حول التطرف والإرهاب للإمام الطيب
فى المجلد الثانى للقول الطيب، خصص الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب فصلاً لهذا الملف، ضمَّ سبع محاضرات أُلقيت فى مناسبات وتوقيتات مختلفة، أولها فى إحدى المنتديات بروما إبان رئاسته لجامعة الأزهر، والثانية عام 2014 فى افتتاح مؤتمر الأزهر العالمى لمواجهة الإرهاب، والثالثة فى مؤتمر رابطة العالم الإسلامى بمكة عام 2015، وتحدث فيها عن النزاعات التكفيرية.. ودواعيها وأسبابها، والرابعة كانت عام 2015 فى اجتماع مجلس حكماء المسلمين المنعقد بمشيخة الأزهر، والخامسة كانت فى سويسرا عام 2016 فى افتتاح الحوار بين مجلس حكماء المسلمين، ومجلس الكنائس العالمى، والسادسة كانت عن صناعة الإرهاب والوعى الغائب، وأُلقيت عام 2018 بمركز المؤتمرات الدولى بدار السلام بسلطنة بروناى، والسابعة دارت حول صناعة الإرهاب فى العالم المعاصر، وألقاها عام 2018 فى افتتاح مؤتمر زعماء الأديان الذى أُقيم بالعاصمة الكازاخية «أستانا» بحضور رئيس جمهورية كازاخستان، والسابعة ألقاها فى أكتوبر عام 2018.
وها نحن نرى أن الدكتور الطيب صاحب مشروع، قائم على أساس، تتعدد فيه العناصر، وتتعد أساليب وزوايا التناول والطرح، يجوب من أجل النهوض برسالته بالشرق والغرب، ما بين مصر، ومكة المكرمة، وسويسرا فى أوروبا، وسلطنة بروناى، وكازاخستان فى آسيا، هيأ له القدر على طرح فكره ومشروعه فى هذه البلدان المختلفة اللغات، أنه فضلاً عن علمه الواسع الغزير بالدين ومبادئه وأحكامه ومعاملاته، أنه يتقن الفرنسية إتقانًا تامًّا، حديثًا وكتابةً، وأنه ملمٌّ أيضًا باللغة الإنجليزية.
ونرى أن هذه المحاضرات الست تدور حول ملف العنف، جذوره، وأسبابه، وآثاره، وسبل التصدى له، إنقاذًا للإنسانية من مغبَّة تفشى هذه الظاهرة التى أقضت مضاجع العالم فى شتى البلدان، وكانت «مصر» ــ ربما من أوائل البلدان التى عانت من عمليات العنف، وكان أبرز هذه المظاهر اغتيال الرئيس المصرى أنور السادات، ونحن نعرف أنه سبقه وتلاه كثير من وقائع العنف والاغتيال، سواء بقتل الخازندار، واغتيال حكمدار القاهرة، والدكتور أحمد ماهر رئيس الوزراء فى البهو الفرعونى بالبرلمان، ومحمود فهمى النقراشى رئيس الوزراء، وامتدت هذه الظاهرة إلى محاولة اغتيال حسن أبو باشا وزير الداخلية السابق، واغتيال الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية عدة مرات، واغتيال النائب العام هشام بركات. ومع سريان هذا الاتجاه، امتدت مظاهره فى منطقتنا العربية إلى الجزائر بل وإلى الحرم المكى بمكة المكرمة، إلى غير ذلك من واقعات العنف التى سرت كسريان النار فى الهشيم.
والتطرف والإرهاب يثيران قضايا متعددة، منها ما يتعلق بالنشأة، وبالبيئة، والتعليم، والظروف الإقتصادية والاجتماعية، والخطاب الدينى المكتوب والشفهى، والإعلام.. كل هذه جذور وأسباب، أدت وتؤدى إلى التطرف، وما قاد إليه من إرهاب، وتنظيمات إرهابية تتستر بالدين بتحريف لا يفوت على أهل العلم والمعرفة، ولكنه كثيرًا ما ينطلى على البسطاء، وعلى الفقراء المأزومين فى معيشتهم. علاج هذه الأسباب والتصدى لها، واجبٌ على المجتمع، وعلى مؤسسات التعليم، وعلى الثقافة والإعلام، وبالطبع على الخطاب الدينى والقائمين به، سواءٌ من خريجى الأزهر أو من سواهم، ولذلك فإن تناول هذه الظاهرة له زوايا متعددة.
وبينما رأى العالم العربى ــ فيما يقول الإمام الطيب ــ أن أسباب هذه الظاهرة تكمُن أساسًا فى عوامِلَ عدَّة مثل انحراف الجماعات الإسلامية عن الفهم الصحيح للإسلام، ومساندة البعض لهذه الجماعات ودعمها ماديًّا وفكريًّا، إضافةً إلى سلبية الغرب وعدم جديته فى تقدير ظاهرة العنف تقديرًا دقيقًا، وتجاهلة لتداعياتها الخطيرة، بينما كانت هذه هى نظرة الغرب للعنف وأهله، فإن النظرة التى سادت دوائر الغرب والإدارة الأمريكية كانت تركز على عوامل محلية عربية / إسلامية.. فى مقدمة هذه العوامل: صحوة الثقافة الإسلامية، والتخلف الاقتصادى وما يثمره هذا التخلف من مشكلات اجتماعية وخلل كبير فى توزيع الثروة والخدامات. (وللحديث بقية)
www. ragai2009.com
[email protected]