الصيرورة لا حدود لها!
الصيرورة قانون كونى، يشمل الكون كله.. لا شىء فيه يبقى على حال. فلا تتوقف حركة النجوم والكواكب والأفلاك، ولا يتوقف دوران الأرض، ولا تتوقف الزلازل والبراكين، والعواصف والأعاصير.. ولا تتوقف اللغة، وكذلك الإنسان ذاته، عن التطور الذى هو فرع على هذه الصيرورة.
ويبدو أن هذه الصيرورة قد طالت المعتقدات أيضًا.. فمسيرة الحياة البشرية وتطوراتها وما يدفعها وما يعترضها أو يعطلها من حروب واقتتال وعداوات، يؤثر ولا شك فى دائرة معتقداتنا. قد تتباعد بتأثير هذه المسيرة عقائد أو معتقدات كانت فى الماضى أكثر حضورًا وقوة أو فاعلية ونفاذًا..
وقد تنبت فى هذه المسيرة، وبتأثيرها، عقائد أو معتقدات جديدة، وقد تتحول عقائد ومعتقدات سائدة، فيضاف إليها أو يحذف منها، وقد توجد بتأثير هذه المسيرة رؤى أكثر سعة أو ضيقًا تبعًا لظروف وتقلبات وتغيرات وطوارئ الحياة !
وفهم الناس لواقع هذه «الصيرورة» وما تفرزه، يتفاوت من فرد لآخر، مثلما يتفاوت بين المجاميع والمجتمعات. ودائمًا ما يقترن الفهم بقدر من الاتزان والثبات، والعكس صحيح، ويبدو هذا الفهم أكثر لزومًا فى التعامل مع الأديان، ومقدار ما يبيحه أو يبيحه «التجديد» فى الفكر والخطاب الدينى، دون خروج على أصول الأديان، ومقدار ونتيجة الحوار الظاهر والخفى بين المجددين والسلفيين، فيما بدا ويبدو أنه قد فرضه ويفرضه فرضًا ـ اتساع مساهمة «وعى» الآدمى فى فهم الدين، فهمًا موصولاً بقدر أو بآخر بالخطوات الأولى التى خطاها الآدمى فيما استقبله فى سنوات الطفولة من المحيط الذى فيه ولد وعاش.
هذا الوعى هو آية وجود الآدمى، فالآدمى يوجد بوجود وعيه ويزول بزواله، وكل وعى كان أو يكون أو سيكون، إنما يعى فقط «بعض» ما فى داخله وما يجرى فى هذا «الداخل»، أما الوعى بما فـى «خارج الآدمى» وما يجرى ويدور فى هذا الخارج فلا يعى الآدمى منه إلاّ جانبًا فقط.. هذا الجانب قد يتسع أو يضيق تبعًا لخامة الآدمى، بيد أن إحاطته فى جميـع الأحـوال قاصرة عن أن تحيط بكل ما فى «خارج» الآدمى فى هذا الكون الفسيح المعجز للأفهام.
ويبدو أن غرائز الكائن الحى، معرضة بطبيعتها وعشوائيًا، أو حسب الظروف للتقلص والتمدد إلى حدود بعيدة وفى اتجاهات متعددة تعكس تأثير التقلص أو التمدد المباشر وغير المباشر، فى الأغلب الأعم على غيرها، على تصرفات وسلوك الآدمى فى مراحل حياته كلها، ولا يكاد يلتفت الوعى الالتفات الجدى إلى ذلك، إذ لو وعيناه بما فيه العناية والكفاية، لقاومته وقومته وصححته عقولنـا، ولجنبنا البشريـة أضرارًا لا أول لها ولا آخر ناجمة عن شرود الغرائز فى شبابنا ورجولتنا وكهولتنا وشيخوختنا، برغم ما يسود فى الجماعات الإنسانية بعامة من عقائد وأصول وقوانين وأخلاق وأعراف وعادات تتخطاها كثيرًا، وربما بسهولة، استجابـة الطبقـات والأفـراد للغرائز ناهيك عن الشرود الشاذ فيها ؟!!!
www. ragai2009.com