من أين يأتى الاستثمار الأجنبى المباشر لمصر؟

«المال» تجرى استطلاعًا عن إجراءات تحفيز بيئة الأعمال

من أين يأتى الاستثمار الأجنبى المباشر لمصر؟
سمر السيد

سمر السيد

9:07 ص, الأثنين, 9 سبتمبر 19

الإمارات العربية فى صدارة القائمة بقيمة 6.766 مليار دولار فى 1092 شركة  

كشفت بيانات حديثة للهيئة العامة للاستثمار أن دولة الإمارات العربية المتحدة تحتل المركز الأول بقائمة مساهمات الاستثمار الأجنبى بالشركات بإجمالى 6.766 مليار دولار موزعة على 1092 شركة.

بينما احتلّت المملكة العربية السعودية المركز الثانى بفارق بسيط بمساهمات بلغت 6.262 مليار دولار، لكن بعدد شركات أكبر من صاحبة المركز الأول، حيث بلغت مساهماتها فى الشركات نحو 5569 شركة.

وجاءت بريطانيا فى المركز الثالث، ثم الكويت وهولندا وجزر كايمان والولايات المتحدة الأمريكية وليبيا، ثم قطر فى المركز التاسع، والبحرين فى المرتبة العاشرة.

جدير بالذكر أن هذه الإحصائيات تتعلق بالفترة الزمنية من 1970 حتى مايو الماضى.

وأوضحت البيانات أن القطاعات الصناعية احتلّت المرتبة الأولى من حيث إجمالى تدفقات الاستثمارات الأجنبية بالسوق المحلية بإجمالي 10.474 شركة، بتدفقات 30.66 مليار دولار.

تلاها القطاع التمويلى الذى شهد تأسيس 819 شركة، وبلغ إجمالى التدفق فى رأس المال المصدر نحو 16.827 مليار دولار.

واحتلّ القطاع الخِدمى المركز الثالث بقائمة التدفقات بواقع 14.966 مليار دولار، عبر تأسيس 14.197 شركة، وشهد قطاع الإنشاءات تأسيس 4432 شركة، وسجل إجمالى التدفق فى رأس المال المصدر نحو 11.38 مليار.

بينما سجلت تدفقات رءوس الأموال فى القطاع السياحى نحو 9.8 مليار دولار من خلال 2555 شركة، وجاء القطاع الزراعى بالمركز السادس من حيث إجمالى التدفقات بواقع 5.239 مليار عبر 2976 شركة.

وتذيَّل القائمة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الذى شهد تأسيس 2431 شركة من خلال تدفقات 4.22 مليار دولار.

وعلى مدار السنوات الماضية اتخذت الحكومة المصرية العديد من الإجراءات الإصلاحية، والتى أثّرت بشكل إيجابى على مناخ الأعمال، الأمر الذى أشاد به الخبراء والمراقبون، لكنهم أكدوا فى الوقت نفسه أن هناك إجراءات كالقضاء على البيروقراطية يجب تبنّيها، لاستمرار المضى على الطريق الصحيح وزيادة تمكين القطاع الخاص الذى يعتبر المحرِّك الرئيسى للتنمية فى أى بلد.

وكان آخِر الإجراءات التى اتخذتها الحكومة، الفترة الماضية، هى التعديلات التى أقرّها مجلس النواب لمعالجة المشكلات والتحديات التى ظهرت على أرض الواقع أمام المستثمرين بعد صدور قانون الاستثمار، فى ضوء رغبة الكثير من الشركات العالمية بالتوسع والاستثمار بالمحافظات، وتضمنت التعديلات منح حوافز لتوسعات المشروعات الاستثمارية القائمة وتشجيعها على ذلك.

