حدد صندوق النقد الدولي في تقرير مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي الصادر اليوم ، عدداً من المخاطر المحيطة بالاقتصاد، من بينها تصاعد التوترات الجغرافية – السياسية واحتدام القلاقل الاجتماعية في كثير من البلدان.
وقال في التقرير، إنه لا يزال ميزان المخاطر المحيطة بآفاق الاقتصاد العالمي مائلًا في اتجاه التطورات المعاكسة، وإن كان أقل ميلًا إلى النتائج السلبية، مقارنة بما ورد في عدد أكتوبر من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي.
وأضاف صندوق النقد أنه من الممكن أن تستمر دلائل الاستقرار المبكرة، ما يؤدي إلى ديناميكية مواتية بين الإنفاق الاستهلاكي الذي لا يزال متماسكًا، وتحسُّن الإنفاق التجاري.
ويمكن أن يأتي دعم إضافي من انحسار المعوقات المتفردة في الأسواق الصاعدة الرئيسية، مقرونا بالتيسير النقدي وتحسن المزاج السائد عقب “المرحلة الأولى” من الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين، مع ما يصاحب ذلك من تراجع جزئي عن التعريفات الجمركية المطبقة من قبل، وتعليق أي تعريفات جمركية جديدة.
ويمكن أن يؤدي اقتران هذه العوامل إلى زيادة قوة التعافي عن المستوى المتوقع حاليًا.
تصاعُد التوترات الجغرافية – السياسية
ومع ذلك، فلا تزال هناك مجموعة بارزة من مخاطر التطورات المعاكسة ؛ فتصاعُد التوترات الجغرافية – السياسية، ومن أبرزها التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، يمكن أن يعطل إمدادات النفط العالمية، ويضر بالمزاج السائد، ويضعف الاستثمار التجاري الذي لا يزال في مستهله.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن احتدام القلاقل الاجتماعية في كثير من البلدان – تأثرا، في بعض الحالات، بتآكل الثقة في المؤسسات المستقرة والافتقار إلى التمثيل الكافي في هياكل الحوكمة – يمكن أن يُحدِث اضطرابا في النشاط الاقتصادي، ويُعَقِّد جهود الإصلاح، ويتسبب في إضعاف المزاج السائد، ما يجذب النمو إلى أقل من المستوى المتوقع.
وحيثما كانت هذه الضغوط تزيد من تفاقم التباطؤ العميق الجاري بالفعل، كما هو الحال مثلاً في اقتصادات الأسواق الصاعدة ضعيفة الأداء والواقعة تحت ضغوط، يمكن ألا يتحقق التحسن المتوقع في النمو العالمي – الذي يدفعه بشكل شبه كامل التحسن المتوقع في هذه الاقتصادات (والانكماش الأقل عمقا في بعض الحالات).
زيادة الحواجز الجمركية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين
وقد أثرت زيادة الحواجز الجمركية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، ولا سيما الصين، على مزاج الأعمال وفاقمت التباطؤ الدوري والهيكلي الجاري في كثير من الاقتصادات على مدار العام الماضي. وامتدت النزاعات إلى التكنولوجيا، فأصبحت تهدد سلاسل العرض العالمية.
واتسع نطاق الدوافع التي تقوم عليها الإجراءات الحمائية لتشمل دواعي الأمن القومي أو حماية العملة.
ولا تزال احتمالات التوصل إلى تسوية دائمة للتوترات التجارية والتكنولوجية بعيدة المنال، رغم ما ورد من أخبار إيجابية متفرقة عن وجود مفاوضات جارية.
وإذا ما حدث مزيد من التدهور في العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين (كالذي تَجَسد، على سبيل المثال، في الاحتكاكات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي)، أو في الروابط التجارية التي تشترك فيها بلدان أخرى، فمن الممكن أن تتعرقل الخطوات الوليدة نحو نهاية الانخفاض في الصناعة التحويلية والتجارة، مما يؤدي بالنمو العالمي إلى نتائج أقل من توقعات السيناريو الأساسي.
تحولات سريعة في المزاج المالي
ويمكن أن يؤدي تحقق أي من هذه المخاطر إلى إحداث تحولات سريعة في المزاج المالي، وإعادة توزيع المحافظ الاستثمارية في اتجاه الأصول الآمنة، وتصاعد مخاطر تجديد الديون المستحقة على الشركات والكيانات السيادية الضعيفة.
ومن شأن تشديد الأوضاع المالية على نطاق واسع أن يكشف النقاب عن مواطن الضعف المالية التي ظلت تتراكم طوال سنوات أسعار الفائدة المنخفضة، وأن يزيد من انخفاض الإنفاق على الآلات والمعدات والأدوات المنزلية المعمرة.
وفي نهاية المطاف، يمكن أن تمتد عودة الأوضاع الضعيفة الناجمة عن ذلك في قطاع الصناعة التحويلية إلى قطاع الخدمات وتتسبب في حدوث تباطؤ أوسع نطاقا.
الكوارث المناخية
وقد فرضت الكوارث المناخية، كالعواصف المدارية والسيول وموجات الحر الشديد وموجات الجفاف وحرائق الغابات، تكاليف إنسانية باهظة وخسائر في الأرواح في مناطق متعددة خلال السنوات الأخيرة.
وبالفعل، فإن تغير المناخ، وهو المحرك لزيادة تواتر الكوارث المناخية ودرجة حدتها، أصبح يعَرِّض النتائج الصحية والاقتصادية للخطر، وليس فقط في المناطق المتأثرة بشكل مباشر.
ويمكن أن يفرض تحديات في مجالات أخرى قد لا تكون قد شعرت بعد بالآثار المباشرة، وذلك من خلال المساهمة في الهجرة العابرة للحدود أو الضغط المالي (كما في قطاع التأمين على سبيل المثال) من بين أمور أخرى.
ومن شأن استمرار الاتجاهات الحالية أن يكبد المزيد من البلدان خسائر أكثر فداحة.