التطهر بالابتلاء .. هكذا آواسى نفسى وأقويها!
فى فقه العارفين أن الله تعالى لا يبتلى عبده ليقتله، وإنما ليمتحنه وليطهره..
مواجهة الشدائد والصبر عليها تكشف حقيقة الإنسان، وتربيه وتقويه، وتكشف عن مدى ودرجة إيمانه..
الإيمان ليس كلمة تُقال، وإنما نور يملأ القلب، وتصديق ويقين وثقة فـى الله عز وجل.
فى خطاب ربانى إلى الهادى البشير عليه الصلاة والسلام، يقول له الحق عز وجل:
«قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» (الحجرات 14).
صدق الله العظيم
الأعراب هم سكان البادية، جمع أعرابى وهو غير العربى، وكلمة « لَا يَلِتْكُم » فى الآية الكريمة أى لا ينقصكم..
وخطاب الآية الكريمة إلى الهادى البشير عليه الصلاة والسلام، ليبسط للقائلين معنى وتبعات الإيمان، فيقول لهم: لم تؤمنوا بعد، إذ إن الإيمان تصديق مع ثقة وطمأنينة، ولم يحصل لكم ذلك بعد، وإنما أسلمتم فقط بمعنى الانقياد والدخول فى السلم. فإن أطاعوا الله ورسوله بالإخلاص وترك النفاق، لا ينقص الله من أجور أعمالهم شيئًا، فالله عز وجل هو الغفور الرحيم..
وتبسط الآية التالية من سورة الحجرات، معنى الإيمان وتبعاته، فيقول عز وجل :
«إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ» (ا لحجرات 15).
صدق الله العظيم
لا يصبر على الابتلاء بالشدائد إلَّا المؤمن.
وكما يصبر على الابتلاء بالشدائد، لا يغتر ولا يشرد ولا يُفتن بالابتلاء بالنعم.. فالله تعالى يبتلى عباده بالمحن والنعم..
والمؤمن قوى الإيمان يثبت للابتلاء، لا يجزع إن كان فى محنة، ولا يغتر إن كان بنعمة..
عبر الفاروق عمر بن الخطاب عن وجوب الصبر وعدم الجزع بقوله:
«إنْ جزعت مضى أمر الله وكنت مأزورًا أى مشدود الأزر، وإنْ صبرت مضى أمر الله وكنت مأجورًا».
المؤمن الحق يصبر عند العسر والشدة، ويجاهد ولا يضجر ولا يضعف، ويحمد الله ويشكره عند اليسر والرخاء.
يقول تبارك وتعالى فى كتابه العزيز:
«لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ» (إبراهيم 7).
وفى حديث الرحمة المهداة عليه الصلاة والسلام:
«عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلَّا المؤمن: إنْ إصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وإنْ أصابته سراء شكر فكان خيرًا له».
وقد يكون فى الضر الظاهر، حكمة خفيَّة أو خيرٌ قادم..
يقول الحكيم الخبير فى كتابه العزيز:
«وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» (البقرة 216).
وصدق عز وجل إذ يقول فى كتابه المبين:
«قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُـوَ مَوْلَانَا وَعَلَـى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» (التوبة51).
www. ragai2009.com