صندوق النقد الدولى قال فى تقرير المراجعة الرابعة للاقتصاد التى تم الكشف عنها أبريل الماضى، إن الحكومة المصرية حددت أولويات الإصلاحات اللازمة لمعالجة العوائق الرئيسية التى تقف أمام تحقيق نمو يقوده القطاع الخاص، ومن بينها تحسين توافر الأراضى الصناعية، كما نوّه بهذا الأمر جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولى،  فى تصريحات صحفية مؤخرًا حول التزام الحكومة المصرية بعملية تطوير الاقتصاد، وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص، وتمكين الفئات الأكثر احتياجًا، وتعزيز الاستقرار الاقتصادى.

وأجرت «المال» استطلاعًا بين عدد من المستشارين التجاريين بالقاهرة والمستثمرين الأجانب حول احتياجات القطاع الخاص من الحكومة فى الفترة الحالية، والعوامل التي يتطلب تنفيذها لزيادة جاذبية مناخ الاستثمار وتنشيط بيئة الأعمال.

المستشار الاقتصادى الياباني: شركات كثيرة راغبة فى تنفيذ وبدء مشروعات جديدة بالسوق المحلية

بدايةً قال تاكاهيتو ميسومى، المستشار الاقتصادى لدى السفارة اليابانية بالقاهرة، إن الوضع الاقتصادى الكلى فى مصر قد تحسَّن، مؤكدًا أن بلاده تقدر مجهودات الحكومة المصرية لتحسين مناخ الأعمال، لكنه يرى أنه ما زالت هناك تحديات يجب العمل عليها لتسهيل العمل أمام الشركات لإنشاء مشروعات جديدة.

ولفت إلى أن 40 شركة يابانية كانت قد زارت مصر، فى مارس الماضى، ضمن وفد برئاسة المدير العام لمؤسسة التجارة الخارجية اليابانية «جيترو»، وكانت زيارة ناجحة وأثمرت عن مناقشات إيجابية.

التجارى البريطاني: تشجيع نمو القطاع الخاص يعتبر جزءًا أساسيًّا ومهمًّا من التنمية

أوليفر ريتشارد، رئيس قسم التجارة الدولية لدى السفارة البريطانية بالقاهرة، صرح، لـ«المال»، بأن مناخ الأعمال فى مصر حاليًّا يعد إيجابيًّا، مشيرًا إلى أن العامين الماضيين شهدا تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى نفذته الحكومة بنجاح، من بينها إصدار قانون الاستثمار، وتراخيص المناطق الصناعية، وغيرها من الإجراءات، الأمر الذى انعكس على مجتمع الأعمال البريطانى من خلال رغبته وتنفيذه للاستثمارات بالسوق المحلية.

وقال إن هناك مزيدًا من الأشياء التى هى بحاجة للتنفيذ، لكن الصورة كلها تبدو إيجابية جدًّا، منوهًا بأن المرحلة المقبلة يجب أن تشهد تشجيع نمو القطاع الخاص الذى يعتبر جزءًا أساسيًّا ومهمًّا من التنمية.

ونوه المسئول البريطانى بأن هناك اهتمامًا متزايدًا من مجتمع أعمال بلاده بمصر، خاصةً فى العامين الأخيرين، إذ إن نظرته تجاهها تعتبر إيجابية بشدة، ولا سيما فى ظل نجاح الإصلاحات التى تنفذها الحكومة حاليًّا، وبسبب ديناميكيات الاقتصاد المصرى.

فيما أشاد أثاناسيوس ماكراندريو، وزير مفوض للشئون التجارية والاقتصادية بالسفارة اليونانية بالقاهرة، بمناخ الأعمال الحالى، مؤكدًا أنه جيد، غير أن البيروقراطية تعتبر التحدى أو العائق الرئيس للمستثمرين.

وقال: «المجهودات التى تبذلها السلطات المصرية على المستويات العليا جيدة جدًّا، بينما على صعيد التنفيذ يظهر تحدى البيروقراطية».

وأضاف أن الحكومة تحاول نقل الاقتصاد ليسير فى طريق سريع «Fast track economy»، مشيدًا أيضًا بالطفرة التى تحدث بإنتاج الطاقة فى الوقت الحالى.

