الإمام الطيب والقول الطيب (1)
أهدانى مشكورًا فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب مجموعة رائعة من تأليفه من ثلاثة مجلدات، عنوانها «القول الطيب».. مشتق من لقبه، وهو لقب على مسمّى، شهدت ذلك وأشهد عليه من تعامل قريب امتد قرابة عشرين عامًا، بدأ بمجمع البحوث الإسلامية الذى ضمتنا عضويته تحت رعاية المغفور له الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر السابق، وامتدت هذه الصداقة الدافئة عبر السنوات التى شغل فيها دار الإفتاء ورئاسة جامعة الأزهر، إلى أن استقر بمشيخة الأزهر إمامًا أكبر خلفًا للحبيب الإمام الأكبر الراحل الدكتور محمد سيد طنطناوى.
المجلدات الثلاثة بعنوان «القول الطيب» من كلمات ومحاضرات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب. أحب قبل أن أتحدث عنها أن أعرض ما قاله وداعًا للإمام الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوى، وهى سنة قليلاً ما نراها، ناهيك بأن نراها بهذه المحبة والإجلال والوفاء والإكرام. يقول فى محاضرته فى المتلقى الخامس للرابطة العالمية لخريجى الأزهر عن الإمام أبو الحسن الأشعرى، إمام أهل السنة والجماعة، الملقاة فى 24 من جمادى الأولى 1431 هـ 8 مايو سنة 2010 يقول : «اسمحوا أيها العلماء الأجلاء فى بداية كلمتى هذه ؛ أن أذكر شيخنا الراحل، الأستاذ الدكتور : محمد سيد طنطاوى، شيخ الأزهر الشريف، الذى رحل عن عالمنا منذ شهرين مضيا، وترك رحيله المفاجئ فراغًا كبيرًا، لم نكن لندرك حجمه وثقله قبل أن يرحل هذا الشيخ الجليل.
وإننا أبناء الأزهر الشريف شيوخه وعلماءه وطلابه إذ نحتسب عند الله تعالى فقيد الأمة الإسلامية كلها، لنذكر من محاسنه رحمه الله أنه كان رجلاً تقيًّا، نيِّر الوجه، رقيق القلب، صلب الإرادة، شجاعًا فيما يراه حقًّا، صبورًا، متواضعًا، حمولاً للأذى، بكَّاءً، زاهدًا فيما عند الناس، متقنًا لحفظ القرآن الكريم، يجمعه فى صدره، ويعلَمه ويعلِّمه ؛ تفسيرًا، وأحكامًا، وقصصًا، ومحكمًا، ومتشابهًا.
كان دائمًا وكأنه على موعد مع الموت، يتوقعه وينتظره فى كل حركاته ونشاطاته.
لقى ربه غريبًا، نائيًا عن الأهل والوطن، متخففًا من الأحمال، حتى من حقيبة يده التى تركها فى مكتبه، ورحل على مدينة الرياض، وكأنه كان يحدس بدنوّ الأجل، فلم يُبق من ضرورات الدنيا إلاّ ما يستر به جسده.
وقد لقى ربه هناك، وحُمل إلى المدينة المنورة، حيث صُلّى عليه فى المسجد النبوى الشريف، ودُفن إلى جوار النبى صلى الله عليه وسلم فى البقيع، مع الصحابة والتابعين وصالحى المؤمنين.
رحم الله الشيخ الجليل، وأجزل له الأجر والمثوبة ؛ إنه واسع المغفرة. وهو أرحم الراحمين».
بقى أن أقول لك إن الإمام الطيب كان قد زكى مع الإمام الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوى، إنضمامى إلى مجمع البحوث الإسلامية من قرابة عشرين عامًا، فكان من حظى أن أنضم إلى مشيخة الأزهر بترشيح وتزكية إمامين أكبرين، الإمام طنطاوى، والإمام الطيب. وكما امتدت حبال الود والمحبة بينى وبين الدكتور طنطاوى، امتدت بينى وبين الدكتور الطيب، ولازلت أنعم بعطرها حتى الآن ؛ وإلى المتلقى غدًا إن شاء الله.
www. ragai2009.com
[email protected]