من تراب الطريق (1264)

من تراب الطريق (1264)
رجائى عطية

رجائى عطية

7:03 ص, الأحد, 20 فبراير 22

محمد فريد الزعيم النبيل الشهيد

(8)

ساء زعماء الإتحاديين الأتراك، القرار الذى أصدره المصريون فى جنيف بزعامة محمد فريد، وساءهم وساء الأتراك بعامة أن ينادى بأن «مصر للمصريين»، دون اعطاء أى وضعية لتركيا، فضغنوا عليه موقفة، فلما ذهب إلى الآستانة فى فبراير 1916، حاصروه بالشكوك والرقابة والتجسس عليه، ثم اتهموه بأعمال عدائية ضد تركيا، ومالبثوا أن أخضعوه للتحقيق، الذى باشره «عزيز بك» مدير الأمن العام، بناء على تعليمات طلعت بك (باشا)، وزير الداخلية، والتقى محمد فريد بالمحقق فى إدارة الأمن العام يوم 23 فبراير 1916، وفوجئ المحقق بأن محمد فريد هو الذى ابتدره سائلاً إياه: «أريد أن أعرف قبل كل شىء هل أنت تسألنى بصفتك مدير الأمن العام وأنا أمامك بصفة متهم، أو أنك تكلمنى بصفتك مندوبًا عن طلعت بك للاستعلام عن بعض نقط يضيق وقته عن أن يسألنى عنها، لأنك لو اعتبرتنى متهمًا فلا أجيبك عن شىء مطلقًا، ولا أدافع عن نفسى بل أقولك لك ــ كما قلت للإنكليز فى مصر ــ إفعلوا ما شئتم، فبيدكم القوة استعملوها كما تريدون، وأما إذا كان الأمر استعلامًا بسيطًا، فأجيبك على ما تريد».

أجابه المحقق مرائيًا، فيما يروى محمد فريد بمذكراته: «وحاشا أن نتهمك، إنما نريد فقط أن نستعلم منك عن بعض النقاط».

ودار الحديث بعد ذلك، فيما يروى الرافعى فى كتابه عن محمد فريد، عن بعض مسائل كانت موضع السؤال والجواب، كإجتماع جنيف فى ديسمبر سنة 1915، والغرض منه، وخطاب أرسله محمد بك فريد إلى إسماعيل بك لبيب، وضبط بواسطة الرقابة فى تركيا.

وانتهى النقاش بينهما بأن قال لمدير الأمن العام: «ليس بهذه المعاملة تستميلون المصريين، فإن هذه المعاملة الفظة لوعُلِمَت فى مصر ــــ ولابد أنها تعلم ــــ تضركم وتعرقل مساعيكم، ولابد لكم من صداقة المصريين، والإتفاق معهم اتفاق الند مع الند، والقرين مع القرين، وإلا أكلتكم أوروبا بل أكلكم الألمان أصدقاؤكم الآن».

وختم كلامه بقوله: «هاك ما عندى من الأقوال، أرجو أن تبلغها حرفيًا مع جميع ما قلته لك من الملاحظات إلى طلعت بك، وتبلغه استيائى من هذه المعاملة وهاتيك المراقبة الشديدة، فإن أراد بيانًا أوضح فأنا مستعد للإجابة، مع العلم بأنى أعتبر نفسى حرًا فى أن أقابل من أريد، برغم جواسيسكم العديدين».

فبُهت مدير الأمن العام من هذه اللهجة الحازمة فى الجواب، وأبلغ محمد بك فريد أنه سينقل حديثه إلى طلعت بك.

وفى أبريل غادر محمد فريد تركيا، مسافرًا إلى جنيف، ناقمًا من الأتراك سياستهم نحو مصر، وقرر الاقامة فى جنيف إلى أن تنتهى الحرب.

وحين زار «جمال باشا» ألمانيا فى ذلك العام، سارع محمد فريد يصرح بأن هذا الرجل طامع فى فتح مصر لنفسه، ويكره المصريين الأحرار، وبالطبع أنا فى مقدمتهم، لإعلانى دائمًا حقوق مصر، ومجاهرتى بمقاومة كل من يقول بغير ذلك أيا كان».

وكتب فى موضع آخر: «إن الأتراك لا يهتمون بالمسألة المصرية بل قال بعضهم إنه يفضل أن تكون مصر إنكليزية من أن تكون مستقلة، لأنها لو استقلت تصبح خطرًا على الدولة، لاستعداد أهلها ونباهتهم وذكائهم، وكذلك لا يرغبون فى أن تكون متحدة معهم اتحاد ممالك ألمانيا تحت رياسة بروسيا، لان مثل هذا الاتحاد يوجب إيجاد مجلس نواب عام مثل الريشستاج الألمانى، يكون فيه للمصريين وباقى الممالك العربية مندوبون يفوق عددهم عدد نواب الأتراك، فيصبحون هم المسيطرون على الدولة العثمانية، ويصبح الأتراك فى المقام الثانى».

www. ragai2009.com

[email protected]