سفيرة سلوفينيا بالقاهرة: الاقتصاد المصرى يسير على الطريق الجيد.. واستثمارات كيانات أجنبية كبرى بالسوق المحلية حاليًّا

وأكدت ماتيا بريفولشيك، سفيرة سلوفينيا بالقاهرة، أن الاقتصاد المصرى يسير على الطريق الجيد حاليًّا، مضيفةً أنه فيما يتعلق بمناخ الاستثمار هناك استثمارات أجنبية لشركات كبرى تعمل بالسوق المحلية فى الوقت الحالى.

ولفتت إلى أن هناك مباحثات حاليًّا بين شركة سلوفينية وإحدى الجهات الحكومية المصرية لتنفيذ مشروع مشترك، منوهةً بزيارة وفد من الشركة مصر فى فبراير الماضي، لإجراء مناقشات بشأن المشروع.

وقالت إن التعاون الاقتصادى بين الدولتين تأثّر بطريقة سلبية عقب التغيرات التى شهدتها مصر منذ اندلاع ثورة 25 يناير فى 2011 والأزمة الاقتصادية التى ضربت سلوفينيات بشدة، لكنه يمكن القول إنه عاد الآن لطبيعته القديمة وسجل نموًّا بالفعل وصل إلى ذروته. 

وأكدت سفيرة سلوفينيا بالقاهرة أن هناك اتفاقًا بين البلدين على الرغبة فى استمرار انعقاد اللجنة الاقتصادية المشتركة، متوقعةً أن تنعقد الدورة الثانية والمقبلة لها، العام المقبل، فى سلوفينيا، خاصةً أن الدورة الأولى انعقدت هذا العام بالقاهرة.

وقال الدكتور هانى مشعل، مدير عام شركة صن فارما الهندية للأدوية، إن شركته ما زالت تتكبد خسائر منذ تعويم الدولار أمام الجنيه، رغم تحريك أسعار الأدوية من قِبل وزارة الصحة، إلا أن هذا التحريك لا يقلل من حجم خسائرها، مشيرًا إلى أن الشركة غير قادرة على تسجيل أدوية جديدة لدى الوزارة نتيجة التسعيرة غير العادلة مع ارتفاع التكلفة.

وأضاف أن عددًا من الأصناف الدوائية بالشركة تحقق ربحًا، وأخرى لا تحقق، لكنها لا تستطيع إيقاف إنتاجها، لأهميته بالنسبة للمرضى، ونوّه بأن عقّار الهارفونى المتخصص فى علاج مرض الالتهاب الكبدى الوبائى الذى تم طرحه فى الأسواق منذ فترة، سجّل خسائر بقيمة 4 ملايين جنيه، نظرًا لاختلاف الفترة الزمنية التى تم الاتفاق على سعره فيها، إذ تم تسعيره عند 1100 جنيه قبل التعويم، وهو الأمر الذى لم يعد ملائمًا فى الوقت الحالى.

وأكد أن الشركة ستتوقف عن إنتاج عقّار الهارفوني، لانخفاض سعره، منوهًا بأن مسألة زيادة استثماراتها بالسوق المحلية أمر غير مطروح للنقاش فى الوقت الحالى، كما أنها مرهونة بتحريك وزارة الصحة أسعار الأصناف الدوائية، فضلًا عن تسجيل الأدوية الجديدة.

وبشأن رأيه لمناخ الأعمال القائم فى مصر، قال مشعل، متفقًا مع الآراء السابقة، إنه شهد تطورًا ملحوظًا جدًّا، غير أنه أكد أنه ما زالت هناك عوائق أخرى كالبيروقراطية، منوهًا بأن منفذ اليوم الواحد بميناء القاهرة الجوى لا يساعد الشركات فى إنهاء إجراءاتها، فعلى سبيل المثال تلِفت بضائع تابعة للشركة بقيمة مليون جنيه منذ فترة، نتيجة تعطل الإجراءات فى المنفذ.

