أظن أن هذا الكلام مبالغ فيه.

وارتفع الصوت يقول : قل له يا ابن الـ….. ان هذا كذب.

قال الامين ( بأدب ) : لعل الرواية التى سمعتها كاذبة.

قلت : اسمع، إنى أسمع صوت الملك وهو يصرخ. وأنا لم أسمع رواية من أحد، ولكن ليس من المعقول أن يذاع بيان الانقلاب ويقال فيه عن الملك الطاغية والفاسد إلى غير ذلك، ثم تبقى الحركة على الملك.

وسمع المراغى الصوت يقول : قل له ان  محمد نجيب قادم غدًا صباحًا ليقدم ولاءه.

قلت : قل للملك أشك كثيرًا فى ذلك.

ولم يأت محمد نجيب إلاَّ ليودع الملك وهو مسافر على المحروسة.

سر إزدياد نشاط المخابرات الأمريكية

قبل الثورة

يضيف المراغى أنه كان للملكة ناريمان قريب هو اليوزباشى عبد المنعم النجار، وكان من الضباط الأحرار. وفى الأشهر الأخيرة قبل قيام حركة الجيش كان عبد المنعم النجار يتردد كثيرًا على أم ناريمان التى سألته مرة عن حكاية الضباط الأحرار، وهل حقيقة أنهم يريدون خلع الملك فاروق ؟!.. وأجابها النجار قائلاً : معاذ الله فالضباط الاحرار هم جنود الملك، وإذا كان لهم هدف فهو تخليص الملك من الأحزاب السياسية الفاسدة ومن ضباط الجيش الكبار الكهلة..

قالت أم ناريمان : ولكن المنشورات التى يصدرونها تحض على خلع الملك.

قال النجار : هذه منشورات مدسوسة على الضباط الاحرار.

وأرجو يا سيدتى أن تجمعينى بالملكة لأشرح لها وضع الضباط الأحرار.

واجتمع الضابط بالملكة ناريمان.

وقد ذهبت ناريمان إلى منزل أمها للقاء النجار وقالت له : إنها سمعت أنه يريد مقابلتها.

قال النجار : نعم، يا صاحبة الجلالة. إنى سمعت السيدة والدتك تتكلم عن الضباط الأحرار وتقول إنهم يريدون خلع الملك. وأنا أقول : إن هذا غير صحيح أبدًا.

قالت ناريمان : ومن أين تعلم أنه غير صحيح. هل أنت من الضباط الأحرار ؟

قال عبد المنعم النجار بعد قليل من التفكير : كل صغار الضباط فى الجيش أحرار ولكنهم مخلصون للعرش، ويجب أن يعتمد الملك عليهم لا على كبار الضباط الجهلة المنافقين. نحن صغار الضباط نحب الملك بقلوبنا. ولكن كبار الضباط يحبونه بألسنتهم. ونحن نريد تخليص الملك من الأحزاب الفاسدة من السياسين من أنصار الاستعمار. ونحن نعلم أنه يكره الإنجليز ويساعده الضباط الأحرار الذين يعملون من منطقة القنال لتخليص البلاد من الاحتلال. نحن الذين نشعر بولاء حقيقى للملك وليس حيدر أو عثمان المهدى أو عمر فتحى.

قالت ناريمان: هل تقسم على أنكم مخلصون للملك؟

أجاب النجار: أقسم.

وعادت ناريمان إلى القصر ونقلت إلى الملك حديث قريبها الضابط النجار.

وفتل الملك شاربه وابتسم مزهواً وقال : أنا متأكد أن الجيش مخلص لى.

www. ragai2009.com

[email protected]