ولفت إلى أنه قبل تطبيق المنفذ كانت الإجراءات تنتهى فى فترة زمنية أسرع من الحالية التى تتراوح بين أسبوع وعشرة أيام، وفقًا لقوله.

وذكر أن وزارة الصحة اتخذت إجراءً إيجابيًّا فى الفترة الماضية، وهو تقليص مدة تسجيل الأدوية لتكون سنتين بدلًا من 5 سنوات.

فيما اتفق شريف يحيى، مساعد ملحق تجارى لدى مكتب الشئون التجارية التابع للسفارة الملكية التايلاندية بالقاهرة، مع الآراء السابقة حول تحسن مناخ الأعمال، ولا سيما عقب تطبيق قانون الاستثمار وإدخال منظومة الشباك الموحد، لكنه يرى أن هناك حاجة لمعالجة بعض التحديات المتعلقة بالبيروقراطية، فضلًا عن تذبذب سعر الصرف والازدواج الضريبي وارتفاع سعر الغاز والكهرباء.

وأضاف أنه من الضرورى وضع إجراءات لتملُّك المستثمر أراضى مشروعه، حتى لو فى مناطق استثمارية معينة، ولا سيما أنه لا يُسمح له إلا بتملك جزء من المشروع، والباقى لشريك محلى، كما أن تحويل الأرباح يواجه قيودًا- وفقًا لقوله.

وقال يحيى إن هناك رغبة لدى الشركات التايلاندية للاستثمار بالسوق المحلية، وتقدَّم بعضها بطلبات لدى المكتب، للاستفسار عن بيئة الاستثمار المحلية رغم عدم تلقّى المكتب أى طلبات فى هذا الإطار على مدار 20 سنة.

وأضاف أن إحدى أكبر شركات الطاقة على مستوى العالم، وهى شركة «PTT»، تفكر جديًّا بالاستثمار فى الفترة المقبلة، وتابع أن تلك الشركة كانت تعمل بالسوق منذ 30 سنة لكنها تخارجت.

ونوه بأن وفدًا من هيئة الاستثمار التايلاندية سيزور مصر، أوائل العام المقبل 2020، لاستشكاف الفرص الاستثمارية بالسوق المحلية، مضيفًا أن شركة بيتر فارما العاملة بمجال الأدوية البيطرية ستزور مصر، فى سبتمبر المقبل، ومن المقرر أن تتعاون مع شركة IBIX للأدوية البيطرية وأعلاف الحيوان، كما ستلتقى الشركة، خلال زيارتها، شركات بمحافظة الإسكندرية، لبحث التعاون المشترك.

ولفت إلى اللقاء الذى استضافته غرفة رجال الأعمال بالإسكندرية منذ أسبوعين، وحضره 20 شركة مصرية حول التعاون المصرى التايلاندى.

كان الوزير المفوض هان بينج، المستشار الاقتصادى والتجارى لدى السفارة الصينية بالقاهرة، قد قال، فى مؤتمر صحفى مؤخرًا، إنه منذ تولّى الرئيس عبد الفتاح السيسى، شهدت مؤشرات الاقتصاد المصرى تحسنًا، خاصة بعد تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى.

وأضاف هان بينج أنه فى السنوات الأخيرة كان هناك تصنيفٌ جيد من المؤسسات الائتمانية المختلفة للاقتصاد المصرى، مشيرًا إلى أن وضع الاقتصاد إيجابيّ فى الوقت الحالى، وأكد أنه فى المرحلة المقبلة يجب على الحكومة التركيز على رفع قدرة التصنيع وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية فى هذا المجال.

وأوضح أنه فى عام 2017 تم وضع قانون الاستثمار الذى أسهم فى تحسين البيئة الاستثمارية بالسوق المحلية، لافتًا إلى أن المستثمرين الصينيين يتقدمون للسفارة باستفسارات حول السياسات المشجعة للاستثمار الذي يعتبر المحرك القوى للاقتصاد المصرى.